ولد في اللاذقية (سورية) عام 1946. عمل في الصحافة في دمشق، قبرص، يوغسلافيا، تونس. أصدر المجموعات التالية: "قمصان زرقاء للجثث الفاخرة" (1979 وزارة الثقافة دمشق)، "ضفّتاه من حجر" (1981 اتحاد الكتاب العرب- دمشق)، "مسودات عن العالم" (1982 وزارة الثقافة- دمشق) و"استعارة مكان" (2000 دار رياض الريس- بيروت).
له مجموعة قصص بعنوان "القبائل" (1979 دار ابن رشد- بيروت) وكتاب صحفي بعنوان "ضمير المتكلم" (2002 دار ارابيسك- دمشق). سيصدر له هذا العام 2003 مجموعة شعرية بعنوان"حزن ُ معصومً عن الخطأ". متفرغ للكتابة الان- يعيش في دمشق.
الشعر ... محاولة فهم، دِينُ بلا أمل
أن تكون شاعرا ً .. يعني، سلفا َ، أنك الكائن الذي اصابته الحياة، بصورة مبكرة وغامضة، بنقص التوازن في عناصرك الاولى. وأن يكون ماحولك هو مالم تستطع قبوله... لكثرة احتمالات أن يكون أفضل، وأجمل، وأرحب.
أن مناضلة الصمت، ومحاورة العزلة، واكتشاف الدهشة، والبحث عن توق، واستخراج الاشفاق المحب من الخذلان.. هو بعض مايحاوله الشاعر في الكتابة.
الرغبة وهي تصنع مدارا عاليا لمقتضى شهواتها.
السكون في الصخب الذي يولده خروج الروح من جسد، ذات حلم،
وغياب من نحب لأننا نحبهم،
والعتب الذي تنطوي عليه حروب الحياة اليومية، وحروب البشر...
الألم وهو لايكفّ..
وحين لابد من صرخة، او حشرجة، او غناء ...
كل ذلك، ليس قابلا للشفاء...
ولكن الشعر يجعله حريقا ممكنا.. باردا في ابهة من اللهب الجميل.
فما اللؤلؤة غير هيكل بناه الألم حول حبة رمل!!
غير ان احدا لم يمتدح الكتابة كمهنة، واذكر من قال عنها: الكتابة هي أصعب طرق العيش، باستثناء، ربما، مصارعة التماسيح".
ولكن الشاعر ريلكه يحسم المسألة بقوله: إسأل نفسك في اكثر ساعات ليلك هدوءا: أيجب أن أكتب؟!"
"ماضيق الكلمات حين نقولها كالآخرين"
"فرويد" هو من قال " الشعر هو اتاحة السيادة عن الغياب" انه ابن القرن التاسع عشر. وهو قرن دهشة بالعلوم في اول اكتشافاتها، وغبطة الحضارة بها. وفي القرن العشرين لانجد حدا للانجازات التي فرحت بها الحضارة. وفي القرن الواحد والعشرين سيكون هناك احتمال اللقاء الانساني الاول ( اتخيل ذلك) بكائنات الفضاء لمناقشة الفارق الناشيء عن اقدميتهم في الكون علنيا.
ومع ذلك، وربما لذلك، سيكبر مأزق الانسان الوحيد، ويصبح وحيدا اكثر. فهو يفقد تدريجيا الصلة الحميمة بالناس، وينعزل أكثر عن الطبيعة الصافية، وتصبح مشاكله من النوع الذي لاحل له. ستزداد حاجتنا الى الشعر مادامت اللغة هي الحبل الذي ننشر كلماتنا عليه كلما ازدادت حاجتها الى الشمس والهواء و... الاخر. وسيكون النهم الجمالي في النفس البشرية- في لحظات تعبيرها الاقصى- هو نفسه : كلمات ذات رنين. موسيقى غامضة.. تشبيه مصرّ على الفوارق بين الاشياء. استعارة للامكنة واستدعاء للازمنة... وثمة دائما في الشعر بكاء ما على الاطلال: إن الاطلال، بوصفها المذنب الابدي والمؤلم، ستبقى محتفظة بلحظة شعرية لنفسها في نفس كل شاعر، منذ الرجل الذي قال:
بكيت من السراب وحين ولى وأوحدني... بكيت على السراب ِ
"أنا اكتب لأهدىء من عبء مرور الزمن"
حين لااريد ان احكي لأحد، في لحظة ألم أو وحدة أو هزيمة، " مالذي جرى لأخيكم" أجلس الى طاولة أعمل عليها منذ زمن دون جدوى. جلدها مزقته المشارط وانا أقصّ أوراقا وألصق صورا على بياض للارشيف الشخصي. وهناك غبار وكتب وفوضى. فلا اريد أن تتسخ نظافة مكاني، ولا أن يرتبني أحد. أمامي أوراق ويدي، فعلا، ترتجف. وأبدأ بالكتابة عن شيء اقرب الى حالتي.. كان بوسعي أحيانا أن ارى كيف أهدأ، وأصبح خفيف الجسد، بعد مقطعين خارجين من أنفاس حارّة لي ولآحد ما في كون التذكر الذي أنا فيه. لقد اخذ المهدىْ مفعوله في مالاادري من الاماكن السرية في روحي. وها أنذا أدخل مكانا آخر.
