بيروت تتمنى ان يجد حديث الرياض آذاناً صاغية
الاميرعبدالله تحدث مع الرئيس الاسد بحزم وصراحة

إيلاف من الرياض وبيروت: طلب الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي من الرئيس السوري بشار الاسد ان تسحب بلاده قواتها وأجهزتها الأمنية فوراً من لبنان ودون إبطاء وإلا ستجد دمشق نفسها في موقف صعب. وقالت مصادر وثيقة الاطلاع تحدثت اليها "إيلاف" الليلة هنا إن الامير عبدالله عقد لقاءً على إنفراد مع الرئيس الاسد الذي زار الرياض (الخميس) زيارة خاطفة، ابلغه خلالها عن خشية السعودية على سورية اذا لم تمتثل للشرعية الدوليه وتنسحب من لبنان. ويبدو ان الرياض أوضحت للسوريين بجلاء أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري خلق زخماً لايمكن إيقافه .

وقالت المصادر إن الامير عبدالله، الذي يعرف بصراحته الشديدة في المواقف الحاسمة كان خلال مأدبة غداء اقيمت على شرف الرئيس السوري، بادي الحزم وصارماً في حين لم يكن الرئيس بشار الاسد مرتاحاً .

ولم يحضر اي مسؤول من الجانبين المحادثات التي جرت على إنفراد ، لكن اعضاء الوفدين حضروا مأدبة الغداء وكان الوفدان يضمان الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية و الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية و الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقةالرياض وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني . ومن الجانب السوري وزير الخارجية فاروق الشرع وسفير سوريا لدى في الرياض الدكتور أحمد نظام الدين .

واوضحت المصادر ان الرياض حرصت على ان تبين للرئيس السوري بانه لا يملك من الخيارات سوى سحب قواته وأجهزته الأمنية من لبنان وفي أقرب الآجال وان تعلن دمشق جدولاً زمنياً دقيقاً ، خاصة بعد ان اثارت كل من واشنطن وباريس شكوكاً حول جدية الاشارات المتلاحقة حول الانسحاب . وهو ما خلق انطباعاً في دمشق اقرب الى الواقع بان العزلة تحاصر موقفها .

وأوضحت المصادر ان الأمير عبدالله كان صريحاً حول مسألة إغتيال رفيق الحريري . وكانت سادت حالة من السخط والغضب في السعودية بسبب تلك الجريمة البشعة ويعتبر السعوديون أن العملية كانت مثيرة للصدمة. واشارت المصادر الى ان الامير عبدالله عبر عن غضبه الشديد من مقتل الحريرى وعبر عن تبرمه من ان تنفذ العملية فى ارض تحكمها المخابرات والجيش السورى.

ووفقاً للمصادر فإن الامير عبدالله طالب وبحزم سرعة القاء القبض على المجرمين الذين نفذوا جريمة بشعة اعتبرها المجتمع الدولي برمته مثيرة للغثيان ومنفرة.

يشار الى ان اللقاء بين الامير عبدالله الرئيس السوري عقد على انفراد في قصر شيده الرئيس الحريري ، ولاحظت المصادر أن طيف الحريري كانت موجوداً في أركان وزوايا "المكان" ولم يكن الامر وقفاً على " الزمان" فقط . وكان الرئيس الحريري شيد كذلك قصوراً في سورية للرئيس الراحل حافظ الاسد وأهداها له .

وقالت المصادر إن الرئيس الاسد عاد من الرياض الى دمشق وقد اصبحت الصورة واضحة امامه . ولعل من المفارقات ان الرئيس بشار الاسد كان زار الر ياض قبل توليه الرئاسة وخلال الفترة التي يعده خلاله والده للحكم ، و زار الرياض اليوم في فترة حاسمة تتسارع فيها وتيرة الاحداث في المنطقة مما سيكون حتما هناك جديداً ما بين ما قبل " زيارة الرياض " وما بعد " زيارة الرياض " .

