ولد باسم المرعبي في الديوانية. بدأ النشر اواسط السبعينيات. درس المسرح في اكاديمية الفنون الجميلة/ بغداد. كتب للمسرح وقد قدم اول عمل له عام 1982 وهو" بيروت تغادرها النجوم" عن الحرب الاهلية اللبنانية. صدرت مجموعته الاولى" العاطل عن الوردة" التي نالت
جائزة يوسف الخال للشعر، عام 1988 في لندن. غادر العراق عام 1991 الى سورية ومن ثم الى لبنان حيث عمل في الصحافة الثقافية كما في مجلة " الناقد" وملحق" النهار". ترجمت بعض قصائده الى الانكليزية والسويدية والفارسية. صدر له: "العاطل عن الوردة" عام 1988، (3 مجموعات في كتاب واحد هي" العاطل عن الوردة" و" كلمات ثم كلمات" وصورة الارض") عام 1997، "الأرض المرّة" (بيروت 1997) و"سماء بطائر واحد" 1999. يقيم في السويد منذ عام 1994.

لاتظهر القصيدة للوجود الا بعد اتلافها لعشرات الكلمات والكثير من الافكار، انها بمزيد من القتل للكلمات تنضج وتتبلور صيغتها النهائية- وان كان ما من نهاية لقصيدة، طالما شاعرها موسوس بهاجس الكمال المستحيل. اذن تحيا القصيدة وتتفرد لغة وافقا كلما اوغلت في دماء ضحاياها من الكلمات والافكار، والشاعر هنا، هو قاتل ومعذب كلمات لايرف له جفن، وهو يرى الى دماء رعاياه من الحروف تضرّج أصابعه. بمزيد من القسوة يمضي ليخط مجده ومجد الكلمة، في الوقت ذاته.
الشاعر جريح بالعالم..بعيني طفل ينظر الى الاشياء، لذا هو سريع الانكسار، الانكسار، بمعنى عدم استيعاب وحتى امكانية تصديق هذه الشرور والفظاعات التي ترتكب على الارض، من هنا يعمد الشاعر الى تسييج نفسه بالكلمات، ينشيء عالمه في الكلمات ومن خلالها، فالنص ، بالاخير ، هو يوتوبياه، حتى لو لم يكن يسعى الى هندسة هذه اليوتوبيا، ابداعيا، بالمعنى المتعارف عليه، فهو هنا يكتسح كل علامات الواقع المحسوس، لأجل واقع متخيل، موظفا في ذلك معرفته تجاربه، واقعا وحلما، ومعززا ذلك بومضات الجنون الضروري لإقامة عالمه المحلوم.
(من لقاء منشور مع الشاعر في مجلة نزوى العدد 29 عام 2002)
مقاطع من قصيدة "كل الطرق لاتؤدي الى ماجيرا"
("العاطل عن الوردة" لندن 1988)
دائما! المتاهة سالكة الى ماجيرا
أترك الجياد ورائي، جليدا، تغزلها الغيوم
وفتاة ماجيرا
أتركها تعرق في الفرو
يضيئها الضباب وينتحلها الذهب.
تقول لي النخلة: ياسيّد
أقول للنخلة: ياأمة.. التلف سيّدٌ ، والهاوية تخفيها أكوام الهواء،
اتلفتُ والفت العصفور:
الرمادُ لااحد يطويه. اذن الوعورة سالكة ٌ الى ماجيرا، والجغرافيا صنو التضاريس...
الامتنان لبياض الصخور
خفيفا أمضي،
طائرا مثل فكرة مغتسلة بالعطر
ممتنا لبياض الصخور على الساحل
أقود الشجرة للمرعى والساقية للشجرة
مربتا على البط يكتب الريش على التراب
نابذا باعة الكتب المستعملة وراء ظهري
فالغابة سطرٌ مورق في الدفتر الطلق
. كلّ غصن ناي
وكل هسهسة اغنية
لأغذّ الصفير لأوقع القرى في هواي
والسواحل اسلسلها، حطبا لموقد زرقة
اقدحه في هجير المدن.
مقطعان من قصيدة " المفرد في جمعه النابح"
من مجموعة " العاطل عن الوردة"

