في الخامس من حزيران/ يـونيو المنصرم نشرت جريدة quot;نيويورك تايمزquot; مقالاً جاء فيه: quot;في مفاتحة جريـئة الى العالم الإسـلامي، خصص الرئيس الأميركي باراك أوبامـا أقسى العبارات لإسرائيل في معرض إعلان تعاطفه مـع الفلسطينيين، وما يتعرضون له من عمليات إذلال ترافق الاحتلال، كبيرة وصغـيرة. وفـيما أكد أوبـاما أن الترابط بين أميركا وإسرائيل لا تنفصم عراه، فـإنـه تحدث بكلمات قوية مماثلة بالنسبة الى الفلسطينيين، واصفـاً مأساتـهـم بأنهـا لا تُحتمل بعد ستـين سنة من البقاء من دون دولة، مشيراً الى فلسطين بـطريقة تضع الفلسطينيين على قدم المساواة مع الإسرائيليينquot;.


وأضـاف أوبـامـا قائلاً : quot;كـمـا أنـه لا يـمـكـن إنـكـار أن الـشـعـب الـفـلـسـطـيـنـي، بـمـسـلـمـيـه ومـسـيـحـيـيـه، قـد عانى الكثير من آلام التشرد والنزوح طيلة أكثر من ستين عاماً في سعيه الى وطن لهquot;. وقـال أيـضـاً: quot;إن الأمـيـركـيـيـن لـن يـديـروا ظـهـورهـم لـلأمـانـي الـفـلـسـطـيـنـيـة الـمـشـروعـة الـتـي تـحـفـظ كـرامـتـهـم وتـتـيـح لـهـم الـفـرص وتـحـقـق لـهـم دولـة خـاصـة بـهـم. والأهـم مـن ذلـك أن أوبـامـا أعـلـن أن الـولايـات الـمـتـحـدة لا تـعـتـرف بـشـرعـيـة اسـتـمـرار بـنـاء الـمـسـتـوطـنـات الإسـرائـيـلـيـة، لأن بـنـاء هـذه الـمـسـتـوطـنـات يـخـالـف الاتـفـاقـيـات الـسـابـقـة ويـنـسـف الـجـهـود الـهـادفـة الـى تـحـقـيـق الـسـلام. لـقـد حان الوقت الذي يجب أن تتوقف فيه هذه المستوطناتquot;.


لـم يـسـبـق لأي رئـيـس أمـيـركـي أن تـفـوه بـمـثـل هـذه الـكـلـمـات عـن مـأسـاة الـفـلـسـطـيـنـيـيـن، ولـم يـسـبـق لأي رئـيـس أمـيـركـي أن تـحـدث مـبـاشـرة الـى إسـرائـيـل عـن تـجـمـيـد عـمـلـيـات الاسـتـيـطـان، كـمـا لـم يـسـبـق لأي رئـيـس أمـيــركـي أن نـطـق مـن قـبـل كـلـمـة quot;فـلـسـطـيـنquot;، ولـم يــدخـل رئـيـس أمـيــركـي الـى الـبـيـت الأبـيـض لـديـه مـعـرفـة مـعـمـقـة بـالـقـضـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة كـالـمـعـرفـة الـتـي يـتـمـتـع بـهـا أوبـامـا. ولـم يـسـبـق أن قـام رئـيـس أمـيـركـي بـتـعـيـيـن مـبـعـوث خـاص لـلـسـلام الـى الـشـرق الأوسـط بـعـد ثمان واربعين سـاعـة فـقـط مـن تـسـلـم مـهـامـه الـرئـاسـيـة. كـمـا أنـه لـم يـسـبـق لأي رئـيـس أمـيـركـي آخـر أن اخـتـار مـبـعـوثـاً رئـاسـيـاً لـهـذه الـمـهـمـة يـمـلـك الـمـعـرفـة والـخـبـرة ويـتـمـتـع بـاحـتـرام دولـي لـيـلـعـب دور الـوسـيـط الـنـزيـه، ولـه الـمـشــاعــر الـقــويـة ذاتـهــا، كــالــرئـيـس الــذي اخـتــاره، وفـحــواهــا أن إنـهــاء الـصــراع الـعــربـي الإسرائيلي على أسس عادلة ومنصفة من شأنه أن يعزز المصالح القومية الأميركية.


