د. إبراهيم أبو العيشالحائز على جائزة "نوبل الجديدة" فى التنمية الحضرية
"سِخِمْ " مفتاح أسراره.
حكاية المبيدات الإسرائيلة لتسميم المصريين


زينب عبد المنعم من القاهرة:"سِخِمْ " لفظ فرعونى يرمز إلى الطاقة القادمة من الشمس، هذا اللفظ هو الاسم الذى اختاره د.إبراهيم أبو العيش عنوانا لأهم إنجازاته فى صحراء بلبيس.. لقد آمن أن هناك طاقة كامنة بداخلنا وكل منا يستطيع أن يصنع الكثير، وهو من ناحيته صنع إعجازا استحق عليه أن يحصل على جائزة " نوبل" فى التنمية الحضرية، الجائزة جاءت بعد احتلال العراق بشهور وفى فترة سياسية صعبة، فلم يحصل الرجل على حقه من التكريم الإعلامى، مكان واحد فى القاهرة ما زال حتى الآن يعلق لوحة كبيرة من القماش عليها اسم الدكتورإبراهيم أبو العيش، إنها مدرسته الثانوية التى تخرج منها " مدرسة خليل أغا " بشارع الجيش بالقاهرة، لقد أقامت له المدرسة احتفالا كبيرا، بالضبط مثل تلك الإحتفاليات التى أقيمت فى أماكن عديدة ن مصر تكريما للدكتور أحمد زويل يوم حصل على جائزة نوبل فى العلوم، الرجل لم يأخذ حقه رغم أن تجربة أبو العيش لا تقل إطلاقا عن تجربة زويل.. وكان من الواجب أن تنتبه جهات عديدة فى الحكومة وجمعيات أهلية ورجال الأعمال.. التجربة تستحق الاهتمام..
باختصار الرجل صنع من الأرض الموحشة الملحية " جنة على الأرض "، جنة بمعنى الكلمة، ليس له وحده ولكن لكل الفلاحين فى القرى المجاورة.. حتى أن كل من يذهب الى هناك لا يكاد يصدق ما يراه.. شئ أشبه بالحلم.
إذا ذهبت إلى هناك على طريق بلبيس الصحراوى وفى مزرعته العجيبة سوف تجد أطفال مدرسته خليطا من الشقر والسمر، يتساوى هناك القادمون من فوق جبال الألب والقادمون من قرى العادلية والطحاوية وجلفينا وأبو شعير، كلهم.. كلهم يتعلمون هنا الإنجليزية والألمانية والموسيقى الكلاسيك والصلاة فى وقتها!! أما فصل الثالثة الإبتدائية بالتحديد فعليه أن يزرع القمح، وعندما تنضج السنابل الذهبية يقام احتفال كبير.. كبير.. بعيد الحصاد!!
د.إبراهيم أبو العيش.. بنظرة إيمانية صوفية عالية جعل من مزرعته جنة واستحى من الله أن يدخلها شيطان، فالشياطين تدخل خلسة من الكيماويات.. مع المبيدات.. وتنزع البركة من كل شئ، وتزرع بدلا منه المرض، أنت هنا فى مزرعة أبو العيش تعيش الحياة كما خلقها الله نقية طاهرة
د. ابراهيم ابو العيش رجل صنع حلما ويعيش فيه بعمق.. بمزاج يتعاطاه رشفة.. رشفة ليتذوق طعمه الجميل، يسألونه ماذا يمكن أن تكون الجنة أكثر من ذلك؟ يقول : لا.. الجنة سوف تكون الملاعق بها بأيدى طويلة جدا؟ لأنك فى الجنة لن تأخذ الطعام لتضعه فى فمك.. بل فى فم شخص آخر بجوارك؟؟!!
