بهية الحريري مرشحة رسائل المحمول ولبنان يحتفل
للمرة الثانية كرامي يسقط بفعل الشارع

شبان وشابات يحتفلون امام منزل رفيق الحريري (تصوير وائل اللادقي)
فداء عيتاني من بيروت: للمرة الثانية تسقط حكومة يترأسها عمر كرامي في لبنان بفعل عاملين: رفيق الحريري وضغط الشارع، المرة الاولى كانت العام 1992، حين نزل لبنان إلى الشارع بسبب ازمة مالية حادة سميت بازمة السادس من ايار (مايو)، واليوم الاثنين في 28 شباط (فبراير)، حين سمع كرامي بحسب قوله ما لا يرغب، وخاصة من شقيقة الرئيس السابق رفيق الحريري، الذي مضى على مقتله بعبوة ناسفة اسبوعين تماما، حينها، وبعد ان سمع كرامي من شقيقة الحريري، النائب بهية ما لا يرغب بسماعه، قرر الاستقالة بحسب ما قال. الا انه وما ان تلفظ الكلمة السحرية كانت الآلاف تهتف في كل المناطق اللبنانية بهتافات النصر، لم يعد التجمع محصورا ومحاصرا في "ساحة الحرية" بل انتشر في كل شوارع بيروت ممزقا قرار الحكومة بمنع التجمع والتظاهر إلى ارب.

شبان من القوات اللبنانية يحتفلون في الاشرفية
تخرج نائب من منزل رفيق الحريري في قريطم بعد حوالى الساعتين من انتصار المعارضة بضغط الشارع، والمجلس النيابي معا، تقترب النائب من حشد صغير اجتمع اسفل منزل الحريري، ليحتفل أمام منزل الضحية باستقالة الحكومة، تتلقى النائب بقلق اخبارا عن اطلاق نار على نواب من المعارضة، وعلى مكاتب للتيار الوطني الحر في بعض المناطق اللبنانية، تشير إلى انها ستعلن ذلك على الملأ، المعارضة تقول انها تتعرض للنار، والموالاة تقول انها تتعرض للنار، وحين نسأل السيدة النائب عن مرشح المعارضة لرئاسة الحكومة "الحياد، الان المطلوب حكومة محايدة" تقول قبل ان تضيف "لم تجتمع المعارضة بكتلتها النيابية، ولكن ما نصر عليه الان هو الوحدة الوطنية، والحكومة المحايدة"، تقول لـ"إيلاف" قبل ان تعود وتصافح بعض الحضور في الحشد وترحل بسيارتها.

احتفالات في ساحة الشهداء او ما اصبح يعرف بساحة الحرية
عشرات السيارات انطلقت فور سماع خبر استقالة كرامي، ابواق السيارات علت، ورفع العلم اللبناني، وفي معظم المناطق كان العلم الوطني وحده يرفرف من السيارات التي صارت تعرقل بعضها وهي تتجمع على مفارق الطرق، وحدها ساحة ساسين في منطقة الاشرفية المسيحية الطابع كانت ترفع علم "القوات اللبنانية" الحزب المحظور والذي يقبع زعيمه في السجن.

منذ ما بعد الظهر كان الجو الأمني متوترا في بعض احياء بيروت، ثمة شبان مسلحون يتجولون بشكل شبه علني، ويوجهون تحركهم ضد زيارة نائب وزيرة الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد، وفي المساء وقع إطلاق نار هنا وهناك، واتهمت المعارضة الاجهزة الامنية السرية اللبنانية والسورية بالوقوف خلف الأمر. الا ان جو الانتصار كان يغلب على كل شيء، كانت الأنباء تصل بالتفصيل إلى المعارضة التي تجمعت قيادتها في "ساحة الحرية" على بعد امتار من ضريح الحريري، الا ان قيادة المعارضة كانت تدرك انه لا يمكن فعل شيء قبل تقدم ساعات الليل إلى نهايتها، جو الفرح يفوق التصور، الصراخ واطلاق الالعاب النارية، والهتافات، والحماس بعد اسبوعين من التوتر الذي يسميه اللبنانيون "شد كباش" قد وصلت إلى تحقيق اول نقطة، واول نصر في جدول اعمال المعارضة، ولا شيء يمكن فعله لتدارك فوضى الاحتفال.

بعد نصف ساعة من إعلان كرامي استقالته كانت هواتف اللبنانيين في الوطن والمهجر تصلها رسالة اس ام اس تقول "بهية الحريري هي المرشحة لرئاسة الحكومة اللبنانية، انها اول امرأة في الوطن العربي ستحتل منصب رئيس الحكومة، الرجاء ارسال هذه الرسالة إلى الجميع"، وبعدها بدات تتوارد رسائل سخرية من رجال الحكومة ورئيس الجمهورية اللبنانية، وكان الحشد في ساحة الحرية لا يتوقف عن التزايد، الشبان والشابات يصرخون "انت التالي يا لحود" وغيرها من الشعارات، التي تشير إلى خطوات المعارضة، من اسقاط رئيس الجمهورية إلى الانسحاب السوري من لبنان، في الوقت نفسه الذي كان يذاع فيه تصريح الرئيس السوري الذي يؤكد ان الانسحاب لن يتم خلال العام الحالي.

الاف كانت تدخل إلى الساحة الشاسعة، والاف غيرها كانت تغادر، وخلال دقائق قليلة انسحبت قوات مغاوير البحرية التابعة للجيش اللبناني، وخلفها المغاوير، تاركة الساحة بحماية قوى الامن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية اللبنانية، بينما استمرت بعض وحدات الجيش باغلاق منافد مجلس النواب القريب من الساحة التي تحولت إلى ساحة احتفالات وكرنفال.