middot; مبدأ هام.
اصلاح المواطن المسيحي يؤدي إلى اصلاح الكنيسة، واصلاح منظومة الكنيسة يؤدي إلى إصلاح المجتمع. الهرم يبدأ مِن القاعدة ويعلو حتى يصل إلى القمة. وإذا فسدت الرأس المفكرة والطبقة المحيطة بها، فالنتيجة الحتمية هي انهيار الكيان العام للهرم، حتى ولو ظهر متماسكاً متراصاً. فكم مِن الجثث المتحللة التي تظهر للعامة أنها سليمة البنيان لكن عند أقل لمسة ضغط تتفتت كالرماد. البنيان الحجري المتماسك لا يحتاج إلى وسائل حماية أمنية للدفاع عنه، ولا يحتاج لأبواق إذاعية للدعاية له.

middot; أعياد عظمة البابا.
الحقيقة ان الأعياد التي ورثها العالم عن السيد المسيح والتي تعتبر ذكرى سعيدة لأتباعه هي تلك الذكريات التي صنعها قديماً آباء الكنيسة الأولون مِن أجل تذكار الرسالة السامية التي جاء مِن أجلها المسيح وهي صياغة جديدة للعالم الذي ابتعد عن الهدف الأسمى للإنسانية وهو عبادة الخالق الواحد الأحد. جاء السيد المسيح ليُظهر نور الله الذي اختفى وراء ممارسات وطقوس وعبادات الشعب اليهودي قديماً مبتعداً عن الحق وبساطة الإيمان وطهارته. جاء السيد المسيح، مثل كل الأنبياء، ليكون مجدداً للحياة الأفضل للإنسان الذي خلقه الله على أحسن تصوير، وعندما خلقه قال: حسن جداً.


فالأعياد والذكريات السعيدة المتجددة ما هي إلا تذكر لمناسبة سعيدة ترفع مِن قيمة الإنسان ليكون إنسان أفضل، حين صنع السيد المسيح ذكرى العشاء الرباني قال: اصنعوا هذا لذكري. لم يضع السيد المسيح طقوساً وممارسات شكلية للاحتفال بأعياد اليهودية، فقد جاء منتصراً ومشرعاً حياة افضل لإنسانية أعظم، جاء مِن أجل الإنسان الذي سيطرت عليه العبادات الشكلية والطقوس والفرائض والشرائع التي صنعها رجال الدين وقتها.
وها عجلة الأيام تدور، وتُصنع أعياد، وتعود ممارسات طقسية وشرائع شكلية، وها البابا والمحيطين به يصنعون إحتفالاً ضخماً لعيد جلوس قداسته على العرش أو على كرسي الكرازة المرقسية، وها هي كلمات المديح وأشعار التسبيح لراعي الرعاة وها هي كثير مِن الرعية تطلب منه الشفاعة. وها طبقة مِن الميسورين والأثرياء يدفعون ملايين الجنيهات للتهنئة والمباركة وأخذ البركة.


وتعود الأيام وتصبح الذكرى عيداً وبهجة وتتزين الكاتدرائية والمطرانيات وتقام الإحتفالات وتذبح الذبائح وتقام الأفراح وتزغرد الزغاريد، لقد حلت ذكرى جلوس قداسة وفخامة رئيس الكهنة الأعظم جلالة البابا على الكرسي الأعلى.

middot; رسالة عتاب.
آه يا سيدي يسوع المسيح، إنني الآن أعلن عدم ثقتي في أقوال تلاميذك المباركين حين قالوا أنك غسلت أرجلهم لتعلمنا التواضع وأنت عظيم.
أسف يا يسوع. لم أعد أصدق أقوال تلاميذك الأطهرون حين قالوا لنا في الإنجيل الشريف لم يكن لك أين تسند رأسك، لم يكن لك حذاء سليماً، لم يكن لك جلباب مهندم. لم يكن لبيتك سقف يحميك مِن مطر الشتاء وحر الصيف. لم تكن تملك أجرة الانتقال مِن بلدة لأخرى.
أسف يا سيدي المسيح، إن الجالسين على عرش التبشير والكرازة بك ركبوا أفخر السيارات ولبسوا أثمن الثياب ووضعوا أطيب العطور، وتركونا نحن أتباعهم نشم روائح المجاري في بيوتنا الصاج المتهدمة والعشوائية.


أسف يا سيدي المسيح، لقد تاهت بشراك للإنسانية بأنك جئت لنا بحياة افضل. لم نشاهد هذه الحياة الأفضل إلا في كراسي الباباوات وسيارات المطارنة وإحتفالات ذكرى جلوس راعي الرعاة على عرش الكرازة المرقسية.

