يخوض وزير الثقافة المصري فاروق حسني معركة للفوز بمنصب أمين عام منظمة اليونسكو. والحقيقة ما أكثر المعارك الوهمية التي يتم صناعتها والخوض فيها بعيداً عن المعارك الحقيقية التي يجب أن نخوضها مثل الإرهاب الفكري والتخلف الحضاري والفقر الفكري والجهل الثقافي لفئات كثيرة في المجتمع، ناهيك عن الفقر التعليمي والمادي والبطالة وغيرها من مشاكل العالم المتدني جداً الذي نعيش فيه منفردين يتعجب لها الداني والقاص من دول العالم الراقية والمتخلفة.

اعلنت وزارة الخارجية المصرية أنها تنسق مع وزارة الثقافة لترشيح الفنان فاروق حسني لمنصب مدير عام اليونسكو، ذكر هذا الخبر في جريدة الأهرام المصرية 14/8/2008.
وقبلها كتب الأستاذ مجدي صادق في جريدة القاهرة 1/7/2008 مقالة بعنوان: لماذا لا يتخلص الإعلام العربي من أمراضه وعقده ويساند quot;فاروق حسنيquot; في معركته لليونسكو؟!
وقال الكاتب في مجمل حديثه: متى يوجد لدينا ثقافة quot;الإعلام المسئولquot; الذي يجب أن يتخلص من أوجاعه وأمراضه، وعقده النفسية، وذاتيته، وأنانيته ليساند رموزنا quot;اختلفنا أو اتفقنا عليهquot; في مواجهة حملات كراهية منظمة ومعارك كسر عظام على المناصب الدولية؟

يحوي عنوان مقال الأستاذ مجدي صادق مشكلتان يجب معالجتهما إن عاجلاً أو آجلاً وهما:
1.عدم التوافق العربي ـ العربي الإعلامي، وهذا يحتاج إلى مزيد من العلاج وتطهير الجراح على المدى الطويل وليس مجموعة شهور متبقية على المنافسة.
2.هذا يجرنا إلى تخمين عدم مساندة الوزير المصري عربياً، فهل نحلم بالمساندة الأجنبية وأبناء جلدتنا لا يتوافقون معنا؟

ثانياً: الكاتب أسامة غريب وله كتاب quot;مصر ليست أمي.. دي مرات أبوياquot; والمنشور خمس طبعات في النصف الأول من 2008 فقط كتب مقالة بعنوان: فاروق حسني مديراً لليونسكو.. افرح يا قلبي! : quot;مصر يا سادة ليس لها أي وزن دولي يحمل أحداً على احترامها أو تأييد مرشحها، وهذه الانتخابات للأسف لن تديرها وزارة الداخلية...quot;.

ثالثاً: ليسمح لي القارئ الكريم بمجموعة ملاحظات وأسئلة لوزير الثقافة المصرية والمسئولين عن مصر:

bull;الفنان المبدع فاروق حسني أحد وزراء الحكومات المصرية المتعاقبة التي أدت بأغلبية الشعب المصري إلى الجوع المادي والفقر الفكري على كافة المستويات، فكيف يثق فيه العالم ليدير منظمة الثقافة العالمية ـ اليونسكو ـ في ظل تردي الأوضاع العالمية الاقتصادية وتوتر العلاقات السياسية؟

bull;في عهد الوزير الميمون وصل التمييز الديني والتفرقة العنصرية في نشر ثقافة الفكر الديني الواحد حداً كبيراًً رآه كل العالم وشهد به الجميع عن مقدار الظلم الواقع على بقية أصحاب الديانات الأخرى من تمييز في نشر الثقافة الدينية لمن يدفعوا الضرائب مثل بقية أخوتهم من المواطنين!!! وخير مثال على ذلك التمييز الديني للكتب التي تقوم بنشرها الوزارة من خلال مشروع مكتبة الأسرة.

