طالبنا سابقا بأن تكون المحاكمة لرؤوس النظام السابق دولية
مسؤول عن ملف الأنفال :السلطة الكردية تحمي المتهمين

إيلاف من أربيل:
يستذكر الشعب الكردي في شهر نيسان من كل عام ذكرى انطلاق حملات الأنفال بصفحاتها الثماني، وقد جرت في الفترة الأخيرة محاكمة بعض قيادات النظام الصدامي السابق عن تلك الجريمة التي وثقت دوليا وأدرجت في سجل الجرائم الدولية، ولكن تلك المحاكمات لم ترض المنظمات الكردية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق ضحايا الأنفال والقصف الكيمياوي لمدينة حلبجة، وفي مقدمتها منظمة ( جاك ) الناشطة جدا في مجال الدفاع عن ضحايا الأنفال والقصف الكيمياوي محليا ودوليا.
إيلاف التقت أحد مسؤولي المنظمة وهو مصطفى حسن المسؤول عن ملف الأنفال وحلبجة في المنظمة، وحاورته حول عدد من المسائل التي تثار حول القضيتين..

بدءا سألناه عن تقييمه للمحاكمات التي جرت لحد الآن بحق المتهمين من قادة النظام السابق خصوصا محكمتي الأنفال والقصف الكيمياوي لمدينة حلبجة فأجابquot; quot; منذ بداية المحاكمات كانت لنا إنتقادات حول سيرها خصوصا لجهة المكان، فقد كنا نطالب بإجراء محكمة دولية لرؤوس النظام، لأننا اعتقدنا منذ البداية أن المحاكم العراقية لن تستطيع أن تحتفظ باستقلاليتها، وكنا نتصور أنه ستكون هناك تدخلات حتمية في سيرها وإتجاهاتها، وبدورنا تعرضنا الى انتقادات من السلطة الكردية في الإقليم التي ادعت بأن لنا أهدافا معينة من نقل المحاكمات الى خارج العراق، ومع ذلك فإن تقييمنا لأداء المحكمة هو سيئ للغاية، فالمحاكمات الجارية لم ترح أرواح الشهداء فحسب، بل إنها آذت حتى نفوس عوائل الضحايا، فلحد الآن لم نسمع بأي تعويض مادي أو معنوي لأسر الضحايا...

وحول تناسب عدد المحالين لحد الآن على المحاكمة وهم مجموعة معينة ومكررة من القياديين العراقيين مثل علي حسن المجيد وسلطان هاشم وحسين التكريتي وغيرهم مع حجم الجريمة، وما إذا كان لدى المنظمة أي إعتراض على مثول هذا العدد أمام المحكمة قالquot; من المؤسف حقا أن تنحصر كل هذه الجرائم الكبيرة والمتعددة بعدد صغير من القيادات العراقية السابقة، فجريمة وحشية بحجم الأنفال التي تعتبر من أفظع جرائم الإبادة البشرية ، ويبلغ عدد ضحاياه عدد شعوب بمجملها، يحاسب عليها فقط سبعة أشخاص، ومع ذلك فإنه حتى هذا العدد القليل من المدانين لم تنفذ بحقهم الأحكام الصادرة عن المحكمة خصوصا المتهمين الرئيسين علي الكيمياوي وسلطان هاشم، أضف الى ذلك هناك الآلاف من المتورطين الآخرين في تلك الجريمة بينهم مئات المرتزقة الأكراد، ونحن في منظمة جاك رفعنا شعارا قلنا فيه، إنه ليس هناك أي فرق بين المجرمين الذين نفذوا هذه الجريمة أو شاركوا فيها سواء كانوا عربا أو كردا، ونحن في المنظمة لا نفرق في المسؤولية الجزائية عن الجريمة بين علي الكيمياوي أو أحد المستشارين الأكراد من رؤساء العشائر الكردية الذين شاركوا في تنفيذ تلك الجريمة،ولكن للأسف هناك من يتستر على دور هؤلاء المرتزقة المجرمين، ففي بداية إنعقاد محكمة الأنفال إجتمع أحد كبار قادة الإقليم بهيئة الدفاع عن ضحايا الأنفال في المحكمة الجنائية وأبلغهم بعدم التحدث مطلقا عن دور المرتزقة الأكراد وتحديدا رؤساء العشائر الكردية، وقد أوصى الشهود أيضا بعدم التطرق الى دور هؤلاء، ولكن لحسن الحظ فإن بعض الشهود أشاروا خلال جلسات المحاكمة الى دور هؤلاء المرتزقة في تنفيذ الجريمة، وكيف أنهم قاموا باعتقال الآلاف من الأكراد وتسليمهم الى أيدي النظام الدكتاتوري الذي نفذ فيهم حكم الموت الجماعي.