*
وانا جمرة ً، جمرة ً أنسكبُ في سحنة الريح
شذرة ً، شذرة ً انفرط كتاج ملك حزين،
تنسلّ حاشيته في الليل...
*
أنأى عن اللعب
حيث الاقفاص تستر الحيوانت
الاسد والفراشة في البرج ذاته
.. لاأنام
حلمي يتكرر كقطار يكدس جثث الحيوانات
تفوح النوافذ بالاشلاء...
من مجموعة" العاطل عن الوردة"
هرم
تهوم يدي
بين رفع السيجارة الى فمي
والتلويح
لشراع يترقرق في الافق
كدمعة تمتد من اول سلالة
الى جيلي

من مجموعة" كلمات ثم كلمات"
بيروت 1997
السنبلة
سارمز لك ِ، منذ الآن
بالسنبلة،
فكل مواصفاتك ِ لديها
من الذهب حتى الدقيق
.. أنا الذي أدعي حيازة الكلمات
بكلمة واحدة، منك
أشبع.

حبرٌ أعمى
حـِبرٌ أعمى
ورسائل عاطلة
هذا كل ماتبقـّى بيننا.
من مجموعة " صورة الأرض"
بيروت 1997
ما ضرورة الوزن في هذه القصيدة؟
جسدي أغنية يتكلم بها النهار الحزين
جسدي حطام نوم
ترفوه الاحلام الراسبة في ليلي الفتيات الوحيدات.
جسدي قطيع آلام
يهيم حول نبعها السحري،
حالما بالكأس التي تعصف بها عيون الخليقة.
جسدي أنـّة ٌ مديدة لكمان على شرفة عاطلة
وجوم الستائر في النظرة الفارغة للشبابيك.
جسدي ألمي، إيقاعه
جسدي إيقاعه، الألم.
ما ضرورة الوزن في هذه القصيدة؟
ماضرره؟
جسدي، النشيد الذي سأقوى فيه على القول:
الغبار في قلبي
ومطرها لم يأت بعد...
من مجموعة " صورة الأرض"
بيروت 1997
أيام النمر (مقاطع)
بعينين يشربهما فراغ القفص
يسرح النمر بأحلامه
ناسجا من ا]امه المعذّبة
جسرا
الى غاباته الخبيئة
يحكّ ذاكرته
متشمما البراري
ناشبا ذكرياته عن الأزمنة القتيلة
في مرآة علتها الغضون.
النمر
بأحلامه المثخنة
يذرع القفص
فيما قمر يابس
يقيس فضاءه.
آلام تامة
لي من الألم وضوحه
أتقدم بدم جريح
أتقدم كعواصف تخطر في بال نسر
يرمق الافق بجناحين مسهّدين
فيما الحرائق تندلق في السهوب
اُلقي التحية.. واسمع في الظلام
الى الدموع تهمي
الى الاصوات تتكسر
...............
لي ثبات ريشة في جناح صقر
ووميض فكرة ذهبية في رأس نيزك
...............
الانهار تنطفيء
وأصابعي تخفق في استذكار نبع ٍ يصلني بيديك.
ذكرى
يدرج منذ مئات الأغاني
على أحزن إيقاع
ويحتفظ بذكرى قاسية
عن الأرض.
الأرض المـُرّة
(نُشرتْ أولا في مجلة" الناقد" العدد 42 كانون الاول 1991.
ثم في مجموعة " الأرض المرّة" بيروت 1998.)
مقاطع
2
بالمعاول يبكر الرجال لدفن يومهم.
1
يلحّ عليّ سؤال: أين ندفن الأرض؟
5
أنشب قلبي، حيثما أرض تقلـّك ِ.
10
كيف يُعرّف الأرض بحبر، لمن ينكرها بقبر؟
22
في الإختناق الأخير نسمع تنفس الأرض.
من مجموعة" سماء بطائر وحيد"
ستوكهولم 1999.
قصيدة الى اوغست سترندبيرغ

على الجدار تعلق الاقنعة
والظلال تتكاتف على الخشبة
وقع خطى ً بعيدة
وموسيقى ذائبة في الظلام
هذه الحياة
حزمة أقنعة
قناع يراقص إمرأة
قناع يضرب في سهول بعيدة
قناع ينكبّ على طاولته،
يشرب الحبر
يصرخ .. لم أجد وجه عدوّي
قناع يعتدل، ليقول:
الوجوه مقفلة على أقنعتها
الأقنعة تصلف على الحائط
مثل أسلحة مستعملة
وفي المرآة صورتك َ
يخضّبها هواء المصحّات
الهواء حقل أقنعة
أو حفل أقنعة،
وأنت أعزل
إلاّ من دمعتين
تجرفان ركام الأقنعة.