هذه هى فلسفته التى يحاول أن يربى عليها صغاره من تلاميذ المدرسة، ولذلك يخرجون من الفصول الى غرفة الطعام، يحمل كل تلميذ طبقا من الصينى ـ فلا يوجد هنا بلاستيك أو ميلامين.. إنها مواد شيطانية غير طبيعية، وعندما يوزع المدرسون الطعام على التلاميذ من ذلك الطاجن الفخارى الكبير وقبل أن يبدأ أحدهم فى تناول وجبته يتلون جميعا دعاء يذكرهم أن هذه النعمة من الله وحده، وأنهم يجب أن يتذكروا دائما أولئك الفقراء المحرومين من هذه النعم، ويختمون دعاءهم بهذه الكلمات : بسم الله الرحمن الرحيم.. بالهنا والشفا.. بالهنا والشفا.. بالهنا والشفا..
كنت أظن أن جولة لمدة ساعتين تكفي جدا لرصد مايدور داخل جنة د. أبو العيش، ولكننى قضيت هنا يومين وفى النهاية تذكرت أننى لم أشاهد المسرح الرومانى الكبير الذى يسع 15.. شخصا، مسرح رمانى فى مزرعة؟ علامة استفهام كبيرة حول هذا الرجل الذى يرفض الحديث عن نفسه.
إن كل شئ هنا له حدوتة.. حتى أبقار المزرعة.. لقد أخذ يبحث عن تلك البقرة التى كان المصريون القدماء يعاملونها بكل تبجيل واحترام.. أخذ يبحث ويبحث عن هذه البقرة بالذات حتى وجد هذه السلالة Brown cow فى اسبانيا وجاء بها من هناك ليقوم بتربيتها من جديد فى مزرعته!!

رحلة حياة

لقد غادر مصر وهو فى الثامنة عشرة من عمره وعاش ربع قرن من حياته بين النمسا والمانيا.. هناك أكمل تعليمه.. درس الطب والكيمياء بجامعة جراز، وهناك تزوج وأنجب منى وحلمى، ومثل كل المصريين فى حالته شعر أنه من الضرورى جدا أن يأتى بولديه إلى مصر.. إلى بلده، كان ذلك عقب حرب 1973، ربما حركه الفخر بالنصر العسكرى، ولكنها كانت صدمة كبيرة، ملامح مصر تغيرت الناس تغيرت.. تغيرت بشدة..أصبحوا أكثر عنفا وأقل مروءة، العشوائيات ظهرت فى كل شئ.. فى كل مكان وهناك لغة سائدة فى الشارع المصرى.. لغة الفلوس.. الأنانية.. الذاتية.. تلاشت الملامح السمحة الباسمة.. هذه ليست مصر التى غادرها قبل ربع قرن.. لم يكن بحاجة للتفكير والمقارنة بين حياته الجادة الجميلة فوق جبال الألب وذلك الذى يراه فى شوارع القاهرة.
على الطائرة التى حملته وأسرته عائدا إلى النمسا قال فى نفسه : الحمد لله أننى لا أعيش فى هذا البلد.. وبعد بضعة أشهر أخرى عاد ثانية وقرر أن يهز كل المعانى الجميلة بعنف.. أن يوقظ الخير فى كل شئ وفى كل إنسان يراه.. أن يزيح التراب لتظهر الروح الغائبة..
وكانت فكرته أن يستعيد مصر بيده.. أخذ قطعة من أسوأ أنواع الأراضى الصحراوية، على أطراف بلبيس حيث تمتد طبقة ملحية على بعد سنتيمترات من سطح التربة، وعلى هذه الأرض بنى جنته.. وطنه الذى تمتد حضارته إلى سبعة آلاف عام، واختار أسماء فرعونية لكل الكيانات التى أنشأها لينفذ من خلالها فلسفته التى تجمع بين إعادة زرع بذور الخير من خلال التلاميذ الصغار وتنمية المجتمع المحيط ورفع المستوى الصحى والثقافى والإنتاجى الحرفى، مع استبعاد كل أساليب الزراعة غير النظيفة، فلا شئ يذهب إلى الأرض إلا ما أخرجه الله من الأرض، وأطلق على الكيان الكبير الذى يخرج منه كل روافد الخير ذلك الاسم الذى اختاره القدماء رمزا لطاقة الشمس الجبارة التى تحمل الحياة والنشاط الى كل مخلوقات الأرض، فلا شئ هنا يحمل اسمه.. لا المزرعة.. ولا الشركات المتعددة ولا حتى جمعية التنمية الاجتماعية..أو الأكاديمية العلمية الفنية.. وبنك البذور.. وجمعية الزراعة النظيفة.. ومجموعة المدارس..ومركز التدريب المهنى..أو المركز الطبى الذى يستقبل الناس من القرى الخمس المحيطة بالمزرعة، لا شئ هنا يحمل اسم د. إبراهيم أبو العيش رغم أن كل شئ هنا من بنات أفكاره.. كل شبر هنا عليه بصمة وفكر وروح أبو العيش.
"ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله "، كلمات القرآن الكريم وحدها هى التى تحضرك وأنت تجتاز بوابة المزرعة مرورا بطرقات ظليلة، نظيفة، تصطف على جوانبها أنواع عديدة من الزهور والنباتات والشجيرات البستانية.. والنظافة تشع ضوءا باهرا فى كل مكان، رغم أننى لم أشاهد عاملا واحدا للنظافة، ولا حتى داخل المدرسة.

زيارة لمدرسة أبو العيش
جمال السيد ابراهيم المسئول عن قطاع التعليم يقول : نعم لا يوجد عندنا عمال للنظافة فالتلاميذ والأستاذ ينظفون الفصل فى نهاية اليوم الدراسى!! وأنا أيضا أنظف مكتبى بنفسى.
نتجول معا وسط مجموعة المدارس، كل شئ هنا بسيط جدا ورائع جدا، أطفال الحضانة.. بمجرد دخولك من الباب تلمح شيئا جديدا.. وزى الأطفال بألوان متعددة.. يشير جمال إبراهيم إلى الزى المعلق على شماعات متجاورة ويقول : فى بداية قدوم الطفل الى الحضانة نعرض عليه الزى بألوانه ونترك له فرصة اختيار اللون، ونصنف الأطفال حسب اختياراتهم، صاحب اللون الأحمر.. هذا طفل عنيف، يجب أن تتابعه المدرسة جيدا، الأصفر دليل على تقلب مزاج صاحبه نحاول معه ليكون أقل حده، الأزرق طفل حساس هو الشاكى الباكى الإنطوائى وهذا أيضا يحتاج رعاية خاصة، وندخل فصل الحضانة.. الساعة الواحدة ظهرا.. الفصل مظلم.. هذا وقت النوم.. فلطول اليوم على الكتاكيت الصغار يخصص لهم ساعة ونصف يوميا ليأخذوا قسطا من الراحة.. مراتب إسفنجية صغيرة فوق الحصير، وكل صغير يضع رأسه على وسادته الخاصة المشغول عليها اسمه بالخيوط الملونة وهناك فى الخلف تسريحة صغيرة عليها بعض الدمى والألوان تتأرجح هنا وهناك.. عالم ألف ليلة رغم بساطته الشديدة.. بعض الأطفال شعروا بنا..رفعوا رءوسهم.. ابتسامة جميلة.. ثم أخفى كل وجهه فى وسادته.. هنا نظام..
لأطفال حتى السابعة من عمرهم لا يمسكون قلما.. فالتربية هنا لها فلسفة مرحلية والسبع الأولى هو عالم الخير حيث تحيط الملائكة بالصغار.. ولذلك يحيطون الأطفال بالمناظر الجميلة.. ومفيش زمبلك.. مفيش بلاستيك.. هو يجب أن يصنع لعبته بنفسه.. يخلق بيديه.. وممنوع الورقة والقلم، يقول جمال إبراهيم : فى أوروبا وجدوا أن السرطان وأمراض خطيرة أخرى سببه أن أعضاء الطفل لم تأخذ فرصتها الكافية فى النمو، والمهم فى هذه المرحلة أن ننمى لدى الطفل الخيال من خلال الحدوتة والصور التى يبتكرها، وتظل مختزنة فى عقله حتى يكبر ويبرز ذلك فى مجال تخصصه.
