علي اوحيدة من بروكسلوكالات: ستوجه دول الاتحاد الأوروبي التي يجتمع وزراؤها للشؤون الخارجية الاثنين والثلاثاء في بروكسل إشارات إيجابية للفعاليات الدينية والاجتماعية والسياسية في المناطق السنية وتدعوها الى عدم تكريس خيار العزلة والانكفاء على الذات والمشاركة في إتمام العملية السياسية المعلنة في العراق.
ويكرس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الجانب الرئيسي من لقائهم الذي سيرأسه وزير خارجية لوكسمبورغ جان السنبورن للوضع العراقي بعد اربع وعشرين ساعة فقط من الانتخابات العراقية والتي قاطعتها الفعاليات السنية ولكنها شهدت مشاركة كبيرة نسبية و غير متوقعة من قبل في المناطق الأخرى من البلاد.
وعلمت إيلاف من مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل ان الوزراء الاوروبيين سيعتمدون بيانا يشير صراحة الى ضرورة إشراك كافة مكونات المجتمع العراقي في العملية السياسية التي ينص عليها قرار مجلس الامن رقم 1546 والتي اندرجت في انتخابات يوم الأحد ضمن إطاره.
وتريد الدول الاوروبية ان يساهم السنة العراقيون تحديدا في الانتخابات التشريعية المقررة في شهر تشرين الأول( أكتوبر) وفي صياغة الدستور النهائي للعراق والذي سينظم عملية توازنات السلطة في هذا البلد.
ويريد الاتحاد الأوروبي الذي كرس على مستوى دوله 300مليون يورو لاعادة أعمار العراق و200 مليون يورو على مستوى المفوضية الاوروبية وافرج عن 30مليون يورو لتمويل الاقتراع الأخير بتوجيه رسالة ايجابية للعراقيين بعد الانتخابات التي تخشى الدوائر الاوروبية بالدرجة الأولى ان تكون كرست قطيعة بين المناطق الكردية والشيعية من جهة وبين وسط البلاد ذات الأغلبية السنية من جهة أخرى.
ومن المتوقع حسب المصادر الدبلوماسية ان يبحث الوزراء الاوروبيون خطة تعامل مشتركة مع الولايات المتحدة بالنسبة للملف العراقي وذلك قبل اقل من أسبوع واحد من زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس لبروكسل يوم 9 شباط( فبراير).
ومن بين النقاط الرئيسية الأخرى المطروحة أوروبيا الإصرار على الحصول من الشريك الأميركي على تعهد واضع بشان أجندة الانسحاب الأجنبي من العراق وهي الشرط الرئيسي لتطبيع أوروبي شامل مع العراق من جهة ومع الولايات المتحدة في هذا الملف من جهة أخرى.
ومقابل ذلك يبدي المسؤولون الاوروبيون استعدادا افضل حاليا للمساهمة في جهود اعمار العراق والمشاركة الإيجابية والفعلية في تأهيل الكوادر العراقية من كبار موظفين ورجال قضاء وحقوقيين ورجال أمن كما تريد أوروبا وبشكل سريع تمكن العراق من إعادة تشغيل المرافق والإدارات الرئيسية في البلاد وخاصة في قطاعي التعليم والصحة وصيانة مرافق المياه والكهرباء .
ولا يخطط الاتحاد الأوروبي حاليا إلى فتح مكتب له في العاصمة العراقية بشكل دائم الا ارسال بعثة في غصون الفترة المقبلة لتقييم حاجيات العراق في مجال تأهيله
وكانت نسبة المشاركة في المناطق السنية في الانتخابات العراقية تدنت بسبب التهديدات والدعوات الى المقاطعة التي لم تمنع مع ذلك مئات الناخبين من الادلاء باصواتهم.
وعدا انفجار قنبلة مفخخة اوقعت خمسة قتلى و14 جريحا في حافلة ينقل ناخبين سنة في جنوب بغداد، واطلاق قناص النار على احد الناخبين في الموصل، لم تسجل هجمات كبيرة كان يخشى تنفيذها.
وافادت التقارير ان مراكز الاقتراع في مدينة الموصل، ثالث مدن البلاد على بعد 350 كيلومترا شمال بغداد، ذات الغالبية السنية، شهدت اقبالا ضعيفا ولكن مستقرا.
وكان الانتشار العسكري الاميركي كثيفا حول مراكز الاقتراع في هذه المنطقة بصورة خاصة حيث انتشرت الدبابات في الشوارع وحلقت الطائرات الحربية فوق المدينة. كما تابع الجيش الاميركي حركة الناخبين.
وقال الجيش في بيان ان "المعلومات الاولية تشير الى ان المشاركة كانت جيدة في شمال العراق اليوم. وخلال ساعات من بدء التصويت تشكلت صفوف طويلة من الناخبين خارج مراكز الاقتراع في مدينة الموصل وفي محافظة نينوى".
وقال مسؤولون عسكريون ان الالاف ادلوا باصواتهم في مدينة الموصل التي تضم اكثر من مليون نسمة، مشيرين الى مشاركة اكثر من 4600 شخص في حي العربي غرب المدينة. وسجلت ستة انفجارات في المدينة في الصباح الباكر، لكن لم تتوفر معلومات لدى المستشفى العام حول سقوط ضحايا.
وسقطت قذائف هاون على مكتب اقتراع داخل مدرسة في المدينة القديمة دون ان تؤدي الى اصابات. وفي هذا الوقت، اصيب ناخب بجروح برصاص قناص لدى خروجه من مركز اقتراع.
