ولدت في المنامة (البحرين) عام 1969. تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في مدارس البحرين. نالت درجة البكالوريوس في الأدب العربي والتربية من جامعة البحرين عام 1993. نالت درجة الماجستير بامتياز في الأدب العربي من جامعة عين شمس بجمهوؤية مصر العربية عام 1997.
تحضر لنيل الدكتوراه. لها دبلوم دراسات عليا في الأدب العربي من جامعة عين شمس (القاهرة)1995. تعمل منذ عام 1988 كمذيعة نشرة اخبار تلفزيونية رئيسية وتعد برامج اذاعية وتلفزيونية وتساهم بشكل فعال في الانشطة الثقافية والاذاعة المدرسية. كما تعمل حاليا بقناة دبي الفضائية مقدمة عدة برامج منها حوارات مع اهم الأسماء والأعلام في مجال الفكر والأدب بالوطن العربي، وبرنامج "نوافذ على بحر الخليج" و"مساء الخير يا دبي".
قصائدها ومقالاتها موزعة في صحافة البحرين. أدت ادوارا مسرحية ونالت عليها جوائز كما شاركت في مسرح العرائس. لها "تقنيات التعبير في شعر نزار قباني" وهي دراسة اسلوبية جمالية، ومجموعة شعرية "رجولتك الخائفة طفولتي الورقية" (كلاهاما مطبوع في المؤسسة العربية للدراسات والنشر). على وشك الانتهاء من اطروحة الدكتوراه تحت إشراف الناقد د. صلاح فضل، بعنوان: "دراسة في الجسد واللغة" تتناول نص المرأة في الخليج من 1975 الى 2000

نكتب الشعر لنسأل عالمنا ولا نكتب لنجيب....

أكتب، وفي ظني ان كتابتي ثمرة سلسلة من مغامرات مع اللغة فيها هدم وشطب ورفض وقبول. حفظ وتعلق بمعنى آخر علاقة غير مستقرة مع اللغة، وهذه العلاقة القلقة المتوترة يمكن وصفها بأنها علاقة غجرية.
المغامرة مع اللغة بجرأة، ومن دون حسابات اجتماعية هو ما يملّكنا حريتنا في الكتابة، اذ ذاك تتحول اللغة الى مخاض حقيقي لقصيدة ستولد وتشبهني. هذه المطاردة للصور والمرئيات، للغة وتحولاتها، وتلك المكابدة لتكسير الحواجز وتجاوزها والوصول الى صيغ تلبي ما يمور ويتحرك ومن ثم يتفتح في النفس الشاعرة وفي الذات المنفعلة بأعماقها والمأخزذة بعالمها، هو مسرح خلق القصيدة، وهو معترك شرس وارض دامية للسؤال. نكتب الشعر لنسأل عالمنا ولا نكتب لنجيب....
ان الأهم في العلاقة مع اللغة لي كشاعرة هو السوؤال حول مدى قدرتي في السيطرة على الأدوات لإدخال اللغة في حركية منطقة الخلق، بعيدا عن ثبات الجاهزية، وهذا لا يمكن أن يتحقق لنا كمبدعين عن طريق ربط اللغة الشعرية برموز وأبعاد ثقافية محضة (تثاقف شعري علوي) بمقدار ما يتم عن طريق إقامة علاقات توازن (لما يتحرك مجهولا في أقنية الشعور) بين أقصى الانضباط ونهايات التحرر خلال عملنا في اللغة، أعني أيضا نحت طريق مقتدر لجريان التلقائية وتحقق المفاجئ خلال مغامرة الكتابة كيما نستطيع أن نتحدث عن شيء يشبه الولادة. كل كتابة شعرية جديدة حتى تكون مبدعة لابد لها أن تخلق علاقات جديدة في اللغة، وخروجا على ما سبق وقرأنا وأحببنا ونشأنا عليه من علاقات الكلام.
أنا مع شعراء "قصيدة النثر" الجدد الذين نادوا باستبدال المصطلح بـ"القصيدة الحرة". لأن التسمية هذه لا تانطبق حقيقة على قصيدة التفعيلة، وانما على الشكل الذي سمي مجازفة وتعسفا بـ"قصيدة النثر" الأمر الذي أشكل على القارئ العربي الذي ينتمي الى ثقافة شعرية عربية عريقة تميل الى إقامة الفرق بين النثر والشعر بصورة تكاد تكون عقائدية. إن اهمية "القصيدة الحرة" أعني "الجسم" و"المصطلح" معا أنها لا تلتزم بنظام مسبق ومأثرتها أنها تنتج شكلها ونظامها، وتولّد شعريتها الخاصة، من ذلك السعي الى اختراق المجهول الى ملامسة ما لا اسم له، ما لم يُعرّف، ما لم يكن في سابق تاريخي. الشكل الحر إذن هو هذا الشكل المتحوّل الفريد لكونه يستوعب ما هو غير مسبوق في تجربة شعرية مفتوحة على الاحتمالات كلها، لغة وايقاعا، وحالات، وموضوعات، الخ.. وبالتالي على ما يدهش ويفاجئ، باستمرار، ويمكن أن يُستنكر، وهذا لا ينطبق تماما على قصيدة التفعيلة التي لم تنجز قطيعة مع الإرث الفني في الشعر العربي، ولم تذهب في تمرّدها على النظام القديم ما ذهبت اليه "القصيدة الحرة".

