غطى موت اسطورة الغناء والرقص العالمي مايكل جاكسون على أحداث كبرى، مثل ثورة الشباب الإيرانيين على حكم رجال الدين وكذلك الإنقلاب العسكري في دولة هندرواس الأميركية اللاتينية،واندلاع المشاكل الطائفية غرب الصين وزيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن الى العراق ودعوته للمصالحة الوطنية أي مع البعثيين ورجال الحكم السابق.

ولعل مايكل جاكسون وانجازه الفني المثير قد قلب معادلات السياسيين وكذلك المراقبين والمتابعين والبسطاء، بحيث عادوا لمعرفة دور وتأثير الفنون الخلاقة في المجتمعات،فمن لم يسمع بمايكل جاكسون من ذي قبل أبدا ً تناهى إليه إسمه وصوته ومنجزه الأن.

فلم يتم إحتفاء بالتاريخ البشري المكتوب بجنازة كما جرى في الإحتفاء بجنازة المغني مايكل جاكسون،فقد تم وحسب السي أن أن الأميركية مشاهدة وقائع الإحتفال بموته وإنجازه حوالي اكثر من مليار نسمه على سطح البسيطة ونقلته ألاف القنوات التلفزيونية عبر العالم المتمدن أو الثالثي،ومن حسن حظي أن شاهدت ذلك على قناة سي أن أن الأميركية حيا ً قبل قراءة وسماع التعليقات،لكي أستطع مراقبة ردود الأفعال وملامستها دون تعقيدات واقتراحات نظريات المؤامرة الساذجة.

في (ميموريال ) أو تأبين مايكل جاكسون قدمت المغنية اللاتينية الشهيرة ميراي كيري اغنية ( سأكون هناك ) في صوت حزين ومرهف ومؤثر وهي ترتدي السواد الناصع،وغنى الموسيقي الشهير الأعمى ستيفي وندور عازفا ً على البيانو اغنية ( لاتتركني وحيدا في الصيف )،وتكلم أبناء مارتن لوثر كنغ الداعية الشهير لحقوق السود والحقوق المدنية،وتكلم الناطق بحقوق الأقليات والسود،وتكلمت ممثلة الكونغرس الأميركي النائبة عن اكثر الولايات الأميركية سمعة في العنصرية ( تكساس)،وتكلم رجال الدين الأنيقون في المظهر واللسان عن ما أعطاه مايكل جاكسون وما قدمه للمحتاجين من رعاياهم، وتكلم رياضيون من المشاهير،حتى قال أحد المتكلمين لولاه لما كان لنا رئيسا ً مثل أوباما،وهذه إشارة لمّاحة،فقد أكد الرئيس الأميركي في نعيه لموت جاكسون أن زوجته ميشيل طالما فُتنت بما يقدمه جاكسون من أغاني ورقصات وكلمات، خاصة تلك التي تخاطب جميع البشر.

لقد حطم مايكل جاكسون القادم من عائلة وضيعة وفقيرة و المثير في الغناء والرقص والتصرفات والحياة الشخصية اسطورة (الرجل الأبيض ) العم سام المسيطر العنيف اللامبالي والمغرور،فأصبح هو نفسه أبيضا ً أفريقيا أميركيا ً لاتينيا ًَبصوته ومهاراته وقدراته الهائلة على التنكر للعرق والدين والجنس والأصل مازجا ً بين الصوت والرقص والغناء والذكورة والإنوثة والثروة الهائلة والدعوة الى السلام والمحبة بدون ضغائن العنصرية الجنسية والعرقية والدينية وكذلك الطبقية والفوقية،خالقا ً رقصة القمر والتفوق على جاذبية الأرض المعذبة.

ومن المفزع أن نقرأ حكايات لبعض المعلقين العرب عن إستغرابهم لتأثر بعض الناس والشباب بموته المفاجىء،وهم يتسائلون عن أهمية ذلك تجاه ما يجري في غزة وفلسطين والعراق والصومال،وفي حضرة موت جاكسون لن يسعني القول سوى موته غال ٍ وحيواتكم رخيصة،فمثلما الموت له دلالته تكون الحياة


واصف شنون