مثال الالوسي حوّل quot;الأمة العراقيةquot; الى quot;المؤتمر الوطنيquot;:

ان تحول الخطاب السياسي في اجندة الالوسي يثير اكثر من تساؤل فبعد ان كان الاداة الفاضحة لممارسات الارهاب العالمي الذي يقوم به تنظيم القاعدة quot;العربيquot; في العراق نراه قد تحوّل وبعد وصوله الى البرلمان الى اثارة ايران quot;الفارسيةquot; ومن يلتقي معها من quot;العملاءquot; وذلك وفقا لتعبيراته من دون مراعاة ولادبلوماسية وبلا ادنى حرج وبكل قوة وهو مايحرج مريدي ومؤيدي مشروع quot;الامة العراقيةquot; في كل مكان وفي مقدمتهم كاتب السطور. تحوّل لم يعهده الشعب العراقي في مسلك الالوسي وطريقته فثارت شكوك حوله وتساؤلات طفت على السطح حول جدية وفاعلية ومصداقية مشروعنا في تأسيس quot;امة عراقيةquot; تشكل الغالبية العظمى فيه البعد الاسلامي لايران شئنا ام ابينا خصوصا وان هؤلاء القوم هم الذين اوصلوه الى قبة البرلمان في النجف وكربلاء وباقي مدن الوسط والجنوب الشيعيين. أضف الى ذلك فان تركيزه على الدور الايراني في العراق تحديدا وغض الطرف عن دور الاخرين مثلا وتحديدا في الاونة الاخيرة كان مثار حنق علينا جميعا حتى اعتبر الاخرون الالوسي ومن يسانده اداة اميركية-اسرائيلية مكشوفة لايجب ان تستمر في العمل السياسي العراقي الذي بني على اساس قاعدة quot;التوافق السياسيquot;، تلك القاعدة التي لاتعبّر عن ديمومة المشروع الاميركي ولا تحفظ لبعض دول الطوق العراقي تحديدا موطأ قدم مقبول لها في العراق وهو ما ينبأ بتداعيات تخل بالتوازن الاقليمي لتعيد السيناريو اللبناني في اللباس العراقي وهو توازن مختل ترى فيه الدول العربية عموما يحفظ الغلبة لايران في موضع اخر من جسد الامة العربية بعد لبنان. اذن هو صراع دولي وليس مجرد زيارة او حضور مؤتمر لمكافحة الارهاب لذلك كان حريا بالالوسي ان يتنبه اليه ويعطيه حذر اكبر.

مثال الالوسي وكما عرفته عن قرب لايأبه بما يدور من حوله من تقلبات على الساحة العراقية التي اصبحت بيد المخابرات الدولية وليست الاميركية فقط وهو قصور لم يلتفت اليه رغم نصحي له ومشورتي اليه. في احدى المرات استذكرت معه ما جرى للدكتور احمد الجلبي من قبل وبما يجري للدكتور اياد علاوي وقتها وقلت له بالحرف الواحد quot;أبا ايمن لن يكون مصيرك بأفضل من هؤلاء فتنبّهquot;! مرة اخرى تثبت الايام ان الرجل يصغي الي ولكنه للاسف الشديد يفعل مايقوله الاخر ولازلت في حيرة من امري لسبب هذا الفعل اهو تحيز مذهبي ام قلة خبرة في الفراسة ام قراءة خاطئة لمجريات الامور ليس الا؟!

أحسست بأن الرجل يريد ان يثبت وبالتحديد للمؤتمر الوطني الذي يتزعّمه الدكتور احمد الجلبي انه رجل قوي وقادر على ان يرجع الصاع صاعين وفي مكنونات الرجل نوع من quot;الثأرquot; وهو رد فعل شبه طبيعي لما جوبه به من اقصاء وتخلّي من رفاق الامس وذلك على اثر زيارته الاولى لاسرائيل وتجميد المؤتمر الوطني لعضويته فيه. زيارة اخرجته الى العلن وكنت قد نصحته الا يكررها وان يقلل من تهجمه على ايران وسوريا تحديدا وان كان يريد السياسة فعليه ان يدرك انها مجال فسيح لايقتصر الامر فيها على دعم اميركا او اسرائيل اللذين كان يرى فيهما مفتاح نجاحه وسبب سعده وهناءه وهو امر ليس بالطبيعي كما ليس بالصحيح وقد اثبتت الايام صحة مقالتي. في هذا الاطار استغل الالوسي مصداقيته في الشارع العراقي الشيعي ليسحب اعضاء المؤتمر الوطني برئاسة الجلبي الواحد تلو الاخر خصوصا وان الاخير لم يحصل على مقعد في الانتخابات الاخيرة. برأيي ان الكثرة كانت الهم الاكبر والتحدي الاضخم بين الرجلين وليست النوعية لذلك يمكنني القول ان مشروع quot;الامة العراقيةquot; قد تحوّل بالتدريج الى نسخة من المؤتمر الوطني ولكن برئاسة مثال الالوسي خصوصا وان كل الذين تركوا الجلبي كانت لهم اطماع في مراكز مهمة ووضائف عالية لم يتمكن الجلبي من تأمينها لهم.

