رغم نشر الشرطة السودانية الآلاف من عناصرها في الشوارع وفي محيط ملعب المريخ في العاصمة الخرطوم، إلا أن التوقعات بحدوث أعمال عنف ما زالت قائمة. فوصلت التوقعات لحد احتمال وقوع مواجهات دامية بين مشجعي منتخبي مصر والجزائر، وفي الصحف العربية الصادرة يوم الأربعاء، يبدو أن هناك إجماعًا بين أبرز الكتاب على انتقاد الإفراط غير الرشيد في عمليات الشحن المعنوي السلبي للمباريات بين منتخبي كرة القدم المصري والجزائري.

القاهرة: لم يستبعد الخبير الأمني المصري البارز اللواء فؤاد علام، النائب الأسبق لجهاز مباحث أمن الدولة، حدوث أعمال عنف منفلتة ونشوب مواجهات دامية بين مشجعي الفريقين المصري والجزائري خلال مباراة كرة القدم المؤهلة لنهائيات كأس العالم والمقرر لها أن تعقد في وقت لاحق من مساء اليوم الأربعاء في العاصمة السودانية الخرطوم، واستند علام في رؤيته إلى أسباب عدة، منها حالة الشحن الإعلامي المفرط التي تبنتها وسائل الإعلام في مصر والجزائر، وتصاعد حالة احتقان غير مسبوقة بين مشجعي الفريقين، بل ذهب لأبعد من ذلك بقوله إن حالة التربص امتدت لقطاعات عريضة من الشعبين المصري والجزائري، بمن فيهم هؤلاء غير المهتمين أساسًا بكرة القدم، فضلاً عن أن بنية الملعب الذي يستضيف هذه المباراة الحاسمة، لا يبدو ـ برأي اللواء علام ـ مؤهلاً للحيلولة دون احتمالات الصدام بين الجانبين، نظرًا إلى إمكانية هبوط بعض المشجعين إلى أرض الملعب، وبالتالي وقوع حالة فوضى هي أخطر ما يمكن أن يهدد المباراة بالإلغاء، واحتمال وقوع ضحايا من الجانبين المصري والجزائري فضلاً عن السودانيين أيضًا.

أما في الصحف العربية الصادرة يوم الأربعاء، فيبدو أن هناك إجماعًا بين أبرز الكتاب على انتقاد الإفراط غير الرشيد في عمليات الشحن المعنوي السلبي للمباريات بين منتخبي كرة القدم المصري والجزائري، وأشار كتّاب الرأي إلى أن هذا الشحن كشف عن تردٍ في المفاهيم والممارسات وعن خطأ لا حدود له في فهم رسالة الإعلام والرياضة والتشجيع ، فضلاً عن العجز في التعاطي مع قضايا عادية تحولت إلى تظاهرات خطيرة وغير مبررة، وأعمال عنف دامية وغير مأمونة العواقب .

وتحت عنوان (لنعد إلى الرياضة الحميدة) ، قالت صحيفة (أخبار العرب) الإماراتية إن هذه المباراة كان ينبغي أن تؤخذ في حجمها كمجرد رياضة ليس أكثر من ذلك ، ومنافسة في ميادين من المفترض أن تقوي العلاقات الشعبية باعتبارها جسرًا للمحبة، وليست مناسبة للصدام والمواجهات والعنف المنفلت غير المبرر
كما أكدت أيضًا على أهمية دور المجتمع المدني الواعي بضرورة معالجة الثغرات والفجوات، حيث تقف النخب المثقفة لتنهض برسالتها الحقيقية في إشاعة الوعي بالأولويات والإستراتيجيات، حتى لا تصبح مباراة كرة قدم هي المهدد للأمن القومي العربي، وتكون مصدر خطر حقيقياً على علاقات شعبين شقيقين اختلطت دماؤهم في معارك التحرير والاستقلال واصطف الشعبان في جانب واحد خلال العديد من المواقف السياسية الصعبة فضلاً عما تربطهما من أواصر تاريخية ومصالح مشتركة وثقافة واحدة وعلاقات تضرب بجذورها منذ عهد الدولة الفاطمية حتى العصر الحديث .