أمـا رد رئـيـس الـحـكـومـة الإسـرائـيـلـيـة بـنـيـامـيـن نـتـانـيـاهـو عـلـى خـطـاب أوبـامـا فـهـو عـبـارة عـن إعـادة تـوضـيـب لـمـقـتـرحـات مـنـاحـيـم بـيـغـن الـى الـرئـيـس كـارتـر فـي العام 1978 الـتـي تـقـضـي بـإعـطـاء الـفـلـسـطـيـنـيـيـن حـكـمـاً ذاتـيـاً لـيـس إلاّ. والـفـارق الـوحـيـد هـو أن نـتـيـانـيـاهـو تـلـفـظ بـعـبـارة quot;الـدولـة الـفـلـسـطـيـنـيـةquot;. وقـد وصـف هارولد مايرسون، الـمـعـلـق فـي جـريـدة quot;واشـنـطـن بـوسـتquot;، خـطـاب نـتـانـيـاهـو وصـفـاً دقـيـقـاً بـقـولـه :quot;إن فـلـسـطـيـن الـتـي يـنـادي بـهـا نـتـانـيـاهـو مـا هـي فـي الـواقـع سـوى نـتـف مـبـعـثـرة تـحـت مـسـمـى الـدولـة الـفـلـسـطـيـنـيـة مـن أجـل الـمـظـاهـر فـقـط. إن فـلـسـطـيـن هـذه، كـمـا يـتـصـورهـا نـتـانـيـاهـو، يـجـب أن تـتـقـلـص بـاسـتـمـرار لاسـتـيـعـاب الأعـداد الـمـتـزايـدة مـن الـمـسـتـوطـنـيـن الإسـرائـيـلـيـيـن فـي وسـطـهـا. وفـي الـنـتـيـجـة سـوف تـكـون عـبـارة عـن مـجـمـوعـة مـن الـكـانـتـونـات الـمـتـنـاثـرة غـيـر الـمـتـصـلـة مـع بـعـضـهـا الـبـعـض. وفـي رفـضـه لـمـواجـهـة الـمـسـتـوطـنـيـن، يـسـيـر نـتـانـيـاهـو نـحـو الـتـصـادم لـيـس فـقـط مـع مـنـتـقـدي إسـرائـيـل الـدائـمـيـن، إنـمـا مـع داعـمـيـهـا الـقـدامـى أيـضـاً. ذلـك أن إدارة أوبـامـا، ومـعـهـا مـمـثـلـي الأكـثـريـة الـديـمـوقـراطـيـة فـي الـكـونـغـرس الـذيـن طـالـمـا دافـعـوا عـن مـصـالـح إسـرائـيـل، ومـعـهـم أكـثـريـة بـيّـنـة مـن يـهـود أمـيـركـا، بـاتـوا الآن يـرون أن نـمـو الـمـسـتـوطـنـات الإسـرائـيـلـيـة يـشـكـل عـائـقـاً أمـام حـل الـدولـتـيـن، وبـالـتـالـي يـشـكـل تـهـديـداً جـديـاً لـبـقـاء إسـرائـيـل عـلـى المدى الطويلraquo;.


أمـا الـمـعـلق فـي الـصـحـيـفـة الـيـهـوديـة الأسـبـوعـيـة raquo; ذي فـورواردlaquo; الـواسـعـة الـنـفـوذ، لـيـونـارد فـايـن، فـقـد أعـطـى مـلاحـظـة صـحـيـحـة بـقـولـه: raquo; مـن الـمـخـجـل أن نـتـانـيـاهـو لـم يـصـدم جـمـهـوره بـإلـقـاء خـطـاب مـن جـمـلـة واحـدة مـفـادهـا: إنـنـا نـرحـب بـالـمـقـتـرحـات الـسـعـوديـة وسـوف نـدخـل فـي مـفـاوضـات حولها من صباح الغد! كان هذا من شأنه أن يغير كل شيءraquo;.


