ولد في العام 1939 في مدينة كركوك، شمال العراق، وأنهى فيها دراسته الثانوية، ثم عمل في سلك التعليم بعد أن حصل على شهادة دار المعلمين. أُبعد إلى قرى الشمال الكردية بسبب أفكاره وقناعا ته الليبرالية. إعتقل مرات عديدة وسجن في العام 1963 إثر الانقلاب الدموي لحزب البعث مدة عامين ثم فصل من الخدمة.
غادر كركوك وعاش في العاصمة بغداد حتى العام 1969 مشاركا في الحياة الثقافية ، وأُعتبر أحد رموز التجديد في الشعر العراقي الحديث بقصائده التي نشرها وبآرائه النقدية في مجال الأدب والفن. غادر العراق بعد الانقلاب العسكري الثاني لحزب البعث إلى عمّان ثم إلى بيروت ومكث فيها حتى العام 1980 معايشاً الحرب الأهلية فيها أصدر ديوانه الأول " إحتمالات الوضوح " في العام 1977 في بيروت. يعيش في برلين منذ العام 1980 مع زوجته وطفليه. ترجمت قصائده إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية. سيصدر له ديوانه الثاني "وهم المدن، وهم الأماكن"
الطفلُ، في جزء منه، يولد شاعراً
تعريف الشعر مسألةُ معقدة. ليس لأنه يقع دوماً في قلب أزمته الخاصة التي يريد تجاوزها، ليتجدد دوما. بل لأنه أيضا مرآةٌ لأزمة الإنسان ذاته، من عصر إلى عصر حيث تتغير وتتعقد المعرفة والرؤيا كما العواطف. وربما هذا التعقيد ناجمٌ في جزءٍ منه، وهو الأهم في نظري، عن أن الشعر، والفن عموماً، هو عكس المنطق. بينما عالمنا كان وما يزال محكوماً بقوة المنطق الذي يشكل قاعدة متسلطة على حياتنا المعاصرة ويبعدنا عن الشعر. كل الأساطير القديمة والفنون المتروكة لنا منذ فجر التاريخ لم تكن محكومة بالمنطق الذي يحكمنا الآن. لذلك هي مثيرة وباعثة على التأمل والدهشة. إنها شعريةٌ بامتياز. وأقصد بالمنطق تلك المعارف البشرية المنقولة والمتوارثة، وتلك الاشتراطات والقوانين التي تراكمت في خط تصاعدي لتحكم الناس وتحدد خطوط حياتهم وتوّجه رغباتهم وعواطفهم على نحوٍ يتسم بالنفع .
هذا المنطق: سيرة الحياة المعاصرة، نتعلمه منذ الطفولة في مؤسسة الأسرة وداخل المجتمع. ويفرض علينا في المدارس والجامعات بتلقين وتأهيل ضوابط تقاوم كل "هوى" وحشي للعواطف والأخيلة وتقاوم مغامرة الذهن الذي هو قادر على إعادة اكتشاف العالم مرات عديدة، كل مرّة على نحوٍ مختلف.
الطفلُ، في جزء منه، يولد شاعراً. لم يصل منطق الحياة إليه. يرى العالم على نحوٍ يختلف عما نراه. نحن نعرف المنظور مثلاً، بينما الطفل يرى الأشياء متجاورة خارج جغرافية المكان المحدد بالقياسات وبالأحجام. كما يرى الزمن منفلتاً من ثلاثيته المعهودة (الماضي والحاضر والمستقبل) وخارج مقاسات الساعة واليوم والسنة.
الطفلُ ينغمر في دهشة الاكتشاف ولذة المغامرة.
