الناخبون العراقيون تحدوا المسلحين وصوتوا


بغداد
: تحدى ملايين العراقيين المسلحين الذين هددوا بحمام دم وأدلوا بأصواتهم اليوم الاحد في أنحاء العراق حيث جاء بعضهم يتوكأ على عكازين ، في حين تراجعت المفوضية العليا للانتخابات بالعراق عن تقديرات سابقة كانت قد ذكرتها عن نسبة الإقبال على التصويت في قائلة ان نسبة 72 في المئة المذكورة "كانت مجرد تقدير" وأشارت الى ان النسبة الفعلية أقل من ذلك. وفي غضون ذلك كان اكبر حادث عرفه يوم الاقتراع هو تحطم طائرة نقل عسكرية بريطانية من طراز سي 130 هركيوليز في شمال غرب بغداد يوم الاحد. وأكدت وزارة الدفاع البريطانية في لندن نبأ سقوط الطائرة التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني لكنها قالت انها لا تملك تفاصيل عن موقع السقوط أو سببه. ولم ترد على الفور تقارير عن وجود خسائر بشرية. وتستطيع الطائرة هركيوليز حمل أعداد كبيرة من الركاب .

وفي مؤتمر صحافي وصف المتحدث باسم المفوضية فريد ايار نسبة 72 في المئة المذكورة بأنها مجرد "تخمين" وقال انه ربما يكون نحو ثمانية ملايين عراقي قد أدلوا بأصواتهم وهو ما يعني ان النسبة ستكون أكثر قليلا من 60 في المئة. وقال ايار ان النسب والاعداد لا تأتي الا بعد الفرز وسوف تعلن عندما ينتهي. واضاف انه من السابق لأوانه القول بأن هذه هي الأرقام الرسمية. مشيرا الى ان الأرقام الحالية مجرد تخمين وسار عراقيون عدة أميال كي يصلوا الى مراكز الاقتراع وناضلوا لقراءة بطاقات الاقتراع.

وقتلت التفجيرات الانتحارية وقذائف المورتر 27 شخصًا على الأقل ولكن الناخبين ظلوا يتدفقون بأعداد غفيرة للمشاركة في أول انتخابات متعددة الاحزاب بالعراق منذ 50 عاما. وهلل الناخبون في بعض مراكز الاقتراع فرحين باول فرصة تتاح لهم للادلاء بأصواتهم في انتخابات حرة وفي أماكن أخرى وزع الناخبون على بعضهم قطع الحلوى.

وحتى في مدينة الفلوجة السنية الواقعة غربي بغداد والتي كانت معقلا للمسلحين الى ان شنت القوات الامريكية هجوما عليها في تشرين الثاني(نوفمبر) الماضي خرج عدد كبير من الناس للمشاركة في التصويت بشكل خالف التوقعات. ووقفت صفوف من النساء تمسك كل منهن ببطاقة الاقتراع في انتظار الادلاء بأصواتهن. وقال احمد جاسم وهو يبتسم بعد التصويت "نريد أن نكون مثل باقي العراقيين. لا نريد أن نكون دائما في موقف المعارضة."

وفي بعقوبة المدينة المتمردة شمالي بغداد أخذ الناس يصفقون ويهللون عند أحد مراكز الاقتراع. وفي الموصل التي شهدت عددا من أسوأ هجمات المسلحين في الاشهر القليلة الماضية قال مسؤولون أمريكيون وعراقيون ان الاقبال على التصويت كان كبيرا بشكل مدهش. وكان الرئيس العراقي غازي الياور من بين أول من أدلوا باصواتهم في الانتخابات في لجنة بالمنطقة الخضراء الحصينة نحو الساعة السابعة صباحا (4 بتوقيت غرينتش) وخرج الياور مبتسما بعدما أدلى بصوته وقد بدت آثار الحبر الأزرق على اصبع يده اليمنى دلالة على أنه أدلى بصوته وتسلم علما عراقيا صغيرا من مسؤول. وقال في تصريحات للصحافيين "الحمد لله. امل أن يدلي الجميع باصواتهم ان شاء الله."

وفي المناطق الكردية بشمال العراق حيث الحالة الامنية أفضل والناس أقل خوفا من وقوع هجمات تواصل تدفق الناخبين على اللجان. وفي اربيل جاء سعيد رسول وهو رجل أمي يبلغ 76 عاما ليصوت ولم يسمح له بالمشاركة نظرا لعدم قدرته على قراءة بطاقة الاقتراع. وقال انه سيعود برفقة شخص آخر لمساعدته. وقال مسؤولون انه حتى فيما يسمى "بمثلث الموت" وهو معقل المسلحين السنة بجنوب بغداد كان الاقبال مستمرا. وفي البصرة الشيعية ثاني كبرى مدن العراق اصطف مئات العراقيين في صفوف أمام مراكز الاقتراع. وقال الشاب سمير خليل ابراهيم "لست خائفا. الامن جيد. أنا حقا سعيد. انه كعيد لكل العراقيين."

