نور بدأ إضراباً عن الطعام بالسجن
رايس تعاقب مصر بإرجاء زيارتها

نبيل شرف الدين من القاهرة :وسط أجواء أزمة مكتومة في العلاقات المصرية ـ الأميركية، وفي خطوة ذات مغزى، وصفها مراقبون بأنها تنطوي على التلويح بـ "عقاب ما"، أعلن في واشنطن اليوم السبت أن كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية أرجأت زيارتها التي كانت مقررة إلى العاصمة المصرية القاهرة مطلع آذار (مارس) المقبل، وذلك في مستهل جولتها الأولى بمنطقة الشرق الأوسط منذ توليها منصبها الجديد على رأس الدبلوماسية الأميركية .
وكان من المنتظر أن تأتي زيارة رايس إلى القاهرة بعد مشاركتها في مؤتمر لندن لدعم السلطة الفلسطينية، المقرر في أول آذار (مارس) المقبل، وفي إطار جولة لها في المنطقة تشمل الاردن والكويت والمملكة العربية السعودية .
ووفق تقديرات مراقبين في القاهرة، فإن هذا الإرجاء لزيارة رايس، يأتي على خلفية تصاعد قضية النائب البرلماني المصري أيمن نور، رئيس حزب (الغد) المعارض، والمحبوس منذ كانون الثاني (يناير) الماضي بتهمة التزوير في وثائق ومحررات رسمية تتعلق بالتصريح الخاص بالحزب الذي سبق أن وافقت لجنة شؤون الأحزاب السياسية (الحكومية) على تأسيسه مؤخراً، وقد نفى نور بشدة الاتهامات أمام البرلمان المصري أثناء جلسة رفع الحصانة النيابية عنه، وقبيل القبض عليه بساعات قليلة لدى مغادرته مقر البرلمان .
غير أن وكالة (رويترز) نقلت عن مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، نفيه الربط بشكل مباشر بين قرار تأجيل الزيارة وقضية البرلماني المعارض أيمن نور رئيس حزب (الغد) المسجون في مصر، قائلا إن الأمر يتعلق أكثر بمسألة اعطاء المصريين مزيدا من الوقت للعمل بشأن قضايا الإصلاح الديمقراطي، وقوله إن واشنطن "تريد منح المصريين بعض المجال للتنظيم في كافة تلك الأمور"، مشيراً في هذا الصدد إلى كل من قضية الاصلاح الديمقراطي في الشرق الاوسط بالاضافة الى مصر نفسها .

اتجاهان وارتباك
وفي ختام اجتماع مع أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أثناء زيارته الأولى إلى واشنطن الأسبوع الماضي، قالت رايس ان واشنطن تساورها "مخاوف قوية جدا" بشأن نور الذي كان قد نقل إلى مستشفى السجن الأسبوع الماضي إثر إصابته بالإعياء في أثناء استجوابه، غير أنه أعيد مجدداً إلى السجن، وقالت زوجته جميلة إسماعيل إنه بدأ اليوم السبت إضراباً عن الطعام، مشيرة إلى أنه يعاني من أمراض القلب والسكر، وان الإضراب يضر كثيراً بصحته. وحمّلت الحكومة المصرية المسؤولية عن سلامته، وأضافت أنها سوف تتقدم اليوم السبت بالتماس قضائي إلى النائب العام للإفراج عن نور مراعاة لظروفه الصحية .
وأقام أيمن نور دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من النائب العام ووزير العدل في مصر، طالب فيها بتمكين هيئة الدفاع عنه من الحصول على نسخة من التحقيقات التي تجرى معه في قضيته، وأكد نور في دعواه أنه "فوجئ بمؤامرة من الشرطة بتلفيق القضية بعد موافقة لجنة شؤون الأحزاب على تأسيس حزب الغد"، وأضاف أن "هيئة الدفاع عنه تقدمت بطلبات للنيابة للحصول على نسخة من التحقيقات إلا أنها لم تستجب رغم أنها قضية جنائية عادية كما أكد النائب العام ذاته" .
ويرصد مراقبون من اتجاهات سياسية شتى في مصر "ارتباكاً واضحاً في معالجة قضية أيمن نور"، حيث يرى فريق من المحسوبين على الحزب الوطني (الحاكم) أن الاستمرار في الإجراءات وإحالته على محكمة الجنايات بتهمة التزوير في محررات رسمية مع تهيئة الأجواء داخل حزب الغد لقيام مجموعة منه بعزله مقابل استمرار الحزب وعدم اتخاذ إجراءات ضد آخرين فيه، ويعارض هذه الاتجاه إنهاء القضية، وعودة أيمن لرئاسة الحزب لأنه سيتحول إلي بطل ولن يكون ممكناً إيقافه عند حد وتشجيع غيره علي التمادي في تحدي النظام .
وفي الساحة السياسية المصرية رؤية أخرى يرى القائلون بها ضرورة إنهاء القضية لتجنب اي مصادمات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، "لأن مصر لا تستطيع مواصلة هذا التحدي لخطورته عليها، خاصة في بعد تسريب حزمة من المعلومات والوثائق عن أيمن نور والحزب وعلاقاته مع واشنطن، والاكتفاء باستغلال مناخ الكراهية السائد شعبياً لكل ما هو أميركي لإنهاء أي مستقبل سياسي محتمل لنور"، غير أن المؤشرات الظاهرة بشأن هذه القضية حتى الآن، لا تحسم الأمر لصالح أي من الفريقين المذكورين، ومازالت مشرعة على كافة الاحتمالات .