وكما هو الطفل كذلك هو الحلم . لا يخضع الحلم للمنطق. وربما هو انفلات منه وعودةٌ من أسر المنطق إلى الطفولة. إلى النبع، لإعادة الإطلالة على عالمٍ مدهش منفلت من تحديد المنطق الذي تمّ غرسه فينا. أعتقد بأن مشروع أيّ شاعر، في جزءٍ هام منه، هو محاولة الخروج من سجن المواطنة الجماعية التي تمّ تدجيننا فيه، والنأي عن المؤسسة وهرمها المثقل عليه. ومشروعه أن يكتشف هويته الخاصة ويمسك بذاته العميقة خارج الذوات الأخرى، بعيداً عن التشكل الجماعي. وهو في الحقيقة مشروع صعب يطرد الشاعر من "الحياة" لكنه يقرب من الشعر. بل إنه مشروعٌ، عبر التأمل والعزلة، يوصله إلى الحياة ليحاور الأشياء ويمسكها خارج مواصفاتها المعهودة. ويوصله إلى اللغة خارج وظيفتها النفعية، وعلى أنها ليست "نقود الذهن".
العرّافة
رَمَتْ أحجارَها -
هذه العرّافةُ جاءت لتقرأ
حكمةَ الأيام الآتية
لكنها رَمتِ الأحجارَ فأوقفت عنّي الرجوع .
زمني متروكٌ بدلوٍ في بئرٍ عميق
في كهفٍ من المرايا يتكرر
تلكَ الصبيّةُ العرّافةُ
أردتُ منها
أن تقرأ حكمةَ الماضي
لأُحدّقَ في وجههِ
فألمسُ ؛ أيّ عظمٍ تكسّرَ فيه
ليهوي
كومةَ قشٍ
في النارِ
ويترك ليَ
تفاصيلَ الرماد
الشاعر
وقفَ الشاعرُ أمامَ البحرِ، وهوَ لا يعرفُ منهُ إلاّ الماءَ والماء؛ وبمقدورهِ أن يُفرغَ هذا السائلَ حتى القاع بالدلاء. وظنّ أن الأمواجَ حُجُبٌ، والسفنَ مَضاربٌ، والزبدَ رَغوةُ مصابٍ بالصرع. وتخيّلَ ما في قلبِ البحرِ أحجاراً رماها مسافرونَ غابرون.
وفي انتظارِ نداء مجهول من الأجداد، عبثَ بالرملِ ونَتَفَ الأشنات، ثمّ نظّفَ حذاءهُ من الوسخ. وفي قلبِ صَدَفَةٍ قريبةٍ من الجرفِ [ضنّها فاكهةً] غَرَزَ رَملةً، فحاكت له من ألَمِها لؤلؤةً باردةً، نَقَدَها ثمناً ليركب الموجَ إلى ساحلِ مدينةٍ أُخرى. ولكن قبلَ أن يصلها جاءَ الطوفان.
عودة

فجأةً ، توقظني طرقةٌ
ربما أسقطها الصحو على نسيجِ نوميَ الضحل
لتكشفَ ليَ، أو لتحجبَ عنّي الحكمةَ .
حكمتي في تكاثرِ الحلم،
طوافي به يستمرُّ أعواماً
فأبصرُ فيهِ توأمي يجولُ في البراري ،يَحملُ اسمي،
يحملني ، واضعاً يدهُ - يدي -على كتفِ الضباعِ
متحدثاً مع الأسودِ والدببة
مغتسلاً بعيون المياه ،ِ
يَغسلني ويُعطّرني بأعشابٍ برّية
في سمائيَ القريبةِ أصواتٌ تدقُ
على صفيحةٍ من رصاص
تحجبُ عني منافذَ الحلمِ، والغسقُ في حضني يَتَسَمّم
ومن فضائي تغادرُ حكمةُ القضاء
عندما يغلقُ الليلُ عطاياهُ بأقفالٍ محكمة
لا تردني إلى النومِ أعشابُ الجبال
فأجد توأمي، مطعوناً قربي في السرير،
جثّةً يقلّبها الموتُ، فتتهمني بالجريمة
وجوهٌ أعرفها ، تتبعني ضاحكةً
إلى أقاصي المستحيل .