كل شئ هنا مخطط له بدقة وكل مرحلة دراسية لها دورها فى حياة الطالب.. حتى اللعبة هنا مختلفة.. هنا يخرجون وفق برنامج زمنى، مرحلة مرحلة، من الفصل الى قاعة الطعام، ثم يذهبون إلى المسجد لصلاة الظهر لتدخل المرحلة التالية، المسجد مثل باقى مبانى المزرعة باللون الأبيض من الخارج ومن الداخل بلون السماء.. سقف مرفوع وأرض مفروشة بالسجاد المصنوع من صوف الأغنام الأبيض، فهنا لا تستخدم الألوان الصناعية.
التعليم هنا لا يقتصر على التلاميذ ولكنه يمتد إلى الأطفال المتسربين من التعليم،أطفال الزراعة أيضا لهم برامج حتى لا يفرطوا هم فى أولادهم..أما أجمل منظر تراه من شرفة المدرسة هى لحظة خروج التلاميذ، حيث تأخذ الدراجات الصغيرة طريقها بين طرقات المزرعة تحمل الملائكة إلى قراهم.. بذور الحياة الجميلة تدب وتقفز بلا صراخ بلا عويل.. بلا شجار.. سكينة وبهجة على الوجوه وسط بيئة من صنع فنان.

لماذا نظيفة..؟
فى مبنى أبيض صغير كان هناك مجموعة من المهندسين الزراعيين فى دورة تدريبية لتصنيع الكومبوست، المحاضر د. اندرياس جرونار أستاذ البيئة والهندسة الزراعية بجامعة ميونيخ.. والكمبوست كما يقول مهندس زراعى سمير إميل هو كومة من المخلفات الحيوانية والنباتية، توضع فى شكل تبادلى وتترك حتى تنضج وتصبح مثل البودرة، ونحن نستخدمه كبديل لتغذية النباتات،هذه ليست المرة الأولى التى يحاضر فيها خبير أجنبي أمام المهندسين الزراعيين فقد جلب د. ابو العيش من قبل عديدا من الأساتذة الأجانب من ألمانيا وبلجيكا لدراسة وضع البدائل الحيوية لمقاومة الآفات والزراعة بدون كيماويات او مبيدات.
وفى جانب آخر من المزرعة ألتقى بالدكتور أحمد حشيش مستشار وزير الزراعة والذى كانت له تجربة خاصة جدا جعلته من أكثر المؤمنين بأفكار د. إبراهيم أبو العيش الخاصة بالزراعة النظيفة.. يقول : أمتلك خمسة أفدنة فى مزرعة الملاك وحدث أن كنت أزرعها بالخيار، تعاقدت مع الجيش لبيعها لهم وجاءت إبنتى لزيارتى فى المزرعة وتناولت خيارة وبعدها أصيبت بحالة غريبة أدت إلى ثبوت رأسها على وضع عمودى على الجذع وشخصت الحالة حمى شوكية ودخلت مستشفى أبو الريش، ووضع على رأسها 36 إبرة لعمل بذل دون فائدة، وتم عمل تحاليل فى مستشفى القوات المسلحة، ولم يجدوا ميكروبا، ويومها حينما علم د.يوسف والى بذلك قال لى : انا سمعت عن ثلاث حالات مماثلة أبلغ الرئيس السادات، وفعلا أمرت السيدة جيهان السادات بسفر إبنتى إلى مركز بلندن، ولكن حدث أن جاءنى المزارع وقال إنها أخذت من الخيار بعد رشه بالمبيد؟ وعلمت إن المبيد الذى استخدمه جاء به من اسرائيل.. وهنا طلبت تحليل قياس سمية، ووجدوا الدم كله مسمم وعلى الفور طلبت منه اقتلاع الخيار كله وحرقه، ومنذ ذلك اليوم لا أستخدم مبيدات وعرفت كيف إننا مستخلفون فى الأرض.. أنا الآن أزرع زراعة نظيفة، إن جاءت بمكسب على رأسى من فوق وإن لم يحدث فعلى رأسى من فوق، الفدان ينتج 1. طن طماطم بدلا من 45 طن ولا أجد من يفهمه، ولكن ضميرى مرتاح، وعن تجربة د. ابو العيش يقول.. بدون مبيدات.. بدون كيماويات زرعنا نوعا من القمح الألمانى وكنا نظن أن البذرة لن تنبت، ولكنه أنتج، فهى نوع من الأقمحة عالية الإنتاج وداخل القشرة تعطى بذرتان معا، هناك أيضا صوبة بدون مبيدات وتنتج، والنبات هناك يسبح لا إله الا الله، زرعنا طماطم عنقودية للتصدير وريحانا أوراقه فى حجم نصف الكف، زرعنا قطنا يغزل وينسج ويصنع منه ملابس تصدير للخارج ويقبل عليه الناس المصابون بالحساسية من المبيدات.. جميع النباتات الطبية والعطرية بدون مبيدات ونحن نجحنا فى هذا المجال، على فكرة د. أبو العيش يعرف 2 مليون نبات طبى ويعرف استخداماتها.