مختارات من "رجولتك الخائفة طفولتي الورقية"

هبوبٌ
ها أنا، على الضَّبابِ المُقصّب في الهواءِ،
أعدو في فحولةِ الضّوء على الأرضِ،
أرى البحرَ ينضحُ، والماءَ يتشَقّقُ...
أفضي إلى البحر يُشذّبُ المدى،
إلى النّار تاركةً أصولَ الليلِ.
وفي النور، أجتازُ صخبَ الرّوحِ..
هو النّهارُ،
أخيراً..
ليتني أندلعُ في فوضى النّهار.
تحت هشيم غربتي، كالغيمة المنفردة، أعودُ شاهقةً معك
لعلّي أحاذرُ سخطَ المبعدين،
وأضيء قلبَكَ ساعةَ الهاوية.
زهرةُ النار
مع رذاذ يتسكَّعُ على زجاج الحواس
مع انتشاء الخُزامى في ليلٍ
مع انطفاء السّرابِ
بعيدا عن هواء البراري
مع حمّى القلبِ،
واحرَّ؛
مع دمِ الندّ الطّافحِ
في زَهوٍ،
تُقبلُ،
مع انكسار النّجم على خصر الفَراشةِ
نهارَ النزوحِ تظليلَ الأماسي،
ترجَّلْ
تلك مدنٌ متدليةٌ كأعناقِ الملحِ
وزمنٌ يرتجُّ منذُ ومضةَ الميلاد
ترجّلْ
وانزلقْ الى عُنُقِ الظُّلْمةِ
إملأْ بقسماتكَ ضريحَ امرأةٍ
لم تلمسْ، بعدُ، أزهارَ النارِ
لم تُربكْ الملكوتَ
ببشرى حداد
قُمْ
ليس أمراً شاسعا لكنه الصّدى الرَّمليُّ
ما يغريني كحصباءَ تُقتلع.
بجنبِ المعنى لأُزجيكَ إلى سرّ يَنبَجِسْ.
وحشةٌ مُدجّجةٌ
مدينةٌ نائمةٌ، والجموع في الأسرّةِ.
عقربُكَ يسقي الميزانَ عَتمةً
تحتَ سماءٍ مختومةٍ بخمرةِ الغياب.
عذابٌ مُرهقٌ يُلهبُ أصابعكَ بنبوءات البراري،
لعله يتذكّرُ فيضَ الكلمةِ
وهي تعودُ الى عزلةِ لوعتي
وتُرهفُ الى حفيف فرشاتكَ.
بالضجرِ
على حافة الحلم
أنتظركَ،
في وحشةِ التصاقنا، وفي هَمهماتِ الأجراس
حين كانت أجنحتنا مدجّجةً بأزيزِ القلق.
هكذا وجَدتْ علاممتُنا نشيدَ القلبِ الغابر.
الضوء المدمّى
I
ألمحك في الأمكنة العاشقةِ
وطناً غائباً،
وفي لحظة البنفسجِ المرَعَةِ على دهشةِ القرى.
أيامٌ بر حبٍّ،
ومصائرُ
كلّما جئنا طفولاتنا.
قمْ لننجبَ الزمنَ المدمّى.
هاهم يوقدونَ الشّعلةَ في بوّابة الهواجس،
يقيمون في أماسي القلوب،
ويشترون بصَخَبنا ممالكَ الخيال.