وفي بغداد أخذ حشد من الناس يهتفون وزغردت النساء للشريف علي بن الحسين سليل آخر أسرة ملكية أُطيح بها من حكم العراق في أواخر الخمسينات وهو يتجه للجنة انتخابية في جنوب العاصمة للادلاء بصوته. وهو يشارك في الانتخابات بقائمة الملكية الدستورية. وفي غرب العاصمة اصطفت طوابير طويلة من الناخبين. وأدلى أغلبهم بصوته بصورة آلية ومضى الى حال سبيله سريعا.

وأصر سمير حسن (32 عاما) الذي فقد أحد ساقيه خلال انفجار سيارة ملغومة في تشرين الاول /اكتوبرعلى التصويت. وقال في مركز اقتراع في غرب بغداد "كنت سآتي الى هنا زاحفا لو اضطررت لذلك. لا أريد أن يقتل الارهابيون عراقيين آخرين مثلما حاولوا قتلي... اليوم أصوت من أجل السلام." وفي مدينة الصدر الحي الفقير بشمال شرق بغداد الذي تصاعدت فيه حدة الاستياء على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية تشكل صفان من الناخبين للدخول الى أحد مراكز الاقتراع. وكان احدهما للنساء اللاتي اتشحن بالعباءات السوداء والآخر للرجال.

وكان رجال الشرطة من بين أول من أدلوا بأصواتهم في شتى أنحاء البلاد ليتفرغوا لتأمين العملية الانتخابية. وفرض المسؤولون الأميركيون والعراقيون اجراءات أمنية مشددة وحظروا دخول سيارات المدنيين بعض الشوارع وأغلقوا الحدود والمجال الجوي ونشروا عشرات الالاف من رجال الأمن المدججين بالسلاح. وفي سامراء المضطربة شمالي بغداد حيث يعيش مزيج من السُنة والشيعة سمع دوي اطلاق نار لدقائق بعدما فتحت اللجان الانتخابية أبوابها. وبعد بضع ساعات لم يدل بصوته سوى مئة ناخب في واحدة من اللجنتين الانتخابيتين في المدينة. وأبدت امرأة منتقبة اعتزازها بالمشاركة في الانتخابات. وفي بيجي القريبة لم يتمكن البعض من المشاركة في الانتخابات بسبب تغيب المسؤولين الانتخابيين. وقال موظف في اللجان الانتخابية معتذرا لحشد من الناخبين "ننتظر وصول المدير بالمفتاح".وفي النجف سار المئات بهدوء الى اللجان الانتخابية. وفرضت السلطات أشد الاجراءات الامنية حول المدينة.

وقالت الناخبة سعاد سالم في مدرسة العقاد الاعدادية التي حولت الى لجنة انتخابية "سأصوت لقائمة الائتلاف العراقي الموحد لان السلطة الدينية تدعمها. لسنا خائفين من أي قنابل." ويتوقع أن يأتي هذا الائتلاف الشيعي في مقدمة الفائزين في الانتخابات. وقالت غيداء حمزة المنتقبة "هذا يوم عرس لكل العراقيين. أُهنيء كل العراقيين على حريتهم وديمقراطيتهم الجديدة." ويشكل الشيعة نحو 60 في المئة من سكان العراق. وفي مدينة كركوك التي يقطنها العرب والاكراد والتركمان أقبل الاكراد باعداد كبيرة على التصويت بينما بدت مؤشرات على ان العرب والتركمان استجابوا لتهديد بالمقاطعة تعبيرا عن غضبهم مما رأوا فيه تحيزا لصالح الاكراد في القواعد الانتخابية.

وكانت واحدة من أكبر المفاجآت في الموصل ثالث كبرى المدن العراقية والتي تتألف من عرب سنة وأكراد وتقع في شمال البلاد. وقال ضابط اميركي "حتى الان تمضي الامور بصورة طيبة للغاية أفضل مما كنا نتوقع." وغلبت الفرحة علاء التميمي رئيس مجلس مدينة بغداد لارتفاع نسبة الاقبال على التصويت في مجلس البلدية حيث قال ان الالاف كانوا يحتفلون. وقال للصحافيين "لا يمكن أن أصف ما أراه. انه أمر لا يصدق. هذا تصويت للمستقبل وللابناء ولسيادة القانون وللانسانية وللحب."

