بهية مارديني من دمشق: تطرق المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية الى خطاب الرئيس السوري بشار الاسد مساء اليوم وقال" كما كان منتظرا من خطابه ، أعلن الرئيس السوري عن انسحاب سوري " كامل من لبنان إلى البقاع ثم إلى الحدود السورية " . واللافت أنه قال بانسحابها " إلى الحدود " كما لو أن البلدين في حالة حرب ، ولم يقل " إلى داخل الحدود السورية " الأمر الذي يعني ضمنا أن القوات السورية ستحتفظ بقواتها على امتداد الشريط الحدودي بين البلدين ، لكن " داخل الحدود اللبنانية " ، فضلا عن أجهزة المخابرات".
واعتبر المجلس في بيان له ، تلقت ايلاف نسخة منه ، ان الأكثر لفتا للانتباه هو إشارته إلى أن " 17 أيار (مايو) آخر يلوح في الأفق" ، داعيا اللبنانيين إلى " الاستعداد " لمواجهته ومؤكدا أن سورية ستدعم هذه المواجهة . وكان يشير بذلك إلى اتفاق 17 أيار (مايو) 1983 بين لبنان وإسرائيل ، والذي قضى بالعودة إلى اتفاقية الهدنة للعام 1949 ، واضاف البيان إن ما جاء في خطاب الرئيس السوري الذي جاء مضمونه تعبيرا مكثفا عن " حصيلة توافقية " بين مراكز القوى في هرم السلطة ، يتقاطع مع ، ويؤكد ، المعلومات الراشحة من دمشق حول اجتماعات سرية تجري منذ أسبوع بين القيادات السورية السياسية ـ الأمنية مع عدد من قادة القوى اللبنانية الموالية في لبنان .
واكد البيان نقلا عن مصادر سورية شبه رسمية عن أن العاصمة السورية تشهد اجتماعات مكثفة منذ أكثر من أسبوع بين قيادات سورية عليا وصفت بأنها مسؤولة عن " صناعة القرار السياسي والأمني " من جهة ، وقيادات سياسية وأمنية لقوى وأحزاب لبنانية " موالية " من جهة أخرى . وقالت هذه المصادر إن الاجتماعات التي تجري في مقر " مكتب الأمن القومي " بحي المهاجرين ، تضم قيادات من " حزب الله " و " حركة أمل " و " الحزب القومي السوري " المعروف عنه بأنه " الأشد ولاء للمخابرات السورية وتعاونا معها من بين القوى اللبنانية " . وأشارت هذه المصادر إلى أن " الاجتماعات المباشرة غير المعلن عنها أصبحت البديل الوحيد للاتصالات الهاتفية ، وذلك بعد أن أدركت القيادات الأمنية السورية بالملموس أن جميع اتصالاتها بمواليها اللبنانيين عبر الهاتف تم وضعها تحت المراقبة الأميركية ـ الفرنسية الفضائية المشددة منذ اغتيال الرئيس الحريري " .
واضاف البيان انه كشفت هذه المصادر عن أن " القوى اللبنانية الموالية المذكورة تلقت توجيهات بفتح ملف القرى اللبنانية السبع في جنوب لبنان إذا ما انسحبت القوات الإسرائيلية من مزارع شبعا بشكل مفاجيء . بحيث يبقى فتح ملف هذه القرى رهنا بالإشارة السورية في الزمن المحدد " . ومن المعلوم أن النظام السوري يتذرع ببقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال الإسرئيلي من أجل التنصل من استحقاق الانسحاب من لبنان وتجريد الميليشيات الموالية له من سلاحها ، وفي المقدمة حزب الله . هذا في الوقت الذي لم تزل الحكومة السورية ترفض تقديم وثائق رسمية إلى الأمم المتحدة تؤكد لبنانية هذه المزارع رغم جميع المطالبات التي تقدم بها الزعماء السياسيون اللبنانيون ، وبشكل خاص وليد جنبلاط ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق الجنرال ميشيل عون ، فضلا عن شخصيات وقوى أخرى " مستقلة " . وكانت معلومات قد رشحت من عواصم معنية عديدة في الأسابيع الأخيرة ، وبشكل خاص باريس وواشنطن وتل أبيب ، تفيد بأن مداولات جدية تجري بين العواصم المذكورة لبحث إمكانية انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا من أجل " سحب بساط الذرائع من تحت أقدام النظام السوري ومواليه في لبنان الذين يربطون بين الانسحاب السوري النهائي من لبنان وتجريد الميليشيات اللبنانية من السلاح من جهة ، وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا من جهة أخرى " .


واضاف البيان نقلا عن مصادر في وزارة الداخلية اللبنانية أن خمسة آلاف عنصر مخابرات سوري على الأقل قد تم تجنيسهم خلال السنوات الماضية بالجنسية اللبنانية من أجل أن يلعبوا الدور المطلوب منهم في مرحلة لاحقة ، وفيما إذا أجبر النظام السوري على مغادرة لبنان . وتقول هذه المصادر إن وزير الداخلية الأسبق الياس المر الأب ، ثم وزير الداخلية الياس المر الابن هما من قام بشكل أساسي بعملية التجنيس تلك .