ييتصدرها العفو الشامل والتعديل الدستوري المعمّق
بوتفليقة ينال تأشيرة شعبية لتمرير مشاريعه
كامل الشيرازي من الجزائر:
نال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم الجمعة، غالبية ساحقة ظلّ يراها ضرورية حتى يتمتع quot;الرئيس الثامن للجزائرquot; بشرعية تامة غير منقوصة تمكنه من الوفاء برهانات المرحلة الخماسية المقبلة، وما ستشهده من أحداث مفصلية على غرار الاستفتاء المُرتقب حول العفو الشامل، ولعلّ نيل الرئيس بوتفليقة لقرابة ثلاثة عشر مليون صوت ما يمثل حصة الأسد من الأصوات، يشكل quot;تأشيرة شعبية ذات وزنquot; ستكسبه مصداقية وتكون بالنسبة إلى الرئيس ثقلا يتكئ عليه في مضيه باتجاه إجراء مزيد من الإصلاحات، حيث ينوي بوتفليقة إجراء مراجعة دستورية أكثر عمقا وشمولية، قد تمتد إلى استحداث منصب نائب الرئيس.

وقالت مراجع جبهة التحرير الجزائرية (حزب الغالبية) لـquot;إيلافquot;، أنّ التعديل الدستوري المزمع في غضون الفترة القليلة القادمة، قد يلغي مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان)، وهي خطوة يراها بوتفليقة ضرورية لإلغاء ما سماها quot;الازدواجية في التشريعquot;، وهو ما جعل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ينتقد مرارا وجود غرفة ثانية في مجلس الشعب، منذ توليه الحكم في ربيع 1999.
ويتساءل مقربون من بوتفليقة عن جدوى وجود quot;غرفةquot; تؤدي نفس دور غرفة أخرى، في إشارة إلى مناقشة مجلس الشيوخ لسائر القوانين التي يبت بها مجلس الشعب (الغرفة البرلمانية السفلى)، بجانب اقتصار دور مجلس الشيوخ على إبداء الرأي دون التشريع، ويفهم هذا الكلام على أنّه تعبير عن نية الرئيس الجزائري لحل المجلس الذي يترأسه quot;عبد القادر بن صالحquot;.
في مقام ثان، يتموقع ملف (العفو الشامل) الذي لوّح به الرئيس إبان حملته الدعائية، وتذهب مصادر إلى أنّ ما قيل بشأن العفو الشامل غير موجّه للاستهلاك الظرفي، بل يمثل أجندة هامة بيد بوتفليقة يعتزم الذهاب إليها عبر تنظيم ثالث استشارة شعبية منذ وصوله الرئاسة.
ويٌعتقد أنّ بوتفليقة سيطلق رابع مشروع لإنهاء الأزمة الوطنية المزمنة، بعد قانون الرحمة الذي صدر في عهد الرئيس السابق quot;اليمين زروالquot; العام 1995، وقانون الوئام المدني الذي دشّن به بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999 وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المزكّى شعبيا في خريف 2005، بيد أنّ ملامح المشروع لم تتضح بعد، ويُجهل عما إذا كان سيجري توسيعها لتشمل إقرار صفح على عموم الشخصيات المعارضة وتمكين الإسلاميين الراديكاليين من ممارسة السياسة، أم سيجري حصرها في إجراءات عفو خاصة عما تبقى من غلاة التمرد؟

وقال الرئيس الجزائري في آخر أيام حملته الدعائية:quot;في حالة تزكية الشعب الجزائري لي، فإنّ فترتي الرئاسية المقبلة ستكون مقترنة بعودة السلم النهائي في البلادquot; ملفتا إلى أنّه سوف سيتابع سياسة المصالحة مهما كلفه ذلك (..)، مثلما شدّد على أنه quot;لن يرضخ لأي ضغوطquot;، مثلما لم يخف أمنيته أن quot;يحضر العفو الشاملquot;، ويقحم فيه عموم الجزائريين بصرف النظر عن مناهلهم ومشاربهم السياسية شريطة أن يتم هذا العفو قبل نزول آخر مسلح من الجبال ، بعدما نجحت خطة المصالحة في استيعاب نحو ثلاثمائة مسلح والعفو عن 2200 من مساجين quot;الإرهابquot;.
ولوّح بوتفليقة قبل أشهر باحتمال إقرار إجراءات تكميلية لخطة المصالحة المعمول بها في بلاده منذ مارس/آذار 2006، وقال بوتفليقة في خطاب له منتصف شهر آب/أغسطس الماضي :quot;يستوجب اتخاذ إجراءات أخرىquot;، لا تزال بحاجة إلى تعزيز، على حد تعبيره، مركّزا على أنّ استكمال المصالحة سيرسخ صورة بلد متصالح مع ذاته، قوي بأصالة قيمه العريقة ومتفتح علي محيطه الجهوي والقاري والدولي.

وفُهم كلام بوتفليقة على أنّه إحالة على وجود مشروع مبادرة جديدة يجري التحضير لها وقد يتم الإعلان عنها على مواطنيه في غضون الفترة القادمة، ولعل ّ توكيد الرئيس الجزائري في سائر خطاباته على استمراره في انتهاج سياسة المصالحة رغم تصعيد غلاة العنف لهجماتهم، يحمل في طياته نية واضحة من بوتفليقة للذهاب بعيدا في تطوير المصالحة الجزائرية، وتدعيم مسارها بإجراءات مستحدثة.
ويُرتقب أيضا، أن ينتصر بوتفليقة إلى حكومة مغايرة قبل انقضاء الشهر الجاري، بغرض تجاوز حالة الاحتباس المزمن التي تطبع حركية الجهاز التنفيذي، وما شاب حركة النمو من أعطال رغم المخططات المتوالية، وما تمّ إنفاقه من مخصصات قياسية فاقت المئتي مليار دولار خلال الثماني سنوات المنقضية، كما يُنتظر أن يقدم الرئيس الجزائري المنتخب على حركة واسعة تمس الولاة ورؤساء الدوائر والمدراء المركزيين وكذا الممثليات الدبلوماسية، حيث سيعرف سلك السفراء والقناصلة quot;غربلةquot; تعدّ الأكبر من نوعها منذ سنوات
في النهاية، لن يمكن لبوتفليقة ومؤيديه بعد خمس سنوات من الآن، أن يجنحوا إلى تبرير فشل مشاريع الفريق الرئاسي بنقص الدعم الشعبي أو عدم فاعلية أدوار المجتمع المدني، لأنّ استفادة الرئيس الحالي من نسبة مبايعة قياسية فاقت ما تلقاه عامي 1999 و2004، لا تترك له مجالا للتردّد في ملامسة أكثر المسائل حساسية، خصوصا وأنّ بقاءه المبرمج لخمسة عشر سنة على رأس كرسي الرئاسة ، يجعل كل مبررات الفشل والعدمية لاغية