Lebanon's Prime Minister Saad al-Hariri waves after his ...

يستعد رئيس الوزراء اللبناني للقيام بزيارة إلى سوريا قد تسبق التي أعلن عنها للتعزية بشقيق الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن الأوساط السياسية ترجح تكليف أحد الوزراء لتقديم التعازي بسبب مشاركة الحريري بإجتماعات قمة كوبنهاغن. وتثير هذه الزيارة العديد من التساؤلات ضمن quot;تيار المستقبلquot; فمنهم من يصفها بالأخوية - التنسيقية، وآخرون يرون أنها رسمية لا يجب أن تعطى أكثر من حجمها.

بيروت: لا حديث يعلو في بيروت بعد نيل الحكومة الثقة على حديث زيارة رئيسها سعد الحريري لسورية بعد طول عداء وجفاء، وبعد زيارة للملكة العربية السعودية، تميزت برسميتها للمرة الأولى، وهو زائر المملكة شبه الإسبوعي لإقامة عائلته فيها وإثر إعلان وفاة شقيق الرئيس السوري مجد الأسد، سرى سؤال في الأوساط السياسية عما إذا كانت مناسبة التعزية في إطار اللياقات، يمكن أن تعجّل في انعقاد اللقاء بين بشار الأسد وسعد الحريري، ليتبيّن أن الإتجاه الغالب هو إلى تكليف أحد الوزراء تقديم التعزية وانتظار عودة الحريري من كوبنهاغن التي يصل إليها الثلاثاء للمشاركة في قمة المناخ العالمية، من أجل تحديد مصير الزيارة المعلقة زمنياً وعلى مواضيع متعددة، منها حل مسألة الإستنابات القضائية التي وجهتها السلطات السورية إلى شخصيات لبنانية عبر طريقتين، قضائية ودبلوماسية.

ويعتقد مراقبون يتابعون من كثب موضوع لقاء الحريري ndash; الأسد إن ما يلح عليها هو جهد سعودي حمل دمشق قبل مدة على تسهيل تأليف حكومة الحريري عبر حلفائها في لبنان، فضلا عن مسعى إلى ضم دمشق لمحور التهدئة في العراق، والحياد أقله في الخلاف الخليجي الإيراني، وإلتزام ضوابط الحد الأدنى سياسيا في الصراع العربي ndash; الإسرائيلي من ضمن الخط العربي العام. وفي ظل هذا الوضع الذي تهيمن عليه تأثيرات الملف النووي الإيراني يستحيل على رئيس حكومة لبنان الشاب أن يتجاهل موضوع الزيارة أو يضعها في الدرج مدة طويلة بذريعة أو بأخرى، علماً أن معاناته قاسية في اتخاذ القرار نظرا إلى الإتهامات السياسية التي وجهت إلى سورية مدى سنوات باغتيال والده الرئيس السابق رفيق الحريري.

ولا شك ان دمشق تريد من الزيارة تبييضا لصفحتها بل تبرئة من هذه التهمة التي يقول الحريري وأنصاره إنها باتت في أيدي المحكمة الدولية، الأمر الذي لا تستسيغه القيادة السورية.

عوامل الإنزعاج السوري تضاف إليها أخرى، أولها من إيحاءquot; تيار المستقبلquot; لجمهوره أن زيارة الحريري تأتي في إطار جولة عربية وغربية كبيرة بدأت فعلاً في الرياض حيث استقبله رسميا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز وأركانه، وان دمشق مثل الخرطوم أو صنعاء أو عمان. وتركز دمشق على رمزية الزيارة بصفتها اعترافا من الحريري بموقع سورية الجغرافي والسياسي والتاريخي والاقتصادي بالنسبة الى اللبنانيين، وتعتقد ان اشاعة مثل هذه الأجواء تجعل من الزيارة مجرد نسخة محسنة عن زيارة الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة الى دمشق عام ٢٠٠٥، والتي تحدث فيها عن quot;النديةquot; في العلاقات بين البلدين، وهذه كلمة مزعجة طلبت دمشق عبر حلفائها شطبها من البيان الوزاري لحكومة الحريري فشطبت، واستبدلت بتعبير التوازن في العلاقات. كما يزعج دمشق الحديث عن أن الحريري سيصل إليها جوا، ويقول بعض القريبين منها في بيروت إن على رئيس الحكومة ان يسلك إلى دمشق طريق البر تأكيدا للترابط الجغرافي، وليفتح الباب أمام أنصاره الذين أقدموا على قطع الطريق الدولية قرب الحدود بين لبنان وسورية.