رد فعل المعارضة اللبنانية

قال عضو لجنة التنسيق للمعارضة واحد مسؤولي "اليسار الديموقراطي" المشارك في إطلاق وتنظيم "شتاء بيروت" الياس عطالله لـ"إيلاف" في اول رد فعل للمعارضة على الموقف السعودي: ليس من المستهجن ان السعوديين يعتبرون رفيق الحريري أكثر من صديق واكثر من موقع يهمهم حضوره في لبنان، وربما كما تفاجأ كثيرين، فانهم يعلمون بان دور رفيق الحريري في لبنان كان عميقاً جدا، وخلال حياته كان رفيق الحريري يشبه جبل الجليد، واستشهاده كشف حجم جبل الجليد.

واضاف انا لا اتحدث بناء على معلومات، ولكن كان ثمة معطيات تفيد بعدم تهديد حياة قادة رأي في لبنان بحجم الحريري او زعماء المعارضة في لبنان، ومسألة الحريري بالنسبة للسعودية هي مسألة عضوية، ولهذا السبب، إلى المناخات الدولية وما هو اهم منها المناخ اللبناني الداخلي الذي يظهر بشكل جلي لمن يتمتع بحد ادنى من القدرة على القراءة الجدية والرصينة ان الشعب اللبناني بعد مقتل رفيق الحريري اظهر كل المخزون الذي كامنا فيه، وهذا الشعب لن يتراجع إلى الوراء، وهذا الاجماع الوطني يتسع يوما بعد يوم، ويشمل كل المكونات السياسية وكل التيارات وكل المناطق، ولا احب ان اقول "طوائف".

وتابع بالقول انه من الحكمة الان ان يختصر النظام السوري من "مسيرة الالام" وان يعجل بالانسحاب، الذي يقلص مهلة المعاناة الكبرى، ليس فقط للبنانيين، بل لكل العرب.

وقال انه، وبصفته احد اطراف المعارضة، تلقى كلام الامير عبدالله إلى الرئيس السوري بشار الاسد بالكثير من الارتياح، حيث هناك زعيم عربي صاحب رؤية، وان هذا الزعيم يعرف مضاعفات المماطلة بتحقيق امال اللبنانيين، وان الموقف السعودي ناتج عن قراءة صحيحة للواقع اللبناني، كما للواقع الدولي والعربي، وهي قراءة واقعية، وان المكابرة السورية ستكون مكلفة للشعبين السوري واللبناني.

وحول تأثير الموقف السعودي الأخير على المعارضة اللبنانية قال عطالله ان المعارضة أصبحت تمتلك دينامية داخلية متينة، وهي ترحب طبعا بكل تضامن، ولكن الدينامية الاساسية للمعارضة ولاول مرة منذ العام 1943 (تاريخ استقلال لبنان من الانتداب الفرنسي) يتكون دينامية داخلية معارضة، ويكون في موقع متخلف سياسيا كل من يشكك بطبيعتها التغيرية المستقبلية.

ورأى ان من حق هذه الحركة الاستفادة من كل دعم مثل الكلام الذي قاله الامير عبدالله، وتابع "اتكلم عن نفسي وانا اعتبر انني امثل مفهوم العروبة المعاصرة أكثر من أي موقع في العالم العربي، وبكل تواضع ومن موقع الذي لا يريد شيء، فنحن نمثل العروبة بمفهوم العام 2005 والمستقبلي أكثر من كل الشتامين". ومن حقنا ان نستفيد من كل تعاطف دولي وشرعية عربية ودولية وهذا حقنا نجيره لمصلحة الشعب اللبناني ولمصلحة العروبة أيضا.

وردا على سؤال حول موقف الطائفة السنية التي تجري محاولات في لبنان لشقها، قال ليس من المهم ان ننظر إلى الطوائف، فما هو معلوم الان ان هناك اغلبية كبيرة من اللبنانيين من كل الطوائف ومن كل التيارات السياسية هم اما بشكل معلن او شبه معلن او فقط متعاطفين، في الانتفاضة (شتاء بيروت) وفي داخل كل فئة بما في ذلك المسيحين هناك شرائح منتفعة من الوجود السوري، والانقاسم في لبنان انقسام سياسي وليس انقساما طائفيا، والغالبية العظمى في موقع استقلالي ديموقراطي عربي منفتح، وقلة هم في موقع منتفع.

