أحمد نجيم- أيمن بن التهامي من الدار البيضاء:

كلما اقترب موعد قمة عربية جديدة، إلا وبدأت علامات الاستفهام تتناسل حول ما إذا كان quot;الجدار العربيquot; رأب صدعه، حتى تجمع طاولة واحدة الملوك والرؤساء، وتتقلص بذلك لائحة الغيابات التي تبقى دائما مرشحة للتوسع في ظل الوضع العربي السائد حاليا.

وفيما تواصل قطر تحضيراتها لاستقبال 22 من القادة العرب أومن سيمثلهم في القمة، التي ستبحث على مدى يومين العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، يترقب الشارع المغربي، بشكل خاص، والعربي، بشكل عام، قرار الملك محمد السادس، الذي ما زالت مشاركته من عدمها رهينة بالتكهنات فقط، قبل تأكيد ذلك رسميا عبر بيان للديوان الملكي.

هذا ما أكده وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، إذ رد على سؤال لـ quot;إيلافquot; حول ما إذا كان الملك محمد السادس سيغيب عن قمة الدوحة بالقول quot;لا علم لي بذلكquot;، وأضاف quot;قرار سفر الملك محمد السادس يعلن عنه القصر في حينهquot;.

وفيما يربط مراقبون توقع غياب العاهل المغربي عن قمة الدوحة بالوضع العربي الحالي، يذهب آخرون إلى اعتبار أن حضور الرئيس الفنزويلي، هوغو شافير، في القمة، وإمكانية مشاركة الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، بها أيضا، قد يكونان وراء الغياب المرتقب للملك محمد السادس.

اذا مازالت مشاركة الملك محمد السادس في القمة غير محسومة، وفيما أكد مصدر مطلع أن quot;الملك مستعد للحضورquot; فانه يضيف quot;الأمر لم يحسم بصفة رسميةquot;، وأضاف مسؤول آخر أن الملك محمد السادس quot;اعتاد حضور عدد من القمم العربية العادية شخصيا، وأن إمكانية حضوره لقطر quot;أمر قائمquot;. وحول إمكانية مشاركة إيران، كضيف، في القمة العربية بالدوحة، قال المسؤول نفسه أن الحضور الإيراني quot;لم يحسم بعد بصفة نهائيةquot; متوقعا quot;ألا تؤثر هذه المشاركة المحتلمة على احتمال مشاركة الملك في القمةquot;، وكان المغرب قطع علاقاته الديبلوماسية مع إيران قبل أيام، كما اتهمها بنشر التشيع في المغرب.

غير أن تاج الدين الحسيني، الباحث المغربي وأستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط ، لديه تفسير آخر لإمكانية غياب الملك محمد السادس عن قمة الدوحة، إذ يرى بأن quot;الوضعية الحالية لالتئام القمة العربية غير مشجعة على الإطلاق، كما أن الوسط العربي يعيش مرحلة تحالفات، وهو ما دفع إلى عدم مشاركة الملك في قمتي الدوحة والكويتquot;.

وأوضح تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذه الوضعية، التي ما زالت مستمرة، أرى بأنها ستكون وراء عدم حضور الملك إلى قمة الدوحةquot;، وأضاف quot;أعتقد أن جلالة الملك لن يحضر لهذا السببquot;.

وأبرز الباحث المغربي أن الوضعية العربية غير جيدة، مشيرة إلى أنها تتطلب انعقاد مؤتمر على أعلى مستوى لمواجهة التحديات الراهنة، وحل مجموعة من المشاكل العالقة، التي يوجد على رأسها القضية الفلسطينية.

وذكر أنه يجب اتخاذ قرارات حاسمة، واضاف قائلا quot;الغيوم التي تلبد الساحة العربية لا أعتقد بأنها ستجعل الملك محمد السادس يشارك في قمة الدوحةquot;.

وفي سياق العلاقات المغربية العربية، تحدث أستاذ العلاقات الدولية حسان بوقنطار عما سماه مبدأ عام متعلق بحضور المغرب إلى القمة العربية، وقال أن الحضور المغربي quot;لا يمكن إلا أن يكون إيجابياquot; لأن الدولة عندما تمثل في قمة ما فإن ذلك يحقق عدة مهام، منها التعبير، من خلال حضورها، عن النظام الذي تنتمي إليه، ثم المشاركة في اتخاذ القرار بالإضافة إلى التوسيع من إشعاعها.

