خالد سليمان

غيرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي،مفهوم العلاقة بين الناخب والإعلام من جانب وبين الناخب والمرشح الرئاسي من جانب آخر، ذاك انها أسست قواعد جديدة لتلك العلاقة التي طالما احتكرتها القنوات التلفزيونية العملاقة مثل السي إن إن وفوكس نيوز والقنوات الأخرى بالإضافة إلى الصحف الأمريكية الرئيسية كنيوورك تايمز وواسنطن بوست. لقد تمثل الشكل الجديد للعلاقة بين الناخب والمرشح الرئاسي بمفهوم (الويب.2)، وهو إختصاراً - ويب.2- شكل جديد في عالم الأنترنيت يسمح للمستخدمين بامتلاك قاعدة بياناتهم الخاصة على الموقع بالإضافة إلى القدرة على التحكم بها. كما يُمكّن المتصفحين للتعبير عن أنفسهم وإهتماماتهم وثقافاتهم بالإضافة إلى تزويدهم بسمات تكسبهم المشاركة في التفاعل الإجتماعي والثقافي واشهر مواقع (ويب.2) هو فيسبوك وتويتر وماي سبَيس.

لقد أستطاع فريق أوباما الإعلامي إستخدام تقينات (ويب.2 )على نطاق واسع حيث استثمر المواقع المذكورة في الدعاية الانتخابية بشكل لم يتخيله محللوا الإنتخابات الأمريكية.واللافت في الأمر هو مشاركة أوباما الشخصية في تلك المنافسة الإنتخابية وذلك من خلال إرسال بياناته وتصريحاته من تلفونه الخليوي (بلاك بيري) بشكل مباشر إلى المشتركين في موقعه داخل الشبكة الإجتماعية. تالياً، لم يعد ينتظر الناخب تصريحات وأقوال المرشح من القنوات التلفزيونية والمؤتمرات الصحيفة،ذاك انه أصبح قادراً على الحصول على المعلومات عبر الأجهزة المحمولة مثل التلفون والحاسوب الشخصي، ولذلك أيضاً سمي أوباما بمرشح (ويب.ٍ2) بدل الحزب الديمقراطي.

أمام هذه العلاقة الجديدة حيث كان يقوم الناخب والمرشح فيها بأداء دور الإعلام التفاعلي سوياً،بدا خطاب جون ماكين الآيديولوجي، وفيه وجه quot;سارا بايلنquot; الجميل، عاجزاً أمام المتغيرات التي طرأت على ذهنية الناخب الأمريكي.

ارتباطاً بما ذكر، نلاحظ اليوم في كردستان العراق تغييراً من هذا النوع لدى نائب رئيس الوزراء العراقي ورئيس القائمة الكردستانية برهم صالح،في الحملة الدعائية لإنتخابات رئاسة وبرلمان إقليم كردستان يوم 25 من الشهر الجاري إذ يعتمد السيد صالح على quot;ويب.2quot; بدرجة كبيرة في برنامجه لانتخابي. وقد أسس موقعاً خاصاً به، كما أسس على كل quot;الفيسبوكquot; وquot;تويترquot; مدونات خاصة به أيضاً، ووضع فريقه الإعلامي مقاطع من زياراته ولقاءاته على الموقع العالمي المشهور quot;يوتوبquot;. تالياً بإمكان الناخب وغير الناخب الوصول إلى موقعه على الأنترنيت والانضمام إلى مدوناته على المواقع المذكورة ضمن سجل الأصدقاء بذات السهولة التي يصل من خلالها إلى أصدقائه الآخرين.وقد يقول الكثير بأن كل هذا لا يدخل إلاّ في خانة الدعاية الانتخابية وهذا صحيح تماماً ولا غبار عليه، وفيه حق أيضاً، إنما في الأمر أشياء أخرى غير الدعاية الانتخابية وتستحق التوقف. ذاك ان للسياسة والسلطة في عالمنا الثالث علاقة هرمية مع الناس ولم نعتد تالياً على تلك المساحات الأفقية التي تتيحها شبكات الأنترنيت الإجتماعية للتواصل بين رجل الحكم والمواطنين وامتلاك المعلومة بشكل مباشر.

تجدر الإشارة بأن برهم صالح هو متابع جيد للصحافة والإعلام ويخصص أوقات خاصة لمتابعة الأخبار والمقالات يومياً ويستخدم الأنترنيت بشكل دائم لذلك. وقال في لقاء جمعني به العام الماضي ضمن مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين واللبنانيين، بأن لديه مساحة يومية من وقته لمتابعة ما يجري في العالم وما يكتب وينشر في الصحافة العربية.

وقد لا تستطيع غالبية المواطنين في كردستان الدخول إلى شبكة الأنترنيت والمشاركة التفاعلية على مواقع الفيسبوك وتويتر ومشاهدة مقاطع الفيديو المعروضة على يوتوب، ولكن الخطوة التي قام بها برهم صالح حيث كسر روتين الثقافة السياسية والعلاقة السلبية المملة بين السياسي والناس من خلال شبكات التلفزيون ووسائل الإعلام التقليدية، هي جزء من تفكير يمكن تسميته بحداثة سياسية في العراق، بل في الشرق الأوسط. وقد نسأل في هذا السياق ونقول، أي رئيس أو رئيس وزراء أو وزير أو حتى مدير عام في وزارة في العالم العربي تواصل مع الناس والأصدقاء عبر شبكات الأنترنيت الإجتماعية؟

لعل سؤال من هذا النوع يندرج ضمن تقييم خاطئ إن جعل من حدث شخصي لبرهم صالح مقاساً للديمقراطية، أو مقارنة بين ثقافة سياسية متكلسة وأخرى مروضة وفق متطلبات العلاقة التفاعلية على quot;ويب.2quot;. انه تالياً، سؤال عن إمكانية فتح باب العلاقة التفاعلية ذاتها بين السلطة والمجتمع والتحرر من الحالة السلبية التي طالما أُحيط بها المواطنين أمام جدران السياسة تاريخياً.

للوهلة الأولى يمكننا القول بان هذا الأسلوب الجديد في العلاقة بين الناخب والمرشح سوف يحدث تغييراً في برنامج غالبية الأحزاب الكردية الأخرى وقادتها التي طالما التجأت إلى وسائل الإتصال التقليدية مثل التلفزيون والراديو والصحافة الورقية ومواقع أنترنيت تقليدية quot;ويب.1quot;، وفي هذا تغيير في الذهنيات قبل الدعاية الإنتخابية، فالحداثة ليست كلمات بقدر ما هي شكل للحركة والحياة.

وفي ذات السياق، يمكن القول بأن أي تفكير من هذا النوع للتواصل والمشاركة التفاعلية في الحصول على المعلومات، يدفع شريحة كبيرة من الشباب والطلاب للبحث عما يمكّنهم ويساعدهم في الوصول إلى الشبكة العنكبوتية. كما انه يدفع الحكومة لتحسين خدمات الأنترنيت السيئة،أقول ربما!

[email protected]