هذا الليلُ المكبّلُ يُسقطني في كهوفهِ
فينأى النهارُ عني ، مُبعداً متاعي وما تكاثرَ فيّ من أحلام.كيفَ أستدلُّ إذاً على الطرقِ، نازلاً صاعداً ، قارئاً أسماءَ المدن؟
ومن أيّ حدودٍ سأعبرُ
لأحملَ معي الفتى
الذي ماتَ في سريري
وفي صدرهِ
أوهامٌ
ورصاص؟
وهم المكان
البيتَ الذي تسكنهُ الآنَ
كهفٌ تفوحُ منهُ رائحة الثوم
ويكتسي هيكلكَ فيه بالكلسِ والوسخ
الريحُ آتيةٌ إليهِ وبها نَشرٌ لزجٌ بردائها البالي
والماءُ عطنٌ تغرفهُ يكثرُ فيه ما تحملهُ الرأس من فقاعات
هذا ما قلتَهُ ليَ أنتَ
وداري أنا لا تركنُ إليها القطا
وتموتُ فيها الروح
هكذا طُردنا
من الأماكن:
من البيتِ الذي كان صفحةً من الوهجِ
وظلالاً بالأمهات
أُبعدنا معَ النهرِ في مجراه ُالعميق
ليعودَ مرةً أخرى
إلى الصخرة
مصلوباً لدى النبعِ بالوقوف.
نرى الريحَ تُخنقُ في البئرِ
فلأتمسّ الشجرَ وقتَ الظهيرة
وحين أدارتها - أدارتِ الأشياءَ - يدُ الشيطان
جاءت بالرمالِ تَملأ أكُفّنا
- نحنُ الملائكةَ الممنوعينَ-
نَحجِبُ النورَ عنا
تسقطُ وجوهنا
مثلومةً بالزمن
عتيقةً بوشمِ الأماكنْ
وقد أُقصينا عنها
مَرّة ً
وإلى
الأبد
مشهدٌ على دجلة
ذلك الصباح قلتُ، وأنا في مسكني؛ أنا صيّاد الأعشاب والدخان: ذلك البرزخُ المائي أمامي برزخٌللملائكة، والملائكةُ تكتب ما تريد. روحها صيّادٌ ماكرٌ يقتنصُ أكياسَ الزمنِ مملوءة بذاكرة الأجداد. ملائكةٌ تريد أنتوقف التحّولَ فيما النهرُ يجفّ والروحُ تغيبُ والأرضُ تتشقق.
ذلك الصباح المبكر، جاء الكثيرون ليمسكوا حبال الليل وقد شُدّت بغرفتي. كانوا الضيوف المبهمين. يراهم الصيّاد مرآتاً، تحلق الزهور قبالتها الرحيق، فيتمرى بالماء ويتعرى له. ماداً يدي قلتُ خذني من هذه الغرفة، إسحبني بصنارتك وغطني بشباكك. لقد أبصرتُ الغسقَ بعد أن عدّدتُ عدداً من الليالي، والليلةُ الآتية ستأتي ليَ بنذورٍ وبروقٍ ترمي في النهر الشحيح شموعاً، هيَ قناديلُ موتى، دون أن تكونَ بشارة الصباح .قلتُ خذني إلى حكمةِ الزمن، مثلَ رأس "نرامسن" ورأسي ممتلئ بحقول من الخشخاش ومن تعزيمة البابليين.
ويتأملُ الصيّادُ فيما يتأملني: أراضٍ قاحلة ونهري ضحلٌ، غيّر مجراهُ نحو الشمال، يصطدمُ بكهوفٍ وجبال، يطاردُ الفهود والدببة ويخرّب مخابئ القطا. أناسٌ يصطادون الطريدة فاعتادوا رميَ شباكهم على ديدانٍ وعلى خوذٍ وعلى صدارٍ من زرد.
