الفرق بين الدول المتقدمة والدول التي تخلفت عن ركب التقدم، أن الدول المتقدمة إستفادت من تجاربها السابقة وتجارب غيرها وأخذت من التاريخ مواعظ وعبر، أما الدول المتخلفة فهي دول لم تستفيد من أخطاءها ولا تجاربها ولا تجارب الأخرين، بل وتكرر نفس الأخطاء لتجد نفسها تعيش في دوائر مغلقة لإنها ببساطة دول لا تملك الجرءة في الإعتراف باخطائها. وفي المجتمع المصري وكلما حدثت مشكلة طائفية نجد الإعلام المصري يركز علي قصر حل المشكلة علي رجال الدين فيطل علينا من خلال أجهزة الإعلام رجال دين مسلمين يتصفون بالإعتدال ثم يتلون علينا بعض الأيات المكية التي هم أول من يعرف إنها قد نسخت بأيات مدنية وبعض الأحاديث النبوية التي تبرهن علي حب وسماحة الإسلام لغير المسلمين وخصوصا المسيحيين وعن مكانة السيد المسيح المرموقة في القرأن كذلك السيدة العذراء مريم. وبالرغم من فشل هذة الطرق العقيمة في منع تكرار الحوادث الطائفية فمازالت الدولة تكرر نفس السيناريو.

لقد تقدمت الدول التي أرتقت بقيمة الأنسان وجعلت الإنسانية هي أسمي المعاني وفصلت الدين عن المجتمع المدني ونعمت هذه الدول بالسلام الإجتماعي رغم تعدد الأديان والمعتقدات والأجناس في هذه الدول،

أنظر للمجتمع الأمريكي والإسترالي والكندي كيف تعيش هذه المجتمعات في أمن وسلام بالرغم من أنها تحوي كل الأجناس والقوميات والاديان التي صهرت جميعا في بوتقة المجتمع لتنتج حديقة جميلة متعددة الورود والزهور ولكنها متناسقة في تناسق مجتمعي بديع. يحكم الجميع قانون واحد ويطبق علي الجميع قانون واحد. ويقولون الدين أفيون الشعوب والتاريخ يشهد بأن كلما علت القيم الدينية في أي مجتمع علي القيم الإنسانية كلما ظلم الإنسان وإنتهكت حقوقة!! ولذلك أريد أن يستفيد المجتمع المصري من تجاربة ويبدأ في معالجة التوتر الطائفي في مصر من خلال إطار إنساني وطني وليس من خلال إطار ديني مسيحي أو مسلم للأسباب الأتية

القواعد الدينية مطاطة في تفسيرها ولذلك نجد أن كل الاديان قد إنقسم أتباعها لطوائف ومذاهب وفرق قد تكفر بعضها بعضا وقد تتحارب وتتناحر عسكريا أو تدخل في حروب فكرية وكل منهم يعتمد علي كتاب واحد ويستطيع من خلاله إثبات وجهة نظرة.


أن الذين يحاولون إثبات سماحة الإسلام مع غير المسلمين من خلال القرأن والأحاديث النبوية يحسبون علي الحكومة وليس لأقوالهم صدي في الشارع المصري، ويتمتع مشايخ التطرف بمصداقية أكبر وهم قادرون ومن خلال القرأن والأحاديث النبوية أيضا علي إثبات عكس ذلك وقادرون علي إشعال الفتن في أي وقت أرادوا والدليل أن معظم الإعتداءات التي تحدث للأقباط تحدث بعد صلاة الجمعة أي تحدث من أفراد كانوا من لحظات في حالة خشوع لله!!!!!
حصر المشاكل المجتمعية والقانونية في الدين امر يعقد المشاكل ولا يحلها فالدين هو أساس المشكلة وبالتالي لن يكون حل المشكلة من خلال الدين بل من خلال المجتمع ومؤسساتة المدنية وقواعده الأمرة التي يجب أن تطبق علي الجميع.


لذلك يجب البعد عن الزاوية الدينية الضيقة والإنفتاج علي المجال الإنساني واسع الأفق والذي نجت تجارب الدول التي نحت الدين جانبا في علاج كل المشكلات الإجتماعية. أنا لا أريد من رجال الدين الإسلامي دعوة المسلمين لحب المسيح وبالتالي حبي أنا لأنني مسيحي. فماذا لو كان في مجتمعنا غير مسيحيين بوزيين أو لادينين أو بهائيين مثلا هل يجب قتلهم؟ أنا لا أوؤمن بعبادة الحجر ولا البقر ولكني أحترم الإنسان الذي يعبدهما وبالتالي إذا احببت الإنسان سأحترم وأحب مقدساته بغض النظر عن إيماني بهذه المقدسات ام لا. كذلك كل ما اطالب به شركائي في الوطن وأخوتي في الإنسانية المسلمين هو إحترامي كوني إنسان أحب المسيح ورضيت به ربا ومخلصا ووضعت فيه كل أملي ورجائي وأنا إنسان عاقل حر مدرك ومتحمل وحدي نتيجة إعتقادي ونتيجة فكري. وعندما تحترم كوني إنسان فإذا ستحترم عقيدتي وستحترم مقدساتي وتحترم رموزي الدينية وكنائسي. فكيف تحب المسيح الذي لاتراه في حين إنك لاتحب المسيحي الذي ترا؟. لقد أن الأوان أن نطالب بتغيير الفكر العقيم والذي لم يجلب لنا سوي المشاكل وشوه صورة بلادنا في الخارج، أتمني أن تحب المسيح لأنني أنا الإنسان أوؤمن به فتحب المسيح لأجلي وأنا أحب مقدساتك وأحترم رموزك ليس لأني مصدق لعقيدتك بل لأني أحبك أنت اخي في الإنسانية وأحب واحترم ما تؤمن به وما
تقدسه.

مدحت عويضة

[email protected]