كشف عن مساعٍ يقوم بها لتفعيل دور منظمة التحرير بداية العام الجاري
القدومي لـ quot;إيلافquot;: لا أستبعد سقوط بعض الحكومات في حال إنتصار حماس

* عباس في موقف لا يُحسد عليه.
* الدمّ اليهودي تحرّك في ساركوزي فوقف إلى جانب إسرائيل.
* الزعماء العرب أولى من أردوغان بمواقفه تجاه الحرب على غزة.

حاوره إسماعيل دبارة من تونس: بالنبرة الحادة ذاتها والمتمسكة بالمقاومة كمنهج لتحرير الأراضي الفلسطينية، تحدّث فاروق القدومي (أبو اللطف) رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وزير خارجية دولة فلسطين لـ quot;إيلافquot; عن الوضع في غزّة والسيناريوهات المحتملة ما بعد نهاية الهجوم الإسرائيليّ. القدومي الذي استقبل مراسل quot;إيلافquot; في مكتبه في تونس العاصمة لم يستبعد سقوط بعض الحكومات العربية في حال انتصار حركة حماس في الحرب الدائرة حاليًا في قطاع غزة، قائلاً إنّ quot; بعض التطورات ستأخذ مكانها في الوطن العربي في حال انتصار المقاومة في غزةquot;، معتبرًا أن الزعامات العربية quot;غير قادرة على استقطاب التحركات والمطالب الشعبية لنصرة القطاعquot;. وهاجم القدومي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إثر زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط واعتبره حليفًا لإسرائيل في عدوانها، وهاجم السياسات الغربية عمومًا التي quot; وجب الحذر منها لأنها كاذبةquot;. كما حيّا في الوقت ذاته مواقف كلّ من أمين عام حزب الله حسن نصر الله ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على مواقفهما تجاه غزة.

وفي ما يلي نصّ الحوار:

س: لنبدأ بالمواقف الدولية تجاه ما يحدث في غزة وآخرها زيارة الرئيس ساركوزي إلى المنطقة والتي وصفها بعضهم بـquot;الفاشلة بسبب انحيازه إلى إسرائيلquot;، وفي المقابل صرّح رئيس الوزراء التركي بمواقف أكثر حسمًا وفاعلية ،هل أنتم راضون عن ردود الأفعال الدولية لما يجري في غزة؟

ج: في الحقيقة من خلال التجربة الطويلة التي مررنا بها مع الدول الغربية، نرى أن هنالك فروقات بين الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا وهي دول معادية بمواقفها الرسمية، وطامعة في الثروات العربية، وفي الوقت ذاته الولايات المتحدة هي المشكلة الكبرى بالنسبة إلى العرب، وبما أنها الدولة الكبرى فهي تعتدي على الأمة العربيّة وتنهب ثرواتها خصوصًا ثروة النفط بالعراق وهي التي تسببت في وجود إسرائيل على أرض فلسطين المغتصبة بالتعاون مع كلّ من بريطانيا وفرنسا.

وبالتالي لا ثقة لنا بتغيّر هذه السياسة تجاهنا، ساركوزي تحرّك فيه الدّم اليهودي فوقف إلى جانب إسرائيل في جرائمها، سياسات كاذبة وجب الحذر منها. بالنسبة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان فنحن نستغلّ المناسبة لنحييه ونحيّي الرئيس التركي والبرلمان التركي و الشعب التركي على هذه المواقف الأخوية من الشعب الفلسطيني ، و إدانة اردوغان بوضوح وصراحة لهذه الهجمة المجرمة على الشعب الفلسطيني مذكرًا اليهود بأن الدولة العثمانية حمتهم في الماضي وهولأمر مُستحسن من قبلنا، ولذلك هو يعيب على إسرائيل وجيشها المعتدي لما يقوم بهمن هذه الهجمة المسعورة ضدّ أخوتهم الفلسطينيين في غزة.

س: هل تعوّلون كثيرًا على الموقف التركي ؟

ج: أقول هنا ، ليسمع جميع العرب أنّ الموقف التركيّ الذي أعلنه الرئيس أردوغان كان أولى بالعرب ورؤساهم أن يعلنوا مثله حتى لا يصيبنا العار، تحية لتركيا حكومة وشعبًا وبرلمانًا، ولعلّ العرب سيأخذون الدروس من تركيا التي نسيت كلّ علاقة لها بحلف الناتو وإسرائيل وصرحت بموقف بطوليّ وإنسانيّ دون تردّد أو خجل.