bull;وزارة فاروق حسني لم تتحمل غير الثقافة الوهابية من السُنة نابذين كل فكر شيعي وبقية المذاهب الفكرية الإسلامية ـ هذا فقط على صعيد الفكر الإسلامي ـ فكيف نطالب بقية دول العالم المتحضر التي تكرم الإنسان أن تأتمنه على ثقافة الأديان الأخرى؟؟

bull;تمييز أصحاب الديانات السماويةغير المسلمة.ألا يعلم سيدنا فاروق حسني أن بقية أصحاب الديانات الأخرى ـ التي يمنعونهم حتى من التنفس في مصر ـ يرون أن دياناتهم سماوية أيضاً ومُنزلة من عند الله الذي لا شريك له في المُلك؟


bull;يدخل السيد فاروق حسني معركة الترشيح لأمانة اليونسكو بفكر كراهية إسرائيل رغم أن السياسة العليا لدولته تتعامل في الخفاء والعلن مع إسرائيل طبقاً لاتفاقيات دولية وعقود على مستوى الحكومات والرؤساء، والعالم أجمع يتعاطف مع إسرائيل كدولة ويعترف بها وبثقافتها، ونحن حتى الآن لا نزال نمنع دخول أو ترجمة حتى مجرد رواية إسرائيلية. أية تناقض وأية كراهية نعيشها تلك مع الآخرين؟ وبعد ذلك كيف يقبلنا العالم المتقدم الذي يعطي قيمة للإنسان أياً ما تكون هويته؟

bull;سؤال بصراحة، هل يرضى الاحتلال السلفي والتداخل المستمر في كل الشئون الداخلية والخارجية لمصر بأن تقود اليونسكو؟

bull;في مصر بعد حوالي مائه وخمسين عاماً على دخول وانتشار الديانة البهائية وتواجد البهائيين في مصر، وبعد أن كانت تعترف بهم الحكومات السابقة على مدار عشرات السنوات الماضية كمواطنين مصريين يعيشون على أرضهم ويدفعون ضرائب ودافعوا عن البلد بدمائهم مثل كل المصريين سابقاً، واليونسكو الآن اختار(تم هذا يوم8/7/2008) الأماكن المقدسة للبهائيين في حيفا لكي تكون أحد المواقع الجديدة في قائمة التراث العالمي لليونسكو. بعد كل هذا لا تزال الحكومة المصرية وثقافتها ووزرائها وشيوخها الذين يحركونها لا تعترف لا بالديانة البهائية ولا بالمواطنين البهائيين كمواطنين لهم حق الإنسانية في بلدهم. يا عزيزي فاروق حسني، العالم كله يعترف بالبهائية والبهائيين وأنتم في مصر لا تعترفوا بحق الإنسان في أن يختار ما يعتقده أو يدين به، وبعد ذلك هل تثق في اختيار العالم لك لكي تكون أميناً لليونسكو؟

يا سادة يا كرام، ملف مصر الدولي غير نقي في احترامنا لحقوق الإنسان وثقافة المختلفين مع ثقافة الأغلبية. إن القليلين من دول العالم المتحضر هم الذين يحترموننا لا لجمال عيوننا ولكن لأننا بلد كانت فيه حضارة علمت العالم قديماً. إن الكثيرين يشفقون علينا الآن كمريض شارف على الموت. تحنو علينا بعض الدول من باب إنسانيتهم. لكن أبداً لا يمكن لدولة عاقلة أن تختار دولة مريضة لكي تقودها.
أنا لست متشائماً. أنا لا أدعي قراءة الفنجان بأن فاروق حسني لن يكون أميناً لليونسكو. أنا يهمني ملايين الدولارات التي ستفقد من هذه الحملة عديمة القيمة إلا من مزيد من التغييب للشعب المصري والمثقفين المحترمين الصامتين.

يا سادة هذه الانتخابات لن تقودها وزارة الداخلية المصرية التي تُنجح مَن تُريد وتسقط مَن تريد. في هذه الانتخابات لن نستطيع حرمان المنافسين مِن خوض المعركة باعتقالهم أو رفض طلباتهم.

يا سادة لقد انكشفت مصر دوليا بحصولها على صفر في نتيجة المنافسة على اختيارها لتنظيم كأس العالم 2010. يا سادة لا يثق بنا العالم لملفنا الأسود في كراهية شعبنا وأنفسنا.

لا تتقدم للمعركة يا فاروق حسني حتى لا تكشف عن وجهنا الكاره للآخرين والمفلس في علاقتنا بالخارج.

أيمن رمزي نخلة
[email protected]