إيلاف تخترق الحواجز وتقلب في أوراق ملفات الفساد في دبي
الهاشمي (حبيب اللبناني).. كلمة السر في قضية مزن العقارية !
محمود العوضي من دبي : حينما ندقق في تفاصيل قضايا الفساد الكبرى قد نعثر على إجابة السؤال البديهي الذي يضرب بقوة على كل مناطق التفكير المنطقي في عقولنا... كيف يتمكن أقطاب الفساد من إختراق كل حواحز وأسوار القوانين والأنظمة واللوائح ويجعلون من الفساد مخلوقاً شرعياً وكائناً قانونياً؟ إنها القدرة على اختراق الثغرات (الفساد القانوني) وضعف التدقيق الداخلي، وعبقرية عقليات الفساد بزعامة المدراء التنفيذيين الذين تورطوا أكثر من غيرهم في مثل هذه القضايا حتى في أكبر الإمبراطوريات الإقتصادية صاحبة النظام القانوني المحكم، مثل الولايات المتحدة، فقد اعترف أوباما أن فساد هذه الفئة لم يكن مخالفاً للقوانين كما قد يتصور البعض، فقد تمكنوا من تسخير القوانين لتحقيق مصالحهم الشخصية على أنقاض الإقتصاد العالمي، وحينما نعترف أننا نعيش عصر العولمة بكل تفاصيلة وخاصة على الصعيد الإقتصادي فنحن نعترف بشكل غير مباشر أن قضايا الفساد في دبي ليست استثناءاً من تلك المعادلة.
فقد بدأت النيابة العامة في دبي التحقيق في قضية شركة مزن العقارية والمخالفات المالية والإدارية التي حصلت فيها بين عامي 2006 و 2007 حيث باشرت النيابة التحقيق في تقارير مالية وأصول محاسبية تضمنت مخالفات كبيرة على المستويين المالي والإداري. ووفقا لمجريات التحقيق الأولية فقد بيعت وحدات سكنية وقطع أراضي وعقارات بشكل مخالف وينطوي على شبهة إستغلال الوظيفة العامة لبعض الشخصيات، كما اتضح وجود مخالفات صارخة للسياسات والقواعد المعتمدة من جانب شركة مزن العقارية، وهي إحدى شركات دبي القابضة
وإستمعت النيابة بعد جمع الأدلة وتقارير الرقابة المالية إلى 6 شهود على الأقل حتى الأن في هذه القضية فيما وجه الإتهام في الحيثيات الإجرائية للمدير التنفيذي للشركة سامي الهاشمي quot;إماراتي الجنسيquot;ة ولرجل أعمال أخر في يعمل في القطاع العقاري ويدعى جهاد حبيبquot;لبناني الجنسيةquot; الذي ربطته علاقة عمل وصداقة بالمتهم الأول الهاشمي، ووجهت النيابة للهاشمي 3 إتهامات رئيسية و هي الإخلال بالواجبات الوظيفية عبر قبول عطايا ومزايا بدون وجه حق، والإضرار بالمصلحة العامة للشركة خلافا للقوانين، وتسهيل حصول شخص آخر على مال مملوك لشركته بدون وجه حق .
ووجهت للمتهم الثاني عدة إتهامات من بينها عرض عطايا ومزايا خلافا لأحكام القانون وإشتراك بطريق الإتفاق والمساعدة للحصول على خصم وتسهيلات عن العقارات والأراضي إضافة للإشتراك بالإتفاق للإضرار بالمصلحة العامة، ويظهر في سياق التحقيقات أن المتهمين تبادلا المنفعة الخاصة والشخصية بعد إرتكابهما مخالفات مالية وإدارية لها علاقة بشركة مزن حيث حصل المتهم حبيب على إمتيازات خاصة جدا خارج المعايير المعتمدة عند شراءه بعض العقارات من شركة مزن فيما حصل المتهم الثاني على إمتيازات جانبية سدد بموجبها ديون شخصية تعود لشركة خاصة يمكلها الهاشمي .
