أكدوا حرصهم على ما يجمعهم بالملك عبد الله من أجل السلام
مساعدو أوباما لـ quot;إيلافquot;: quot;علاقاتنا مع الرياض مميزةquot;

أفشين مولافي من واشنطن: على الرغم مما راج مؤخرًا بأن العلاقات السعودية الأميركية سوف تمر بمرحلة شتاء طويل بعد تولي الديمقراطيين شؤون الحكم في واشنطن قال مسؤولون في الحكومة الأميركية في تصريح خاص لـ quot;إيلافquot;، إن بلادهم تولي إهتمامًا خاصًا بعلاقتها مع الرياض الأمر الذي ستتضح ملامحه خلال الأشهر القليلة المقبلة. وقد أكد أبرز مساعدي أوباما خلال حديث لهم مع quot;إيلافquot; في واشنطن على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين خصوصًا أن quot; قيادة الملك عبد الله تعد من الأمور الأساسية من أجل عملية السلام والإستقرار في الشرق الأوسطquot; على حد تعبيرهم.

وتخوف محللون من أن ولاية بوش قد تسببت في انتهاء مقولة quot;العلاقات المميزةquot; التي طالما جمعت الرياض مع واشنطن منذ أكثر من ستين عامًا بسبب تفاوت وجهات النظر في ما يتعلق بقرار غزو العراق وحل جيشه وطريقة تعاطي الحكومة الأميركية مع عملية السلام في المنطقة.

بيد أن هذا الوصف ليس دقيقًا حتى هذه اللحظة، فالأخبار الواردة من البيت الأبيض تقول العكس، إذ إن للبلدين عدة مصالح مشتركة أبرزها دورهما في مكافحة الإرهاب ودعم العملية الديمقراطية في العراق، طالما أن الاحتلال أصبح واقعًا لا مفر منه، والضغط من أجل إرساء السلام في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن الديمقراطيين قد فتحوا منذ عدة أشهر قناة سرية مع الرياض لإرسال إشارات التطمين إليها من أن العلاقات في حال فوز أوباما لن تتغير، يشير محللون إلى أن العلاقات بالتأكيد لن تشهد تراجعًا لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن تعود إلى سابق عهدها قبيل أحداث سبتمبر.

في المقابل صدر كتاب جديد الأسبوع الفائت يتحدث عن نهاية العلاقات quot;المميزةquot; بين بلدين وصفت الروابط بينهما بالمتانة وتلافي وجهات النظر في عدد كبير من القضايا الأمر الذي جعل علاقتهما ترتقي على مر السنوات لتصل إلى ما يمكن أن يوصف بأنه quot;علاقة خاصة quot;. يقول دافيد أوتوواي من صحيفة واشنطن بوست الاميركية في كتابه الجديد quot; رسول الملك: الامير بندر بن سلطان وعلاقة الولايات المتحدة المتشابكة مع السعودية quot;ان العلاقة المميزة بين البلدين قد انتهت بالفعلquot; .

ويركز الكتاب الجديد الذي تم اصداره الاسبوع الفائت على شخصية وتصرفات وافعال الامير بندر الذي يعد اقدم سفير اجنبي يتم تعيينه لدى الولايات المتحدة. وعليه فقد قاس الكاتب العلاقات بين الدولتين بناء على حميمية او برودة العلاقات بين بندر والبيت الابيض.

يقول اوتوواي في احد الفصول المعنون بـ quot;فقط قل لاquot; ان العلاقات بدأت تصل الى خواتمها على ما يبدو عقب احداث الحادي عشر من أيلول. في تلك الفترة، وفق الكاتب، بدأت السعودية تعارض القرارات الاميركية في مناسبات عدة ما ترك اثره البالغ على quot;العلاقات الخاصة quot;بينهما. فالسعودية قالت كلمتها الرافضة بوجه الولايات المتحدة حول القواعد الاميركية في المملكة ..quot;لا للمزيدquot;. وقالت الـquot; لاquot; في ما يتعلق بحرب العراق.

ويؤكد الكاتب ان الملك عبد الله بن عبد العزيز ابلغ نائب الرئيس ديك تشيني- خلال الفترة التي سبقت حرب العراق- بضرورة التوقف عن نشر الشائعات التي تروج انه يؤيد الحرب ..quot;لا الاجابة هي لا. قلت لا في السعودية واقول لا الان وسوف اقول لا غدا .لا اؤيد حربا على العراقquot; رسالة حاسمة حملها الملك لتشيني في ما يتعلق بحرب العراق حينها.

وجاءت quot;لا quot; سعودية اخرى لمواجهة التنقيب الاميركي عن الغاز عام 2003 على الرغم من ان المملكة قدمت ما يشبه الدعوة الى اميركا للاستكشاف عام 1998. وحول المبادرة الاميركية للشرق الاوسط جاءت الـquot;لا quot;السعودية حاسمة أيضا. وفي ما يتعلق بهذه النقطة يقول الكاتب إن وزير النفط علي النعيمي لم يكن فقط من اشد المعارضين لفتح المجال امام شركة اميركية للتنقيب عن الغاز ، بل نجح في كسب تأييد كبار الشخصيات السعودية المؤثرة وانهاك الرؤساء التنفيذيين الاميركيين الذين تم تكليفهم حينها بالتفاوض معه ..وفي نهاية المطاف ضفرت شركات بريطانية وروسية وصينية بالعقود.

ويرد اوتوواي سبب انتهاء حقبة العلاقة الخاصة بين البلدين الى فقدان السعودية _كما يزعم الكتاب_ القوة على تحديد سعر النفط وتغير ديناميكية سوق النفط بشكل كبير. وعليه فإن اميركا شعرت بانها فقدت قوتها الضاغطة خصوصًا وان زيادة السعودية لانتاج النفط حينها لم يؤدِّ الى خفض الاسعار بسهولة. وعليه قامت أميركا بخفض استيرادها للنفط من السعودية والاعتماد اكثر على النفط الفنزويلي والكندي والمكسيكي.

وتحت عنوان quot;البحث عن حلفاء جديدquot; يقول اوتوواي ان الصين دخلت على خط العلاقات المتصدع بين السعودية واميركا لتتحول الى اهم حليف استراتيجي للمملكة . يستخدم الكاتب quot;شرخ quot;ما بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر للحديث عن علاقات وان تمت مداواتها لكنها لا يمكنها العودة الى ما كانت عليه، من هنا وانطلاقا من التهديدات القادمة من ايران وثقت السعودية علاقاتها بباكستان. واستنادًا إلى العلاقة المتينة الجديدة بين الرياض وباكستان يفترض الكاتب ان هذه الاخيرة على الارجح تمد السعودية بغطاء نووي.

ويسترجع الكاتب نوبة الغضب التي اعترت الملك عبد الله وهزت البيت الابيض حين قام بوش بوصف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون عام 2001 بـ quot;رجل سلامquot;. ووفقًا لما جاء في الكتاب، سلم ولي العهد عبد الله خطابًا مكونًا من 25 صفحة للرئيس بوش من خلال الأمير بندر، وهو الخطاب الذي قال فيه quot; ستذهب في طريقك وسأذهب أنا في طريقيquot;. رسالة نشرت حالة من الذعر في واشنطن ما دفع الرئيس بوش الى الرد بخطاب اكد فيه إيمانه بتأسيس دولة فلسطينية.

كما كان مخططًا ان يقوم وزير الخارجية الأميركي آنذاك quot;كولين باولquot; بإلقاء خطاب عن فلسطين يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، ليتم تأجيله لمدة شهرين كما ان بوش حينها كان يعالج موضوعات اكثر إلحاحا بالنسبة إليه من الدول الفلسطينية . وأكد الكتاب أن تكريس الملك عبد الله جهوده وطاقاته لخدمة القضية الفلسطينية تسببت في مواقف عدة quot;غير مريحة quot; في العلاقة بين الدولتين .

وعلى الرغم من الخلافات تلك بقي الطرفان جبهة واحدة في الحرب ضد القاعدة .ومع ذلك، يقول اوتوواي فان quot;الملك عبد الله لا يزال عازمًا على إعادة تعريف العلاقة من منظور سعودي يجعل بلاده أكثر استقلالية عن واشنطن ان من حيث الشكل و الجوهر.quot; وهكذا بعد مرور خمسة وستين عاما بدأت السعودية بالخروج عن اطار اعتمادها الكبير على الولايات المتحدة.

قلة من السعوديين تعرف واشنطن كما يعرفها بندر. ففي ذروة العلاقات بين البلدين، وتحديدا في الفترة الممتدة ما بين 1976 و 1992 ، كان الأمير بندر الذي لم يكن سفيرًا معتمدًا حينها يتردد كثيرًا على البيت .

تمكن الأمير بندر من كسب ثقة ابرز سياسيي اميركا وخصوصًا الرؤساء، كما كان زائرا دائما للبيت البيضاوي وشريكًا منتظمًا في الحرب الاميركية الباردة المناهضة للشيوعية من ايطاليا الى أفغانستان. لا بل إنه كان مقربًا لدرجة جعلت بعضهم يطلقون عليه اسم quot;بندر بوشquot;.

أرست العلاقات الشخصية التي تربط بندر بالرؤساء، إضافة إلى الثقة التي اكتسبها من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ، نوعًا جديدًا من العلاقات الدبلوماسية الشخصية التي انتقلت بانسيابية بشكل مباشر من الملك إلى الرئيس. وكما يشير أوتوواي فإن معظم السفراء الأميركيين لدى السعودية quot; خارج الدائرة quot; وان هذه العلاقة الخاصة ابقت عددًا كبيرًا من المسؤولين الأميركيين البارزين في الظلام. لكن هذه الانسيابية تعرقلت ودخلت العلاقة الأميركية- السعودية في quot; حوار استراتيجيquot; بعد أن كانت quot;علاقة خاصةquot;.