عبد الله الدامون: إحتفل المشرق اليوم بعيد الأضحى وغدًا سيحتفل المغاربيون بعيدهم. عيدان يفترض أنهما عيد واحد لأمة يقال دائمًا إنها أمة واحدة.

حين سقط نظام صدام حسين احتفل العراقيون في أول عيد لهم في يومين مختلفين. الشيعة احتفلوا في يوم والسنة في يوم آخر. وأكثر من هذا أن جماعة السيستاني احتفلت بالعيد في يوم مختلف عن جماعة الصدر. وهذا يعني في كل الأحوال أن أسرة واحدة يمكن أن تحتفل بالعيد في يومين مختلفين إذا اعتبرنا أن فيها أعضاء الأسرة ينقسمون بين جماعة الصدر وجماعة السيستاني. ولو سقطت المزيد من الأنظمة العربية لصار لكل طائفة عيدها ولتحول العيد ذي اليوم الواحد إلى عشرة أيام.

ربما كانت تلك الطريقة في الاحتفال بالعيد العراقي سوى مرحلة إضافية من العبث في ظل عبث أكبر اسمه الاحتلال وانقلاب الأحكام والموازين وتسمية المحتل صديقا والمقاوم إرهابيا.

الاحتفال بفارق يوم أو يومين في بلد واحد بعيد الفطر مثلا يعني أن الأسرة بدأت الصيام أيضا في توقيتين مختلفين، وهذا يعني أنها ستحيي ليلة القدر في ليلتين مختلفين.

هذا لا يحدث في بلد واحد مثل العراق. بل يعيش الخليجيون ليلة قدرهم ويعيش المغرب العربي ليلة قدره. وأحيانا يكون الفارق ثلاثة أيام حين تتقدم ليبيا الصائمين أو تتأخر فيعيش المسلمون ثلاث ليال قدر مختلفة.

المشارقة يحتفلون بعيدهم قبل يوم واحد من احتفال المغاربيين فتقول وسائل الإعلام العالمية إن كل المسلمين في العالم احتفلوا بالعيد. وفي اليوم التالي يحتفل المغاربيون بالعيد الذي يفترض أنه هو نفسه الذي احتفل به المشارقة.

أحيانا يحتفل الجزائريون بالعيد مع السعودية ولا يحتفل المغاربة. وفي الغد تحتفل البحرين والمغرب. أما ليبيا فكانت في كثير من الأحيان تحتفل بعيدها وكأن لها حدودا مع اليابان.

من يرى كل هذا العجب يعتقد أن هلال العيد يمارس العدو الريفي أو لعبة الغميضة بين البلدان الإسلامية فيظهر في قطر ثم يجري متخفيا خلف السحاب ويظهر في تونس ثم يعود إلى سلطنة عمان جريا قبل أن يعود إلى سماء المغرب.

الجدل حول الاختلاف بالعيد صار مثل الجدل حول البيضة والدجاجة، حتى أن الناس تعبوا ولم يعودوا يولون الموضوع كبير اهتمام. لذلك صاروا يفضلون انتظار العيد في التلفزيون عوض انتظار الهلال في السماء. وفي كثير من الأحيان يحس الناس بالغبن حين يحتفلون بعيد الفطر مثلا بينما يظهر فوقهم الهلال غليظا وكأنه يضحك من سذاجتهم ليقول لهم إنه موجود فوقهم منذ يوم أو يومين.

في كثير من الأحيان تسوء العلاقات السياسية بين جارين فيحتفلان بالعيد في يوم مختلف حتى لو كان الهلال فوقهم أوضح من شمس آب. أحيانا تسوء العلاقات بسبب مباراة في كرة القدم أو جزيرة يغمرها المدّ كل يوم، وحين تصفو العلاقات يحتفلان في يوم واحد بقرار جمهوري، أو بمرسوم ملكي، أو حتى بأمر من نائب وزير الداخلية. وهذه هي أعياد العرب في زمن النكبات.