واستمعت النيابة في هذه القضية لخمسة شهود حتى الآن كان اولهم الملازم في شرطة دبي حمد بوصيم الذي افاد في شهادته بتحركه مع زملائه لمتابعة هذه القضية بعد وصول معلومات عن مخالفات مالية وادارية فيها وقال الشاهد بوصيم ان الهاشمي استغل وظيفته كمديرلشركة مزن وقام باعطاء تسهيلات خاصة للبناني حبيب كمشتر اراضي كما مدد له فترة تسديد الاقساط دون احتساب الكلفة الاضافية وباعه عقارات تملكها شركة مزن بنسب خصم غير مستحقة بلغت 30 % فيما كان بقية المشترين يحصلون على 10 %.
وحسب مضمون هذه الشهادة بلغت الدفعة الاولى لحبيب 10 % فقط في حين تنص سياسة الشركة على نسبة لا تقل عن 15 % كدفعة اولى واشترى حبيب من شركة مزن 21 شقة في اماكن متعددة مع تسهيلات خاصة مقابل منفعة شخصية للهاشمي ومقابل ذلك قامت شركة مدراس التي يملكها المتهم حبيب بتسديد ديون شركة بورقاب للبيوت الجاهزة التي يملكها الهاشمي وبما يقابل مليون درهم كما دفعت شركة جيسكوم التي يملكها المتهم حبيب ايضا مبالغ دورية لشركة بورقاب وصلت الى ما يقارب مليون درهم بدون عمل حقيقي او مقابل فيما نفذت شركة نبراس اعمال صيانة مجانا لمنزل والد المتهم الهاشمي .
وقدمت مديرة المبيعات في شركة مزن صابرين شهادتها والتي قالت فيها ان المتهم جهاد حبيب اشترى 7 قطع اراضي وثلاث بنايات في مشروع رمرام التابع لشركة مزن مشيرة الى ان حبيب كان يحضر لمقر الشركة ويعاين الخرائط ويحرص على زيارة مديرها الهاشمي ، واكدت مديرة المبيعات ان حبيب اشترى عقارات من شركتها رغم ان قسم المبيعات لم يتصل به ورغم عدم توقيع اي استمارة حجز تخص مشترياته وقالت ان قرارات الحجز المعتمدة لم تطبق على حبيب عندما يتجاوز شروط البيع كما ان المتهم الهاشمي الغى قرار بالحجز على حبيب في احدى المرات .
وقدم مدير التمويل في شركة مزن وهو هندي الجنسية شهادة افاد فيها بان المتهم حبيب حصل على معاملة خاصة لمشترياته من عقارات مزن حيث حصل على نسبة خصم 30 % بموافقة المدير الهاشمي وقسمت احدى الاراضي الى قطعتين من اجله، كما قدم الياس القارح ويعمل محاسبا لدى شركة نبراس التي يملكها جهاد حبيب شهادة قال فيها انه تلقى امرا بتسديد التزامات شركة بورقاب التي يملكها الهاشمي وتصفيتها وقال شاهد آخر يعمل موظفا في شركة جيسكو التي يملكها حبيب انه تعامل مع شركة بورقاب للبيوت الجاهزة وعندما راجع المتهم حبيب بشان التزامات بلغت 380 الف درهما قال الاخير ان الامر عنده .
وفي اطار التحقيقات نفسها بينت تقارير الرقابة المالية بان المتهم حبيب تمكن من شراء ثمانية قطع اراضي في مشروع ارجان وماجان التابع لشركة مزن فيما لم تكن معاملات الشراء تحتوي على نماذج الحجز وسمح له بتاجيل الاقساط وبيعت هذه الاراضي خلافا لاحكام وسياسة المبيعات في شركة مزن كما بيعت بدفعات مخالفة للنسب المعتمدة وقسمت احدى القطع لقطعتين لصالحه وبسبب التاخير في التسديد والتسهيلات الخاصة ضاعت على شركة مزن فرص بديلة بقيمة تصل الى 22 مليون درهما، كما تلت النيابة العامة العديد من التقارير والوقائع والثبوتات التي تعزز ما حدث في ملف قضية مزن التي وضعت بين يدي القضاء الان وتنتظر كلمته الفاصلة .