فهد سعود: أكثر ما شدني في شخصية الصحافي اللبناني غسان التويني، حين شاهدته للمرة الأولى، في ندوة الحوار التي نظمتها إيلاف معه، بحضور رئيس تحريرها عثمان العمير، هي quot;إرادة الحياةquot; التي كانت تشع من عينيه على الرغم من سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين عامًا.

وكم كانت دهشتي كبيرة، وأنا استمع إليه وهو يتحدث عن مسيرته الإعلامية، وعن مواقف مرّت في حياته، وعن حزنه المهيب، الذي جعلنا -في بعض الأحيان- غير قادرين على رسم أي كلمة في حضوره.

كان غسان التويني، طوال الجلسة التي امتدت لساعات عدّة، يهطل علينا كالمطر، ليسقينا من ذاكرته المعتقة، ومن تجارب حياته المثيرة، في مهنة لا تعرف النوم ولا التثاؤب، كما هي حال التويني، الذي بدا وكأنه ورث هذه الصفات من الصحافة، على الرغم من أسئلة فريق إيلاف التي انهالت عليه لتكشف لنا مواطن الجمال في شخصية هذا الصحافي الكبير.

شخص مثل غسان التويني، يمكن أن يُصنف من الصحافيين القلائل الذين خلصوا للمهنة، التي يراها بعضهم مهنة المتاعب، ويراها بعضهم الآخر مهنة المحترفين، وأظن أن التويني ممن يعتبرونها مهنةً للمحترفين، والدليل أنه صنع لنفسه اسمًا سيبقى خالدًا في ذاكرة الإعلام العربي، ربما العالمي، لوقت طويل.

لست أبالغ هنا، ولا أتحدث من قبيل المجاملة، ولكن quot;التوينيquot; كان مدهشًا بحق، ويستحق أن نكتب عنه وله، وأن نُكرّمه في حياته، وليس بعد أن تصعد روحه للسماء العلى، لنقول جميعًا بصوت واحد. سلامًا عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيًا.

أخيرًا، أشكر عثمان العمير الذي جمعنا بهذا الرجل، في تلك الأمسية الجميلة، التي كان فيها قائدًا لفرقة الأوركسترا الإيلافية، التي عزفت على أنغام حياة حافلة؛ لرجل عاصر عدة أجيال.. وكان دومًا نجمًا لامعًا في كل جيل.