طالبو لجوء عراقيون: السويد لم تعد كريمة!!

نزار عسكر من ستوكهولم: لا شيء يشغل بال غالبية العراقيين في السويد، ( الجالية العراقية في السويد من أكبر الجاليات العربية ) أكثر من أوضاع

وزيرة المهجرين والمهاجرين العراقية
تتحدث الى لاجئين عراقيين في السويد
لادهم المتأزمة، وأخبار الإقامات التي شحت، وما عادت السويد فيها كريمة كما كانت مع العراقيين طيلة عقدي الثمانينات والتسعينات!!
واينما تجدهم، سواء في المدرسة او الأندية التي ينتمون لها، تراهم يتبادلون أخبار حصول هذا على رفض، وذاك على رفض ثاني، ويتناقشون في الخيارات الممكنة وما عليهم فعله!
وطفت قضية اللاجين العراقيين الى سطح الأحدث السويدية هذه الأيام بعد النداء الذي أطلقه مجلس الكنائس السويدي، تحت عنوان "نداء عيد الفصح" الذي دعا فيه الى اصدار عفو عام لطالبي اللجوء في السويد الذين رفضت طلباتهم، منهم عشرات الاف من اللاجئين العرب، أكثريتهم الساحقة من العراق!
ومنذ سقوط نظام صدام حسين، توقفت السويد في منح اللاجئين العراقيين الأقامات، إلا في حالات فردية نادرة جدا!
وبسبب من ذلك كله، ونتيجة الضغوط النفسية الشديدة التي يولدها الوضع المتدهور في العراق،
يسود الغضب أوساط أكثر من 6500 لاجيء عراقي في السويد، معظمهم وصلوا البلاد قبل أنهيارالنظام السابق في العراق، في 9 نيسان ( أبريل ) عام 2003، بسبب رفض دائرة الهجرة السويدية منحهم الأقامة في السويد، الأمر الذي يحرمهم من الأستقرار في هذه الدولة الأسكندنافية التي تحتضن مئات الالاف من العراقيين المقيمين فيها منذ أيام الحكم السابق!
وترددت معلومات في أوساط الجالية العراقية، أفادت بان المئات من اللاجئين الذين رفضت طلباتهم، ومضى على وجودهم في السويد سنوات طويلة، يتهيأون خلال الأسابيع القليلة القادمة، القيام بمسيرات أحتجاج، وتنظيم أعتصامات في ستوكهولم، للمطالبة بحل مشكلتهم، ومنحهم الأقامة، مستندين في ذلك الى أستمرار تردي الأوضاع الأمنية في العراق على رغم مرور حوالي سنتين على سقوط النظام في بغداد!
هذا الموقف السويدي الذي يثير أستغراب وأنتقاد الكثير من مراقبي حقوق الأنسان، والمنظمات الأنسانية الدولية، لم " يزعزع " قناعات وقرارات دائرة الهجرة والحكومة السويدية التي جاء أسطع مؤشر على مضيها وتمسكها في هذا النهج عندما أنتقدت وزيرة الهجرة السويدية، باربرو هولمبرج، قرار أسبانيا تسوية أوضاع مئات الألأف من اللاجئين على أراضيها، واصفة ذلك بأنه لايحل مشكلة الهجرة جذريا!!
وكمؤشر أخر على " تغير " سياسة الهجرة السويدية، هو ما طفى على سطح الأحداث السياسية في السويد قبل أيام ونال أهتمام الصحافة! حيث ينتظر عشرون طفلا لجأؤا الى السويد وهم يعانون من حالة انطواء مرضية، ينتظرون ان تقوم مصلحة الهجرة بترحيلهم الى بلدانهم، بعد ان رفض البرلمان السويدي منحهم امكانية البقاء في السويد.
ونقل القسم العربي في الإذاعة السويدية الرسمية عن رئيس الاطباء ( يوران بوديغورد ) تحذيره من خطأ أخلاقي تركتبه السويد بعدم منح اطفال مرضى امكانية البقاء في البلاد.
مشيرا الى ان هذه هي المرة الاولى التي يحدث فيها أن " ثمة اشخاص يعاملون على اساس مبادئ سياسية وليس وفق حالاتهم الحقيقية".
وأعتبارا من الأول من آذار ( مارس ) الجاري، قررت الحكومة السويدية قطع مساعدة السكن عن كل اللاجئين البالغة 350 كرونة سويدية، بعد ان كانت قبل سنة خفضت من 500 كرونة الى 350 كرونة. ( الدولار الأمريكي يعادل الآن حوالي 7 كرونات سويدية ).
وسط هذه الأجواء، تتفاعل مأساة الأف اللاجئين العراقيين الذين يعيشون قلقا شديدا، ووضعا نفسيا صعبا للغاية، لأبتعادهم عن عوائلهم منذ سنوات، وصرفهم كل مدخراتهم من أجل الوصول الى السويد!
ويتابع اللاجئون العرقيون في السويد بقلق كبير، تطورات الأوضاع الأمنية المتدهورة في بلادهم، ينتابهم قلق شديد على عوائلهم وأقاربهم من التفجيرات وحوادث العنف الدموية التي أصبحت ظاهرة مألوفة في حياتهم اليومية. ويزيد من قلقهم وعدم استقرارهم غموض مصير ومستقبل عوائلهم التي تجزأت أكثريتها بين من بقي في العراق ينتظر لم شمل العائلة، ومن وجد نفسه تحت رحمة دائرة الهجرة السويدية التي أعلنت مرارا أن كرمها بات له حدوداً أسمنتية.
وأنتشرت بين الكثير من هؤلاء اللاجئين أمراض نفسية، بسبب طول فترة الانتظار، وتفاقم الأوضاع الأمنية في العراق، وتضاؤل الآمال إلى حد كبير في الحصول على أقامة في السويد، بعد سقوط النظام في بغداد العام الماضي.


