فداء عيتاني من بيروت: لم تنفع التصريحات والتأكيدات السورية بانها ستنسحب من لبنان بتهدئة مشاعر الشبان والسياسيين الواقفين ليلا في ساحة الشهداء في بيروت، التي تحولت إلى منطقة اعتصام دائم لقوى المعارضة ومزارا مفتوحا لمثوى رفيق الحريري. فقد واصل المعتصمون سهرهم ليلا بينما كانت التصاريح الدولية والسورية تتوالى، حاولت السلطات السورية تخفيف حدة التوتر القائم ضدها، والذي بلغ حدته عبر مطالبة المعارضة بانسحاب فوري وشامل للجنود السوريين وجهاز استخباراتهم من لبنان، وفي هذا الاتجاه اصدر الرئيس السوري بشار الاسد موقفا يؤكد الانسحاب، بينما اعلنت مصادر سياسية سورية ان التوتر الدولي واللبناني ضد سورية ليس بسبب تمديدها لرئيس الجمهورية الحالي اميل لحود لمدة ثلاثة اعوام بعد مدته الدستورية. بينما بقيت المواقف فوق مرقد رفيق الحريري على حالها، الانسحاب الفوري للجيش السوري، واتهام دمشق بمقتل رفيق الحريري.

اشعال الشموع تواصل، وبيروت ليلا لليوم الثامن تنام مبكرا في كل احيائها، ما عدا الوسط التجاري، وتحديدا حيث دفن رفيق الحريري، العشرات من عناصر الاجهزة الامنية من جيش وقوى امن داخلي ينتشرون على جنبات الطرقات، ومئات من الشبان حولوا تمثال الشهداء إلى نصب لـ"انتفاضة الاستقلال" واصبح اشعال الشموع يشمل كل الطرق في المنطقة.

وبالشموع رسم شبان من القوات اللبنانية شعارهم الابدي "سورية اخرجي من لبنان" بالانكليزية، وقربهم راح شبان آخرون من التيار الوطني الحر يوزعون اطعمة وذبائح مع مراعاة البعد الديني، حيث كتبوا على احدى الذبائح "ذبح حلال" ليشارك المسلمون المعتصمون بالطعام عن روح رفيق الحريري.

وقرب تمثال الشهداء نصبت خيم لينام فيها المعتصمون ويخزنون الطعام والماء، ويرتاحون من تعب التظاهر والوقوف في شمس بيروت في هذه الايام الجميلة. وقربها ارتفعت احدى ابرز شعارات المعارضة اللبنانية حاليا "نريد ان نعرف الحقيقة"، وحولها آلاف من التواقيع والمطالب "سورية خارجا"، "نريد استقالة الحكومة"، "حرية سيادة استقلال" وغيرها من الشعارات.

وشمال تمثال الشهداء وقريبا من مدفن الحريري ورفاقه ارتفع منبر مرتجل وراح يتناوب شبان على القاء الخطابات السياسية، بدا الخطاب السياسي ضعيفا بعد نهار طويل من التظاهر والتحدث، وبدا المشهد يشبه انتفاضات اوروبا الشرقية المخملية، اعتصام مفتوح وخطابات سياسية وسط جو من الهدوء والسلام.

وبين حين واخر يخرج احد نواب المعارضة ويلقي خطابا سياسيا في الشبان الساهرين، ويتابع من بعدها ممثلو المنظمات الشبابية القاء خطبهم السياسية وبينهم مرشحون شبان للانتخابات النيابية المقبلة، بعد الانسحاب السوري، بحسب اخر مواقف المعارضة اللبنانية.

ومن ساحة الشهداء كان الشبان المنتفضون ونواب المعارضة والقيادات السياسية الشابة يحتلون قيادة البلد، وسط كلام غربي (اميركي فرنسي) مشجع، ووسط كلام سوري يشهد على تراجع دمشق، ولكن وسط غياب تام للسلطة السياسية اللبنانية من مجلس وزراء وغيره من القيادات السياسية والادارية.