نازحون أفارقة ينقلون المرض بحرًا وبرًا
الإيدز يقتحم السعودية من بوابة جازان

نور السعد، جازان: يأتي اعلان وزارة الصحة السعودية عن فتح مركز رابع لعلاج مرض الإيدز في منطقة جازان، إلى جانب المراكز الاخرى الموجودة بالفعل في الرياض وجدة والدمام، ليثير العديد من علامات إلاستفهام، فألاهتمام بجازان من قبل وزارة الصحة مستغرب اساسا، لأن المنطقة لا يوجد فيها مستشفى للنساء والولادة، فكيف يتم إنشاء مركز لعلاج الإيدز؟ لكن يبدو ان الوضع خطير الى درجة لا يمكن السكوت عنها، وطالما ان وزارة الصحة السعودية تخفي الحقائق والأرقام، فأن الإيدز سوف يصيب الكثير من ابناء الوطن، فواضح انه اليوم يعيش بيننا، وأن هناك من يخطط للإيقاع بالشباب السعودي، فيما نحن نتقاعس عن التوعية السليمة، مصدقين ان شبابنا لا يمكن ان ينجروا الى هذا الخطأ القاتل، في حين انهم في الحقيقة أكثر الشباب ركضا خلف الإغراءات بأنواعها المختلفة.

ويأتي إنشاء المركز بجازان ضمن الإستراتيجية القومية في المملكة العربية السعودية لمكافحة مرض الإيدز والفيروس المسبب له، ما يعني إن المملكة لا تقف بمنأى عن المخاطر التي يمثلها الإيدز على مستوى العالم. وقد خصصت وزارة الصحة ستة ملايين دولار لشراء الدواء اللازم لمرضى الإيدز في السعودية.

النظرة لمرضى الإيدز في السعودية تغيرت
وكانت أول حالة إيدز في السعودية قد سجلت عام 1984. وأعلنت وزارة الصحة اخيرا أن حالات الإيدز المسجلة بلغت أكثر من 7808 حالة بينها 1743 لمرضى سعوديي الجنسية، فيما بلغ عدد المتوفين من المصابين السعوديين 588 شخصا، أما عدد السعوديين المصابين الذين لا يزالون على قيد الحياة والمتعايشين مع المرض فيبلغ 1155 مصابا.

وتشير الاحصائيات الرسمية الى أن معظم الإصابات ناتجة عن ما وصفته بالعلاقات غير الشرعية. وطبقا لوزارة الصحة السعودية فإن مدينة جدة هي الأعلى في معدل الإصابات حيث تبلغ 41% من مجموع الإصابات. وتوزعت الإصابات على عدد من المدن بينها الرياض 16% والدمام 12% ومكة المكرمة 6% والطائف 5% والاحساء 4% والمدينة المنورة 2% والباحة وابها وجازان 3%.

وترى الجهات المعنية أن الوسيلة الرئيسية لانتقال المرض هي العلاقات غير الشرعية (45%) وبواسطة نقل الدم (20%) وأسباب غير محددة (27%) وبواسطة انتقال المرض من الأم الى الجنين (6%) وعن طريق المخدرات (2%). وتنحصر أغلب الإصابات بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15-49 سنة، وتبلغ نسبة الإصابة بين الذكور 77% والإناث 23%.

ورغم انه من الطبيعي أن تحظى الرياض وجدة والدمام بأفتتاح مراكز لعلاج الايدز فيها،كونها تشكل المناطق الرئيسسة والمركزية بالمملكة، فأن منطقة جازان تعتبر من المناطق الحدودية غير الهامة مقارنة بالمناطق الثلاث المذكورة من جوانب عديدة. كما ان أحصائيات وزارة الصحة لعدد المصابين بمرض الأيدز في منطقة جازان لا تزيد عن 3% تشاركها فيها الباحة وأبها. لكن خطورة منطقة جازان ليس في عدد المصابين فيها بل من موقعها الجغرافي بجوار القرن الأفريقي وبعض دول أفريقيا التي تعتبر أكثر دول العالم أصابه بمرض الإيدز. وتعج منطقة جازان بالأفارقة النازحين المقيمين بطريقة غير شرعية مما يعنى عدم مرورهم بالإجراءات النظامية الصحية التي يتم خلالها عادة كشف المصابين بالمرض. وتقول الارقام الرسمية ان 22% من غير السعوديين المصابين بمرض الإيدز يتم اكتشافهم غالبا أثناء فحص نزلاء السجون و22% للاشتباه بإصابتهم بالمرض و19% عند الفحص لتجديد الإقامة و10.5% عند الفحص لاستخراج الإقامة. وبذلك تزداد خطورة النازحين الأفارقة بمنطقة جازان لعدم إمكانية اكتشاف أصابتهم بمرض الإيدز.ويدخل القادمون من افريقيا الى السعودية اما عن طريق البحر، وهذه طريقة غير شائعة، او عبر الحدود اليمنية السعودية، مستغلين الظروف الجغرافية المعقدة التي تسهل مرورهم رغم الحواجز الأمنية المكثفة.