هكذا كان الماء غمراً يحمل السفنَ؛ فيضانٌ للمعرفةِ يقرأ على سدودها ملوكٌ مبجّلونَ أسفار الممالك، وحكمتهم تقولُ: صيّادون نحن في هذه البوادي، نوفد لكم أحفادنا بعرباتهم ذات الخيول والصواعق، يأتون إليكم في النومكل صباحٍ مكللين بوسخ الضباب ليغتسلوا بصحون النور وسعف النخيل، وليطهّروا بنار القيامة في هذا النهر الشحيحكأن الروحَ مسّتها كهرباء فاكتسى وجهي بقناع الملوك. أنا الصيّادُ والليالي ليلي، أهجسُ فيها بديدانٍ وبقاع أحجارٍ وجنادب. ذلك الليل، قبل الصباح، قلتُ وأنا في مسكني، أقود معي أعضائي وزمني المحمل في كيسٍ إلى الوليمة: ها هو الليل الأخير تكسّرت أوتادهُ. وها هو الموعودُ بالذهاب إلى النهار يوفدون له الجنودَ ليأخذوه إلي حقيقة الوهم غير أنهم يلقونه في وهم المخيّلة؛ في الغرفة التي جفّت، وفيها الروحُ تلوبُ وتأكلها الديدان.
"نرامسن" أحد أهم ملوك أكد ، وهي أول مملكة سامية تأسست بعد فجر السلال،ثم سقطت بيد القوام الجبلية ودُمرت. موقع عاصمتها مجهول حتى الآن من قبل الآركيولوجيين. ورأس نرامسن المصنوع من البرونز، في متحف بغداد، يثار الجدل حوله: ما رأس نرامسن المؤله أو هو رأس سركون الأكدي وقد حُسّن في عهده. في عهد المملكة تطورت اللغة السومرية إلى الأكدية السامية وانتشرت في آسيا الصغرى ومصر وأصبحت أيضاً اللغة المحلية للآشوريين والبابليين.
الوليمة
سيأتي الليلُ هذه الليلة أيضاً
عليَّ أن أُسوّي غطاءَ المائدةِ
مُرتّباً عليها، للضيوف القادمين، آبار الزمن؛
كل بئرٍ
عميقٌ في سِرّهِ
كتابٌ من الماضي يمجّدُ سيرةَ السلَف .
في هَدأةِ الليلِ تهجمُ عليّ أشباحٌ وذئابٌ وأجسادٌ مضمّدة
ثم يأتيني شعبٌ مُفوَّهٌ بالنصيحة
يمرّ عليَّ
أصدقاء وغرباء، في حُزَمٍ كقصبِ المياه
جرفتها زحّافاتٌ من الماضي
عاتبونَ على قلبي الذي تركتهُ في البراري يتجوّل
حدائقهم مشبوهةٌ
بالمياه الباقية
مبحرةٌ في مسافاتٍ وإشارات
يكدّسونها من الماضي:
أطفالٌ وأسلافٌ ذوي مخالب
قابعونَ في قعر الجمجمة
متلفعون بأجدادٍ
يجعلوني أحلم الليلةَ أيضاً
ما إذا كنتُ أُسوّي جثتي، أو أُناديني من الطواف
هذهِ الليلة
وفوقَ منضدة الوليمةِ
سأقرعُ طبولَ الماضي
ليهربَ
زوّاريَ المبتهجونَ
من الضجيج
الذئب
هو الذي ينام كلّ وقتهِ،
ذئبٌ ينامُ بين الذئاب.
يتأملُ لحظةً في منتصف الليل،
هناكَ قناعهُ المعلّقُ
َينزّ خيط دمٍ في صحرائهِ،
ومنذ بدء الريحِ يأتي إليهِ هذا العواء
طالعاً من الروحِ
ُترددهُ الأيام
وماذا فعلت به الأيام
بلاده تحتَ جفنيهِ وهمُ قارةٍ عتيقةٍ،
فيغمضُ عينيهِ:
أراضٍ يصلُ إليها الدمُ, بركة منهُ, والأثرُ على الجليد.
هذا الثلجُ , فوقَ الكراسي, قرب النافذة
يدخلُ منها قمرٌ محمرٌ
ونداءُ بنات آوى
يجوبُ في أحراش رأسهِ التالفة
ليمدّ الرأسَ بين قناعٍ وقناع
وينام .