قرار رفع الحصانة عن السيد مثال الالوسي وان بدا لاول وهلة تصفية لحسابات الاخرين معه ولكن جوهر القضية لايخرج عن عدم اتخاذ اي اجراء بحقه سيحرج مجلس النواب والحكومة على كل الصعد والمستويات واولها الجماهيرية والنقابية فضلا عن الاقليمية والدولية لذلك كان لابد من تحرّك. بيد ان سكوت الحكومة والبرلمان على التصريحات التي ادلى بها من اسرائيل يعني المشاركة وربما التحرك بذات الاتجاه وهو اتجاه بالضد من قناعات الكتل الاخرى التي لديها من المشكلات مايكفي سواء مع دول الجوار او مع قواعدها بشكل خاص والشعب العراقي عموما. والاسئلة الجوهرية التي يجب ان تكون عليها الاجابة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار والتي لم يكن تصريح الالوسي الا عنوانها فيما هي: هل من مبرر للبرلمان العراقي الوقوف بوجه ايران خدمة لاسرائيل وهل ستحقق تلك المواجهة للشعب العراقي اية رفاهية وتقدّم؟! لماذا يدفع البعض بالعراقيين لانتهاج منهج النيابة الدفاعية عن المصالح الاسرائيلية والاميركية في المنطقة؟!

ألم يحارب العراق ايران نيابة عن اميركا طوال ثمان سنوات فما الذي جناه والى اين وصلنا وماالذي حققناه من الحروب النيابية؟! لماذا لاتحارب اميركا ايران عبر ترسانتها التي تملأ كل البحار والمحيطات وبجنودها المتواجدين في العراق والذين قارب تعدادهم الربع مليون ومثلهم في افغانستان مدججين بافضل الاسلحة ومدربين احسن تدريب بدلا من استخدام الشعب العراقي كوقود جهنم في كل نازلة؟! ألم يحن الوقت للعراق لكي يكون دولة مسالمة يتعايش مع الاقوام الاخرى المحيطة به تطمئن اليه ولاتنظر اليه كبؤرة تحرك مشبوه يقلق أمنها باستمرار ويثير متاعب لها في كل زمان؟! حين تتسنى لنا الاجابة عن تلكم الاسئلة سنقرأ الحدث حتما قراءة مختلفة وبأبعاده الحقيقة! لذلك فان تصوير الحدث وردود الافعال من بعض اعضاء مجلس النواب اتجاه تصريح السيد الالوسي على انه حب بايران ليس صحيحا، هو لعمري حفاظا على العراق ووحدته ولمنع المزيد من التشرذم والانقسام فما نحن فيه قد غطّى وفاض.

البعض لايفهم من زيارة السيد مثال الالوسي الى اسرائيل الا انها quot;شجاعةquot; منقطعة النظير من قبل سياسي عربي جاهر في تودده لها في وقت يركب الاخرون فيه موجة الليل البهيم الى ذات الوجهة رافضين في الوقت ذاته الانحياز العراقي في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومؤكدين اننا يجب الا نكون فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين، ما هذا تسطيح لاصل المشكل. اما البعض الاخر فقد وجد في مواجهة الالوسي مع الاحزاب المتهمة بتبعيتها لايران فرصة للتشنيع والثأر، وهذا رأي متطرف محكوم بدوافع مسبقة!

بيد ان كلا الفريقين قد تغاضى عن حقيقة لاتتأتى الا لمن ينظر الى الامور بتريّث وبعين الحكمة والانصاف والتمييز بين الغث والسمين وبعيدا عن العواطف والانحياز المسبوق. ولو تأتى لاحد الانحياز فلا اعتقد انه سيكون هناك أحد اكثر مني انحيازا للالوسي لما يعرفه الجميع من العلاقة الوطيدة بيننا والتأييد الذي لاقاه مني وبسببي. لكنني ومن موقع المسؤولية الوطنية التي تحتم علي احترام الذات اولا وتحكيم الضمير ثانيا اثرت البوح ببعض ما اعرفه عن السيد مثال الالوسي من مناقب ومثالب quot;في حدود السياسةquot; علّها تجد الطريق الى رأسه ويستوعب مني عبر الصحافة مالم يستوعبه في جلساتنا الخاصة لان الوقوف على التل ليس له مكان في حياتي مطلقا كما ان للرجل حق علينا نصحه وارشاده وتنبيهه لمواطن الخلل فنجاحه مؤكدا هو نجاح للعراق. أما من فضّل اتباع طريق القاء اللوم على الاخر وتبرئة ساحة السيد الالوسي من اية مسؤولية وآثر النحيب والعويل على ماآل اليه الامر من التعقيد فهذا شأنه ولكن يجب ان يعي انه بهذا العمل لن يقدّم للمشروع الوطني اية اضافة ايجابية.

رياض الحسيني

كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com

غدا الاخيرة: الالوسي الطريق الاقصر بين تل أبيب وطهران

روابط متصلة بالموضوع:

الحلقة الاولى

الحلقة الثانية