لـقـد قـدم نـتـانـيـاهـو مـوقـفـه الأقـصـى كـمـا فـعـل بـيـغـن فـي الـعـام 1978 عـنـدمـا أصـر عـلـى أن إسـرائـيـل سـوف تـحـتـفـظ بـمـسـتـوطـنـاتـهـا فـي سـيـنـاء. ويـتـذكـر بـريـزنـسـكـي، مـسـتـشـار الأمـن الـقـومـي لـلـرئـيـس كـارتـر، مـحـادثـة لـه مـع بـيـغـن فـي كـامـب دايـفـيـد انـتـفـض فـيـهـا هـذا الأخـيـر صـارخـاً: quot; تـنـطـفـىء عـيـنـي الـيـمـنـى، وتـنـقـطـع يـدي الـيـمـنـى قـبـل أن أوقـع عـلـى تـفـكـيـك مـسـتـوطـنـة إسـرائـيـلـيـة واحـدة quot;، ويـقـول بـريـزنـسـكـي : quot; لـقـد فـكـرت فـي هـذا الـقـول فـيـمـا بـعـد عـنـدمـا وافـق بـيـغـن عـلـى صـفـقـة سـيـنـاء الـتـي تتضمن تفكيك المستوطنات الإسرائيليةquot;.


ويـرى الـرئـيـس الـسـابـق بـيـل كـلـيـنـتـون أن خـطـاب نـتـانـيـاهـو يـمـثـل خـطـوة افـتـتـاحـيـة quot;هـي جـوابـه عـلـى الـتـحـرك الأول لـلـرئـيـس أوبـامـاquot;، ويـقـول كـلـيـنـتـون: quot;هـذه مـجـرد بـدايـة. إنـهـا مـسـرحـيـة تـتـضـمـن عـدة مـشـاهـد وفـصـول لاحـقـة. وبـنـاءً عـلـى تـجـربـتـي مـع نـتـانـيـاهـو، فـهـو يـعـتـقـد بـأنـه قـام بـمـا يـتـوجـب عـلـيـه القيام به لإبقاء الكرة متدحرجةquot;.


أمـا هـيـلاري كـلـيـنـتـون وزيـرة الـخـارجـيـة الأمـيـركـيـة فـقـد قـالـت: quot;إذا نـظـر الـمـرء الـى تـاريـخ دولـة إسـرائـيـل فـإنـه يـرى رؤسـاء وزراء جـاءوا فـي بـدايـة قـيـام تـلـك الـدولـة وأطـلـقـوا مـواقـف مـا لـبـثـوا أن تـراجـعـوا عـنـهـا مـع الـوقـت quot;. وقـالـت أيـضـاً إن الـزعـمـاء الإسـرائـيـلـيـيـن فـي الـمـفـاوضـات الـسـابـقـة اتخذوا مواقف ما كانوا يظنون أنه بإمكانهم الدفاع عنها.


إن الـرد الـعـربـي عـلـى إعـلان أوبـامـا فـي الـقـاهـرة يـجـب أن يـكـون جـريـئـاً وإيـجـابـيـاً. ولا بـد مـن الاسـتـذكـار فـي هـذا الـمـجـال أن الـرئـيـس كـارتـر أصـبـح أكـثـر اسـتـعـداداً لإقـحـام الـولايـات الـمـتـحـدة فـي الـعـمـلـيـة، كـمـا نـشـط هـو شـخـصـيـاً فـي مـواجـهـة مـواقـف بـيـغـن الـسـلـبـيـة. ويـقـول بـريـزنـسـكـي فـي هـذا الـصـدد: quot;لاحـظ كـارتـر أن مـواقـف بـيـغـن بـاتـت مـنـفـرة أكـثـر فـأكـثـر، وهـذا مـا زاد مـن تـقـديـره واحـتـرامـه لـلـرئـيـس الـمـصـري أنـور الـسـادات. وشـعـرنـا جـمـيـعـاً بـأن الـزعـيـم الـمـصـري كـان جـريـئـاً فـي وقـفـتـه مـن أجـل الـسـلام فـي الـمـنـطـقـة بـيـنـمـا كـان بـيـغـن مـنـهـمـكـاً فـي إحـبـاط ذلـك، فـمـا كـان مـنـا إلاّ أن اتـصـلـنـا بـزعـمـاء الـكـونـغـرس وأطـلـعـنـاهـم عـلـى الـمـحـادثـات مـع بـيـغـن. وقـال لـهـم الـرئـيـس كـارتـر إنـنـا لا نـسـتـطـيـع دعـم سـيـاسـة إسـرائـيـلـيـة لا تـتـمـاشـى مـع الـبـحـث عـن الـسـلام. وقـد صـدم قـادة مـجـلـس الـشـيـوخ بـذلـك، وبـعـدهـا عـبـروا لـنـا عـن دعـمـهـم لـلـرئـيـس وشـجـعـونـا عـلـى الـمـضـي فـي هـذا الـنـهـج، وكـان مـن بـيـنـهـم أعـضـاء مـعـروفـون بـدعـمـهـم لإسـرائـيـل أمـثـال جـافـيـتـس (وهـو يـهـودي عـن ولايـة نـيـويـورك) وكـلـيـفـورد كـايـس. وهـكـذا أعـد الـمـسـرح لـتـنـفـيـذ خـطـتـنـا. وبـات الإسـرائـيـلـيـون فـي مـوقـف الدفاع، واحتشد رأي الكونغرس خلفنا، واقتربت لحظة الحقيقةquot;.


إن خـطــاب أوبــامــا فـي الـقــاهــرة وجـهــوده مـن أجـل إقــامـة دولـة فـلـسـطـيـنـيـة، هـمــا إشــارة الـى أنـه مـسـتـعـد لـيـفـعـل الـمـسـتـحـيـل مـن أجـل إقـامـة سـلام حـقـيـقـي. ولـذا يـتـعـيـن عـلـى الـفـلـسـطـيـنـيـيـن والـدول الـعــربـيـة أن يـظـهــروا لـه جــرأة فـي الـمــوقـف مـن أجـل الـســلام الـحـقـيـقـي، لأن الــدعـم الـعــربـي لـديـبـلـومـاسـيـة أوبـامـا مـن شـأنـه أن يـجـعـلـه أكـثـر تـصـمـيـمـاً والـتـزامـاً بـإنـجـاز الـسـلام خـلال الـسـنـتـيـن الأولـيـيـن مـن ولايـتـه. وعـلـى الـعـرب والـفـلـسـطـيـنـيـيـن أن يـنـطـقـوا بـصـوت واحـد مـن أجـل أن يـبـقـى أوباما في طريق المثابرة والنجاح.


ولا بــد لـلــدول الـعــربـيـة مـن أن تــأخــذ فـي الاعـتـبــار الـسـيــاســات الأمـيــركـيـة الـمـحـلـيـة. فــالــرئـيـس الأمـيـركـي، كـمـا قـال بـريـزنـسـكـي، quot; يـكـون فـي ذروة قـوتـه فـي سـنـتـه الأولـى فـي الـحـكـم، ثـم تـضـعـف هـذه الـقـوة تـبـاعـاً فـي الـسـنـة الـثـانـيـة وفـي الـسـنـوات الـتـالـيـةquot;. ولـذا فـإن الـتـحـدي الـعـربـي الآن هـو تـحـويـل مـبـادرة الـسـلام الـعـربـيـة الـى مـوقـف تـفـاوضـي صـلـب لـعـقـد اتـفـاقـيـة سـلام بـالـتـشـاور مـع الولايات المتحدة.


