أذيعت حلقة من برنامج الحقيقة يوم السبت 28/3/2009 عن احتفالات البهائيين بعيد النيروز. كانت أغلب الحلقة عبارة عن مناظرة بين الصحفي جمال عبد الرحيم وبين أثنين مِن البهائيين. في نهاية الحلقة، اتهم جمال عبد الرحيم ـ عضو مجلس نقابة الصحفيين المصرية ـ البهائيين بأنهم مرتدين ويجب قتلهم. بعد الحلقة قام مجموعة مِن الغوغائيين بحرق وسرقة ونهب بيوت بعض البهائيين في سوهاج، جنوب مصر.

ماذا عن الحوار القرآني مع البهائيين؟
والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة، ألم يقرأ هؤلاء الغوغائيين قول الله ـ عز وجل ـ في القرآن الكريم لرسوله الكريم في سورة الكافرون: quot;قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دينquot;؟؟
أي قوة تلك تحدثها القرآن الكريم؟
وأي رسالة يقصدها مِن وراء هذا الحوار الراقي؟
ألم يستطع رب العزة أن يَخسفَ بالكافرين أسفل السافلين دونما حوار أو جدال فقهي؟
لكن الحكمة الإلهية أبت إلا أن تُقدم درساً في الرُقي الأخلاقي والرقي الإنساني مِن خلال التحاور مع الآخر، حتى لو كان هذا الآخر لا يؤمن بالله أساساً.

البهائيون يؤمنون بالله وبرسله وبكتبه ولا يفرقون بين أحد منهم.
وإن اختلف البهائيين عن الإسلام في شيء، فقد أوصى الله ـ العزيز الحكيم ـ حضرة النبي محمد ـ وبالتالي فالدرس لأتباعه المؤمنين برسالته ـ أن يكون الحوار هو سيد الموقف بين المسلمين والمختلفين عنهم مِن البهائيين.
آلهة بعد الظهر؟
إله القرآن في رقيه وعظمته وجلال شأنه يأمر النبي محمد في ختام سورة الكافرون بأن يطلق العنان للكافرين بقوله لهم: quot;لكم دينكم ولي دينquot;.

تخيل عزيزي القارئ أنّ إله القرآن يأمر النبي بأن يترك الكافرين على دينهم!!!!
وها نحن بعد مئات السنين لا نزال نريد أن نلعب دور الآلهة بعد الظهر. لا أعرف لماذا نأخذ مكان ومكانة الله بأن نجبر الآخرين على الإيمان.

وإن كان الله القادر على كل شيء يتحدث مع رسوله في القرآن كدرس للمؤمنين بأنه سبحانه وتعالى يَهدى مَن يشاء وهو أعلم بالمهتدين، فلماذا نلعب دور الله؟ لماذا نجبر الآخرين على إتباع الحق؟ لماذا نكون quot;آلهة بعد الظهرquot; ونُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله؟
quot;إهانةquot; المقدسات الإسلامية في الخارج.

الفوضويون أو قل الإرهابيون في سوهاج مِن خلال حرق وسرقة ونهب بيوت البهائيين قدموا صورة سيئة للغرب ـ الذي لا يعرف مقدساتنا الإسلامية ـ عن كيف يعامل المسلمون المختلفين معهم في العقيدة.
يا سادة، لماذا نحزن عندما يهين الغرب المقدسات؟ ألم نقدم لهم صورة سيئة عن تعاليمنا؟
لقد أهان الجهلاء الإرهابيون القرآن الكريم بعدم إتباعهم تعاليمه الراقية التي تدعوا إلى الحوار.

الإرهاب الفكري أصعب مِن الإرهاب المادي.
إن كان الإرهاب المادي دمر بعض بيوت البهائيين، وحرق وسرق البعض الآخر؛ إلا أن الإرهاب الفكري يدمر العقول البشرية للمجتمع كله بفرض الفكر laquo;الظلامىraquo; أو منع الفكر التنويري.
الإرهاب الفكري الذي يمارسه بعض الصحفيين ضد البهائيين يطمس العقول، ويُغيّب المجتمع كله، ويُخَدِرَ المفترض أن يكونوا قادة للمجتمع، والبقية الباقية من أصحاب الفكر والنور يقتلهم أو يعتقلهم أو يطردهم أو يجبرهم على صمت القبور..
يعتمد البعض مِن هؤلاء الإرهابيين الفكريين على النقل أكثر مِن استخدام العقل، بدعوى أن العقل بدعة.
يحتل بعض إرهابيي الفكر مراكز وكراسي إدارية، ويخافون فقدها إذا ما سُمح بغير فكرهم laquo;الظلامىraquo;، وحتى لا تنكشف قيادتهم الشعب نحو الهلاك.

تمارس بعض المؤسسات الدينية الإرهاب الفكري من خلال مصادرة الأفكار، وكآن أفكارها مُنزلة مِن حكيم عليم، قالها مفكرون لا ينطقون عن الهوى، بل يعتبرون كلامهم وحيًا يوحى!!
وكذلك وسائل الإعلام عندما تفرض فكر طرف على حساب آخر، أو الازدراء بفكر الآخر أو تحقيره وتجاهله ودون إتاحة أي حرية أو مساحة للرد والحوار الراقي!!

وماذا عن إرهاب بعض رجال الدين فكريًا؟ يقاضى بعضهم مفكرين، أو يطلب اعتقالهم والأمر بمصادرة مؤلفاتهم أو منع توزيعها، وقد يصل الأمر إلى طلب سجن المفكر، أو حجب الجنسية عنه، أو تهديده أمنيًا.. ماذا عن قانون عملي وإنساني يحارب الإرهاب الفكري الذي زاد أخيرًا؟


أيمن رمزي نخلة
[email protected]