ومن الأحداث التي شكلت فضيحة مدوية في قضية القصف الكيماوي لمدينة حلبجة، كان هروب أحد المتهمين الرئيسين في قضية حلبجة وهو الضابط الطيار طارق رمضان الذي كشف عن هروبه رئيس المحكمة الجنائية في الجلسة الاولى للمحاكمة ،وقال المسؤول مصطفى حسن quot; للأسف كانا طيارين وليس طيارا واحدا معتقلين في سجون الإتحاد الوطني وأطلق سراحهم، وكان أولهم طارق رمضان أحد المتهمين الرئيسين في قضية قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية، وكان وجوده داخل المحكمة مهما وضروريا جدا، لأنه كان يملك أسماء جميع القادة والضباط العراقيين المشاركين في التخطيط والتنفيذ، وأنا أملك نسخة مصورة بالفيديو لإعترافاته، وأنا كمسؤول في منظمة جاك المدافعة عن حقوق ضحايا حلبجة كشفت منذ البداية بأن إطلاق سراح هذا الطيار جاء بناء على أوامر من قائد كردي كبير في بغداد وصرحت بذلك ، فقد علمت أنه أطلق سراحه بناء على طلب من رئيس عشيرة سنية عربية، وهو الآن موجود في بريطانيا، ونحن كمنظمة كردية سجلنا دعوى قضائية ضده لدى المحاكم البريطانية وسنتابع القضية الى النهاية..

وكشف مسؤول المنظمة الكردية أرقاما حول حجم المشاركة الكردية في تنفيذ جريمة الأنفال، وقالquot; نحن كمنظمة كردية طالبنا بتقديم المرتزقة الأكراد ورؤساء العشائر الكردية المشاركة في تنفيذ الجريمة الى المحاكمة،ودعونا أسر الضحايا الى إقامة دعاوى قضائية ضد هؤلاء،فعلى سبيل المثال من بين 423 متهما مطلوبا في قضية الأنفال هناك 264 مرتزقا ورئيس عشيرة كردية بين المتهمين، وهؤلاء جميعا موجودون حاليا تحت حماية السلطة الكردية في إقليم كردستان، ولم ينحصر الأمر بتوفير الملاذ والحماية من العقوبات القانونية بحقهم، بل أن منهم من يتبوأ اليوم أرفع المناصب الحزبية والحكومية في كردستان، والأنكى من ذلك فإن قتلاهم أثناء تنفيذهم لعملية الأنفال أعتبروا شهداء للحركة التحررية الكردية.. نحن لدينا معلومات بأن أحد رؤساء العشائر سلم 2200 شخص من العوائل الكردية أثناء عملية الأنفال الى أيدي أجهزة الأمن والمخابرات العراقية وهم بمجملهم من الاطفال والنساء ويدعى فتاح بيك الجاف، وهناك رئيس عشيرة أقيمت ضده 47 دعوى قضائية في محاكم إقليم كردستان مثل عباس بايز بالوو الذي قتل 140 شخصا من ضحايا الأنفال وهو الآن تحت حماية السيد مسعود بارزاني..

وحول المطلوبين الهاربين المتواجدين في البلدان الأوروبية، قالquot; طبعا هناك المئات من هؤلاء المتهمين الهاربين بينهم قادة كبار في الجيش العراقي، ونحن كمنظمة كردية سجلنا عليهم دعاوى قضائية وسنلاحقهم، وبموجب القوانين الأوروبية فإن أي متهم سواء كان حاصلا على حق الإقامة في بلد ما أو حتى لو كان يحمل جنسية ذلك البلد ، فسيكون معرضا للمحاكمة في حال كانت هناك جهة رافعة لدعوى قضائية، أو إستطاع أن يقدم أوراقا ودلائل ووثائق تثبت تضرره من جريمة ما، ونحن نعمل حاليا بهذا الإتجاه لتقديم كل من شارك في تلك الجريمة حتى لو كان مقيما في البلاد الأوروبية..

وسألناه عن صندوق التبرعات الذي وضعته وزارة الأنفال والشهداء في حكومة إقليم كردستان في معبر حاج عمران الحدودي لجمع التبرعات من التجار والمسافرين عبر الحدود مع إيران بهدف توزيعها على أسر ضحايا عمليات الأنفال، فأجابquot; هذا الصندوق للتسول عار على وزارة الشهداء والأنفال وعلى حكومة الإقليم أيضا وهي تحاول جمع الصدقات لأسر الشهداء، وأنا أعتقد أنه لو تم تخصيص جزء من راتب مئة من مسؤولي الإقليم لكفى في تحسين أحوال أسر الضحايا، هل تتصورون أن رواتب أفراد حماية المدعو فتاح بيك الجاف الذي يستلمه من حكومة الإقليم هي ستة آلاف دولار شهريا،و وهو أحد المشاركين في تنفيذ جريمة الأنفال؟؟!.. والسؤال هو ، أي من ضحايا ألأنفال إستلم ولو ألف دولار منذ تنفيذ تلك الجريمة البشعة على سبيل التعويض عن دماء العديد من أفراد عائلته؟؟!!.

وحول الموقف العربي الرسمي والشعبي من الجرائم التي كان صدام يرتكبها ضد الشعب الكردي قال المسؤول في منظمة جاك الكردية المعنية بالدفاع عن حقوق ضحايا الأنفال وقصف حلبجةquot; نعم لدينا عتب كبير على الأخوة العرب بسبب صمتهم ومواقفهم المخزية بالسكوت عن الجرائم التي أرتكبت ضد الشعب الكردي، خصوصا جريمتي الأنفال والقصف الكيمياوي، فأثناء تنفيذ تلك الجريمتين كان العديد من العرب يساندون صدام أو يتغاضون عن جرائمه، للأسف هذه المواقف والسكوت عن جرائم صدام أدمى قلوب شعبنا الكردي الذي يرتبط بالشعوب العربية بروابط تاريخية متعددة..