نبيل شـرف الدين من القاهرة: تماماً كما حدث مع أستاذ الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية في القاهرة، الدكتور سعد الدين إبراهيم، في ختام مؤتمر (الإسلام والإصلاح) الذي استضافه مركز "ابن خلدون" للدراسات الإنمائية في القاهرة، في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تكرر السيناريو ذاته اليوم الخميس في ندوة أقامها مركز "الكلمة" لحقوق الإنسان، لكن كان بطلها هذه المرة الحاضر الغائب هو النائب البرلماني المحبوس أيمن نور، رئيس حزب "الغد" المعارض
أما المفارقة المثيرة في هذا السياق، أن هذه الندوة التي كانت تحت لافتة "حق الترشيح بين القانون المصري والشريعة الإسلامية"، أقيمت في المكان ذاته الذي شهد المهزلة المؤسفة التي أنهت مؤتمر مركز "ابن خلدون"، وهو فندق (بيراميزا) في حي الدقي في الجيزة
وبعد أن انتهى الكاتب الإسلامي المعروف بآرائه الإصلاحية جمال البنا ـ شقيق حسن البنا مؤسس جماعة (الإخوان المسلمون) ـ من كلمته، وما أن شرع متحدث آخر في الحديث حتى اقتحم عدد من الأشخاص المجهولين قاعة الفندق حيث كانت تعقد الندوة، قدرهم المحامي ممدوح نخلة مدير مركز "الكلمة" بنحو عشرة أشخاص، يرتدون ملابس رياضية "تريننغ سوت"، وراحوا يقاطعون المتحدث في كل كلمة ينطق بها، ومن ثم قام بعضهم بإحداث جلبة وهرج في القاعة، وتعالت صيحات آخرين تتهم الندوة ومنظميها بالدفاع عن النائب البرلماني أيمن نور رئيس حزب "الغد" المحبوس بتهمة تزوير مستندات رسمية لتأسيس حزبه، الذي نعته هؤلاء المجهولون بصفات "الخائن العميل والمجرم"، ووزعوا على الحاضرين نسخاً من صحيفة محلية مغمورة كان يتصدرها تقرير يوجه لأيمن نور اتهامات بالعمالة والتآمر على مصر وتصفه بأقذع التعبيرات، وتداعى الأمر ليصل إلى الاشتباك بالأيدي بين هؤلاء المجهولين وبعض الحضور، الذين بدوا مذعورين مما يجري، وساد الصخب في كل مكان لتتحول القاعة إلى فوضى عارمة لتنفض الندوة إثر ذلك .
وقال ممدوح نخلة رئيس مركز "الكلمة" لحقوق الإنسان في تصريحات خاصة لـ (إيلاف) إنه لا يعرف هؤلاء الأشخاص، ولم توجه لأي منهم دعوة لحضور الندوة، ورفض أن يوجه اتهامات لأي جهة يمكن أن تكون قد دفعت بهم، لكنه قال إن هؤلاء الأشخاص المجهولين اختطفوا "كاميرا فيديو" كانت تصور هذه "المهزلة"، وحطموا نظارته الطبية، واعتدوا على بعض الحاضرين بالضرب، ورددوا هتافات لا صلة لها بالندوة، وخرجوا من الفندق دون أن يتعرض لهم أحد، وأشار إلى أنه بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية لإثبات هذه الواقعة .
ومركز "الكلمة" الذي يرأسه المحامي المسيحي ممدوح نخلة تأسس بموجب حكم قضائي بعد أكثر من عامين في دهاليز المحاكم، إذ قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة دائرة منازعات الأفراد بجلسة 13/2/2004بإلغاء قرار وزارة الشؤون الاجتماعية بعدم إشهار مؤسسة الكلمة لحقوق الإنسان، بحجة مخالفتها لنص المادة (11) من قانون الجمعيات الأهلية وقضت المحكمة بإلزام الوزارة بقيد المؤسسة وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
وسبق للمركز أن أصدر بيان تأييد لأيمن نور جاء فيه إن المركز "يعرب عن صدمته الشديدة لما قامت به أجهزة الأمن المصرية من القبض على النائب أيمن نور عضو مجلس الشعب عن دائرة باب الشعرية ورئيس حزب الغد وذلك بعد رفع الحصانة عنه مباشرة مما يثير الشكوك في توجيه الاتهام إليه لا سيما إن نشر قرار التحقيق معه قد جاء في معظم الصحف وقبل إجراء التحقيق بعدة ساعات، وقد تم توجيه تهمة تزوير 1017 توكيلا من الشهر العقاري باعتباره وكيلا لمؤسسي حزب الغد والذي نفاها النائب ايمن نور نفياً قاطعاً إذ انه ليس مسؤولاً عن إصدار التوكيلات وغير مطالب أيضاً بالتحري عن صحتها ورغم ذلك تم حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق بالمخالفة للدستور المصري وقانون مباشرة الحقوق السياسية ولائحة مجلس الشعب وكذلك بالمخالفة لمبادئ ومواثيق حقوق الإنسان الدولية".