كيف تعالج السويد قضايا العراقيين الان؟

كانت السويد في عهد النظام السابق تمنح الأقامة الى كل عراقي يصلها تقريبا دون أي تعقيد. أنطلاقا من وجود نظام دكتاتوري حاكم في البلاد. حتى ان الكثير من السوريين والفلسطينيين والأيرانيين ومن دول عربية أخرى، حصلوا على إقامات في هذا البلد، لزعمهم أنهم عراقيون، ولتقديمهم وثائق عراقية مزورة!
ويتادول الكثير من اللاجئين بتندر القصص الملفقة التي كانوا يرونها للمحققين، ويأخذون على أساسها الأقامة! حتى إن الكثير من المحققين أنفسهم كانوا يعلمون حق المعرفة إن الكثير من هذه القصص مختلقة وغير موجودة، لكن دائرة الهجرة السويدية وبقرار من الحكومة كانت تقدر أنتهاكات حقوق الأنسان الفظيعة التي كان النظام السابق يمارسها ضد شعبه. فلم تتوانى في الموافقة على بقاء العراقيين في السويد، ومنحهم الأقامات.
لكن دائرة الهجرة السويدية قررت شهر آذار (مارس) من العام 2003، وبعد أيام قليلة من بدء الحرب علي العراق، تجميد منح العراقيين الاقامات، انتظارا لما ستسفر عنه الأوضاع. واستمر هذا القرار حتى الان. لكنها أعلنت إنها ستمنح العراقيين الاقامات لكن بشروط مشددة جدا وفي حالات خاصة فقط.
في 13 تموز (يوليو) 2004، أعلنت الصحف السويدية، إن الحكومة قررت منح دائرة الهجرة منحة مالية تقدر بعشرين مليون كرون سويدي، للإسراع في البت بقضايا عدة آلاف من اللاجئين العراقيين، يصل عددهم إلى حوالي 6500 لاجئ، ما زالوا ينتظرون الحصول على حق الإقامة.
وقررت الحكومة السويدية، تحت ضغط الراي العام ومنظمات حقوق الأنسان، أن يتم الإسراع في حسم قضايا العراقيين، خاصة وان الكثيرين منهم ينتظرون منذ أكثر من ثلاث سنوات، للحصول على نتيجة. وطلبت الحكومة من دائرة الهجرة أن يتم ذلك في شهري آب (اغسطس) وأيلول (سبتمبر) الماضيين. لكن أتضح أن الأغلبية الساحقة من القرارات التي أتخذتها، كانت رفض طلبات اللجوء!!
وكانت دائرة الهجرة السويدية، أعلنت في شهر نيسان ( أبريل ) من العام الماضي، قرارا قوبل بانتقاد شديد من قبل اللاجئين العراقيين ومنظماتهم ومنظمات حقوق الإنسان، نص على التشدد في منح الاقامات للعراقيين، بعد أن زال السبب الرئيس الذي كانت بسببه تمنح السويد العراقيين اللجوء، وهو سقوط نظام صدام حسين، بحسب المسؤولين في هذه الدائرة.