وختم بالقول ان الموقف السعودي مفيد ومستشرف، ونصيحتهم في مكانها وكل الامال الان ان يكون هناك مستمع، واخشى الا يكون هناك من يسمع لهم (للأمير عبدالله) واخطر مسألة حين يفقد المرء عن القدرة على الاستماع والاصغاء، ويتهم كل من يخالفه الرأي ويعمد إلى تصنيف القوى.

بوش يبحث مع اوروبا فرض عقوبات على سوريا

واشنطن: ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين قولهم يوم الخميس ان الولايات المتحدة وحلفاءها الاوربيين يبحثون اتخاذ إجراءات مشتركة لمعاقبة سوريا اذا تقاعست عن اتخاذ خطوات ملموسة للانسحاب من لبنان بينما طالب الرئيس الامريكي جورج بوش دمشق من جديد بالانسحاب فورا.

وقال بوش في تصعيد للضغط على سوريا لليوم الثاني على التوالي "الرسالة مسموعة وواضحة... من الولايات المتحدة وفرنسا ودول كثيرة أخرى ... انه يتعين على سوريا أن تسحب الآن ليس فقط قواتها ولكن أيضا قوات جهازها الاستخباراتي من لبنان الآن."

وقال بوش انه سيناقش الموضوع في وقت لاحق مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية وانه يريدا "تفاصيل بشأن زيارتها لحلفائنا في الخارج." فيما يتعلق بوجهات نظرهم بشأن لبنان.

وقال بوش "انني أتطلع ليس فقط الى سماع كلماتهم ولكن أيضا لتعبيراتهم واشاراتهم أريد أن أسمع عن حماسهم للفكرة. اظن انني سأتوصل الى انه آن الأوان تماما ان يفهم الناس الآن انك اذا كنت تؤمن بالديمقراطية فلماذا لا تدع الديمقراطية تزدهر في لبنان وتنمو؟."

وقال للصحفيين أثناء زيارة لمقر وكالة المخابرات الامريكية المركزية (سي. آي. ايه.) "حان وقت انسحاب سوريا."

وقال مسؤول كبير في حكومة بوش ان الولايات المتحدة وحلفاءها يدرسون الآن "الخطوات الاضافية التي يستطيع المجتمع الدولي اتخاذها للتأكيد على الاذعان أو السعي اليه."

وقال المسؤول عن المناقشات "نبحث في سبيل نمضي فيه اذا لم تذعن سوريا " لقرار للامم المتحدة مدعوم من الولايات المتحدة وفرنسا يدعو القوات الاجنبية الى مغادرة لبنان.

وهدف واشنطن وفقا لما قالته الحكومة الامريكية ومسؤولون في الكونجرس هو الاستعداد للعمل سريعا بالتضامن مع أوروبا ربما عن طريق فرض عقوبات مشتركة واصدار قرار جديد من الامم المتحدة أشد صرامة.

وقال مسؤول من الحكومة الامريكية "اذا لم تذعن سوريا يتعين بحث اجراءات أخرى.... اننا نبحث في كيفية الاستجابة على أي ظروف طارئة قد تظهر."

وقال مسؤولون ان ما يجب تضمينه من اجراءات دبلوماسية واقتصادية بعينها في أي اتفاق بين جانبي الاطلسي لمعاقبة سوريا غير واضح.

ونقلت صحيفة التايم عن الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة قوله ان القوات السورية ستنسحب من لبنان خلال بضعة أشهر. وردت واشنطن التي لم تحدد موعدا نهائيا للانسحاب على ذلك بالتشكك في الامر.

وقال ريتشارد لاجار العضو الجمهوري عن ولاية انديانا ورئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الامريكي بعد مقابلة مع بوش في البيت الابيض هذا الاسبوع انه يتعين على سوريا أن تسحب قواتها من لبنان أسرع من الجدول الزمني الذي وضعه الأسد.

وتأتي الاجراءات العقابية من قبل أوروبا والولايات المتحدة ضد سوريا الى جانب العقوبات التي تدرس واشنطن فرضها من جانبها. وتتضمن هذه العقوبات تجميد أموال سورية من أجل الإمعان في عزل نظامها المصرفي

الأمير عبدالله للرئيس الأسد : إنسحبوا فورا

مصادر بريطانية: الأسد يخشى الداخل إذا انسحب