القاهرة: اوصى المجلس القومي لحقوق الانسان وهو هيئة شبه حكومية شكلت العام الماضي برئاسة بطرس بطرس غالي بالغاء حالة الطوارئ السارية في مصر منذ 24 عاما باسرع وقت ودعا الى تعديل التشريعات المصرية لـ"منع التعذيب".

واكد المجلس في التقرير السنوي الاول له عن حالة حقوق الانسان في مصر خلال عام 2004 انه يوصي "بانهاء حالة الطوارئ" ويرى ان "التعجيل بذلك اوجب وادعى الان حتى تتم المشاركة الشعبية في الاستفتاء على تعديل نص المادة 76 من الدستور ثم في انتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب اعضاء مجلس الشعب في جو من الحيدة والاطمئنان والالتزام بحدود النظام القانوني العادي".

ومن المنتظر ان يصدر مجلس الشعب المصري خلال النصف الاول من ايار/مايو المقبل قانونا بتعديل المادة 76 من الدستور لاتاحة انتخاب رئيس الجمهورية بين اكثر من مرشح على ان يتم استفتاء شعبي على هذا التعديل في غضون ستين يوما.

يذكر ان الانتخابات الرئاسية يجب ان تجرى قبل انتهاء الولاية الرابعة للرئيس المصري حسني مبارك في ايلول/سبتمبر المقبل. ومن المقرر ان تجرى الانتخابات التشريعية في تشرين الاول/اكتوبر او نوفمبر المقبلين. واضاف تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان، الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، ان "مصر والمنطقة العربية والعالم كله يواجه مرحلة بالغة الدقة من الناحية الامنية في ظل انتشار ظواهر العنف والارهاب ولكن محاربة تلك الظواهر يجب ان يتم بالكفاءة والفاعلية المطلوبة في اطار النظام القانوني العادي".

وطالب التقرير بتعديل قانون العقوبات المصري ليتواءم مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي انضمت اليها مصر عام 1986. ورصد التقرير، الذي يبدو مضمونه غير متوقعا لصدوره عن عن هيئة قامت الجهات الحكومة بتعيين اعضائها، "انتهاكات مؤسفة للحق في الحياة" تمثلت في "وفاة بعض المواطنين بشبهة التعذيب اثناء احتجازهم والتحقيق معهم".

وحدد التقرير الذي تم تسليم نسخا منه خلال الايام الاخيرة الى الرئيس المصري والى رئيسي مجلس الشعب والشورى فتحي سرور وصفوت الشريف تسع حالات موثقة لمواطنين مصريين توفوا بشبهة التعذيب بعد القاء الشرطة القبض عليهم.

كما حدد خمس حالات موثقة لمواطنين مصريين من بينهم احد كوادر الاخوان المسلمين توفوا اثناء احتجازهم من قبل الشرطة "بسبب الاهمال الجسيم ونقص الرعاية الصحية". ودعا تقرير المجلس "رئيس الجمهورية الى اصدار قرار بتصفية اوضاع المعتقلين وعلى وجه الخصوص الحاصلين منهم على احكام قضائية بالافراج عنهم" ومازالوا محتجزين بقرارات اعتقال ادارية صادرة عن وزارة الداخلية".

واشار التقرير في هذا المجال الى ان "الافا من المنتسبين الى الجماعات الاسلامية الذين جرى اعتقالهم خلال التسعينات في اطار المواجهة الامنية مع الجماعات المتطرفة ظلوا قيد الاحتجاز وبعضهم امضى فترة عقوبته ولم يفرج عنه ويجرى اعتقاله تباعا بعد كل تظلم (امام القضاء) ومنهم من يفرج عنهم دفتريا عند انقضاء المدد القصوى التي حددها القانون حتى يصدر بشانهم قرار اعتقال جديد".

وتابع التقرير ان السلطات الامنية "اطلقت سراح بضعة الاف من هؤلاء على دفعات خلال السنوات الاخيرة طبقا لمعايير امنية اخذت بالاحوط فلم يتسن تصفية هذه الظاهرة المؤسفة".

وشدد التقرير على انه "مهما قيل عن خطورة هؤلاء على الامن العام فتلك حجة مرسلة لا تكفي للخروج على القاعدة الدستورية المقررة اعمالا لمبدا البراءة الاصلية". وانتقد التقرير "التوسع الكبير في تطبيق نظام الحبس الاحتياطي" مؤكدا انه"في غيبة معايير منضبطة وصارمة يجري الالتزام بها يؤدي هذا الى خروج صارخ" على القانون.

واعطى التقرير نموذجين للتوسع في الحبس الاحتياطي خلال عام 2004 اذ اكد ان "السلطات الامنية شنت عدة حملات استهدفت كوادر الاخوان المسلمين في ايار(مايو) وظلت تجدد حبسهم احتياطيا لمدة ستة اشهر كما جرت حملات اخرى في اعقاب عمليات التفجير الارهابية التي استهدفت مواقع سياحية في طابا (تشرين الاول - اكتوبر) شملت اعتقال اعداد كبيرة من ابناء سيناء من بينهم نساء من اسر مطلوبين احتجزوا كرهائن".

وقال عضو المجلس حافظ ابو سعده (وهو احد ممثلي المنظمات غير الحكومية في المجلس) لوكالة فرانس برس "اننا نتوقع ان تتعامل الحكومة بايجابية مع توصيات المجلس الذي نص قانون انشائه على ان من اختصاصه تقديم مقترحات وتوصيات الى الجهات المختصة لدعم وحماية حقوق الانسان".
ــــــــــــــــــ