وذكر بوقنطار بالارتباط العضوي بالعالم العربي، مؤكدا أن الحضور المغربي quot;لا يمكن إلا أن يكون إيجابياquot;، مستطردا أن quot;سياسة المقعد الشاغر لا تخدم مصالح الدولةquot; وأن quot;الغائبين دائما ليسوا محقينquot; قائلا quot;لا أعتقد أن هناك من يشكك في هذا الحضور المغربيquot;.

وبخصوص تأثير الأزمة الديبلوماسية بين الرباط وإيران على الحضور المغربي بالدوحة، قال بوقنطار quot;علينا أن لا نخلط الأشياءquot; موضحا كل طرف حاول شرح أسباب الأزمة، وأكد أن لا علاقة له بالمشاركة المغربية في القمة العربية بالدوحة.

وحول التأثير المغربي عربيا، أوضح بوقنطار أن المغرب حاول أن يتبنى مقاربة جديدة في العالم العربي منذ وصول الملك إلى السلطة، موضحا أن هذه السياسة، إسوة بالعلاقات الأوروبية الإفريقية، سعت إلى خدمة التنمية وخدمة مصالح الديبلوماسية المغربية، وأضاف quot;هناك إعادة تركيب للسياسة الخارجية للمغرب، وتفضيل للأبعاد التي تخلق آثار ملموسة ولا تعتمد على quot;البريستيجquot;، مضيفا أن quot;العالم العربي محتاج إلى جرعات عقليةquot;. وأوضح أن المغرب يمكن أن يقدم مقترحات وتصورات لإبراز مشروعه الحداثي الديموقراطي، وختم quot;حان الوقت أن يدخل العالم العربي مرحلة الديموقراطية والحداثةquot;.

وأضاف أن درجة الحضور تحددها الدوائر الرسمية نفسها، قائلا quot;أعتقد أن الحضور الإيجابي هو الحضور الفعلي، وقد يحدث أن يكون مستوى التمثيل عاليا لكن دون فعاليةquot;.

وكان الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، استقبل، أخيرا، بالرباط، الشيخ حمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، وزير الدولة القطري، الذي سلمه رسالة إلى الملك محمد السادس من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر.

وصرح بن ناصر آل ثاني للصحافيين، عقب هذا الاستقبال، الذي حضره على الخصوص سفير دولة قطر، صقر مبارك المنصوري، أن هذه الرسالة تتضمن دعوة الملك محمد السادس، من أمير دولة قطر، لحضور القمة العربية الدورية 21، وكذا قمة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، اللتين ستنعقدان في الدوحة نهاية شهر مارس الجاري.

وفي سياق متصل بترتيبات القمة العربية، قال مصدر مطلع إن زيارة قذاف الدم، مبعوث الزعيم الليبي معمر القذافي السبت الماضي إلى المملكة ولقائه بالملك محمد السادس تدخل في إطار العلاقات الثنائية، غير أن ديبلوماسيا عربيا أكد أن ليبيا طلبت من المغرب عدم المشاركة في قمة الدوحة. وكانت صحيفة quot;الشمسquot; الليبية، وهي جريدة أسسها معمر القذافي نفسه نهاية الستينات، وصفت الدول المغاربية بquot;عرب الدرجة الثانيةquot;، وقالت quot;دول المشرق أعضاء أساسيون بينما دول المغرب العربي أعضاء هامشيون يدعون لاستكمال النصابquot;، ودعت الجريدة اللبيبية قادة الدول المغاربية إلى عدم المشاركة في قمة الدوحة العربية العادية. وطالبت الجريدة الحكومية الدول المغاربية بالخروج من الجامعة العربية وقالت، في مقال وقعه المهدي أمبيرش، quot;يسمى بالجامعة العربية هي الصنم الجديد الذي جاء به الكهنة والسدنة ليملأوا به الحَرم، فتخان الدمم ، ويباع الوطن ، حيث لا ذمة ولا حرمquot; وتحدث عن مهمة عرب المغرب quot;من هنا تكون من مهمة عرب المغرب أن يقطعوا علاقاتهم بهذا التأريخ المليء بالمحن والإحن، بثقافة العبودية والتبعية، فهم وحدهم القادرون على أن يعيدوا نبتة الشجرة الكلمة ، ففي أفريقيا الشمال تنبت هذه الكلمة فيشتد ساقها عودهاquot;.

يشار الى ان جدول أعمال القمة العربية يتضمن عدة بنود منها موضوع الأمن القومي العربي، وموضوع الجولان العربي السوري المحتل، والتضامن مع لبنان، وتطورات الوضع في العراق، واحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث في الخليج العربي، والعديد من البنود المالية والقانونية والاجتماعية والثقافية المعروضة على القادة، الذين سيبحثون أيضا مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير.