فيصل عبد الحسن من الرباط:من السينمائيين العراقيين الذين أسسوا للسينما العراقية وبذورا في أرض العراق بذور هذا الفن الذي يزيد الحق وضوحاً كما يعرفون مهمة الفن السابع، في هذه البلاد، الفنان د.حكمت داوود الذي يشتغل حالياً في الحقل الدبلوماسي العراقي كمستشار ثقافي في سفارة العراق في المغرب إلتقته quot;إيلافquot; في مقر عمله عدة لقاءات، ومما دار في تلك اللقاءات من حوارات معه والتي إتسمت باستعادة أيام السبعينات في العراق التي تُعتبر أحد أنضج حِقب السينما العراقية، والحياة الثقافية عموماً قبل أن تعصف بها الحياة السياسية، أخبرنا عن تجربته السينمائية في العراق وبيروت وتجربته الطويلة مع منظمة التحرير الفلسطينية كمخرج سينمائي مع عدد من السينمائيين العراقيين المعروفين وعن عمله الدبلوماسي الحالي .
*ماذا تقول عن نفسك؟
-حكمت داود فنان مسرحي خرّيج أكاديمية الفنون الجميلة العراقية عام 1972.
*ماذا عن بداياتك؟

أول مصورة سينمائية عراقية
-في السبعينات، كنت وقتها مع مجموعة من الفنانين العراقيين نحلم في الحصول على فضاء أوسع في التعبير، مما حدا بي للتسجيل فورا في دورة لتعليم الفنون السينمائية لمدة عام في معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني،وشاءت المصادفات السعيدة أن ألتقي فيها بـquot;سناء عليquot; أول مصورة سينمائية في العراق، والوطن العربي وقد صنعت معها الكثير من الأفلام، وكان وقتها الأستاذ المرحوم جعفر علي قد زرع داخلنا بذرة حب هذا الفن الجميل. وبدأنا إنتاج سلسلة من الأفلام التي شكّلت ظاهرة متميزة في تلك الفترة وأصبحت فيما بعد مثالاً يُحتذى به.
*السياسة التي بدأت تحرك التناحرات الحزبية في تلك الفترة ومحاولة حزب البعث الحاكم في تلك الفترة الاستحواذ على كل مكوِّنات المشهد الثقافي في العراق تبعاً لاستحواذه على السلطة السياسية وتخريبه للجبهة الوطنية التي ضمّت بعض الأحزاب والشخصيات السياسية في أواخر السبعينات، ما هي ذكرياتك عن هذه المرحلة؟
-مع الأسف عندما بدأت حملات تصفية الإعلام من العناصر التي لا تتبنى النهج الفكري السياسي السائد آنذاك، حيث تمّ نقلنا إلى مؤسسات أخرى فكانت من محاسن المصادفات أن ألتقي المصورة العراقية الرائدة quot;سناء عليquot; ومن جديد إشتغلنا كفريق عمل لانجاز عدة أفلام تسجيلية منها: quot;أرض الحضاراتquot; وquot;وادي الرافدينquot;، ولم نتوقف عن الإنتاج لان مشروعنا الفني لم يكن مرتبطاً بأي هيئة أو مؤسسة يمكن أن ننقل منها أو إليها وكنا نعمل بأبسط الإمكانيات المتاحة لنا.

طائر الكناري
*
خلال تلك الرحلة من العطاء، ويبدو أن حبك للفن المجبول بمحبة فكر آخر غير فكر حزب السلطة، لم يعجب من كانوا في السلطة السياسية وكانوا يسيطرون على المشهد الثقافي والفني في العراق بأكمله. ماذا حدث معك؟
-إعتُقلت وتم إقتيادي من مقر عملي في المؤسسة العامة للثقافة الفلاحية. وبعد إطلاق سراحي قررت مغادرة العراق فطائر الكناري تحت قميصي بدأ يختنق من الأبخرة السامة التي لبّدت سماء العراق وقتها. كنت كمن أراد أن يرد على الرمضاء التي كوته بالنار! فقد إلتحقت بمنظمة التحرير الفلسطينية! هذه الفترة غنية سينمائياً في تاريخي الفني، في مرحلة حرب بيروت أنجزت مع مجموعة من المخرجين السينمائيين مثل قاسم حول وقيس الزبيدي ومحمد توفيق والمصور سمير منير مجموعة من الأفلام داخل منظمة التحرير، وكنت مع الآخرين مشروعاً مؤسساً للسينما العراقية وأنجزنا أربعة أفلام منها quot;أبداً في الذاكرةquot; عن الشهيد مجدي أبو شرارة الذي أغتيل في روما و quot;متألقون في الذاكرةquot;. وشاركت به في مهرجان موسكو، ومهرجان دمشق، وعدة مهرجانات دولية أخرى. وأتذكر من تلك الحقبة تصويري quot;يوميات حصار بيروتquot; الذي تمّت مصادرته مني وكنت أحتفظ به كأرشيف شخصي في أحد الموانئ العربية!
*يتحيّر كل من يعرف حكمت داوود، وربما تدور في أذهان الجميع أسئلة عديدة حول عمل الفنان حكمت داود في الحقل الدبلوماسي وعن علاقة هذا بذاك؟!

تظاهرة كرنفالية
-لا تعجب من عملي الدبلوماسي، فكل فنان هو في صميمه سياسي، ومن إحدى تعريفات السينمائي هو ذلك السفير المتجول بالألوان، والدبلوماسي هوالشخص الذي يعي حضارة بلده، وإرثه الثقافي والفني وكل ما يتعلق به من أدب وشعر وفنون وإذا كان الدبلوماسي فناناً يحمل بذاكرته كل هذه المفاهيم، أليس السينمائي هو نفس الشخص الذي يحمل نفس هذه المفاهيم والرؤى والتاريخ والحضارة؟! لكن بالطبع يختلف الفنان عن الدبلوماسي بأدواته، فالسينمائي ينقل خطابه الفكري بشكل مباشر ضمن رؤية درامية تجسد جرح هذا الشعب ومعاناته لينقلها للعالم، أما أدوات الدبلوماسي فمختلفة. وتجدر الإشارة إلى أن دائرة المخاطبة والتفاعل مع السينمائي أوسع واشمل من الدبلوماسي. وهنا أود أن أذيع عبر quot;إيلافquot; الغرّاء عن إقامة أسبوع ثقافي في المغرب قريباً وبالتعاون مع quot;جمعية الرباطquot; و quot;مسرح محمد الخامسquot; ونخطط لخلق تظاهرة كرنفالية تنقل صورة حديثة في العراق الجديد.
[email protected]