على إحدى الأرصفة في طهران، تمشي امرأة بخطوات متسارعة، وكأنَّها تريد أن تتفادى شيئًا، وعلى وقع خطواتها تتسابق الأفكار في ذهنها. تقودها فكرة إلى أخرى: فمن العائلة والمشكلات التي تواجهها، الى الغلاء والمدخول الذي لا يكفي تأمين الضروريات، إلى تعليم الأولاد، والعلاج والدواء والماء والكهرباء وغيرها من العقبات التي تواجهها يوميا. يستقطع حبل أفكارها صوت فرامل سيارة تقف فجأة على مقربة منها، ويخرج منها رجال ملتحين يشبهون بالتصرفات وبالمظهر الوحوش المفترسة. إنهم رجال البسيج (قوة التعبية) وهم يزفون إليها بلاغًا: إنها وفقا للسلطات متهمة بجريمة خطيرة، فغطاء الرأس الذي ترتديه قد سقط فظهرت بضع خصلات من شعرها إلى العلن كما أن زيّها لا يراعي المقاييس التي حددها الملالي.

يتكرر هذا المشهد في طهران بشكل يومي، في ظل حكم الملالي الخمينيين وفي بلد يحرم المرأة من أمور عدّة بدءًا بالملبس وليس انتهاءً بالكبت والقمع. إنه نموذج يتكرر باستمرار، فقلما تجد إمرأة إلا ولديها قصة مشابهة عن نفسها او عن أقاربها او جيرانها، والأمثلة لا تعد ولا تحصى. ترزح المرأة الإيرانية داخل المنزل وخارجه تحت وطأة ضغوط وعصبيات ومضايقات وملاحقة وتضييق للخناق، يفرضه نظام الملالي الحاكم. فالنظام الإيراني ردّ على تعطش المرأة الإيرانية إلى المساواة والحرية بسنّه مجموعة من القوانين تقيّد المرأة، وأثبت عجزه عن إدخال أدنى تغيير أو تعديل في قوانينه المقارعة للنساء.

وفي الوقت الحاضر، ورغم مضي ثلاثين عامًا على وصولهم الى سدّة السلطة، لم يجلب الملالي للشعب الإيراني وخصوصًا النساء إلى مجموعة من النكبات التي يمكن تلخيصها في ما يلي:

سجل النظام الإيراني طيلة السنوات الثلاثين الماضية:
- إعدام 120 ألف سجين سياسي ومنهم 30 ألفًا ضمن مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988.
- مواصلة الحرب الإيرانية العراقية المدمرة والمكروهة لمدة 8 سنوات.
- الفصل الجنسي القسري.
- تسجيل أعلى رقم للإعدام في العالم قياسًا بعدد السكان.
- 9 ملايين عاطل عن العمل خاصة في الوسط الشبابي.
- 8 ملايين من المواطنين الإيرانيين يعيشون في الأحياء السكنية الفقيرة جدًا والوسخة وغير الصحية.
- 10 ملايين مدمن على المخدرات (أعلى رقم المدمنين في العالم)
- 50 بالمائة من سكان إيران يعيشون تحت عتبة الفقر.

إن واقع النساء الإيرانيات يقتضي التصدي لنظام يعادي المرأة ويعتبرها كائنًا quot;دونياquot; أو quot;أقل من البشرquot; وينص في دستوره على حرمان المرأة من حق مجمل الحقوق والمناصب مثل تولي رئاسة الجمهورية والدخول الى السلك القضائي، أو الانضمام الى أي وظيفة تعنى بقيادة المجتمع، كما يسحق قانونه المدني أبسط حقوق وحريات النساء بدءًا من حقهن في اختيار الملبس والحرية في اختيار الزوج والطلاق وليس انتهاءً بحقهن في اختبار المهنة والفرع الدراسي والمشاركة المتكافئة مع الرجل في النشاطات الاجتماعية والرياضية والفنية.

إن الرؤى والقوانين الرسمية للحكام، وبالرغم من أنها تظهر بوضوح الطبيعة اللاإنسانية للإستبداد، ولكنها لا تظهر بمفردها الأبعاد الحقيقية لما يفرض على النساء الإيرانيات حاليًا من الظلم والقمع والاضطهاد. إن النظام الذي وضع حجر أساسه على التمييز الجنسي أو العنصرية الجنسية يعتبر الفصل الأساسي بين أفراد البشر هو الفصل الجنسي، ومن هذا المنطلق يعمل جاهدًا على التدمير التام لشخصية المرأة لأّنه يرى البقاء على سلطته المتداعية مرهونًا باستحقار وإذلال وقمع النساء اللواتي يشكلن نصف أفراد المجتمع. وتمارس شتى الأمور الوحشية بحق المرأة بما يمزق نسيج المجتمع الإيراني القائم على التقاليد والثقافة الوطنية التي من سمتها حب البشر واحترام المشاعر الإنسانية.

نحن الطالبات الأعضاء في لجنة الطلاب الإيرانيين أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية نفتخر ونعتز بالمرأة الإيرانية الحرة التي لم تستسلم ولا تستسلم أمام الملالي الحاكمين في إيران وانضمت إلى صفوف المقاومة الإيرانية لمواجهة ومقاومة quot;العفريتquot; المعادي للإنسان.


وبنظرة تفاؤلية إلى المستقبل، فإن النساء الإيرانيات سوف يحتفلن بانطلاق عهد الخلاص من نظام الحكام المعممين، إنهن سيحتفلن بإحقاق الحرية والمساواة في إيران.

سارا أحمدي