الوقت تأخر
ويقول الخبير الأمني اللواء فؤاد علام إنه يخشى أن يكون الوقت قد تأخر على التعامل مع هذه quot;الكارثة المحدقةquot; في السودان ـ على حد تعبيره ـ ويتساءل عن خبرات جهاز الأمن السوداني في التعامل مع مثل هذه المواقف بالغة التوتر، غير أنه استدرك ذلكمعربًا عن ثقته الكاملة في نوايا الخرطوم تجاه مرور هذا الموقف بسلام، ورأى أن الاستعانة بالقوات المسلحة قرار رشيد وفي موضعه، لأن المخاطر جمة ولا ينبغي أن تكون هناك أدنى احتمالات لمواجهات عنيفة.

ويرى اللواء علام أن هناك خطوات عدة كان ينبغي اتخاذها سواء على صعيد المعالجة الأمنية، أو التنسيق المشترك بين أجهزة الأمن المصرية والجزائرية فضلاً عن السودانية، والتي رأى أنها الآن أمام اختبار بالغ الصعوبة، لأن فشلها في ضبط الأوضاع والسيطرة على الجمهور وحماية الفريقين، من شأنه أن ينعكس سلبياً على صورتها وربما على الدولة السودانية كلها، كما يقول اللواء فؤاد علام، المدير السابق لجهاز مباحث أمن الدولة المصري .

من جانبها قالت صحيفة (الوطن) السورية ، في تقرير إخباري لها تحت عنوان : (الطريق إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010)، quot;إن أنظار العرب تتجه اليوم الساعة السابعة مساء إلى اللقاء الفاصل بين فريقي مصر والجزائر، من أجل اقتناص البطاقة الأفريقية الخامسة المؤهلة لنهائيات كأس العالم عام 2010 .
وأشارت الصحيفة إلى أن المنتخب المصري حقق العديد من الألقاب أبرزها تتويجه بلقب بطل القارة الأفريقية مرتين على التوالي: 2006 و2008 ، في ما كان المنتخب الجزائري بعيدًا من الخريطة الكروية الأفريقية .

بدورها قالت صحيفة (الثورة) تحت عنوان (حلقة أخيرة للمسلسل الطويل بين مصر والجزائر .. المريخ يحسم البطاقة العربية) إن نتيجة مباراة القاهرة أدت إلى ارتياح كبير على جميع الجبهات، لكن لم تزل مشاعر القلق سائدة حول ما يمكن أن يكتنف المباراة أو يعقبها من تداعيات سلبية غير مأمونة .
ومضت الصحيفة قائلة إن العلاقات بين البلدين أكبر من مجرد مباراة رياضية فهي علاقات عُمدت بدماء الشهداء المصريين والجزائريين في حروب التحرير والاستقلال فكانت quot;جزائر بن بيلا ومصر عبد الناصرquot; توأمين يفخر بهما التاريخ العربي ويعتز بهما الشعب العربي في كل مكان، خاصة عندما تذكر القضايا الإستراتيجية والمصالح المشتركة والعلاقات الودية بين الشعبينquot;، كما تقول الصحيفة .

من جهتيهما، أبدى مدربا المنتخبين المصري حسن شحاتة، والجزائري رابح سعدان ارتياحهما الكبير لإقامة المباراة في السودان، مؤكدين ثقتهما بإمكانيات لاعبيهما وبالتالي الثقة بالفوز، وأعرب شحاتة عن أمله في أن تكتمل quot;مسيرة الفرح المصريquot; في مباراة السودان، وخاصة أنه استعاد خدمات حسني عبد ربه العائد من الإصابة، ووائل جمعة بعد انتهاء فترة إيقافه .