وحـتـى الآن أظـهـر أوبـامـا أنـه لـيـس مـخـادعـاً، ولـيـس عـديـم الـكـفـاءة، ولـيـس ضـعـيـفـاً. وبـالـتـالـي فـإن الـفـريـق الـذي يـتـعـاون مـعـه لـتـحـقـيـق رؤيـتـه لـلـسـلام سـوف يـكـسـب، والـفـريـق الـمـتـعـنـت سـوف يـواجـه بـشـدة وتـقـع عـلـيـه مـلامـة الـفـشـل. لـكـن لـيـس فـي الـحـيـاة ضـمـانـات. ومـا عـلـى الـعـرب بـالـتـالـي سـوى أن يـركـبـوا مـخـاطـر الـرهـان عـلـى أوبـامـا. واسـتـطـراداً مـن هـذا الـقـول، لا بـد لـلـديـبـلـومـاسـيـة الـعـربـيـة مـن الـتـأكـيـد عـلـى اسـتـعـدادهـا لـلـذهـاب الـى أي مـدى يـتـحـقـق مـعـه سـلام حـقـيـقـي شـرط أن تـلـزم الـولايـات الـمـتـحـدة نـفـسـهـا بـنـتـيـجـة نـهـائـيـة تـؤدي الـى قـيـام دولـة فـلـسـطـيـنـيـة ذات سـيـادة قـابـلـة للحياة، والى استعادة الأراضي السورية واللبنانية المحتلة.


هـنـاك كـثـيـرون فـي الـعـالـم الـعـربـي لـم يـنـسـوا مـحـاولات نـيـكـسـون وكـيـسـنـجـر لـخـداعـهـم وتـسـاورهـم شـكـوك حـول الـنـوايـا الـحـقـيـقـيـة لـلـرئـيـس أوبـامـا. فـهـم يـتـذكـرون أن نـيـكـسـون وكـيـسـنـجـر فـي الـعـام

1973اجـتـمـعـا مـع وزراء الـخـارجـيـة الـعـرب فـي الـبـيـت الأبـيـض يـوم 17تـشـريـن الأول/ أكـتـوبـر مـن ذلـك الـعـام، عـنـدمـا وعـدهـم نـيـكـسـون بـأشـيـاء غـيـر مـحـددة وصـفـهـا كـيـسـنـجـر بـقـولـه: raquo; بـمـا عـرف عـنـه مـن تـمـرس فـي إطـلاق الأشـيـاء غـيـر الـمـحـسـوسـة، عـرف نـيـكـسـون تـمـامـاً كـيـف يـضـرب عـلـى الـوتـر الـصـحـيـح، فـوعـد بـبـذل جـهـد كـبـيـر مـن غـيـر أن يـلـزم نـفـسـه بـنـتـيـجـة مـحـددة.laquo; وفـي نـهـايـة الاجـتـمـاع مـع وزراء الـخـارجـيـة الـعـرب اتـصـل كـيـسـنـجـر بـنـيـكـسـون هـاتـفـيـاً وأبـلـغـه أن الـوزراء الـعـرب غـادروا الاجتماع وهم في منتهى السعادة!


وبـعـد أيـام قـلـيـلـة طـار كـيـسـنـجـر الـى تـل أبـيـب ( فـي 22تـشـريـن الأول/ أكـتـوبـر) وأبـلـغ رئـيـسـة وزراء إسـرائـيـل آنـذاك غـولـدا مـائـيـر قـولـه: raquo; إن اسـتـراتـيـجـيـتـي فـي هـذه الأزمـة، كـمـا شـرحـتـهـا مـراراً لـلـسـفـيـر الإسـرائـيـلـي فـي واشـنـطـن ديـنـيـتـز، هـي تـركـيـد الـعـرب. إنـنـا لـن نـتـقـدم بـخـطـة أمـيـركـيـة مـحـددة. هـذه ليست خطتي أو طريقتيraquo;.


