جدل واسع حول إنتشار الجرائم المتعلقة بها في سوريا
المثلية بين رفض المجتمع والدين وغياب الثقافة الجنسية

quot;المثلية

المثلية في العالم العربي.. حياة سرية

بهية مارديني وفراس حسن من دمشق: لا يمكن التطرق إلى موضوع المثلية الجنسية في سوريا دون ذكر جرائم أثارت جدلاً واسعاً مؤخراً بين مختلف الفئات. فقد أصدرت محكمة مختصة قراراً بإعدام ثلاثة شبان قاموا بقتل موظف دبلوماسي في دمشق بعد ممارسة الجنس و سلب منزله. أما في حلب فقد ألقى شاب في السابعة عشرة من عمره بنفسه من الطابق الخامس هرباً من شابين مارسا الجنس معه، وسقط الشاب على شرفة أحد المنازل. واعترف الشاب أمامها بإقدامه على رمي نفسه هرباً من الشابين. أما في محافظة أدلب فقد تم القبض على 12 شاباً مثليي الجنس وأغلبهم لا تزيد أعمارهم عن 17 عاماً ومعهم رجل عجوز quot; 60 عاماً quot;.

ولعل أبرز ما يتبادر الى الذهن عند مناقشة المثلية الجنسية هو رواية quot;عمارة يعقوبيانquot; التي حُولت الى فيلم. ويرى الدكتور أيمن الجندي quot;ان كاتب الرواية quot;علاء أسوانيquot; استطاع بمهارة شديدة تفسير المثلية الجنسيةquot;. وقال الجندي ان الكاتب قدم هذه الشخصية على انها ناجحة quot;فرغم ميوله فإنه كان رئيس تحرير مجلة فرنسية بارعا في عملهquot;. ويعّبر الجندي عن مخاوفه من التسويق للمثليين في هذه الرواية على أنهم quot;ناجحون في عملهم وتصويرهم كضحيةquot;. وقال quot;الذي أخشاه إلى أقصى حد أن تمرر لنا هذه الرواية وبعدها الفيلم لقبول هذا الميول الجنسيquot;.

ولمعرفة رأي الطب النفسي حول هذا الموضوع، سألنا أحد الاخصائيين في هذا المجال، الدكتور جلال نوفل حيث رفض في تصريح خاص لإيلاف النظر الى المثليين على انهم مرضى، وقال يجب ان ننظر اليهم نظرة أكثر واقعية وأشد عمقا. وأشار إلى وجوب العودة تاريخيا الى هذه القضية. ويقول الخبراء ان نظرة المجتمع لمثليي الجنس هي نظرة نحو إنسان منحرف أخلاقياً ودينياً، حيث يسيطر المفهوم الشرقي على مجتمعنا وتحكم القيم الدينية والاجتماعية موضوع الفصل في هذه القضية ويعتبرون ان غياب الاهل يخلق بيئة خصبة لهذه quot;المشكلةquot;، حيث ان دور الأسرة هو أساسي، ولابد منه.

ويؤكد الدكتور جلال ان السلوك الجنسي هو فردي وشخصي ويجب أن يصنف ضمن إطار الحريات الشخصية. أما تجاهله بسبب الإرث الديني الاجتماعي فهو امر خاطئ ايضا. واكد انه توجد أماكن وتجمعات معروفة في بعض أحياء دمشق وشوارعها للمثليين ولهم انشطتهم الخاصة. ويؤكد الدكتور جلال انه برأي الطب النفسي ان هذا ليس quot;شذوذا نفسيا انما طرق مختلفة عن المألوف في المتعة الجنسيةquot;.

ويضيف ثمة من يحلو له القاء المسؤولية على الدولة quot;التي يفترض بها أنها تعبر بنا بوابة القرن الحادي والعشرين لكنها تحمل عقلية القرون الوسطى من دون أن تأخذ عوامل التوعية ومن دون أن تتحمل مسؤولياتها الاقتصادية بالدرجة الأولىquot;. ويشير استطلاع للرأي أن 9 من أصل 10 اشخاص في دمشق تعتقد ان مسؤولية المثلية الجنسية تقع على عاتق الاسرة. وثمة من يقول ان المثلية هي quot;بلاء أو عقاب إلهيquot;. ويشير الدكتور جلال ان المجتمع في سوريا يرفضهم وينبذهم ولذلك ربما أصبح لهم التجمعات الخاصة. وقال يجب علينا ان نميز بين الامر القانوني والامر المرضي فالقانون يعاقب المثلية ولكن الطب النفسي ليس بالضرورة ان يعاقب عليها، فالطب النفسي لاُيحاسب بل يُعالج.