وادعت دائرة الهجرة، في قرارها ان العنف في العراق هو بالدرجة الأساسية موجه ضد الأمريكيين والمتعاونين معهم، وليس ضد العامة العراقيين، لذلك فأنها تعتقد ان الأوضاع الحالية برغم خطورتها، فأنها لا تستهدف العائدين إلى بلدهم ممن رفضت السويد طلبات لجوئهم. الأمر الذي أثار حفيظة اللاجئين وأعربوا عن استيائهم الشديد من هذا القرار، على أعتبار ان الأغلبية الساحقة من ضحايا العنف في العراق هم من المدنيين الأبرياء وليس من القوات المتعددة الجنسيات!!
قبل نهاية السنة الماضية بعد أن أشتد العنف في العراق، سربت دائرة الهجرة السويدية الى الصحافة جزءا من خططها بشأن اللاجئين العراقيين.
فقد ذكرت القناة الرسمية للتلفزيون السويدي الثلاثاء 2/11/2004 نقلا عن جريدة سيد سفينسكاSydsvesnksa Dagbladet خبرا مفاده ان دائرة الهجرة السويدية قد تمنح ما بين 2000 الى 2670 لاجيء عراقي موجود حاليا في السويد الاقامة.فأنتعشت آمال الكثيرين!
مسؤولة الخدمة الصحفية في مصلحة الهجرة السويدية (ماريا اندرسون)، صرحت عقب ذلك تقول: " لم نتخذ حتى هذه اللحظة قرارا بمنح الأقامة لللاجئين العراقيين بشكل جماعي، إلا أننا وحسب ما جاء في خطتنا للعام ( 2005 ) " قد " نمنح لأكثر من الفي لاجىء عراقي الأقامة في السويد، بحسب توصيات وتقديرات لجنة الأجانب في الحكومة السويدية".
وذكرت انه بحسب الخطة الجديدة، فان الذين لهم حظ أوفر في الحصول على الأقامة هم:
- النساء اللواتي لهن قضايا تتعلق بما يسمى " قضايا الشرف".
- الأطفال والعوائل التي لها اطفال.
- المسيحيون العراقيون ( والأقليات الأخرى )، وهذا لايعني أننا سنمنح الأقامة لأي مسيحي طالب اللجوء من العراق، بل ستتم دراسة كل ملف على حدة.
- المهددين من قبل العشائر والقبائل القوية.
- المصابين بالأمراض الخطيرة.
وأكدت ان عدد اللاجئين العراقيين الذين لااقامات لهم حتى شهر تشرين الثاني ( نوفمبر ) من العام 2004 هو ( 6308 ) لاجىء، منهم ( 2318 ) لم يحصلوا على قرار حتى الأن، أما البقية فيتوزعون بين من له رفض وينتظر نتيجة الأستئناف لدى لجنة الأجانب، ومن تم البت في قضيتهم من قبل لجنة الأجانب ايضا بالرفض.
لكن دائرة الهجرة السويدية، سرعان ما تراجعت عن خططها الجديدة، وأعلنت ان تقديراتها فسرت بشكل خاطيء، وانها ليست بصدد منح هذا العدد الأقامة!! الأمر الذي ضاعف من حنق اللاجئين العراقيين، وزاد شعورهم بالغضب، مما وصفوه بـ " تخبط دائرة الهجرة وتلاعبها بمصير ومشاعر هذا العدد من اللاجئين"!!


انتقادات وضغوط على دائرة الهجرة السويدية

المنظمة الدولية للاجئين التابعة للامم المتحدة وجهت في 26 آب ( أغسطس ) من العام المنصرم، انتقادا شديدا للطريقة التي تعامل بها دائرة الهجرة السويدية طالبي اللجوء العراقيين حيث تقوم الدائرة بتخفيض المساعدة المالية المخصصة للاجئين للعراقيين الذين يرفضون طوعا العودة الى العراق، وقالت المنظمة الدولية ان الامر يمكن تصنيفه في خانة الابتزاز.
وقال ( ماتس نوبرغ ) مدير الاعلام في مكتب المنظمة الدولية في سكندينافيا "ان الابتزاز الذي تمارسة ادارة الهجرة يتناقض مع القواعد المعمول بها دوليا ونحن نرفض ان يتم الضغط على اللاجئين بوسائل مختلفة لحملهم على العودة الى العراق".
هناك اكثر من 6500 عراقي في السويد ينتظرون قرار السلطات بالبقاء او الرحيل، وملفات هؤلاء تم الابطاء في معالجتها بعد اعلان انتهاء الحرب الاميركية على العراق رسميا في نيسان -ابريل العام الماضي،
وذكرت ( انا فيسيل ) من ادارة الهجرة للإذاعة السويدية، ان السبب الاساسي للرفض هو أن معظم العراقيين طلبوا اللجوء هربا من بطش صدام، وان وصدام لم يعد موجودا ولذلك ليس هناك من سبب رسمي لعدم العودة"
وعن سؤال حول معاقبة غير المتعاونين من اللاجئين باقتطاع اجزاء من المساعدة المالية تقول انا فيسيل: " اذا وجدنا ان طالب اللجوء يمكنه العودة الى العراق لكنه يرفض ذلك فان هناك امكانية باقتطاع الراتب اليومي وقد فعلنا ذلك في بعض الحالات القليلة".
وفي وقت سابق من العام الماضي، جددت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة الى الأمم المتحدة، أنتقاداتها الى الحكومة السويدية، لتأخرها في البت بقضايا اللاجئين العراقيين، والضغط عليهم بطرق غير مباشرة لحملهم على العودة الى العراق!
وذكر الناطق بأسم المفوضية في جنيف ان الأوضاع الحالية في العراق، والعنف الذي يوجهه المسلحون ضد المدنيينن كافي لمنح ضحاياه اللجوء في السويد على رغم زوال نظام صدام حسين.
الكنائس السويدية الحرة هي الأخرى دخلت حملة الضغوط على الحكومة، وطالبت بمنح اللاجئين المسيحيين العراقيين الأقامة فورا!
فقد نشرت إحدى كبريات الصحف السويدية، وهي( Svenska Dagbladet ) في 19/10/2004، مقالا موقعا من قيل ثلاثة من رؤساء الكنائس الحرة في السويد، حول حملة القمع والاضطهاد التي يتعرض لها المسيحيون في العراق، على يد الجماعات الأصولية الإسلامية. طالبوا فيه منح الأقامات إلى اللاجئين المسيحيين العراقيين، ودعم القوى البناءة في العراق بغض النظر عن الدين، من أجل عراق ديمقراطي.
وقع على النداء كل من : GORAN ZETTERGREN رئيس الكنيسة التبشيرية، LENNARTH HAMBRE رئيس الكنيسة الانجيلية، و GUNNAR HEDIN رئيس كنيسة العنصر.
كما أطلق مجلس الكنائس السويدي، بدعم من المجلس الاسلامي في السويد، هذا الأسبوع، "نداء عيد الفصح" دعا فيه الى اصدار عفو عام لطالبي اللجوء في السويد الذين رفضت طلباتهم و مطاليب اخرى، منها تغيير شروط اللجوء..
ومن المقرر أن تنطلق الحملة يوم 13 اذار ( مارس ) و سوف يتم فيها جمع التواقيع في كافة ارجاء السويد و تستمر الى الاول من ايار.
ستبدأ حملة ( نداء الفصح ) بقداس في الكنيسة الكبيرة في ستوكهولم Stor Kyrkan الساعة الساسة عصرا من يوم الاحد 13 اذار ( مارس ).
و سيتخلل القداس كلمات عديدة منها كلمات رئيس اسائقفة الكنيسة السويدية - كو.جي هامر، و موتيكا - مطران الكنيسة الارثذوكسية الصربية، و يوران زيترغرين- احد قياديي الكنيسة التبشيرية السويدية، و المحافظ ماتس سفيكفورس، و المطرانة كارولين كروب.
و ستنطلق بعد القداس مباشرة مسيرة الشموع من الكنيسة الكبيرة الى مينت تورغيت و سيفتح المجال امام الصحافة لمقابلة القادة الكنسيين.