أمـا هـذه الـمـرة، وخـلافـاً لـمـا كـان عـلـيـه حـال نـيـكـسـون وكـيـسـنـجـر، فـإن أوبـامـا ومـبـعـوثـه الـخـاص جورج ميتشل هما من الرجال المعروفين بالنزاهة والصدقية ولا يتمظهران بوجهين ولسانين. إن رئـيـسـاً أمـيـركـيـاً صـاحـب عـزم مـثـل أوبـامـا لـن يـتـردد فـي الـتـأثـيـر عـلـى الـرأي الـعـام الأمـيـركـي فـحـسـب، بـل أيـضــاً عـلـى الـسـيــاسـة الإســرائـيـلـيـة، إذا كــان لــديـه شــريـك عــربـي جــدي. وكــان بـريـزنـسـكـي قـد اخـتـصـر ذلـك عـلـى وجـه صـحـيـح بـقـولـه: raquo; إن الـسـيـاسـة الإسـرائـيـلـيـة الـداخـلـيـة جـامـدة الـى درجـة أن أي سـيـاسـي إسـرائـيـلـي لا يـسـتـطـيـع تـحـمـل مـسـؤولـيـة طـرح أي حـل وسـط جـدي مـا لـم يــرفـق ذلـك بـحـجـة مـضــافـة مــؤداهــا أن الـتـصـلـب مـن شــأنـه أن يــؤذي الـعــلاقــات الإســرائـيـلـيـة الأمـيـركـيـة ومـركـزيـة الـدعـم الأمـيـركـي لـبـقـاء إسـرائـيـل. ذلـك أن مـعـظـم الإسـرائـيـلـيـيـن يـحـجـمـون بـالـسـلـيـقـة عـن أي مـوقـف فـيـه تـحـدٍ واسـتـعـداء لـلـولايـات الـمـتـحـدة، شـرط أن يـتـأكـد لـديـهـم أن الولايات المتحدة جادة وعازمة في موقفهاraquo;.


فـالـشـراكـة فـي الـسـلام بـيـن الـعـرب وأوبـامـا تـجـعـلـه يـمـسـك بـزمـام الـمـفـاوضـات مـن الـبـدايـة بـحـيـث يـنـتـهـج اسـتـراتـيـجـيـة سـيـاسـيـة وديـبـلـومـاسـيـة هـادفـة تـؤدي الـى سـلام حـقـيـقـي. وهـذه فـرصـة نـادرة لإنـهـاء الـصـراع الـعـربـي الإسـرائـيـلـي، لأنـه مـن الـمـسـتـبـعـد أن يـأتـي رئـيـس أمـيـركـي آخـر لـديـه الـوقـت والالتزام والفهم لتكريسه لهذه القضية.


وأخـيـراً، عـلـى الـعـالـم الـعـربـي أن يـدرك أن مـنـصـب الـرئـاسـة فـي أمـيـركـا هـو أقـوى وأفـعـل مـن أي أو مـجـمـوعـة ضـغـط. وكـان الـرئـيـس الـراحـل لـمـجـلـس الـنـواب الأمـيـركـي قـد أبـلـغ بـريـزنـسـكـي laquo;لـوبـي raquo; أثـنـاء مـحـادثـات كـامـب دايـفـيـد فـي الـعـام 1989حــول وقــوع خــلاف عـلـنـي مـع إســرائـيـل حــول الـسـيـاسـة الأمـيـركـيـة بـقـولـه: raquo; إذا تـحـول الأمـر الـى خـيـار بـيـن الـرئـيـس الأمـيـركـي وبـيـن رئـيـس الـوزراء الإسـرائـيـلـي ( مـنـاحـيـم بـيـغـن فـي ذلـك الـوقـت)، فـإن الـبـلاد تـقـف الـى جـانـب رئـيـسـهـا بـوضـوحraquo;.
وكان بيغن يفهم ذلك فدخل في التسويات، وهذا ما سيفعله نتانياهو. ويجب التكرار أن على العرب إقناع أوباما بالتزامهم الأكيد بسلام دائم قولاً وفعلاً!

عودة أبو ردينة

* الكاتب خبير اميركي من اصل عربي ومقيم في واشنطن. المقال تنشره quot;ايلافquot; بالاتفاق مع تقرير quot;الديبلوماسيquot; الصادر في لندن، العدد 127ـ تموز/ يوليو 2009