الرباط: منذ أن شددت إسبانيا إجاءاتها الأمنية على سواحلها الشمالية في إقليم غاليسيا على الخصوص (شمال الحدود مع البرتغال), تحولت طرق لكوكايين شيئا فشيئا إلى الجنوب قبل أن تصل في الشهور الأخيرة إلى المغرب.
ووجدت شبكات تهريب الكوكايين من أميركا الجنوبية إلى أوروبا في شمال المغرب منطقة مثالية لتخزين بضاعتها في انتظار عبوره إلى جنوب أوروبا خصوصا عبر مضيق جبل طارق حيث تحالفت مع عدد من شبكات تهريب الحشيش وأقامت معها في غالب الأحيان علاقات تسويق قائمة على المقايضة أو تبادل المصالح.
وتقول مصالح الأمن الإسبانية إن شبكات الكوكايين في أمريكا الجنوبية تقوم بتخزين بضاعتها في عدد من الدول قبل أن تقوم بتسريبها إلى الجنوب الإسباني،غير أن المغرب صار بالنسبة إلى هذه الشبكات المكان المثالي لتخزين بضاعتها نظرا لتوفر عدد من الشروط المواتية منها قربه إلى السواحل الأوروبية ووجود شبكات محلية تتاجر في أي شيء ومستعدة بدورها للتحالف مع الشيطان من أجل تنمية مواردها.
وأكثر ما راق شبكات الكوكايين في أمريكا الجنوبية هو وجود طريق معبدة عبر مضيق جبل طارق حيث استعملت الأساليب نفسها لتجار الحشيش الذين وضعوا خبرتهم رهن إشارة هذه الشبكات وصار الكوكايين يقطع مسافة 14 كلم الفاصلة بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا على ظهر قوارب خشبية أو زوارق مطاطية سريعة, وفي حالات أخرى في خزائن مموهة على ظهر بواخر للسلع أو شاحنات النقل الدولي التي تتنقل باستمرار على ظهر البواخر بين المغرب وإسبانيا.


غير أن المهربين المغاربة والإسبان الذين صنعوا لأنفسهم ثروات طائلة من تجارة وتهريب الحشيش ارتكبوا خطأ فادحا بتحالفهم مع شبكات الكوكايين في جنوب أمريكا. فهم كانوا ينعمون بأمان نسبي في عملهم ويخوضون حربا شبيهة بلعبة " استغماية" مع أجهزة الأمن المغربية والإسبانية،لكنهم في غالب الأحيان ينجحون في تمرير بضاعتهم إلى جنوب أوروبا ليتم توزيعها بعد ذلك في باقي البلدان الأوروبية. كما أن تجارتهم في الحشيش، الذي تقول مصادر طبية إن القليل منه يمكن أن ينفع لعلاج بعض الأمراض والكثير منه لا يسبب الكثير من الأضرار، جعلتهم لا يتعرضون لمقاومة جدية من جانب الحكومات وهو ما جعل شهيتهم للمال تفتح أكثر عبر تعاقدهم مع شبكات الكوكايين الأميركية، وبالتالي جعل عيون الحكومات تفتح أكثر على أنشطتهم التي صارت تكبر يوما بعد الآخر وتغزو ما تبقى من أسواق.
وفي الاسبوع الماضي فكك الأمن الإسباني شبكة لتهريب الكوكايين من شمال المغرب إلى الجنوب الإسباني وألقى القبض على عدد من المتورطين في منطقة الكوستا ديل سول (جنوب إسبانيا) بينهم إسبان ومغاربة وكولومبيون, وفي الوقت نفسه تقريبا ألقي القبض في المغرب على أشخاص بعضهم أفراد أمن في ميناء طنجة ذكر أنهم متورطون في تهريب الكوكايين.
وعلى الرغم من عدم ثبوت العلاقة بين هذه الاعتقالات، إلا أن مصادر الأمن في مختلف البلدان الأوروبية صارت تتخوف من تحول شمال المغرب, الذي تزرع فيه حوالي 200 ألف هكتار من الحشيش, إلى معقل لشبكات الكوكايين الكولومبية التي تستفيد من الخبرة الطويلة للمغاربة والإسبان في مجال تهريب الحشيش, وبالتالي تحول المنطقة إلى قاعدة رئيسية لتزيد الأسواق الأوروبية، وحتى الآسيوية بالمسحوق الأبيض.