موقف الحكومة العراقية

الحكومة العراقية المنشغلة بتوفير الأمن لشعبها، ومواجهة الأوضاع الأمنية الخطيرة، عبرت في أكثر من مناسبة، عن رفضها قيام دول اللجوء بطرد العراقيين أو أجبارهم على العودة الى العراق، او الضغط عليهم.
وزيرة شؤون المهجرين والمهاجرين العراقية السيد باسكال أيشو كانت واضحة في التعبير عن هذا الموقف في الزيارة التي قامت بها الى السويد، بدعوة من الحكومة السويدية في أيلول ( سبتمبر ) من العام الماضي.
وأوضحت الوزيرة ان موقف الحكومة العراقية هو الطلب من السلطات السويدية والدول التي يوجد فيها العراقيون التريث في أعادتهم، وعدم أجبارهم على العودة، وقالت انها ستطالب وزيرتي الهجرة والخارجية السويديتين بأحترام حقوق كل اللاجئين العراقيين دون استثناء.
كما تحدثت الوزيرة عن مشاريع مستقبلية لاعادة تأهيل من يرغب بالعودة الى العراق. وكانت الوزيرة تحدثت عن سقف زمني لإعادة العراقيين المرفوضة طلباتهم، حددته بسنتين! لكن الكثير من اللاجئين الذي التقتهم عبروا عن رفضهم لذلك وطالبوا السيدة الوزيرة، دعوة الحكومة السويدية الى حل مشكلة اللاجئين العراقيين حلا جذريا من خلال منحهم الأقامات الدائمية.