الشعر بالنسبة لي لا هدف ولا رسالة ولا خطة ولا شيء ثقافيا ولا حاجة اجتماعية و لاحضورا او غياب.
انظر الى خائف وعار ومعزول وجائع وفاقد... انظر الى عينيه، انظر ال عينيه، وسترى شيئا غريبا: " النزاهة والعري والحزن والتواضع".
الانسان ليس كبيرا جدا. ولكن مانتجه من الفنون دلّ على انه اراد لقامته وروحه مصيرا أفضل!
ســكون
لكل مرآته.
يقول لها:
صباحا سعيدا ً.
لكل نعاسه.
وعلائم يوم مضى
وليل مضى
وبقايا أمس لايعود.
لكل مرأة ُ.
وجه
زجاج
وأسارير
وحائط.
أدخل كل يوم
من الحائط ...
لأن مطرقة الحياة
تدق دائما
باب السكون.
لكل مرآته.
فبدونها
لاأحد
يستطيع دون جرح،
دون ألم،
دون أسف ...
أن يحلق
كرامتنه!
البدائي
لم أعد
كما كنت
فيمقتبل الثياب الجديدة
أبتسم
كالمضيف البدوي
لكل عابر... جميل.
في أزقة الحياة
عبست في وجوه غادرة
وقطبت في وجوه معادية
وكزّت الاسنان على الصمت.
وعيناي لم تعودا وديعتين.
وهكذا ...
بعد سنوات قليلة من الوقوف على ناصية العمر
في طرقات هذه البلاد ...
كونتُ لنفسي
ذلك القناع.
هكذا
حصلت
على وجه حزين
صباحا في ...
مرآة بيتي!
الغريب
من أراه آتيا نحوي
أظنه قريبي ...
إنه من فصيلتي.
يأتي فيسلم بكلتا يديه
لكنه، حين يعبرني،
ويمضي ...
أعرف :
" انه الغريب"
... ... ...
شارع سوف يبقى،
في مدينة سوف تبقى.
بشر سوف يولد من بينهم
مَن سوف يبقى ...
نعبرهم جميعا
يوزعنا التناثر اللغوي الحكيم
على جمل تسمي الشوارع
ويدلنا النحل على ارقام البيوت
... ... ...
في الظهيرة نرى فصيلتنا
ذاهبون الى مالانعرف.
بينهم من يسلم علينا
بكلتا يديه...
كأنه قريبي...
لكنه، بعد منعطف صغير،
نحو يمين او شمال
يعبرنا ويمضي...
فنعرف : ...
"أنه
ذاك...
الغريب"
الصديق
لولاك أيها الكائن الابيض الصامت.
أيها العاري
وفي صدرك مسماران لقميصي ومفاتيحي.
أيها الذي أراه كل ليلة
ويحكّ لي ظهري ...
الذي يحمي ظهري
من البرد،
والذي يستر
فكرة الرحيل
عن ترددي.
لولاك
أيها الأخ الصامد
في وجه الرياح ...
كنت أكثر حزنا.
أقل اتكاءً
على مرفقيَّ.
لولاك
أيها
الابيض
الشاسع
الخالد
الصامت
في بيتي
......
أيها الجـدار!!
صورتا الشاعر بكاميرا عبدالرحمن الماجدي