لكن مجرد مشاركة المواطنين في الانتخابات كان موضع ترحيب من القادة العسكريين الاميركيين في المدينة المضطربة التي لم تشهد استعدادات ملائمة لتسجيل الناخبين بسبب التهديدات بالقتل، ولا حملة انتخابية قبل موعد الانتخابات.
كما عانت لجنة الانتخابات في الموصل استقالة عدد كبير من الموظفين في وقت سابق من هذا الشهر بعد تلقيهم تهديدات بالقتل وتم تعويض النقص باستقدام موظفين من مدن تقع الى الجنوب منها.
وشهدت المدينة التي يشكل السنة غالبية سكانها وتعيش فيها اقليات من الاكراد والتركمان والمسيحيين اعمال عنف مستمرة منذ استولى مقاتلون مناهضون للحكومة وقوات الاحتلال على مراكز للشرطة في تشرين الثاني(نوفمبر). ودعا عدد من الاحزاب السنية الى مقاطعة الانتخابات خشية ان تعطي للغالبية الشيعية الهيمنة في تقرير مستقبل العراق. وشهد مركز اقتراع حي نهروان الفقير اكبر نسبة مشاركة في جنوب غرب الموصل حيث اصطف عشرات الرجال رغم البرد الشديد بملابسهم التقليدية.
وفي غياب حملة انتخابية ملائمة، صوت الناخبون الذين قاموا بتسجيل اسمائهم مباشرة قبل التصويت، للاسماء الاكثر شهرة بين القوائم الانتخابية، مثل الرئيس غازي الياور ورئيس الوزراء اياد علاوي.
وفي مركز اقتراع كانت اثار الرصاص بادية عليه، وحيث تم طلاء الجدران لاخفاء الشعارات المناهضة للحكومة المؤقتة وقوات الاحتلال، انتظر الناخبون خارج المركز في البرد القارس حيث كان الجنود الاميركيون يصفقون مشجعين لمن يدلون باصواتهم.
وقال علي حسين (33 عاما) الذي جاء مرتديا ملابس النوم وفوقها رداء طويلا من الصوف انه ادلى بصوته لغازي الياور. وقال "اريد ان يحل الامان في هذا البلد، اريد ان اتمكن من السفر الى بغداد والبصرة لارى بلادي". لكن عبد الكريم عمر قال ان "الياور لم يفعل شيئا منذ ان تولى السلطة. علاوي بذل على الاقل بعض الجهد وسعى للقيام باشياء جيدة عبر تخفيض الديون وزيادة رواتب الموظفين الحكوميين". وفي المقابل قال محمود جاسم، وهو سائق اجرة في الخامسة والثلاثين من العمر، "نحن لا نعرف علاوي، ولذلك سنصوت للياور" المتحدر من الموصل. وكان الوضع مماثلا تقريبا في المدن السنية الاخرى.
لكن يبدو ان "المشاركة كانت كبيرة" في مدينة الحويجة المضطربة على بعد 200 كيلومتر شمال بغداد، كما قال اللواء انور محمد امين، قائد الجيش العراقي في كركوك.
غير ان الاقبال كان شبه معدوم في سامراء وتكريت. وقال رئيس بلدية سامراء طه حسين ان المدينة الواقعة على بعد 125 كيلومترا شمال بغداد، لن تشهد انتخابات "بسبب الوضع الامني".
وكانت طرقات المدينة خالية كما خلت مراكز الاقتراع التي قصدها حتى من موظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وفي بلدة القلعة على بعد 3 كيلومترات غرب سامراء، اغلقت السلطات مكتب الاقتراع الوحيد بعد ان تعرض لقصف بالهاون، كما قال الضابط في الشرطة محمود محمد.
اما في تكريت، المعقل السابق لصدام حسين على بعد 180 كيلومترا شمال بغداد، فتوجه بعض الاكراد المقيمين في المدينة الى مراكز الاقتراع الثمانية.
وقال احمد سامي (60 عاما) الذي كان يقف امام منزله "نخشى الهجمات والتفجيرات".
وفي المقابل، قال الكردي هسبار ابراهيم (28 عاما) في مركز التصويت "انا خائف لكني اريد المشاركة".
وفي بعقوبة حيث يتعايش السنة والشيعة على بعد ستين كيلومترا شمال بغداد، شارك العشرات في التصويت.
واظهر ناخب اصبعه المدموغ بالحبر قائلا "نشكر الله، ادليت بصوتي" قبل ان يعود الى منزله مع ستة من افراد عائلته شاركوا ايضا في التصويت.
وفي بلد، على بعد 70 كيلومترا شمال بغداد، قتلت امرأة وطفل واصيب 15 شخصا بينهم اربع نساء اثر سقوط قذيفة على مكتب اقتراع في وسط المدينة.
وتوجه عشرات السكان في غرب البلاد اليوم الخميس الى خمس مكاتب اقتراع في الفلوجة التي اجتاحها الجيش الاميركي في تشرين الثاني/نوفمبر لاخراج المقاتلين.
وسجل مركز اقتراع وسط المدينة التي تبعد 50 كيلومترا عن بغداد غربا، وصول ناخب واحد كل خمس دقائق. وقال كريم فراج (31 عاما) "جئت لامارس حقي واخترت الشريف علي بن الحسين" زعيم قائمة الحركة الملكية الدستورية.
اما في الرمادي، على بعد 100 كيلومتر غرب بغداد، فبدت مراكز الاقتراع الثلاثة في المدينة خالية.
وفي مثلث الموت، المنطقة السنية المضطربة جنوب بغداد، تم فتح مركزي اقتراع في شمال وغرب المحمودية على بعد 30 كيلومترا جنوب بغداد، لكن الاقبال كان ضعيفا.