أدى قسطه للعلى .. ووداعًا
رحيل محمود عطاالله نائب رئيس تحرير إيلاف

محمود عطالله.. فارس صحافي ترجل اليوم

نصر المجالي : فقدت الصحافة العربية وخاصة صحافة المهاجر، واحدًا من أعلامها البارزين، فقد رحل قبل ظهرأمس الزميل الكبير محمود عطا الله نائب رئيس تحرير صحيفة (إيلاف) إثر نوبة قلبية حادة،وكان الزميل الراحل قبيل موافاته أجله المحتوم بساعة من الزمن يقود اجتماع التحرير اليومي العام بمشاركة من أقسام التحرير المختلفة والمراسلين المنتشرين في عواصم العالم عبر شبكة الاتصال (الانترنت)، وعلى غير عادة سارع أبو كريم إلى إنهاء الاجتماع طالبًا إلى الجميع المواظبة على نشاطهم اليومي المعتاد ليأخذ قسطًا من الراحة ليعود لمواصلة مهماته اليومية المعتادة. يشار الى ان العزاء سيقام غدًا من السادسة الى الثامنة في ريجنت بارك.

والراحل الغالي، من رجالات الرعيل الأول في الصحافة العربية، وهو نشأ في صحيفة الأهرام التي أصبح نائب رئيس تحريرها في الثمانينات قبل أن يحط الرحال في لندن العام 1983 نائبًا لرئيس تحرير (الشرق الأوسط)، وعاصر ثلاثة من رؤساء تحريرها المتعاقبين، وانضم الفقيد الراحل إلى أسرة "إيلاف" قبل عامين، وأدى قسطه الكبير للعلى، متفانيًا مخلصًا دؤوبًا بهمة الصحافي المحترف ونفس الشباب المتعالي المقدام القادر على العطاء، وكان مثالا متميزًا في الخلق الرفيع والتعامل الشهم في كل صغيرة وكبيرة كانت تواجهه في إطار العمل وخارجه.

وشكل انضمام الراحل العزيز إضافة نوعية لمهمات إيلاف، حيث كان يلقي الليل بالنهار ساعات موصولة من البذل والعطاء لا يكل ولا يمل، وكان يداري الجميع زميلًا يكبر على كل الصغائر، وأبًا حنونًا يعطي خلاصة تجربة طويلة لبناء الجيل الجديد، ولقد تتلمذت على يديه أجيال كثيرة، لا زالوا يؤدون واجباتهم في مواقع عملهم في صحف كثيرة ممتدة على ساحة الوطن العربي.

والزميل الراحل، صحافي وكاتب مصري حاصل على بكالوريوس علوم سياسية وإدارة أعمال عام 1963 من الجامعة الأميركية في القاهرة التي التحق فور تخرجه منها بصحيفة "الأهرام" المصرية حيث بدأ عمله الصحافي محررًا في قسم الشؤون الخارجية الدولية.

وعلى امتداد عمله في "الأهرام"، الذي استمر 20 عامًا، تنقل في أكثر من منصب وعمل في أكثر من مجال صحافي إذ شارك في تغطية مؤتمرات دولية منها مؤتمرات القمة العربية والقمة الأفريقية وعمل محررًا سياسيًا ومحللًا في الشؤون العربية والدولية وكاتب مقال سياسي في "عدد الجمعة" من صحيفة "الأهرام".

ولقد عمل سكرتيرًا للتحرير وعضوًا في الديسك المركزي (سكرتارية التحرير المركزية)، ثم نائبًا لمدير تحرير"الأهرام" ورئيسًا للديسك المركزي. وفي الوقت نفسه مديرًا لتحرير مجلة "الشباب وعلوم المستقبل" التي تصدرها مؤسسة "الأهرام".

وفي عام 1983 انتقل للعمل في جريدة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن مديرًا لمكتبها في القاهرة مسؤولًا عن التحرير، ثم في عام 1984 انتقل إلى لندن حيث عمل لمدة أربعة عشر عامًا نائبًا لرئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط".

وفي عام 1998 عمل مستشارًا لداري نشر مقرهما لندن إحداهما عربية والأخرى أوروبية، وكاتب مقال أسبوعي في صحيفة "الأهرام" القاهرية، وآخر في مجلة "أكتوبر" المصرية إضافة إلى الكتابة في عدد من الصحف والمجلات العربية الأخرى، ثم في عام 2002 عمل مستشارا ومراقبا عاما لشبكة تلفزيون "خليفة للأنباء" التي كانت تبث برامجها بالعربية من لندن.

وخلال الفترة من عام 1963 وحتى عام 1983 عمل مباشرة وعن قرب مع أقطاب الصحافة العربية وأساتذتها الذين تناوبوا على رئاسة تحرير صحيفة "الأهرام" خلال هذه الأعوام العشرين، ومنهم الأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور عبد القادر حاتم، والأستاذ علي أمين، والأستاذ إحسان عبد القدوس، والأستاذ أحمد بهاء الدين، والأستاذ يوسف السباعي، والأستاذ علي حمدي الجمال، ثم الأستاذ إبراهيم نافع.

كما عمل في "الشرق الأوسط" نائبًا للأستاذ عرفان نظام الدين رئيس التحرير وقتذاك ثم نائبًا للأستاذ عثمان العمير بعد ذلك. أجرى أحاديث ولقاءات مع عدد من الملوك والرؤساء وكبار الشخصيات وشارك في مؤتمرات عربية ودولية بدراسات وأبحاث سياسية وإعلامية. وهو عضو نقابة الصحافيين المصريين وعضو نقابة الصحافيين البريطانيين وعضو جمعية المراسلين الأجانب في بريطانيا وعضو جمعية الصداقة المصرية - البريطانية.

وعمل نائبا لرئيس تحرير إيلاف منمنتصف عام 2003 حتى يوم3 أيار (مايو) 2005.

وإذ تودع أسرة إيلاف وفي مقدمتها الناشر عثمان العمير، نائب رئيس تحريرها الراحل الكبير محمود عطاالله اليوم، فإنها تتقدم من أسرته الكريمة أم كريم وأنجاله جميعا بأحر العزاء، وصادق المواساة في هذا الحدث الجلل، كما تتقدم من الصحافة العربية كافة والمصرية خاصة ونقابات واتحادات الصحافيين العربية والعالمية التي كان الزميل الراحل عضوًا فاعلًا فيها بأحر التعازي ... وما محمود عطا الله إلا واحدًا من أولئك الرجال الذين يصعب تعويضهم، وسيظل مكانه شاغرًا لوقت طويل، وعزاؤنا جميعًا بتلاميذه النجباء ليكملوا المسيرة لبناء عالم راق من المهنية الصحافية الكاملة المتكاملة الملتزمة بقيم وأخلاقيات وشرف الكلمة بعيدًا عن الخوف والإعلام المرعوب. ولقد أدى محمود عطا الله قسطه للعلى، لينام. وداعًا محمود عطا الله.