الفحص الطبي .. الطريقة
الأفضل لاكتشاف المرض
وكما هو حاصل في السعودية، فأن اليمن لم تسلم من انتشار مرض الإيدز فيها بشكل مخيف، وهو ما يثير الخوف عند السعوديين ايضا، نظرا لسهولة عبور الحدود بين البلدين. وتبدو حياة القادمين إلى الأراضي اليمنية من الأفارقة النازحين صعبة جداً لأسباب عديدة أهمها الفقر والحروب الأهلية، خاصة أن العديد من الفارين من جحيم الحياة بالدول الأفريقية التي تعاني من مرض الإيدز يأتون محملين بآمال كبيرة بأمكانية العثور على فرص عمل في اليمن أو في السعودية خاصة بمنطقة جازان. ويعتبر ذلك بمثابة جواز سفر إجباري لتجاوز الأفارقة المصابين بمرض الأيدز للأراضي اليمنية تجاه الأراضي السعودية ومحطتهم الأولى منطقة جازان. والمفارقة أنه في الوقت الذي يلجأ فيه الأفارقة إلى اليمن للحصول على فرصة عمل، يفر الآلاف من اليمنيين إلى الأراضي السعودية بحثاً أيضاً عن فرص اخرى..

وتبذل السلطات اليمنية جهودا جبارة لمكافحة هذة الظاهرة الخطيرة من قبل الأفارقة النازحين، فتحتجز المئات منهم في مخيمات إيواء في اليمن مثل مخيم خرز في لحج ومخيم جحين في أبين بالقرب من مدينة عدن. وينجح البعض من هؤلاء في التسلل إلى المدن اليمنية المختلفة بحثاً عن عمل، لكن السلطات اليمنية تعمل على ترحيلهم إذا ما ألقت القبض عليهم، فيما تتشدد كثيراً ضد النازحين القادمين من بقية الدول الإفريقية مثل إثيوبيا وإريتريا خشية انتقال مرض الإيدز الذي بدأ ينتشر في اليمن بعد موجات النزوح من هذين البلدين في بداية التسعينيات.

ومن المؤكد أن العديد من الأفارقة المقيمين في اليمن انخرطوا في الحياة الاجتماعية هناك بطرق عديدة ألامر الذي سهل احتمالات أنتقال مرض الأيدز للمواطنين اليمنين. ومن البديهي أن أنتشار مرض الإيدز في اليمن لا يعني انها ستتجرع معاناته بمفردها، بل لا بد أن تعاني ايضا دول الجوار كالسعودية، وعبر بوابة منطقة جازان تحديدا. ولعل ذلك ما دفع وزارة الصحة السعودية الى فتح مركز لعلاج مرض الإيدز بجازان كي تكون قادرة على الحد من أنتشار المرض بالسعودية بداية من البوابات الحدودية قبل وصوله للمناطق الأخرى.

وربما حان الوقت للعودة مرة أخرى لكشف تفاصيل أكثر دقة حول أنتشار مرض الإيدز باليمن.فوفقاً لتقرير رسمي نشرته وكالات الأنباء الرسمية، فقد حذرت السلطات اليمنية من من احتمالات زيادة نسبة ‏المواطنين اليمنيين المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز) ما لم تسارع الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من انتشاره.

ويؤكد القرير الذي يحمل عنوان "الوضع الوبائي للإيدز في الجمهورية اليمنية" أن حالات الإصابات بالإيدز التي تم اكتشافها في اليمن وصلت حتى نهاية عام 2000 إلى 805 ‏‏حالة وأن حجم الإصابات لا يمثل في الواقع الوضع الحقيقي لمدى انتشار المرض بسبب غياب جهاز للرصد الوبائي وعدم تسجيل العديد من الحالات ‏لحاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز) بطريقة صحيحة ومعتمدة..