حديث أبو العيش
سألت د. إبراهيم أبو العيش : لماذا نجحت وفشل الآخرون فى زراعة الصحراء وبعضهم شبان متحمسون جدا؟
يقول : غريبة.. الناس ليس لديها مقدرة على التمييز.. الدلتا تكونت خلال 5.. مليون سنة، خصوبة وحيوية، والصحراء الجرداء عمرها آلاف السنين من الرمال والزلط.. يعنى موت، كيف نقارن هذه بتلك؟ الصحراء بحاجة على الأقل الى 5. سنة حتى تتحول إلى أرض خصبة، ال 5.. مليون سنة أى الهدية الأولى من عند الله، الهدية الثانية أى رأس المال المستخدم فى إحياء الأرض الصحراوية لا يمكن أن يكون إلا هدية ممن لديه المال، من أين لمساكين الخريجين أن يقدموا هذه الأموال؟ الحل إما أن تقوم الدولة بذلك، أو بعض الذين يملكون فائضا من الأموال، أو الهيئات الدولية مثل البنك الدولى وغيره ليغيروا من هذه التربة وتصبح صالحة وخصبة.
ـ مارأيك فى استخدام الهندسة الوراثية فى الزراعة؟
يقول : فى الماضى قام العلماء بإضافة الكيماويات ألى التربة لكى يخرج نبات أفضل وقاموا بتوليد الطاقة من اليورانيوم والمواد المشعة واليوم بعد 1.. سنة عرفنا أنه لا يوجد كارثة أفظع من هذه الأهداف التى تبدو نبيلة، الهندسة الوراثية ستكون ضارة أكثر من المفاعلات النووية، التركيب الجينى للنبات لم يتم بالصدفة، تم بقدر الله ونحن نظن إننا نستطيع أن نحسن أو نخلق افضل مما خلق.. إنه كبرياء وغرور العلم الذى تظهر نتائجه بعد وقت طويل.
-سمعنا أن البعض أخذ عشرات الآلاف من الأفدنة فى توشكى هل فكرت أن تنقل أفكارك إلى هناك؟
-يقول: لن تكف الدولة عن تقديم مثل هذه العروض ولن نكف عن ردها شاكرين لأن من يستطيع لابد أن تكون لديه قدرة مالية هائلة لينفق حتى تخصب التربة ويحدث إحياء لهذه المناطق.. اتمنى للمشاركين فيها التوفيق.
-هل صحيح أنك صنعت بنكا للبذور المصرية؟
يقول : منذ بداية المزرعة قبل 35 سنة ونحن نجمع النباتات المصرية، ونسميها، ونحفظ البذور، ومنذ بضع سنوات أطلقت الأمم المتحدة نداء، واشتركنا فيه وسوف نعمل معهم فى جمع والحفاظ على النباتات فى الساحل الشمالى التى تندثر بسبب البناء على هذه الأراضى.
