اشعر ان الواجب الاخلاقي يدفعني بأستمرار للحديث عن الخدمات الانسانية الكبيرة التي قدمها لي المسيحيون كأفراد ومؤسسات من باب الأعتراف بالجميل، وتعريف القاريء العربي بالمعاملة الانسانية الرائعة التي يلقاها المسلم وجميع البشر من قبل المسيحيين.


كنت مفلساً وضائعاً في سوريا لمدة 7 سنوات لغاية قبولي في الامم المتحدة وموافقة أحدى المنظمات المسيحيية على استقبالي ودفع ثمن تذكرة الطائرة الى الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ان هذه المنظمة تعرف أنني عربي مسلم.


وحين وصلت الى الولايات المتحدة كنت ابلغ من العمر 37 سنة وشعرت لأول مرة في حياتي بالشبع من الطعام، فطوال عمري كنت جائعاً محروماً من الكثير من أصناف الطعام، وفي أميركا المسيحية غمرتني بنعمها الوافرة وخيراتها الكثيرة، وصرت أتناول مختلف انواع الطعام التي كنت أحلم بها في البلاد العربية!


وفي أمريكا المسيحية أتلقى أفضل انواع العلاج الطبي والضمان الاجتماعي، وحصلت على الجنسية وعلى أهم جواز سفر في العالم، وأنتهت معاناتي مع السفارات العربية والاجنبية التي كانت ترفض منحي الفيزا وتطردني شر طردة بسبب جواز سفري العراقي!


وفي أمريكا قام أصدقائي المسيحيون من اصول عراقية بتقديم مختلف المساعدات الانسانية النبيلة، بعضهم أهداني أكثر من مرة جهاز كومبيوتر، والبعض الاخر أهداني أثاث للبيت، ودفع فاتورة الهاتف والانترنت، والبعض الاخررفض استلام الأموال التي أقرضني اياها، ومازالوا أصدقاء أوفياء يجسدون دعوات السيد المسيح الى المحبة والخير والاخوة الانسانية بين البشر.


من المؤسف جدا ان يتعرض المسيحيين العراقيين لجرائم التهجير والأرهاب، وهم أصل العراق ونبعه وتاريخه وعطر حضارته الذين أسسوا للخليقة بواكير الابداع الانساني في الابتكارات والاكتشافات، لقد كان مسيحيوا العراق قبل دخولهم المسيحية وبعدها منذ حضارة سومر واشور وبابل... كانوا شعباً مبدعاً وضع أسس الحضارة الانسانية الاولى، وكانوا شموع بلاد الرافدين.


فأي عار شنيع يلحق بمن يحاول الأساءة الى احفاد حضارة سومر واشور وبابل، لقد أرتكب العراقيون سابقاً غلطة العمر بأضطهاد ابناء شعبهم اليهود وأعتدوا عليهم وعلى ممتلكاتهم واسقطوا الجنسية العراقية عنهم، واليوم بغض النظر عن من يضطهد المسيحيين سواء الميليشيات الكردية أو الجماعات الارهابية.. فأن هذه الجريمة ستكون وصمة عار ثانية في جبين الشعب العراقي.

خضير طاهر

[email protected]