س: داخليًّا، كيف تقيمون موقف الرئيس محمود عباس لما يجري إلى حدّ الآن؟

ج: الأخوة في السلطة الفلسطينية في موقف لا يحسدون عليه لأنهم أدركوا اليوم أنّ إسرائيل لا تريد سلامًا وهجومها على قطاع غزة تهدف من خلاله احتلال الضفة والقطاع وتمديد مستوطناتها في كلّ الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك الأراضي السورية في الجولان. لقد أدرك أخوتنا أنّ الوحدة الوطنية باتت ضرورة قصوى اليوم وقد دعوا إلى هذه الوحدة ولعلهم في الأيام المقبلة يؤكدون حقّ الشعب الفلسطيني في استمرار مقاومته.


س: الحديث عن وحدة داخلية والدعوات إلى اجتماعات ومباحثات لتوحيد الصف في هذا الوقت بالذات، ألا تبدو مستغربة والمنطق يقول إن الوحدة في وجه أيّ اعتداء إسرائيلي على فلسطين أمر بديهيّ؟

ج: الوحدة الوطنية لن تكون إلا من خلال تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وهي القضية الملحة الآن، وقد استمعت لإخوتي في كلّ الفصائل الفلسطينية وعبروا لي عن رغبتهم الأكيدة واستعدادهم الفوري لتفعيل منظمة التحرير، وأنا كأمين سرّ اللجنة المركزية لفتح أضمّ صوتي وأتضامن مع كل الأخوة لتفعيل المنظمة في بداية هذا العام ، فهي الشرعية العربية والدولية وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكلّ فصائله وقواه الوطنية المستقلة.

س: لماذا لا نرى تحركًا مقاومًا في الضفة الغربية في ما يشبه الانتفاضة الثانية؟

ج: ركّزت إسرائيل على الضفة الغربية فغرزت مئات الحواجز وأوفدت آلاف الجنود للقيام بغارات يومية على المدن و القرى الفلسطينية و أخضعت الدخول و الخروج لمراقبة مشدّدة وقامت بحملة مسعورة لاغتيال الجاهدين و المناضلين و تدمير منازلهم و اعتقال المئات منهم و الزج بهم في السجون حتى وصل عدد الأسرى إلى أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني ، كما ركزت على توسيع الاستيطان و جرف الأراضي و اقتلاع الأشجار المثمرة، أما في غزة فقد خرجت تحت ضغط المقاومين البواسل ودمرت مستوطناتها الواحدة و العشرين.
تلك المعطيات تدلّ على أنّ إسرائيل تسعى لضمّ الضفة إليها ، وهنالك مؤامرة لذا وجب على شعبنا في الضفة التحرّك لإجهاض محاولات إسرائيل احتلال الضفة على غرار ما يحدث في غزة المقاومة.

س: هل من تأثير لمنظمة التحرير في تحريك عرب 48؟

ج: أخوتنا الفلسطينيون داخل الأرض المحتلة قديمًا خصوصًا في الجليل يقومون بواجباتهم وعندما انتفضت المقاومة الفلسطينية بدؤوا في المطالبة بحقوقهم الوطنية كفلسطينيين داخل الاحتلال الإسرائيليّ وبصفتهم مواطنين أصليين يعيشون على هذه الأرض المحتلة وهم الذين يدعمون أبناء شعبهم في الضفة والقطاع سياسيًا.

س: هل ترون تلاحمًا بين فصائل المقاومة في غزة؟

ج: لقد دعونا إلى ضرورة تلاحم الفصائل الفلسطينية كافة، ونحن نلاحظ الآن تلك المقاومة الشرسة والتطوّر السريع لمواقف المواطنين في الضفة الغربية وإدانتهم للعدوان الإسرائيليّ، ومطالبتهم للمسؤولين اتخاذ مواقف وطنية في دعم المقاومة ومحاربة الاحتلال.

س: كيف تقيمون موقف حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله من أحداث غزة ؟

ج: كلّ ما يمكن قوله هنا أننا نحيّ القائد المناضل لحزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله لمواقفه السياسية ونضاله اليوميّ ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وهو يستحقّ منا كلّ شكر وتقدير لمثل تلك المواقف التي لا تصدر عن غيره خصوصًا من الزعماء العرب.

س: لماذا برأيك لم يتحرك الشارع المصري خصوصًا والعربي عمومًا كما كان متوقعًا ؟

ج: لا أبدًا، الشارع العربي تحرّك في مصر والمغرب وسوريا والأردن وفي كل الدول العربية وفي عدد كبير من أنحاء العالم.

