الوزارة المقبلة "للتحقيق والانسحابات فقط"
رحيل الحكومة اللبنانية..والتظاهرات تكمل ما تبقى

فداء عيتاني من بيروت: للمرة الأولى تتحرك الهيئات الاقتصادية في لبنان على مستوى سياسي صرف، حيث تعلن الإضراب عن العمل يوم الاثنين المقبل في البلاد، وهو الأمر الذي ترى فيه الهيئات هذه "ابغض الحلال"، وللمرة الأولى أيضا تعتبر هذه الهيئات ان لقاءها مع وزير الاقتصاد عدنان القصار، الذي جرى يوم الأربعاء، لم يكن مثمرا، وانه ليس مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة. ومن زاوية أخرى تتجه المعارضة المتنوعة في لبنان إلى "دعم إضراب الهيئات الاقتصادية" المقرر ليوم الاثنين، وهي أيضا المرة الأولى التي تتحالف فيها المعارضة السياسية بل وتدعم خطوات الهيئات هذه، حيث كانت العادة في تمحور الصراع بين الطرفين على اساس المطالب الاجتماعية.

المعارضة اللبنانية حسمت امر حكومة عمر كرامي، هذه الحكومة سيتم إسقاطها يوم الاثنين، ومن داخل البرلمان، وان كانت حسابات الحكومة الكرامية المترددة هي في إمكانية الحصول على ثقة المجلس النيابي بحال تم طرح الثقة فان حسابات المعارضة تختلف تماما، هذه الحكومة سقطت سياسيا، وسقطت شعبيا، وباق أمر إسقاطها دستوريا إلى يوم الاثنين المقبل.

وفي موضوع الهيئات الاقتصادية فقد اعتبرت هذه الهيئات بحسب مصادر من المعارضة اللبنانية انها الاكثر تضررا من مقتل رفيق الحريري يوم 14 شباط (فبراير) الحالي، وانها استهدفت في امنها واقتصادها وفي مشروع استطاعت التكيف معه، وان ما يطرح الان من بدائل يبدو هشا، وهي لا توافق على مجمل طروحات الحكومة الكرامية التي "لم تكن موفقة في مخاطبة الحدث والتعامل معه" على اقل تقدير، وانها بالمقابل لا ترى في الوزير عدنان القصار "الرئيس المقبل للحكومة التي ستلي حكومة عمر كرامي".

وبالمقابل تلقفت المعارضة، ودائما بحسب مصادرها، قرار الهيئات الاقتصادية اللبنانية بالإضراب العام ليوم الاثنين المقبل بالتأييد، حيث ستعقد يوم الاثنين جلسة نيابية ستبث على الهواء مباشرة لمناقشة نقطة وحيدة هي عملية اغتيال رفيق الحريري، وسيطرح خلالها حجب الثقة عن الحكومة. وكانت الحكومة قد اعلنت بلسان رئيسها انها جاهزة لطرح الثقة والحصول على ثقة جديدة بناء على احتساب عدد النواب المعارضين، الذي لا يتجاوزون 45 نائبا من اصل 128 نائبا في البرلمان (127 مع غياب رفيق الحريري). الا ان الحكومة وبلسان رئيسها عمر كرامي عادت وتراجعت عن طرح الثقة مشيرة إلى احتمال حصول فراغ دستوري في البلاد بحال استقالت.

بالمقابل فان اوساط المعارضة تبحث عن اسم المرشح الامثل للحكومة المقبلة، كما كانت تزمع المعارضة بمرافقة هذا النقاش المتحمور حول عملية الاغتيال باعتصام حاشد في المنطقة القريبة من البرلمان حيث يرقد رفيق الحريري والتي باتت تشهد اعتصامات ليلية لالاف من الشبان والشابات اللبنانيين، وكانت خشية المعارضة تكمن في عدم قدرتها على حشد عشرات الالاف بسبب الحياة الطبيعية من دراسة وجامعات، الا انه ومع اعلان الاضراب العام استرخت مشيرة بحسب مصادرها إلى ان الاعتصام الحاشد بات مؤكدا.

وتقول مصادر المعارضة ان يوم الاثنين المقبل سيكون يوم سقوط الحكومة "وربما أكثر"، مشيرة إلى عدد من النواب المؤيدين لسورية الذين سيحضرون الجلسات، وان الحشد للاعتصام سيكون "من حيث المبدأ" في ساحة الحرية، وربما في اماكن اخرى، مؤكدين على امتلاكهم لزمام المبادرة في التصرف بمواجهة الحكومة والمجلس النيابي، طبعا مع اصرارهم على الطابع السلمي لتحركهم، معتبرين ان القلق على الامن الشخصي هو هاجسهم هم الذين يتعرضون للاغتيال بالمتفجرات، بمقابل قلق السلطة على مصيرها السياسي وبمواجهة الحشود المسالمة.

وتضيف مصادر المعارضة انها تريد حكومة "تحقيق وانسحابات" مهامها ايصال التحقيق بمقتل رفيق الحريري إلى خواتيمه بالتعاون مع المجتمع الدولي، والاشراف على جلاء القوات العسكرية السورية واجهزة استخباراتها من لبنان، مضيفة ان البحث الحالي هو في اسماء المرشحين لرئاسة حكومة مشابهة.

وتقول هذه المصادر ان الحكومة المقبلة ورئيسها خاصة يخضع "لتوافق ما" بين الرجلين الاقوى حاليا في لبنان النائب الدرزي وليد جنبلاط وزعيم حزب الله الشيعي حسن نصرالله، وان هذا التوافق على اسم المرشح لرئاسة الحكومة هو ما يجري ترتيبه حاليا.

وتضيف ان الحكومة التي ترغب فيها المعارضة على الاقل هي حكومة من اربعة إلى ستة وزراء تراعي التوازن الطائفي والتمثيل الفعلي لطوائفها، لتسهيل مهامها المطروحة حاليا وهي التحقيق والانسحاب قبل العودة إلى الحديث والبحث في الانتخابات النيابية وتقسيماتها وقانونها في لبنان.

وبالفعل بدأت ماكينات المعارضة على الارض بالتحضيرات الضرورية ليكون يوم الاثنين يوما مختلفا في لبنان، على ان تترك الباب مفتوحا امامها، بحيث يمكنها من اتخاذ او التراجع عن خطوات محددة، طالما حافظت على "سرية" خططها الميدانية.