إيلاف بين اللاجئين العراقيين

في مدينة يوتوبوري ( جنوب ) التقت " إيلاف " اللاجيء العراقي محمد عبد الرحمن ( 45 ) عاما، اب لطفلين، وصل السويد مع عائلته قبل سقوط النظام في العراق بشهرين،، بعد أن أمضى سنوات طويلة من عمره في حروب العراق مع جيرانه، أصيب خلالها بجروح عدة مرات، فقد في إحداها ساقه اليمنى.
يقول محمد : " كنت أسكن منطقة النعيرية، ببغداد الجديدة، وكان لي محل صغير أرتزق منه، لكن مضايقات اجهزة النظام الأمنية لي، واشتباهها بعلاقتي مع " المعارضة " كون اخي يعمل معها، دفعتني الى التخفي فترة طويلة في منطقة أخرى من بغداد، بعدها سرعان ما بعت بيتي وكل ما املك وسافرت الى الأردن مع عائلتي، ومن الأردن توجهت الى مدينة أستنبول التركية، فبقيت فيها شهرين سافرت بعدها في شاحنة تهريب الى اليونان، مقابل مبالغ طائلة دفعتها الى المهربين، ومن اليونان دفعت مبلغ اخر حتى وصلت الى السويد".
يضيف محمد : " منذ ذلك اليوم وانا لم أشعر بطعم الراحة حتى هنا، فبعد ان بعت كل ما نملك على أمل بناء حياة جديدة هنا، رفضت دائرة الهجرة منحي اللجوء مع عائلتي، على أعتبار ان الحرب انتهت وسقط النظام، فهل بربكم يعقل أن اعود من جديد الى البلد صفر اليدين؟ أين أسكن؟ ماذا اعمل؟
محمد عبد الرحمن يعيش الان في معسكر لاجئين ( كمب ) مع عائلته، لان القانون السويدي يمنع غير المقيم من تأجير شقة. وحتى لو سمح فلا يستطيع لاجيء غير مقيم من تسديد إيجارها وهو لايعمل او يتقاضى مساعدات سكن!
أما أميل جورج (34 ) عاما يقول الى " إيلاف ": " وصلت السويد أيام الحرب الأخيرة، وانا متزوج ولي طفلتان في العراق، كنت أعيش على أمل ان التقي بهم مجددا بعد ان تركتهم هربا من الأوضاع في العراق وطمعا في الحصول على حياة آمنة".
يضيف : " لكن كل آمالي تبددت بسبب عناد دائرة الهجرة السويدية التي رفضت منحي الأقامة".
يعيش أميل حالة قلق نفسي وتوتر كبيرين، يقول:" انا أمام مفترق طرق، لا اعلم مالذي علي فعله. السويديين جعلونا رغم طيبتهم كبش فداء لسياستهم الجديدة تجاه الهجرة واللجوء!! لا أعلم لماذا لايعلنون صراحة موقفهم ويقولون للعالم انهم لايريدون مهاجرين بعد الآن؟ عليهم حل مشكلتنا وعدم جعلنا ضحية لذلك"!
نسرين سركوت علي ( 28 ) عاما وصلت السويد قبل نحو سنتين، تسكن حاليا مع عائلة شقيقها، رُفض طلبها هي الأخرى، وبقت بعيدة عن زوجها في مدينة كركوك، تنتظر دون جدوى الحصول على الأقامة كي تستطيع لم شمله من جديد.
تقول نسرين: " دائرة الهجرة السويدية أبلغتني ان الأوضاع مستقرة في كركوك، ويمكنك العودة الى هناك بدل من الأنتظار، وانا أخشى ان تتدهور الأوضاع من جديد في المدينة، خصوصا ان زوجي يعمل حارسا لأحدى المنظمات الأجنبية هناك، وأخشى على حياته كثيرا"

ماذ بقي من آمال؟

لم يبقى أمام الاف اللاجئين العراقيين في السويد ممن رفضت طلباتهم، إلا انتظار صدور قرار عام من الحكومة السويدية، ينهي مشكلتهم جماعيا، إستجابة للنداءات المتكررة من قبل المنظمات الدولية والكنائس السويدية والعديد من الأحزاب والراي العام. ويتوقع بعض المراقيبن ان تضطر السويد في الأخير الى اصدار قرار شامل ينهي مشكلة كل اللاجئين في البلاد وليس العراقيين وحدهم، قبل إعلان تغير في سياسة الهجرة واللجوء. حيث يتوقع كثيرون ان تتشدد السويد حالها حال دول الأتحاد الأوروبي، في منح الأقامات في عالم متغير، عالم مابعد 11 أيلول!!

[email protected]