ويلفت حرص الرئيس الحريري على ابقاء زيارته لسورية في إطار المؤسسات، إذ يؤكد بعض من يلتقونه انه أوقف الاتصالات الجانبية غير الرسمية، وأوعز الى أحد مستشاريه لتنسيق الزيارة ضمن القنوات الرسمية بما فيها وزارة الخارجية والمغتربين، ولا سيما سفير سوريا في لبنان وسفير لبنان في سوريا الذي يفترض ان يزور الحريري قريبا للاتفاق معه على بعض النقاط، ولهذا ثارت ضجة عندما أشيع إن النائب نهاد المشنوق، من كتلة quot;المستقبلquot; زار دمشق أخيرا تمهيدا للحريري، لكن المشنوق سرعان ما نفى خبر زيارته.

لكن تبقى علامات ارتباك فيquot; تيار المستقبلquot; بشأن الزيارة، فانفتاح قيادة هذا quot;التيارquot; إعلاميا أقله، على مبدأ quot;الأخوة والتنسيقquot; مع السوريين يقابله موقف أكثر تشددا من الصف الثاني في quot;المستقبل quot; يمثله النائب السابق مصطفى علوش وآخرون يصفون الزيارة بأنها quot;رسمية بامتياز ولا يفترض أن تعطى أكثر من حجمها، وهي من واجبات رئيس الحكومةquot;. وكان صاعقا سؤال زميله في quot;المستقبلquot; النائب المشنوق عن quot;سبب اصرار علوش على ما قيل عن سورية سابقاً، فمسألة زيارة الشام أصبحت طبيعية، وفي اعتقادي انهم ذهبوا جميعهم الى الشام حتى لو لم يذهبوا. أريد أن أشير الى كلام الصديق الدكتور علوش الذي قال quot;اننا لن نعتذر وغير ذلكquot;، أنا أقدر الدكتور علوش وهو يعرف تقديري له، ولكن كل اللبنانيين يعتذرون وليس فقط نحن من يعتذر إذا ثبت في القرار الظني أن سورية ليست مسؤولة لا من قريب أو بعيد عن الإغتيالات. أنا أول من قال ان سعد الحريري يذهب الى سورية بصفته وليس بشخصه، وما وما دام يمارس دور رئيس مجلس الوزراء، فهو يُمثل كل اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم، وسيذهب الى سورية بناء على هذا الأساسquot;.

أما عن الوفد الذي سيرافق الرئيس الحريري الى دمشق فيتردد إنه لاينوي اصطحاب نواب من كتلته لأنه يزور دمشق رئيسا للحكومة وليس كرئيس لـ quot;تيار المستقبل، وسيدعو الى مرافقته الوزراء الذين يُنجحون الزيار في رأيه، وقد يصطحب معه وزراء من أحزاب التقدمي الشتراكي والكتائب وquot;القوات اللبنانيةquot;، خصوصا أن القوى الرئيسية في قوى 14 آذار / مارس لم تبد أي اعتراض على الزيارة، وهذه القوى أصلاً في وضع quot;استراحةquot; وقد quot;أطفأت المحركاتquot; في هذه المرحلة في انتظار تبلور معالم المرحلة الآتية، ولا سيما لتبيان مدى السماح العربي والدولي المعطى مجدداً لنفوذ سورية في لبنان، خشية ارتكاب أي quot;فاولquot; في الملعب.