نحن نعلم مدى المسؤولية الملقاة على عاتقكم ونحن نقدر جهودكم المبذولة لتطوير الجامعة وبمناسبة إنعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب دورته نصف السنوية العادية في الثامن والتاسع من سبتمبر الجاري في القاهرة ونحن نعلم إن الاجتماع سيتمحور بشكل خاص حول تطورات القضية الفلسطينية بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة وغيرها من المواضيع الهامة على الساحتين العربية والدولية.

ولاشك أنكم تتابعون بقلق بالغ الأخبار حول هذه القضايا وخصوصاً ماتناقلته وكالات الأنباء بخصوص رفض إسرائيل لعودة اللاجئين من أبناء قطاع غزة الى أراضيهم التي شهدت جلاء المستوطنين عنها أخيراً.

ولاشك أنكم وإخوانكم من زعماء العالم العربي تتدارسون مصير أبناء القطاع الموجودين في المخيمات على الأراضي العربية وهناك وجهات نظر مختلفة فمنهم من رأى أن ذلك سابق لأوانه ومنهم من يرى بضرورة التنسيق مع السلطة الفلسطينية كما هو الحال ضرورة التنسيق مع الحكومتين الإسرائيلية والأميركية وبعض الدول المؤثرة في القرار الدولي.

وتعلمون أيضاً أن بعض الدول العربية ترزح تحت فقر مدقع الأمر الذي يجعلها تتلقى مساعدات من أمريكا وبالتالي لن يكون قرارها نابع من ذاتها وإنما ستكون هناك إملاءات مفروضة عليها، فهناك إتفاقيات سرية بهذا الخصوص مرتبطة بالقوانين الأمريكية التي تحظر تقديم مساعدات ومنح للدول التي لاتصادق على هذه الإملاءات.

إن المساعدات الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية تذهب فعليًّا لصيانة المنظومة الإقليمية التي تحافظ على المصالح الأمريكية والغربية والصهيونية في هذا الجزء من العالم، وتمنع بالتالي تطوره الاقتصادي والسياسي الحقيقي، مع العلم أن أكثر من نصف المساعدات الخارجية الأمريكية في العالم يذهب تقليديًّا للشقين الأمني والعسكري.

وهنا نرفع لمعاليكم ما يتبادر الى ذهن اللاجيء العديد من الأسئلة بخصوص عودة اللاجئين نوجزها فيما يلي :

بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة هل سيعود أبناء المخيمات الى قطاع غزة ؟

ماذا سيفعل مناهضوا التطبيع والتجنيس في حالة إصرار إسرائيل على عدم العودة ؟

ماهو موقف الجامعة العربية من هذه الأزمة ؟

هل هناك جدول زمني لعودة بعض اللاجئين من أبناء قطاع غزة ؟

هل سيبقى أبناء المخيمات بدون تجنيس أو توطين ؟

ماذا ستفعل الدول العربية إزاء رفض إسرائيل عودتهم الى قطاع غزة ؟

هل سيحق لهم زيارة أقاربهم في قطاع غزة ؟

ماهو موقف الدول التي يتواجد أبناء المخيمات على أراضيها وترفض التوطين أو التجنيس ؟

هل هناك صفقات دولية بخصوص تسوية أوضاعهم ؟

ما أثر عدم العودة على التطبيع مع إسرائيل ؟

ماهو موقف الأمم المتحدة من المسألة ؟

ماهو دور منظمات حقوق الإنسان من هذه المشكلة ؟

ماهو الدور الذي ستلعبه منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بعد الإنسحاب ؟

ماهو موقف أمريكا من هذه المسألة ؟

ماهو موقف الدول الأوروبية من هذه المسألة ؟

ماهو موقف السلطة الفلسطينية من هذه المسألة ؟

ماهو موقف الفصائل من هذه المسألة ؟

ماهو موقف أبناء المخيمات أنفسهم من المشكلة ؟

ما أثر عدم العودة على الإرهاب في المنطقة ؟

وهنا سنؤكد على حقيقة هي أن عودة اللاجئين أو بقائهم في مخيماتهم أو توطينهم أو تجنيسهم مرهون بموافقة إسرائيل ومن يساعدها ومن يحافظ على إسترضاءها ويطبق سياساتها ولن تجدي معها المبادرات نفعاً بل هي ذر للرماد في العيون التي إبيضت من الحزن على الأقصى ولن تقتنع إسرائيل بجدوى مثل تلك المبادرات إلا مقابل إمتيازات ستجنيها إسرائيل حتماً من وراء ذلك الإنسحاب المنقوص إذ لا سلطة للسلطة على المعابر البرية والبحرية والجوية.

ومنذ النكبة عام 1948م وكل النتائج تصب في مصلحة إسرائيل منذ قيامها لإنها تعرف كيف تستفيد من تسارع الأحداث وتجيره لصالحها بإمتياز، والجامعة العربية بحاجة الى تنسيق المواقف والعمل الجاد من أجل الخروج بحلول مشرفة على الصعيدين العربي والدولي وبيدكم الكثير من الوسائل التي لو أستغلت بالشكل المطلوب لأصبح حال اللاجئين أفضل نسبياً.

ومعلوم لديكم أيضاً إن الحاجات الغريزية والحضارية والتي تعتبر عناصر رئيسية وجوهرية في حياة كل فرد. حيث تتولد حاجاته من الرغبة في البقاء والمقدرة على العيش والاستمتاع بتجارب وخبرات اجتماعية حضارية محددة. وتثير هذه الحاجات المتسلسلة هرميا" الدوافع التي تدفع الشخص لأن يتصرف بطريقة ما لا يمكن معها لما يسمى بحاجاته العليا أن تشبع (تلبى) ما لم تشبع احتياجاته الدنيا.

وهو ماتسعى إسرائيل دوماً على أن يبقى اللاجيء يلهث وراء لقمة العيش حتى لايجدها ودخلت الأمة في جدل لاطائل منه بخصوص حق العودة والتوطين إستمر لسبع وخمسون عاماً، وساهمت الجامعة بالقرار رقم 1547الصادر عام 1959م في بقاء اللاجيء في المخيمات دون إعطاءه حقوقه المدنية التي ينشدها الجميع.

فهل يتكرم المجتمعون في إعادة النظر في هذا القرار وغيره من القرارات التي هي بحاجة الى إلغائها أو تحديثها وبما يتناسب مع المعطيات السياسية الحالية ولاسيما أن اللاجيء تعود ان يكون هدفا لشعارات ووعود طموحة تدغدغ طموحاته وتواسي آلامه رغم أنه يعرف من خلال التجربة أن أكثر هذه الوعود لن يتحقق، وليس غريباً أن يبقى وضع هذا اللاجيء على حالة والعديد من الدول العربية والإسلامية تسعى وتستعد لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

مصطفى الغريب – شيكاغو