مستشار رئيس الجمهورية قد يواجه ابن عمه ... والحسيني يفكر
جبيل أرض نزاع بين عون و14 آذار والمحسوبين على سليمان
إيلي الحاج من بيروت :
بدأت الماكينات الإنتخابية تتحرك ولكن ببطء في لبنان في انتظار تبلور التحالفات التي لم يتضح منها إلا واحد في قضاء المتن الشمالي بين حزب الكتائب والرئيس السابق لمجلس الوزراء ميشال المر، والمرجح ألا تظهر لوائح قبل 14 آذار/ مارس، الموعد الذي حددته قوى الغالبية البرلمانية لإعلان مرشحيها وتحالفاتها في كل المناطق، لينطلق بعد ذلك السبق الكبير في اتجاه موعد الإنتخابات التي ستجري في يوم واحد للمرة الأولى في تاريخ لبنان.

وفي حين تبدو المناطق التي تغلب عليها الطوائف الإسلامية من سنة وشيعة ودروز مستقرة إلى حد بعيدا عند خياراتها يختلف المشهد في المناطق ذات الغالبية المسيحية التي ستحدد نتائج الإنتخابات فيها هوية الفائز والخاسر على مستوى البلاد ككل. وتتطلع قوى الأقلية الحالية أو 8 آذار/ مارس إلى نيل الغالبية هذه المرة بالإعتماد على تحالفها أساساً مع النائب الجنرال ميشال عون، تأمل قوى الغالبية الحالية في تحجيم كتلة الجنرال وتكريس أكثريتها في شكل غير مشكوك فيه.

وبعد الضجة التي أحدثها إعلان تحالف الكتائب- المر انتقلت الأنظار إلى أقضية أخرى من محافظة جبل لبنان بدءاً من أقصاها شمالاً ، قضاء جبيل، حيث سيصوّت هذه السنة نحو 43 ألف مقترع بينهم نحو ثمانية آلاف من الشيعة والباقون من المسيحيين، مع حضور سني يتمثل بأقل من ألف مقترع في مدينة جبيل. ويقول منسق لجنة المتابعة لقوى 14 آذارالنائب السابق فارس سعيد لـquot;إيلافquot; إن أهالي القضاء ينقسمون في شكل عام أربعة أرباع: الربع الأول الشيعة ويصوّت في غالبيته الساحقة لمن يقرره تحالف ثنائي quot;حزب اللهquot; ndash; حركة quot;أملquot;، الربع الثاني لـquot;التيار العونيquot;، الربع الثالث لقوى 14 آذار ممثلة بالدكتور سعيد نفسه، والربع الأخير زائد قليلاً لرئيس الجمهورية ابن المنطقة العماد ميشال سليمان.

وتؤثر كثيراً في أهالي جبيل توجهات الكنيسة، وquot;الدولةquot; التي تعبر عنها تاريخياً quot;الأجهزةquot; ، وهذان العاملان صبّا بقوة في الإنتخابات الماضية عام 2005 لمصلحة لائحة الجنرال عون ففازت بالمقاعد الثلاثة المخصصة للقضاء بفارق كبير في الأوساط، وهما موزعان اثنان للموارنة وواحد للشيعة.

ويتجه الجنرال عون حسب ماقالت أوساط قريبة منه لـquot;إيلافquot; إلى تغيير مرشح على الأقل في لائحته هو الجنرال السابق في الجيش شامل موزايا لمصلحة أحد ناشطين في quot;التيارquot; سيمون أبي رميا من إهمج والدكتور بسام الهاشم من العاقورة. في حين يواجه النائب الحالي الدكتور وليد خوري معضلة ترشح ابن عمه المستشار السياسي لرئيس الجمهورية ناظم الخوري مما يشتت القاعدة العمشيتية ( نسبة إلى بلدة عمشيت ) وquot;الخوريةquot;. وهذا وضع قد يفرض على عون البحث عن مرشح آخر غير الدكتور وليد الخوري الذي يمت بصلة نسب مباشر إلى رئيس الجمهورية أيضاَ ( الخوري ابن خال الرئيس سليمان) .