أسف يا سيدي المسيح، عشرات ومئات وملايين مِن المدعو عليهم إسمك الطاهر يقفون جوعى في طوابير الخبز، ليحصلوا على أقل القليل الذي يسد رمقهم وهم العاطلون قهراً والمنبوذون غصباً، بينما جلالة وفخامة راعي الرعاة قداسة البابا المعظم تقام له الإحتفالات وتنصب له السجاجيد وتصرف الملايين مِن جنيهات الرعية التقية بذكرى جلوسه المتعالي على كرسي العرش الأعلى.

middot; يهوذات البابا.
قديماً حين جاءت سيدة خاطئة عند قدمي السيد المسيح لتعلن توبتها، وكان أن كسرت قارورة طيب غالي الثمن عند رجليه الكريمتين تقديراً منها لمكانة السيد المسيح واعترافا بذنوبها الماضية، وقتها اعترض السيد يهوذا تلميذ المسيح من أجل هذا البزخ في التكريم والحفاوة، بحجة أنه كان يمكن أن يُباع هذا الطيب الغالي ويُعطى ثمنه للفقراء والمعوزين والشحاذين. هذا صحيح، وهو قمة الحكمة في المنطق. لقد كان السيد يهوذا على حق.


لكن ها الأيام تمر، والسنوات تتوالى، وينسى يهوذات البابا تعاليم السيد المسيح برعاية المعوذين والمحتاجين والعراة والحفاة مِن أتباع quot;أمة الكنيسة القبطية الأرثوذكسيةquot;، ويقوم يهوذات البابا، وما أكثرهم، بنسيان تعاليم السيد المسيح وحتى نكران منطق يهوذا الإسخريوطي، ويقوموا بعمل مهرجانات وإحتفالات بمناسبة ذكرى جلوس البابا على عرش الكرازة المرقسية.


middot; أسئلة حائرة
هل يرضى البابا بأفعال هؤلاء اليهوذات؟
هل يدرك جلالته أن الملايين حوله يتضورون جوعاً وفقراً، بينما تكلفة الاحتفالات مِن أسرار الكنيسة الجديدة العظمى والسرية جداً؟؟
مَن المستفيد مِن هذه المهرجانات والاحتفالات، التي تقام كلما ذهب قداسته إلى خارج البلاد أو عاد منها؟
لماذا تقام هذه المهرجانات والأعياد، وتصرف هذه الملايين من الجنيهات في كل بر مصر وخارجها والحالة الإقتصادية للبلد وأغلبية المواطنين المصريين في حالٍ يُرثى لها؟
مَن المستفيد مِن بث ساعات الاحتفال على الهواء مباشرة مِن القنوات المسيحية والمفترض أنها مصرية الهوية، والتي مِن المفترض أيضاً أنها تقدم مواد روحية تعليمية، بعد أن كان الشعب يُعاني مِن شظف الفقر الإعلامي المسيحي على مدار السنوات الماضية، فهل بعد ذلك تكون المواد الإعلامية المقدمة هي المديح والتهليل والتسبيح لقداسة وجلالة وفخامة راعي الرعاة الأعظم؟؟؟


أنا اعرف أن كلامي لن يصل إلى مَن يهمه الأمر في كنيسة السيد البابا، فهناك مَن يهمهم عظمتهم الذاتية، أؤلئك اليهوذات المنتفعين مِن هذه البهرجة والتبذير وعشوائية وفوضوية الإدارة والذين يخفون عن جلالته أصوات المعارضين والمفكرين والمنتقدين لأفعال الإدارة العليا للكنيسة المصرية الأرثوذكسية.

middot; لكن لماذا اكتب كل هذا الكلام السابق؟؟
اعرف أن يوما سيفيق أحد البشر، ويكون وقتها مسئولاً، ويرفض هذه الأفعال الجهنمية الشيطانية الحقيرة.
اعرف أنه ربما يقرأ مقالتي بعض مِن الغاضبين على أفعال السادة والجلالات والقداسات، فيزداد غضبهم وسخطهم فيأخذون موقف إيجابي ضد رفض هذه الإحتفالات والأعياد الصبيانية التي تُصرف فيها الملايين مِن الجنيهات بينما الملايين مِن الشعب، الموعود بالبركة، يعاني مِن عشوائية المساكن وتفشي الأمراض المستوطنة، والفقر المدقع.

middot; اريد نهاية للمقال
عزيزي القارئ الكريم، فعلاً كَمْ الغيظ الذي يَتملكني جراء الاحتفالات بعيد جلوس قداسة البابا واحتفالات رجوع معالي جلالته مِن سفريات الخارج، غيظ وقرف يفوق الوصف. ارجوا ممن لديه نهاية أن يرسلها لي.

مع خالص حزني وتعازيّ لكثير مِن الرعية والقطيع المُغيب.


[email protected]