يرى التحولات
في الشخوصِ والأشياء
تدخلُ المشهدَ ثمّ تغادر
بأيديها نذورٌ
وشموعٌ للمياه
تُضيءُ الزمنَ الذي مضى
الزمن الذي هو الآن
تموجات من التذكّرِ:
في الجبالِ تجوبُ الضواري
والقرى في صخورها مختبئة
تَفُزّ القطا ويدوسُ بيضها الصّياد
بين لحظةِ النومِ والنوم
يستحضرُ الأهلَ - مراياً:
أناسٌ يتبادلونَ خبزَ الحياة
أناسٌ يشترونَ وقودَ الروحِ
بفخاخٍ منصوبةٍ للروح،
قصَابونَ يشحذونَ السكاكين
وفي سريرهِ أطيافُ حملانٍ يتطهرون
هكذا
تقامُ طقوسٌ
فتُقرعُ طبولٌ
للمغفرة ،
لأناسٍ يرتدونَ الأقنعة
فيأتي إليهم عواءُ الذئاب
هو الزمنُ قديمٌ
زمنٌ جديدٌ يقلِّبهُ
يستدعي له الذئابَ
يعوي في منتصفِ الليلِ لقارتهِ المغطاة بالجليد
قناعهُ في النهارِ وسامٌ معلّقٌ
وفي حروبِ الليلِ ,بين غفوةٍ وغفوة,
يغرز مخالبهُ في قلوبِ الملائكة
ليشمّ رائحةَ الدمِ
في يديه
زيارة
كلّ صباحٍ
والنومُ يُثقلُ جفني،
يأتي إليّ هذا الطائرُ المبهمُ
ينقرُ على الزجاج، إذا كانتِ النوافذُ مغلقةً والستائرُ مسدلة،
ينقرُ واقفاً في الثلجِ
الذي يُغطّي باحةَ الدارِ، ويواري معه أيّامي.
يجيء إليّ عاتباً،
لا ليغنّي
بل ليتحدّث
عن الجبالِ التي قطعها
والمدن التي رآها
والناس الذينِ غنّى لهم
ليسكبَ ليَ الرائحة
واضعاً أمامي
شريطاً من تداعياتٍ قديمة
هكذا
يَسرقُ منّي
هذا الطائرُ المبهمُ
بجناحيهِ
الهواء
شجرة العائلة
و
إذا أبصرتَ شجرةً خضراءَ
تتحدّثُ بلغاتٍ مُبهمةٍ ، يَتفياْ تحتها أعرابيونَ
يومئونَ للريحِ آلاتيةِ من الجنّة
بيدهم كتابٌ
يُلوّحونَ بهِ للنجومِ، وقد تحجّرَت في السماء،
شجرةٌ من ضفافِ الجنّةِ
تحملُ ثماراً
وتنادي:
هذه يدي أفتحها للطيور
أعشاشها غذاء ٌللأفاعي
ولطلقةِ صيّادٍ ماكر
شجرةٌ مزروعةٌ بكهفِ المخيّلة
تلقي بعصاها في البحرِ،
تشقّهُ
وتقلب سُفنهُ
إذا أبصرتها (أبصرتَ الشجرةَ)
وهيَ ترمي للأشباحِ ثمارَها
خُذْ فأساً
واقطعْ بها جذعَ الشجرة
ثم اغرز في أغصانها المسامير
هذهِ الصحراءُ (نحنُ رُعاتها) حقولٌ للثعالبِ المرقّطةِ
مرَّتْ في مراياها سَبعُ سَنواتٍ عجاف
أكلتِ الطيرُ من رؤوسنا
وعَصَفَ بواحاتنا الطاعون.
وهذهِ معاطفُ الليلِ (لباسُنا) تَجتمعُ فيها عيونٌ مطفأة ٌبالشوكِ
ونحنُ نُدفَنُ فيها،
نَرتديها،
وتليقُ بنا،
لتَتَقدّمَ القيامةُ خطوةً
فنسيرُ، قافلةً منَ العُراةِ،
مُبتهجينَ،
نحوَ الجحيمِ
الذي يَفتحُ بابَهُ
تحتَ الشَجَرَةِ