وكان سبق أن انسحب ناظم الخوري في الإنتخابات الماضية لابن عمه وليد، ولكن لا يبدو وفق المعطيات التي تكونت لـquot;إيلافquot; أن النائب وليد الخوري في وارد مبادلة ابن عمه بالمثل ، أقله حتى الآن. علماً أن رئيس الجمهورية يحرص على ألا يتدخل في هذا الشأن وينأى بنفسه عن الموضوع، خصوصاً أنه يدور بين أقرباء وجيران. فمنزل الرئيس سليمان ملاصق في عمشيت لمنزل مستشاره النائب السابق ناظم الخوري،ومنزل ناظم الخوري لا يفصله عن منزل ابن عمه النائب وليد سوى منزلين أو ثلاثة.
وكان والدا ابني العم وليد وناظم، الراحلان نجيب وشهيد الخوري شغلا الكرسي النيابي وهم جميعاً من quot;الخط الدستوريquot; الذي سمي لاحقاً quot;الشهابيquot; نسبة إلى الرئيس الراحل فؤاد شهاب، والذي ينتمي إليه الرئيس الحالي سليمان.
وفي حال تراجع النائب وليد عن الترشح لمصلحة ابن عمه مستشار الرئيس، أو إذا رأى الجنرال عون أن المعركة تستلزم خوضها بوجه آخر فقد يتطلع إلى شخصية جبيلية هي المحامي جان حواط باعتبار أن الساحل يجب أن يتمثل بأحد أبناء مدينة جبيل أو عمشيت. لكن ثمة من يقول أنه يجري إتصالات بالوزير السابق للإتصالات جان- لوي قرداحي وهو ابن عائلة تتعاطى الشأن العام منذ زمن بعيد، ويعود الفضل في توزيره إلى الرئيس السابق للجمهورية إميل لحود، وقد انصرف منذ مدة إلى أعماله في قطر من غير أن ينقطع عن متابعة التطورات اللبنانية من كثب.

من جهته ينصرف النائب السابق فارس سائق إلى حسابات دقيقة لانتقاء حليفه الساحلي،والصيغة المثلى بالنسبةإليه أن يتحالف مع ناظم الخوري لكن هذا التحالف قد يكون محرجاً للرئيس سليمان الذي لا يريد أن يكون أقرب إلى جهة سياسية من جهة سياسية أخرى . ويخشى مراقبون ألا يفصل الرأي العام بين مستشاره السياسي وبينه، رغم أن ناظم الخوري لطالما ترشح وكانت له تحالفات مختلفة في كل دورة إنتخابية.
وإذا لم يتحالف الدكتور سعيد مع الخوري فقد يتحالف مع المصرفي فرنسوا باسيل ، باعتبار أن عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده ربما يميل إلى عدم الترشح والإكتفاء بدعم مرشحين، وهو مستاء من أساليب ممارسة السياسة في لبنان وفق المصالح الشخصية والمماحكات والإعتبارات الضيقة على ما قال مرة لـquot;إيلافquot;.

أما المرشحين الشيعة فهم في الغالب النائب الحالي عباس الهاشم المتحالف مع عون، النائب السابق محمود عواد القريب من رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري والذي قد يتحالف مع النائب السابق سعيد ، والسيد مصطفى الحسيني، شقيق الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني.

وعلمتquot;إيلافquot; أن الحسيني قد يطلق مفاجأة سياسية مدوية بترشيح نفسه في جبيل، مسقط أجداده، بدل بعلبك ndash; الهرمل حيث يظهر أن quot;حزب اللهquot; لم يعد يرحب بالتحالف معه لأن الحسيني أخذ مسافة لافتة عن الحزب ومواقفه. وإذا ترشح الحسيني في جبيل بعدانتهاء مرحلة التفكير الحالية فسيكون رأس quot;اللائحة الوسطيةquot; في هذا القضاء ، وسيكون على الجنرال عون أن يتوقع متاعب جدية هناك. أما إذا كانت المعركة عادية بدون الحسيني وبثلاث لوائح أو أكثر فيستطيع الجنرال ونوابه الجبيليون أن يناموا مطمئنين إلى أوضاعهم في هذه الدائرة من اليوم .