II
أنتَ السّهلُ يدخُلُهُ فتى ساعةَ الهَجرِ
الصّفصافُ في فرشاتكَ،
والضوءُ والنّصلُ.
سِرٌّ في الفجر يَحملكَ
نهراً
كالصّرخة بينَ الأهواء.
وسَحابةٌ تمرُّ بالفَراشِ
باكيةً،
وملفوفةً بالنأْماتِ.
III
بالفرشاةِ،
كنتَ تذهبُ في الخفّةِ مرّاتٍ،
بينما القمرُ يخْتطفُ صلاتكَ
ويعود من شدّةِ التواري.
ما كانت المدينةُ تحيا، أيّها الحبيبُ،
وكنتَ هناكَ تصْنعُ جبْهةَ الدُّميةِ..
يا سيّدَ العَدَم.. ما أنتَ؟
مرّةً تختبئُ في تأوّهاتِ العارفين
التاركين
خطواتهم
في
دموع
الأسوار
ومرّاتٍ تجيءُ إلينا
نحنُ الذين يَخْتَطفنا الياسمينُ إلى رذاذِ القُبور.
يأخذني عالياً
مُطْلَقاً،
حُبّكَ
كانَ
يأخذني
كلَّ مساء
من ركْوةِ القهوةِ، وأشياءَ كثيرة،
عالياً،
إلى عُزلةِ الكهنةِ ومغاور الحُور
كنتُ أحملُ جَهْمَ النِّساءِ وتوجّس الليل الوئيد.
قلتَ لي: انْهمري
وسقطنُ في غيمٍ يكادُ
لكأنّ قلبيَ كان يحتاطُ ارتباكاتِ النّهارِ
وفوضى المَعراج.
أسرعتُ الّلحاقَ بجُلجلةِ السّراةِ
ونسيتُ غَضَبي
ما بين المهْدِ الأحدبِ، والنّزقِ المُتْرعِ بغيثِ الجسد،
آويتك إلى شفتيَّ.
رميمُ العَرَضةِ*
في الجِّهة الأخرى منْ مرسمكَ
حينَ النّداوةُ تعدو في عيد ألوانكَ
أزدادُ في القصيدةِ زينةً
وتفيضُ أنتَ حريراً في بَريقَ النّشْوةِ
معاً نَعبُرُ بالأفواه إلى نداء الحُصون..
كما لو تشعلُ ثوبي بريشتكَ الجافّةِ
وتأخذني إلى تمثال العرّافة ولوحةِ الجدّةَ
إلى عويل الانتظار وجنازة الأقنعة،
والهائمةُ أنا في غبشكَ السّريِّ
الهزيلةُ في موعد قُبلاتكَ
أضيءُ، معك، جسدي في غَفْلةٍ تتهيأ لرواية مبتورة.
أيّها الحادثُ النائم في وسادتي
نجمةً تباغتُ هزيمتي،
وفي رقصةِ الصّحراء
أراكَ
تحيلني إلى اصطيادٍ مُحْتشد.
وجهان
في نشوة اللّيل،
هنا،
أنتما على أطراف الخطيئةِ
صوتان في دم التّجربةِ
وراءَ نُعاسِ الملوكِ،
في فُسحة الخراب، على عزفٍ مُختلسً
لكما غاباتُ النَّرْد مطرّزةً بالأنقاض،
ونيسانُ الطارقينَ على شبابيك أليسار.
لنا جوعٌ شاغرٌ في أضرحةِ الرّمان،
لنطوفَ بذنوبنا في قرارةِ السّيول.
ثمة وقت
إلى نزار قباني

الآنَ، على مفترقِ الوقْتِ
تَخترقُ الصلواتِ، وترمي بجذوةِ أوردتي للعابرين.
هنا تنسَلُّ كلماتي كالضّوءِ
ملّكْتُها خديعةَ الغُرباء،
خطيئةَ الأجنّةِ،
حَناجرَ الملحِ..
لمّا تُبصرُ الظلَّ المُحَرَّم ترحلُ أعناقُها خِلسةً.
الآنَ، على مفترقِ الوقت.
* العرضةُ: من الفنون الشعبية في الخليج وتسمّى بـ"رقصة الصحراء"