شاعرة سورية من مدينة اللاذقية على الساحل السوري. درست السينما في باريس. كتبت في الصحافة: "الحياة"، "الوسط" "نداء الوطن". صدر لها ثلاثة كتب شعرية: "ليس للروح ذاكرة" (1994، وزارة الثقافة بدمشق)،"على ذلك البياض الخافت" (1998، المؤسسة العربية للدراسات، عمان) و"قليل من الحياة" (2001 دار رياض الريّس بيروت).
لماذا أكتب الشعر
في البداية كانت الكتابة حاجة عضوية لكي أستمع إلى نفسي، إلى صوتي، لكي أرى اسمي مكتوبا وأنا الوحيد في الدنيا الذي يتحمل مسؤولية ما يقول ويكتب. وفي ذلك فطام عن مرحلة من الصمت فرضت علينا، كان المرء لا يجرؤ فيها على قول ما يريد. هي تحدٍّ لقمع السكوت العام الذي أضحى آلية سكوتٍ خاصة. تحدّ جمالي نذهب به في مغامرة البحث عن الذات في حياتنا. البحث ربما عن تقاطع هذه الخصوصية مع الذوات الأخرى من أجل المتعة أيضا. كنت أحتمي بالحروف الأبجدية في البداية أشعر وكأنني أضمّنها أفكاري لكي تكون المسؤول المباشر في التواصل مع الآخر. ثم صارت حاجتي إلى المتعة أشدّ، المتعة في التواصل دون أي رقيب سوى القلق. فصرت كمن يصرخ بعمق من أحشاء روحه، والصوت في مثل هذه الحالة لا يهمّ، ما يهمّ هو الصدى. أهدأ قرب القصيدة وأستمع الى صدى روحي إلى انعتاقي في تلك اللحظة، ومساحة الصدى كما زمان الروح ليسا ملكية خاصة، هما المكان والزمان المشترك للصدى الإنساني وللروح منذ الأزل ربما! فيحقق المرء بذلك أقسى أنواع التواصل، بمعنى أكثرها ألماً، بحكم اقترابها الشديد من الصدق. أعتقد! يخزّن الإنسان منذ الطفولة، أو منذ طفولات سابقة، آلية دفاعه عن ظـهوره وحضوره في الحياة، وفي لحظة شجاعة تنعتق هذه الخصائص الفردية لتعبّر عن الصدر الذي أرضعها. هناك من ينعتق شعراً، وهناك من ينعتق رواية أو صورة... لكن في الزمان والمكان الإنساني المشترك. وهنا تكمن متعة التواصل، بمعنى متعة المشاركة في تعمير الأثر الإنساني عبر السنين والدهور. أو ربما هكذا يتوهم المرء، الوهم الذي يساعده على الحياة.
قصائد مختارة
1
من نافذتي الصغيرة
المطلّة على الدنيا
ألقيتُ بنظري،
فدقّّّّت عليّ الدنيا الباب
وأعادته إليّ.
2
خائفةَْ ْ
حيثُ لا أََََثرَ لي
أرجوكَ ناولني
بعض الأشياءِ المبعثرة ِ بقربكَ
فقط ْ
لأبعثرها بقربيْ.
3
ليسَ للروحِ ذاكرة ْ
دوماً
دوماً
طريّة ومندهشة.
ليسَ للروح تجربة ْ
دوماً
دوماً
تحرق إصبعها.
4
لأَنكَ تحبُّ المنمنمات ْ
خلقني الله
وعلى خدّي شامة ْ.
مندهشة !
كيف لم تهدني بعد
الفستان المنقّط !
5
نظرتُ إليكَ
شعرتُ بأنك تشبه عيني.
لمستكَ
شعرتُ بأنكَ تشبه أَصابعي.
ضممتكَ
شعرتُ بأنكَ
أنت.
6
هذا الصباح
دون رحمة
انهالَ الضّوء.
بأمّ عيني
رأيت وحدتي.
7
هذا الصباح
على نافذتي
لانَ الضوء
وابيضَّتْ.
هذا الصباح
شفَّ الزجاج ُ
أشواقي.
8
يَمضي العُمرُ
وأنت ِ تجمعين َ
ثانية ً من هنا
لحظة ً من هناك
َوتَدَّخرينها في صندوق ٍ
بين الثياب
لأيام الفرح ْ.
يمضي العُمر ُ
وأنتِ
تسمعينَ الثوانيَ واللحظات
تُغنّي في صندوق الفَرَح
الذي أضعت ِ قِفله ُ العتيق ْ
حول رقبتك ِ
في خيط ٍ أَََخضرَ
كالعجائز.
9
فماذا أقتفي !
من بعيدٍ لمحته ُ..
كان كالعربة ِ السحرية ِ
يجرجر ُ الأضواءَ
والأجراسَ
والحكايات.
وكنتُ
كلّما غرزت ُ خطوة ً فيه
نبتَ فعلٌ ماض ٍ في موقع القدَم ْ.
لا أثرَ له
لا أثر ْ.
10
الرّّجُل ُ الذي يَمنحني صدرهُ
وأمنح ُصَدره ُحواسّيَ الخمسْ
يضعُ ـ منذ ُ زمن ٍ ـ تحت رأسي
مُجرّدَ قفصْ
ولا يعلمُ أنني
أعطي منذ زمن ٍ صَدرهُ
مجرّدَ رأسْ.
11
عشتُ معهُ
لأرى
كيفَ يحيا
بدوني.
12
امرأة ٌ
تنام على خدِّها الأيمن
وبكفها اليسرى
تخمِد ُ...
خدَّها الأيسرْ.
13
كم تغيّرَ وجهي
صارَ
صارَ
كوجه ِ صديق !
14
على شاطىءٍ في الماضي
تستوي فكرة الماء فيه
مع فكرة اليابسة ْ
...
كمحارةٍ فارغةٍ
تقلِّب الذكريات ْ
رأسي.
15
سأرسلُ لكَ جسدي
وأبقى.
فيه ما يكفي رجلاً مثلكَ
للحبّ.
وبي..
ما يكفي امرأةً مثلي
للبقاءْ.
16
أحبكَ
كما أنا.
17
سعيدة ٌ
وتعبة ْ
...
كأنني ذكرى.
18
هؤلاء البشرْ
صورٌ تذكارية ٌ
هذه النوافذ ُ
تجاربُ على فتح الأرضْ
...
من القبر
كم تبدو هذه المدينة ْ
حيّة ْ !
19
شارعٌ
من مارسيدس وإسمنتْ
نحن ـ بني المارّة ْـ
حبّاتُ عَرَقِهِ.
20
منذ ُ أوّل قبر ٍ مستطيل ٍ
فقدتِ الأرضُ
استدارتها.
قصيدتان
(خاصة بإيلاف)
1
مفتاحُ البيت
تبحث عنه الأصابع المرتجفة ُ
في الجيوب.
وحين تلامسه فقط
تتأكد..
من أن المسافة بين البيت والسجن
هي هذا الأمان الهشّ
الذي
كلّ يوم ٍ.. كلّ يوم ٍ
يخشخش في جيوبنا
كاحتمال جَرَس ٍ
يشي
بانقضاء وقت التنفسْ !
2
مغامراتٌ
يا للهشاشة
أفضت كلّّها
إلى..
الحكمة.