-هل بنك البذور ممكن أن يعيد الينا القطن طويلة التيلة؟
يقول : القطن طويل التيلة لو غزلناه بطريقة صحيحة يعطى حريرا، زمان كان عندنا البوبلين الشهير وغيره، حاليا نعمل منه أردأ أنواع الملابس لأن المكن استهلك، المشكلة الأكبر الآن أننا نستورد بذور القمح والذرة والأرز، والبذرة الأم التى عاشت معنا انقرضت وهذه كانت مقاومة جدا للحشرات وظروف الماء والتربة فى مصر، محصولها أقل إلا أن خبزها كان يعطينا من الحيوية أضعاف ما تعطيه الكمية الأكبر، كان فيها البركة، وهذه أيضا مؤامرة شيطانية، لأن تلك البذور عندما تنتج فالمحصول لا يصلح لإعادة زراعته لأن البذرة تفقد حيويتها.. هى منتجة لتحصل منها على بذور مرة واحدة ثم تشترى من جديد للعام التالى هذه التقاوى التى فقدت قدرتها على التكاثر.. التى فقدت جنينها، فقدت أيضا قدراتها على أن تمنحنا الحيوية، بالإضافة إلى أنها لا تنتج إلا لو استخدمت معها كميات هائلة من الكيماويات والمبيدات، وفى النهاية ذلك الآخر يقيدنى من رقبتى ولو لم يرسل إلى التقاوى نموت من الجوع.
-هل نجحت فعلا تجربة الزراعة الحيوية النظيفة؟
يقول : نعم وهناك نتائج جيدة سواء فى الصحراء أو وسط الدلتا، فالنبات له طريقته فى مقاومة الأمراض والآفات، فالنبات الذى تنمو جذوره فى الأرض لمسافات طويلة تجد أوراقه فوق سطح الأرض مقاومة للآفات، عكس النبات الذى يروى بالماء والمعادن قرب سطح الأرض فتكون أوراقه زرقاء وشكله قوى إلا أن كمية المياه العالية به تجعل مقاومته للآفات أقل، وتجعل رائحته تتغير فتأتى إليه آفات من المفروض أنها لا تعيش عليه، إذن من المهم جدا أن يحصل النبات على احتياجاته فقط من الماء، فى وسط الدلتا نزرع وكل ما فعلناه سياج من الأشجار والشجيرات حول الأرض التى نزرع عليها وهذه منطقة موبوءة والناس تستخدم حولنا المبيدات ونحن لا، المزارع هنا يهتم بالعمليات الحقلية والحشرات القادمة من الجوانب تعيش على الشجيرات، والحقل فى الداخل عالجناه حتى تنمو حشرات كثيرة تتعايش مع بعضها وتعيد التوازن الى البيئة.

ــــــــــــ
الجائزة التى حصل عليها د. إبراهيم أبو العيش قد صدر البيان الصحفى الخاص بها يوم 2 أكتوبر 2003فى ستوكهولم بالسويد و هو ينص على أن لجنة التحكيم الخاصة بجائزة نوبل قد اختارت د. إبراهيم ابو العيش لمنحه جائزة نوبل الجديدة للتنميةالحضرية لأعمال القرن الواحد والعشرين لجهوده فى التنميه المستدامة. وهذه الجائزة هى جزء من جائزة نوبل ولها نفس المحكمين ونفس الشروط ونفس قيمة الجائزة،وتمنحها نفس الهيئة العلمية، وقد سميت نوبل الجديدة لأنها استحد ثت بعد سنوات من بداية الجوائزالأخرى فى الطب والعلوم والسلام وذلك عندما تبرع " إكس كيورد"بقيمة الجائزة و أجور المحكمين.
وقد تم ترشيح ابو العيش عن طريق هيئة علمية ألمانية، و أقيم حفل تسلم الجائزة فى8 ديسمبر2003،وقد تبرع الدكتور أبو العيش بقيمة الجائزة لمصر وسلمها للسفير المصرى فى ألمانيا.
سبق ان حصل على هذه الجائزة العالم المصرى المرحوم حسن فتحى عن مشروعاته الخاصة بعمارة الفقراء منذ أكثر من30 عاما0