ايلاف ديجيتال- نضال وتد: منذ إطلاق الحرب على غزة، وإعلان زعماء الأحزاب الإسرائيلية أنهم يعلقون حملاتهم الإنتخابية، وتأثيرات الحرب والعمليات على نتائج ومدى شعبية زعماء الأحزاب، تتوالى باستمرار، أو هكذا على الأقل يستدل من الاستطلاعات الأخيرة للرأي العام في إسرائيل.

ومع أن براك هو الرابح الأكبر، في المرحلة الحالية، حيث أشارت إستطلاعات نهاية الأسبوع الماضي إلى استمرار ارتفاع شعبيته والتي انعكست في ارتفاع قوة حزب العمل من 12 مقعدًا، قبل الحرب إلى 17 مقعدًا، وفق استطلاعات الصحف الأخيرة في الأسبوع الماضي، إلا أن المحللين السياسيين في إسرائيل يعتبرون أن العبرة هي في نهاية المعركة وليس الآن.

وفي هذا السياق اعتبر المحلل في معاريف، عوفير شيلح أن إيهود براك يدرك quot; مدى هشاشية الشعبية التي يحظى بها حاليا، وحقيقة الخطر المتربص بهذه الشعبية في حال انقلبت الموازينquot;. وبحسب شيلح فإن استمرار العمليات العسكرية، وغوص إسرائيل في عمق القطاع مع ما قد يرافق ذلك من تكبيد إسرائيل خسائر بشرية، سواء من الجنود أو المدنيين، فإن الاتجاه العام قد يتغير، وقد يجد براك نفسه أسيرا أو مهزوما من الحرب التي شنها.

ومع أن براك يواصل التصعيد من لهجته العسكرية إلا أن الصحف الإسرائيلية، تسرب باستمرار تصريحات تنسب لبراك داخل اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، تكون عادة مدعومة بموقف مشابه يتخذه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، والتي ترى بضرورة التوجه نحو تسوية سياسية وهدنة بدلاً من مواصلة التقدم في القطاع، وفي هذا السياق فإن براك يدرك أن الغوص في رمال غزة قد يحرق المقاعد الأخيرة التي فاز بها منذ بدء المعارك والحرب الأخيرة على غزة.

وفي هذا السياق، ولعل ما قد يعزز هذه النزعة، هو استمرار تأكيد الصحافيين والمحللين والمراقبين على ضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بحسم موقفها إما لجهة التوغل أكثر فأكثر، وإما لجهة الخيار الدبلوماسي، خصوصًا أن quot;رصيد إسرائيلquot; آخذ في النفاذ، وإذا كانت الولايات المتحدة قد إمتنعت هذه المرة عن التصويت على قرار مجلس الأمن، فإن موقفها قد يكون مغايرًا إذا استمرت العمليات الإسرائيلية quot;دون أن تحقق نتائج مغايرة، ودون أن تضمن صورة لانتصار إسرائيليquot;.

ليفني الخاسرة الأكيدة

ومقابل التأرجح بين الربح والخسارة في حالة براك، فإن موقف تسيبي ليفني هو الأضعف من بين المتنافسين الثلاثة على رئاسة الوزراء؛ براك، ليفني ونتنياهو. وتشير كافة الدلائل، وأهمها الاستطلاعات للرأي العام أن حزب كديما، ومنذ انطلاق الحرب على لبنان آخذ في فقدان شعبيته ومقاعده، وتراجع يوم الأربعاء الماضي لغاية 25 مقعدًا، بعد أن كان قد تمكن عشية الحرب من التعادل مع الليكود، وبعد أن كان حصل في الاستطلاعات التي سبقت الحرب على 30 مقعدًا.

وفي سياق ليفني فقد أشارت الصحف إلى أن ليفني (التي كانت القوة الرئيسة المحركة لخيار المزيد من القوة تجاه حماس، والتي كانت محركًا رئيسًا في رفض مبادرة برنار كوشنير الأسبوع الماضي، في محاولة منها للتأكيد على حزمها عند ساعة الامتحان)، هي الخاسر الأول خصوصًا بعد أن فشلت الدبلوماسية الإسرائيلية في إحباط قرار مجلس الأمن الدولي، وهو ما اعتبر إخفاقًا لليفني. على ذلك فإن حزب كديما يترنح حاليًا بين قيادة أولمرت الحالية (وفق القانون) باعتباره رئيس حكومة انتقالية، والذي يماطل في الحسم لجهة الخيار العسكري، وكان ميالا لقبول توصيات الجيش في الأسبوع الماضي بهدنة لأغراض إنسانية، وبين قيادة ليفني التي تظهر تشددا كما أسلفنا لكنها أخفقت في ميدانها الخاص المتعلق بصورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي.

نتنياهو الرابح الأكبر

لا شك أن زعيم الليكود، بينيامين نتنياهو، سيخرج المنتصر الأكبر، ربما لكونه في المعارضة الرابح الأكبر من الحرب على غزة، مهما كانت نتائجها. فنتنياهو الذي استطاع خلال الأشهر الأخيرة أن يعيد بناء الليكود، وتوحيد صفوفه وقيادته من حزب يملك حاليا 12 مقعدا على حزب تشير كافة الاستطلاعات أن سيحصد ما لا يقل عن ثلاثين مقعدا.

فمع إطلاق الهجوم الإسرائيلي على غزة، رفض نتنياهو أن يهاجم حكومة أولمرت على خلفية الحرب، رغم أنه أشار مرة واحدة إلى أن تحذيراته السابقة من مسألة الهدنة، صدقت وهو أمر يأسف له إلا أنه استطاع أن يرسم صورة الزعيم المعارض المسؤول، وفي هذا السياق، انخرط نتنياهو في الدعاية الإسرائيلية مستغلا رصيده الدولي وتجربته الطويلة في مجلس الأمن الدولي (عندما كان سفيرا لإسرائيل هناك) وشبكة علاقاته الواسعة مع الإعلام الأجنبي، مع إصراره على عدم توجيه إي انتقاد لحكومة أولمرت أو لأداء براك في هذا السياق قبل أن تنتهي المعارك وتتضح الصورة.

ويترك نتنياهو، وبمنتهى الذكاء مهمة مهاجمة أداء ليفني وأولمرت، دون براك حيث يعتبره نتنياهو مرشحا لشراكة في الائتلاف القادم، لزملائه في الحزب مما يعزز من صورة المعارض المسؤول الذي لا يستغل الوضع الساخن لتصفية حسابات مع الحكومة التي يطمح بأن يرثها. فعلى سبيل المثال حمل رئيس كتلة الليكود في الكنيست، غدعون ساعر، على ما أسماه بالفشل الذريع لحكومة أولمرت، وتحديدًا لوزيرة الخارجية تسيبي ليفني، في توقع تمرير قرار مجلس الأمن، ووصف ساعر هذا القرار وامتناع الولايات المتحدة الأميركية بأنه مؤشر على فشل جهاز الدعاية الإسرائيلي والذي تتولى ليفني المسؤولية عنه بصفتها وزيرة الخارجية، وخصوصًا بسبب إحجام ليفني عن المشاركة في مداولات مجلس الأمن، وقال ساعر لهآرتس أنه كان على ليفني أن تتنازل عن اللقاءات والمقابلات الصحافية والمشاركة في مداولات مجلس الأمن.

إيلاف ديجيتال عدد الاثنين 12 يناير 2009- ص 8