ولكن لماذا صفقت الدوحة لملك الملوك في قمة الشخير..؟


طرائف و ألغاز و أحاجي المؤتمرات و اللقاءات السياسية العربية ربما كانت هي التنفيس الوحيد لحالة الإكتئاب القومي الشاملة المحيطة بالعالم العربي!

وضمن هذا السياق فإن الكلمة التي ألقاها ملك ملوك أفريقيا و إمام المسلمين في بوركينا فاسو وضواحيها سعادة العقيد المنصور بأمره معمر بو منيار القذافي لم تكن أبداً من طراز الكلمات الرفيعة أو التاريخية، بل كانت كلمات مقاطعة و متقاطعة إتسمت بالكاريكاتيرية المفرطة المخلوطة بالخرجات الإعلامية الغريبة التي أشتهر بها ملك الملوك الجديد و تميز طيلة تاريخه السياسي و الإعلامي!

فصاحب نظرية أو تسمية ( إسراطين ) لحل النزاع العربي / الإسرائيلي المزمن لجأ علنا و أمام كاميرات الدنيا للسب و الشتم للقادة العرب و على رأسهم خادم الحرمين الشريفين وهو ما فطن إليه أمير قطر منذ البداية و حيث حاول حجب الصوت و منع تطور الأمور و بما قد ينسف القمة قبل بدايتها! فألغام ملك الملوك معروفة و مثبتة جيدا في خارطة القمم السابقة منذ عام 1970 حينما شهر مسدسه في وجه الملك الراحل الحسين بن طلال وحتى اليوم، ولكن ما عجزت عن فهمه حقا هو موجة التصفيق التي أعقبت إنتهاء الشاهنشاه ألأخضر من إلقاء كلمته التي كانت بداية غير موفقة بالمرة للمؤتمر ولم تكن أبدا كلمة تصالحية بل كانت القمة في مخالفة مبدأ المصالحة العربية الذي كان الهدف الأسمى و الستراتيجي لقمة الدوحة!!

لقد صفق القوم للأسف دون أن يفطنوا أبدا للألغام الخطيرة التي تضمنتها كلمة ( الشاه الأفريقي ) وجميعنا قد راقب من خلال التلفاز موجة النوم التي إنتابت العديد من أعضاء الوفود الحاضرة و خصوصا ذلك الشخص الذي أظهرته الصور وهو نائم بينما كان الرئيس السوداني يلقي كلمته!! و يبدو أن الشخير و النخير كان سيد الموقف في مؤتمر الدوحة لأنه بصراحة لا يمكن تخيل أن كلمات الشتم و السباب العلني يمكن أن تكافأ بموجة قوية من التصفيق الفاقد لمعناه و لمبناه و بما يؤكد بأنه لم يتم للأسف إستيعاب مضمون الكلمة الشاهانية! فضلا عن حالة المفاجأة الكاملة التي إنتابت الحضور و بما جعل العقيد الشاهنشاه يوجه ضربة ستراتيجية صاعقة و مفاجئة لجميع الحضور، و برغم أن بعض القنوات الفضائية قد قطعت بعض كلمات الشاه العقيد و حجبتها عن الأسماع!!

و لكن الفضيحة قد إنتشر صداها على شاشات أخرى كانت مفتوحة لنقل ما جرى بكل تفاصيله و جزئياته، في رأيي المتواضع لقد فشلت القمة في تحقيق أهدافها منذ اللحظات الأولى لإنعقادها بسبب أن النوايا لم تكن سليمة فضلا عن كونها قد تحولت لمجرد حدث بروتوكولي و حفل جامع للتصوير و الإبهار اللوني و التنظيمي فقط لا غير، و لأن حجم الملفات المعروضة لا يمكن إختزالها في أربعة ساعات فقط لا غير، و لا يمكن كذلك أن تكون قضايا ألأمة العويصة مرتبطة فقط بصراع الرئيس السوداني عمر البشير مع محكمة الجنايات الدولية و حيث حرصت القمة على إدانة المحكمة رغم الحقيقة القائلة بأنه لا أحد بإمكانه أن يقف بوجه تلك المحكمة لو دخلت قراراتها حيز التنفيذ من خلال مجلس الأمن الدولي! وحيث سيتهرب الجميع وقتها من كل التعهدات و البيانات الحماسية التي لا تسمن أو تغني!!.. ما أدهشني حقا في مؤتمر الدوحة هو كمية التصفيق وحيث لا يعرف المصفقون لماذا يصفقون؟ فضلا عن شيوع ظاهرة النوم و الشخير على المقاعد الوثيرة و أمام عيون الفضائيات!!

لذلك لا أتردد عن إطلاق صفة ( قمة الشخير ) وهنا أستعير قولا للشاعر العراقي العظيم معروف الرصافي يقول فيه :
ناموا و لا تستيقظوا ما فاز إلا النوم!!
أما بهلوانيات ملك الملوك فلها قصة أخرى؟.

داود البصري

[email protected]