مفاجأة سياسية من العيار الثقيل
مبارك يقترح تعديلاً دستورياً لنظام اختيار الرئاسة المصرية


نبيل شرف الدين من القاهرة :فجّر اليوم السبت الرئيس المصري حسني مبارك مفاجأة سياسية من العيار الثقيل، حين أعلن أن تعديلا للمادة رقم 76 من الدستور المصري، وهي الخاصة باسلوب اختيار الرئيس سيطرح للاستفتاء العام قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، وأوضح أنه طلب من مجلسي الشعب والشورى (البرلمان) المصري، باقتراح لدراسة تعديل المادة 76 من الدستور، قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في أيلول (سبتمبر)، بحيث يتسنى انتخاب رئيس الجمهورية بطريقة"الاقتراع السري المباشر".

وقال مبارك في خطاب القاه بمسقط رأسه في مدينة سبين الكوم بمحافظة المنوفية في دلتا مصر، ان الهدف من هذا التعديل هو تمكين كل المواطنين المصريين من الترشح لرئاسة الجمهورية، موضحاً أنه تقدم صباح اليوم بطلب إلى مجلسي الشعب والشورى لتعديل المادة 76 من الدستور المصري، ليبدأ مناقشتها وطرح التعديل الملائم لها، بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة من تاريخ أمتنا ..تمهيدا لطرحها للاستفتاء العام قبل الانتخابات الرئاسية القادمة .

دكتاتورية
وتنص المادة 76 من الدستور في الوقت الحالي على ان يتم اختيار رئيس الجمهورية بالاستفتاء بعد ان يسمي مجلس الشعب باغلبية الثلثين مرشحا وحيدا لرئاسة الجمهورية، ويعد هذا الاقتراح تلبية لاهم مطلب للمعارضة المصرية التي صعدت مطالبها مؤخراً بتعديل المادة 76 من الدستور التي تعتبرها منافية للديموقراطية، كما ياتي اقتراح مبارك بتعديل طريقة اختيار رئيس الجمهورية في وقت ضاعفت فيه الولايات المتحدة مؤخرا انتقاداتها لفقدان الديموقراطية في مصر ووصفت الصحف الاميركية النظام المصري بانه "نظام دكتاتوري" .

ومضى مبارك قائلاً "إن هذا التعديل التاريخي في مسيرة حياتنا الدستورية يتيح لأول مرة في التاريخ السياسي لمصر الفرصة لكل من لديه القدرة على العطاء والرغبة في خدمة الوطن تحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسباته ومنجزاته، تحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسبات الشعب ومنجزاته ورعاية شعبه وأمنه ومستقبله، بأن يتقدم للترشيح في اطار دعم برلماني وشعبي للانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية ".

واستعرض مبارك تجربة حكمه قائلاً إنه "على الرغم من ان التجربة الديمقراطية بدأت بعدد محدود من الاحزاب التي كانت تخطو خطواتها الأولى نحو بناء قواعدها الشعبية، وتضع الأطر الاساسية لمنهج عملها السياسي في حالة من الترقب والحذر وعدم التأكد من أن الديمقراطية هي الخيار الاستراتيجي الذي قررنا الالتزام به إلا أننا استطعنا ان نرسخ المبادئ الشرعية لعمل هذه الاحزاب ونؤكد تمسكنا بحرية الرأى والتعبير، وسعينا الجاد نحو تحقيق الديقراطية كمنهج دائم للحكم فتبلورت بذلك تجربتنا الحزبية وسارعت مختلف التيارات السياسية بتكوين أحزابها وطرح افكارها وتعزيز تواجدها الجماهيرى على الساحة السياسية على نحو لم تشهده مصر من قبل" .

كفاية
وخلال الاعوام الخمسة عشر الماضية تراوحت مطالب الاصلاح السياسي والدستوري بين الاكتفاء بادخال اصلاحات على قانون الانتخابات تكفل نزاهتها وتحصنها ضد التدخل الاداري وبين المطالبة بادخال تعديلات جزئية على الدستور القائم مثل انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه بين اكثر من مرشح على ان يكون مستقلاً عن الاحزاب لترتفع الي المطالبة بتغيير الباب الرابع من الدستور وهو خاص بالسلطات لتتحول مصر من جمهورية رئاسية الي جمهورية برلمانية ثم وصلت إلى ذروتها بالمطالبة بدستور بديل يستند الي مشروع الدستور الذي وضعته لجنة الخمسين في عام 1954 وهو مشروع يضمن للشعب حريات ديمقراطية واسعة على الصعيدين السياسي والاجتماعي .

وتشكلت في مصر منذ نحو عام تقريباً حركة شعبية تضم مثقفين ونقابيين ونشطاء حقوقين وصحافيين باسم "الحركة المصرية من اجل التغيير" وجعلت شعارها الاساسي "كفاية" في اشارة الى رفضها التجديد للرئيس المصري لولاية خامسة ورفضها ل"توريث الحكم لنجله جمال مبارك".

ويعقب حسين عبد الرازق الامين العام لحزب التجمع (اليساري) على الاقتراح الذي طرحه مبارك قائلاً إن الأحزاب والقوى السياسية تطالب من عام 1997 بمطلبين :

أولهما: انتخاب رئيس الجمهورية بالتصويت الحر المباشر من بين اكثر من مرشح .
ثانياً: تحديد وتقليص سلطات رئيس الجمهورية لتصبح مصر جمهورية برلمانية ديمقراطية، لافتاً إلى أن هذه المطالب تكررت بعد ذلك ايضا في 8 آيار (مايو) 2003 ثم طالبنا بها مجددا في وثيقة وضعها "التوافق الوطني للاصلاح" منذ فترة قصيرة .

اما د. جمال زهران استاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس فيقول: آن الاوان لتعديل الدستور بما يغير من طريقة اختيار رئيس الجمهورية فما كان يحدث ليس انتخابا ولكنه اختيار او استفتاء يتعارض مع الديمقراطية لأنه يفترض ان تكون هناك منافسة ثم يأتي رأي الشعب من خلال الانتخاب ليحسم المسألة دون وصاية من مجلس الشعب .