وأشادت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بالانتخابات المهمة التي جرت في العراق ووصفتها بانها تمثل "بزوغا لصوت الحرية في العراق" إلا انها اعترفت بأن المستقبل يحمل في جعبته الكثير من الصعاب. وعلى الرغم من تفاوت تقديرات نسبة إقبال جمهور الناخبين على الادلاء بأصواتهم إلا ان رايس التي تولت منصبها الاسبوع الماضي فقط قالت في برنامج "هذا الاسبوع" الذي تذيعه شبكة (اي.بي.سي.) التلفزيونية الاميركية ان العراقيين تحدوا احتمالات الخطر وأقبلوا على مراكز الاقتراع بأعداد كبيرة.

وأعربت رايس عن ثقتها في ان الاقلية السنية وهي أحد مفاتيح تحقيق الاستقرار في العراق مستقبلا ستشارك في العملية السياسية في اعقاب الانتخابات. وفي وقت لاحق قالت رايس لبرنامج "فوكس نيوز صنداي" انها تحدثت الى الرئيس الاميركي جورج بوش الذي أعرب بدوره عن سعادته البالغة تجاه سير العملية الانتخابية. وقالت رايس "وكان متفائلا ايضا بالشعب العراقي بدرجة لا تصدق.. وقال انه يوم عظيم للشعب العراقي." ووعدت رايس بان الولايات المتحدة ستواصل تقديم العون للناخبين العراقيين الذين تحدوا المخاطر والهجمات القاتلة ليتوجهوا الى صناديق الاقتراع كي يدلوا بأصواتهم لاستكمال مهمة ارساء الديمقراطية في بلادهم. وقالت رايس في مقابلتها مع شبكة (اي.بي.سي.) التي سجلت لتذاع في وقت لاحق من يوم الأحد "كل الدلائل تشير الى ان الانتخابات تسير على نحو أفضل مما كان متوقعا... ومانراه هنا هو بزوع لصوت الحرية في العراق." الا انها اضافت قائلة "بطبيعة الحال فان المستقبل يحمل في جعبته الكثير من الصعاب. الا انه يوم مشهود حتى الان للشعب العراقي." واعترفت رايس بان تقديرات نسبة المشاركة في الانتخابات تتفاوت بصورة كبيرة من 50 الى 72 في المئة من جمهور الناخبين العراقيين. وقالت ان الارقام الدقيقة ستظهر بعد وقت قصير الا ان "أفراد الشعب العراقي شاركوا بصورة واضحة.. لانهم يدركون ان الانتخابات هي فرصتهم لتحقيق نوع مختلف من المستقبل.

شاهد ملف الصور

اقرأ أيضا:

الانتخابات مرت بخسائر اقل ومشاركة اوسع

الاقتراع في الجنوب فاق التوقعات

نسبة التصويت بلغت 72%

التصويت مستمر خارج العراق

علاوي مرشح للاحتفاظ بمنصبه

يوم انتخابات العراق

الانتخابات العراقية في كندا

أكراد العراق رابحون بالانتخابات أو بدونها

أياد علاوي الرجل القوي الذي يحظى بدعم الاميركيين

الجعفري، زعيم شيعي محافظ يحظى بشعبية كبيرة

الحكيم، السياسي الذي يرفض قيام دولة اسلامية بالعراق

30% من عراقيي المهجر صوتوا الجمعة

العراق معزول امنيا أيام الانتخابات

تغريم ثلاثة أحزاب عراقية لمخالفتها انظمة الانتخابات

المفوضية تدرس الغاء ترشيح عشرات البعثيين

عربٌ غاضبون من الانتخابات العراقية

صمت الحملة الاعلامية للانتخابات العراقية

عراقيو الخارج يقبلون بحماس على الانتخابات

أغاني وأهازيج الناخبين العراقيين بدمشق

عراقيو المهجر يدلون بأصواتهم

منظمات محلية غير حكومية تراقب الانتخابات

280303 عراقيا مغتربا يبدأون التصويت

مفوضية الانتخابات تقاضي الجزيرة

ثلاثة انتخابات في يوم واحد

النقيب: الاقتراع سيجري في المحافظات المضطربة

سنة العراق يقاطعون الإنتخابات، ولكنهم يريدون دورًا بعدها

المتنافسون على الإنتخابات

غرائب تنافس المرشحين على الإنتخابات

العراق يستعد ليوم الإقتراع

البعث: الإنتخابات هدفنا للتدمير

قوات الأمن العراقية في حالة تأهب

18 ألف مراقب للإنتخابات العراقية

بوش يحث العراقيين على التصويت

الإنتخابات انتصار للسيستاني غير المرشح فيها

التركمان سيشاركون في انتخابات كركوك

أسماء المرشحين للإنتخابات العراقية