ويضيف التقرير أن نقص تغطية الخدمات الصحية وصعوبة وصول المرضى إلى المستشفيات وعدم ‏ ‏وصول البلاغات من المستشفيات والمختبرات الخاصة يؤدي إلى إخفاق الحالات المكتشفة ‏ ‏في التعبير عن الواقع الحقيقي.‏ وألقى التقرير الذي أصدره "البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز" باللائمة على ‏اللاجئين الإفريقيين في اليمن الذين يصل عددهم إلى حوالي 120 ألف شخص.‏ ‏ وقال: "إن العديد منهم مصاب بالفيروس وإنهم يتحركون في أوساط السكان المحليين ‏بحرية دون قيود"، مشيرا إلى أن الفقر يشكل عاملا مهما إذ يتركز الاهتمام على تلبية ‏الاحتياجات المعيشية ويضعف الاهتمام بالوقاية من المرض.‏

وأكد التقرير ضرورة إخضاع العمليات الطبية الجراحية إلى الرقابة الصحية المشددة ‏ ‏وتوفير خدمات الرعاية والفحص الطوعي والدعم النفسي لمرض الإيدز.‏ وشدد على ضرورة التزام الدولة بخطط للمواجهة المبكرة والسريعة للمرض ومشاركة ‏كل قطاعات الدولة والقطاع الخاص في هذا المسعى.‏ كما طالب الهيئات الدولية والدول التي تقدم مساعدات مادية وفنية إلى اليمن ‏بتقديم العون في هذا المجال والإسهام في إجراء دراسات دقيقة للوضع الحقيقي لمرض الإيدز في اليمن.‏

ولعل من الأمور الخطيرة جداً التي كشفها أستشاري بمشتشفى الملك فهد بجازان هو الدكتور محمد الحازمي خلال جلسة أمير منطقة جازان الأسبوعية حول الأثار السلبية للعمالة الوافدة، أنه تم أكتشاف العديد من العاملات والخادمات الأفريقيات بالمنازل المصابات بمرض الإيدز، مشيرا الى ان عادات وتقاليد هؤلاء الخادمات تسمح لهن بممارسة العلاقات الجنسية الغير الشرعية ما يؤدي بالتالي الى نقل مرض الإيدز لأبناء هذه الأسر، وذلك وفقاً لاعترافات العديد من المصابين بالإيدز بالمنطقة للجهات المعنية.

أما الطريقة الأخرى التي أصبحت تشكل هاجسا خطيرا على المنطقة فهي تردد الشباب السعودي المستمر على مدينة عدن اليمنية حيث تنتشر الملاهي الليلية التي يسمح فيها بالممارسات الجنسية لغير شرعية خاصة أن أغلب العاملات من الجنسيات الإفريقية المصابة بمرض الإيدز.

وتنشرالصحافة اليمنية بين فترة وأخرى الكثير عن عمليات القبض على مصابات الإيدز، بينها موضوع نشر قبل 9 أشهر عن القاء القبض على راقصة عراقية مصابة بالايدز تعمل في أحدى الملاهي الليلية بعدن. واعترفت اثناء التحقيق بأنها نقلت المرض لعشرات الشباب السعوديين واليمنيين.

ويشاع أن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قام قبل حرب الخليج بتصديرعشرات الراقصات العراقيات المصابات بالإيدز للعمل في الملاهي الليلية بعدن لملاحقة الشباب السعودي ونقل المرض اليهم. ويبدو ان هذه المهمة قد نجحت الى حد كبير استنادا الى الارقام المخيفة حول عدد الاصابات في السعودية. ولا شك ان وزارة الصحة السعودية حاولت أن تتستر على هذه الارقام طيلة السنوات الماضية. ومع تفاقم الأزمة لجأت لافتتاح مركز لعلاج الإيدز بجازان هو الرابع على مستوى المملكة.وربما هناك أسرار وخفايا لا نعلمها، لكن نشتم رائحة كارثة صحية في السعودية لا بد من التحرك سريعا لمواجهتها.ولعل البداية تكون برفع درجة الوعي بين الناس لمنع تفشى مرض الإيدز بشرط أن تتجرأ وزارة الصحة السعودية وتعلن الحقيقة بالأرقام الوضع الحقيقي.