من جانبه يقول الدكتور محمد دراج لإيلاف ان الامر ليس كما يصوره الاعلام ويؤكد quot;ليس لدينا كل هذا العدد في سوريا.... هناك البعض منهم وبحكم تواجدهم في السجون تصبح لهم ميول جنسية مختلفةquot;. ورأى دراج ان الخلفية الدينية الاجتماعية في سوريا هي من تحكم عليهم. فيما قال الدكتور جلال انه يجب ان نرى ونراقب نتائج تقبل الغرب لهم وهذا لايمكن ان يكون سريعا، واعتبر ان تقبل الغرب عمره لايتجاوز25 عاما، والتصنيفات السابقة كانت تعتبر المثلية اضطرابا ثم تم سحب هذا الموضوع. وقال جلال ان ملاحقتهم لها علاقة بالنظام القانوني والقضائي لكل بلد ولكن وقف ملاحقتهم القانونية هي جزء من التعامل الواقعي معهم.

وفي هذا السياق تؤكد الاخصائية النفسية تغريد الأسود الاختلاف في تطلعات المثليين لطبيعة العلاقة من خلال تواصلهم مع شركائهم العاطفيين والجنسيين، فهم يبحثون عن الاستقرار العاطفي، والأمن العاطفي الذي لم يستطيعوا تحقيقه مع الجنس الآخر، لأسباب مختلفة، منها التعرض للتحرش الجنسي في الفترة السابقة لتشكل الهوية الجنسية، فيتجهون بالاتجاه المعاكس كرد فعل أولي على هذا التحرش أو لغياب الثقة، بالإضافة quot;طبعاًquot;، إلى سيطرة القيم الدينية والاجتماعية المحافظة، المتمثلة بالفصل بين الجنسين، الذي يخلق بيئة خصبة للكبت الجنسي، وكذلك تحفظ المؤسسات التربوية والعائلة تجاه المواضيع الجنسية وضحالة الثقافة الجنسية عند الشبان، واستنادها إلى مصادر غير صحيحة ومشوهة (حكايات الأصدقاء في المدرسة أو في الشارع، والأفلام المنتشرة...)، وتقول الأسود إن المثلية لهذه الأسباب ربما موجودة في الشرق أكثر منها في الغرب ولكن بسبب تحفظات ورقابة المجتمع والدولة والمؤسسات الدينية على هذا الموضوع لا نستطيع الوقوف على حجم انتشار المثلية في العالم العربي.

وعند استطلاع رأي بعض الشبان والشابات تبين أن معظمهم لا يتوفر لديه الوعي الكافي بحقيقة المثليين، وطبيعة مشاعرهم، وحاجاتهم النفسية والعضوية، ودوافعهم إلى اختيار شريك من الجنس نفسه، واجتمع أغلبهم على أن المسألة quot;المثليةquot; منافية للطبيعة البشرية ويحرمها الدين وكثيرون متفقون على ضرورة المحاسبة القانونية، والتخلص من هذه الظاهرة إن كان عن طريق العلاج النفسي على اعتبار أن المثلية مرض نفسي، أو بالعلاج الطبي، على اعتبار أن المسألة ترجع لخلل هرموني، أو بكلا العلاجين معاً، لأن المثلية برأي هؤلاء ترجع لأسباب فزيولوجية (هرمونية، ووراثية) وأخرى نفسية في الوقت نفسه.

واعتبرت فئة أخرى ان المثلية حالة طبيعية، وإن كانت مغايرة للعرف الاجتماعي والديني والثقافي، ووجدوها خياراً شخصياً، مرتبطا بالحرية الشخصية. وتعتبر هذه الفئة أن العلاقة بين المثليين في كثير من الأحيان تقوم على الحب، وهي حالة إنسانية عميقة. ولا تقتصر المثلية كما هو معروف على الذكور فقط وتخبرنا إحدى المثليات برؤيتها لطبيعة العلاقة التي تعتبرها مختلفة، وهي ترى أن العلاقة مع أنثى أصدق وأكثر متعة، وتقول لا يهمني الجنس في العلاقة بقدر ما يهمني دوام العلاقة واستقرارها عاطفياً quot;العلاقة مع الرجل لا تنجح لانه قاسٍ ويحب السلطةquot;.