س: وهل كان تحركًا كافيًا برأيكم ؟

ج: كان من المفترض أن تستقطب الزعامات العربية هذا التحرك، وتحقق من خلال مطالب الشعوب العربية على الأقل إدانة قوية وشديدة للعدوان وتتخذ بعد ذلك إجراءات ليدلوا على مواقفهم العربية تجاه الأزمة، فشعب فلسطين يقاوم ليس فقط من أجل تحرير فلسطين بل من أجل وقف هذه الهجمة الصهيونية حتى لا تمتدّ إلى الأراضي العربية الأخرى، وقد حاولت إسرائيل في السابق الامتداد إلى الجنوب اللبناني فقام حزب الله البطل بكسر أرجل الجنود الغزاة ودحرهم إلى داخل الأرض المحتلة.
ولا شكّ أنّ سوريا لن يطول صبرها كثيرًا على احتلال الجولان فقد جربت كلّ الحلول السلمية التي تضمن الحقوق الوطنية والقومية لكنّ إسرائيل غدرت بكلّ تلك النوايا السلمية.

س: يرى بعض المتابعين أن خسارة quot;حماسquot; في هذه الحرب تحديدًا يعني نعيًا تامًا لفلسطين وللقضية، ما تعليقكم ؟

ج: لا أبالغ إن قلت إنّ الطفل الفلسطيني يردّد في سنواته الأولى كلمات وطنية و يشتم إسرائيل التي تحتلّ أرضه، ما الذي نتوقعه من أطفال يشاهدون الصغار والكبار عبر شاشات الفضائيات يموتون تحت القصف الهمجيّ. أقول إنّ الشعب الفلسطيني لن يموت وقضيته لن تموت وفيه نساء مناضلات أمسكن بالحجر عندما قامت ثورة الحجارة وقدن الانتفاضة وهنّ يعلمن أطفالهنّ معنى حقّ العودة للفلسطينيين المشردين. هذا سلوك الأمهات والآباء ولن تتمكن إسرائيل من أن تُنسي الشعب الفلسطيني حقوقه في العودة و القدس و اللاجئين.

س: في حال انتصرت حماس في هذه الحرب ، هل تتوقع ان تسقُط بعض الحكومات العربية ؟

ج: كلّ شيء وارد وجائز، وأودّ أن أروي أمثلة من التاريخ وأذكّر بما حدث بعد نكبة 1948 فقد قامت انقلابات عديدة في القطر السوريّ ثم ثورة مصر العظيمة بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، ولذلك يمكنني أن أؤكّد بأن بعض التطورات ستأخذ مكانها في الوطن العربي في حال انتصار المقاومة في غزة ونحن متأكدون من انتصارها.

س: ما هي سيناريوهات نهاية الحرب الحالية برأيكم؟

ج: ربما تطول لسنوات ولكنّ ملامح الانحطاط ستبدو جلية على الكيان الإسرائيليّ ، فهو محاصر بدول عربية وبالبحر من جهة الغرب وبالمقاومة الفلسطينية في قلب الأراضي المحتلة وبمظاهر البغض والكراهية الذي تبديه الشعوب العربية والإسلامية والقوى المحبة للسلام في الدول الغربية. انهيار الاقتصاد الأميركي وانقباض قدرة الولايات المتحدة على التحكم والعبث بالأمن والسلام في المنطقة وسيطرتها على الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفضل بروز دول كبرى تعيق وتمنع أميركا وإسرائيل من غطرستهما ومحاولة قيامهما بالأفعال الإرهابية والعدوانية والتسلطية، ونضيف إلى كلّ ذلك أنّ الحدث المهم سيكون نموّ المقاومة الفلسطينية والعربية و تعرّض الأنظمة العربيّة إلى عثرات منتظرة.

س: واضح للجميع اليوم أن في فلسطين مشروعين يبدوان شديدي التناقض، الأول مشروع المقاومة والكفاح المسلح والثاني مشروع المفاوضات والسلام، أيهما أثبت جدواه برأيكم ؟ وهل في الأفق مشروع ثالث يمزج بين الاثنين في إطار متكامل ومدروس؟

ج: مرّت المنطقة العربية خلال القرن الماضي بأحداث واضطرابات وحروب كانت أطولها حروب الخليج التي انتهت باحتلال العراق وتدمير ثرواته وجيشه ومؤسساته، واليوم سيغيب عن هذه المنطقة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي عبث بمقدرات بلدان عدّة ثمّ إن النهوض الاقتصادي في دول شرقية كالصين والهند وروسيا دليل على نهاية النفوذ الأميركي وخاصة أنّ حلف الناتو بدأ يتداعى بسبب الأزمة العالمية التي تمرّ بها الدول الغربية. ونحن اليوم نبشرّ بزوال قواعد أميركا البشرية والعسكرية خلال عامين من الآن، فإننا نؤكد أن خيار المقاومة هو الخيار الأنجح في سبيل تحرر أراضينا المحتلة. وليتأكد الجميع أنّ التغيير والمقاومة هما أهمّ المظاهر التي ستتجلى خلال السنوات القادمة مقابل انحدار الإرهاب الأميركي.