77 عــاما على مدفع حبزبوز ولم يصدأ
الكاريكاتير العراقي .. ما زال ينبض بالسخرية
(1-2)
الكاريكاتير العراقي .. ما زال ينبض بالسخرية
(1-2)
ولكن لماذا يوم 29 ايلول؟!، نقول: لانه في مثل هذا اليوم من عام 1931 ظهر في الصحافة العراقية اول كاريكاتير عراقي صميم خطته ريشة الفنان العراقي عبدالجبار محمود ونشر غلافا للعدد الاول من جريدة (حبزبوز) لصاحبها نوري ثابت، ويصور هذا الرسم الكاريكاتيري شخصا هو (نوري ثابت نفسه الملقب حبزبوز) وقد ظهر بملابس الفرسان ممتطيا (طوب ابو خزامة المشهور فلكلوريا في العراق). وقد حمل بيده قلما طويلا، كناية عن رمح الفارس وكلاهما سلاح. وقد توجه بنظراته وابتسامته الساخرة الى القراء، وفوق الكاريكاتير تعليق هو (سيارة حبزبوز الجديدة وقلمه السيال) وتحت الكاريكاتير حوار من سؤال وجواب:
(السؤال موجه لحبزبوز (نوري ثابت) يقول: شنو هاي حبزبوز؟
اشو راكب على طوب ابو خزامة؟ تريد تصير مثل سلطان مراد؟!
ويجيب حبزبوز ـ لا مولانا! لكن مادام بنص اوتيل انضرب ست رصاصات فمنا وغادي،
قررت بعد ما اركب بعربانة او سيارة ..،
بل اخذت هذا الطوب من وزارة الدفاع حتى اتجول عليه!..
هم المسألة اقتصادية لان معلوم حضرتكم هذا يلهم التراب.. يصير بارود ويلهم الحجار يصير دان (اي قنابل)..
اريد رجال اللي يتجدم).
اشو راكب على طوب ابو خزامة؟ تريد تصير مثل سلطان مراد؟!
ويجيب حبزبوز ـ لا مولانا! لكن مادام بنص اوتيل انضرب ست رصاصات فمنا وغادي،
قررت بعد ما اركب بعربانة او سيارة ..،
بل اخذت هذا الطوب من وزارة الدفاع حتى اتجول عليه!..
هم المسألة اقتصادية لان معلوم حضرتكم هذا يلهم التراب.. يصير بارود ويلهم الحجار يصير دان (اي قنابل)..
اريد رجال اللي يتجدم).
وانا اقف على عتبات اليوم المهم لهذا الفن اذكر انني كنت قبل اعوام قد سألت الفنان الراحل مؤيد نعمة عن مراحل تطور هذا الفن فقال لي:(الكاريكاتير العراقي بدأ بتأثيرات الصحافة التركية وكان عبارة عن رسوم توضيحية (نكتة لفظية) وفي عام 1931 كانت الصحافة الهزلية قد بدأت تأخذ موقعا وتطور الكاريكاتير في الاربعينيات حيث بدأ الرسام غازي يضع لمسات لملامح فن الكاريكاتير العراقي وبأسلوب متقن كان يضاهي الاساليب المصرية والتركية، لان الصحف كانت تصل من هذين البلدين، وفي وقتها ظهرت اسماء بعد الرسام غازي لكنها لم تترك اثرا، وفي الستينيات بدأ رسم الكاريكاتير يصبح اكثر حداثة وبساطة وتطورت الفكرة، وهذا استمر الى بداية السبعينيات حيث ظهرت الاسماء
التي هي الان متواجدة في الصحافة فأخذت على عاتقها تطوير فن الكاريكاتير من ناحية الفكرة واصبحنا نرسم بطريقة الاستغناء عن التعليق، وهذا جعلنا نغامر ونشترك في المسابقات العالمية على صغر تجربتنا وحداثتها وحاولنا ان يكون الكاريكاتير الذي نرسمه عالميا اضافة الى محلية الاسلوب فتمكنا من التواصل مع الكاريكاتير العالمي باسلوب عراقي فكانت مشاركتنا الاولى عام 1975 ولكن في عام 1979 فزت بالجائزة الدولية الثالثة التي كان لها اثر كبير عند الجهة المنظمة التي تنظر الى الكاريكاتير في العالم على انه متواجد في الدول المتقدمة على الاقل وكان اعجابهم شديدا بالتجربة العراقية).
كاريكاتيرنا العراقي.. كان في سنوات النظام السابق منحسرا.. ولا يقوى على رمي مشاكسة الا من وراء ستائر الغموض.. حتى ناله فقر وحرمان..، على الرغم من ان نجوم هذا الفن تواصلوا في رفد الساحة بألوان من اساليبهم، كانوا يرسون تصوراتهم الناقدة بمحاكاة مظاهر اجتماعية معينة او سلوكيات، لكنها تشير من تحت الغطاء الى ازدراء للواقع، وقد شهدنا خلال الثمانينيات والتسعينيات العشرات من الرسومات التي ترسم صورا للواقع ولكنها تغلفها وبعد سقوط النظام.. كان هذا الفن على موعد مع الازدهار.. وراحت رسوماته تغزو الصحف وتملأ الصفحات وظهر فنانون شباب استطاعوا تأسيس قواعد ثابتة لطموحاتهم، ولكن كان المستوى متباينا، ما بين جودة في الفكرة والاسلوب، ورداءة في الاثنين معا او في احدهما، وسرعان ما تناقص العدد الذي تواصل ولم يبق في الساحة منه الا ما لايتجاوز اصابع اليدين، ولا اخفي ان هناك رسامون ولدوا بالمصادفة لحاجة الصحف الى الكاريكاتير، وما كانوا قبل ذلك من اهل الكاريكاتير.
عبد الرحيم ياسر سألناه ايضا عن احوال الكاريكاتير العراقي خلال مراحله فقال: (انا اعتقد ان الكاريكاتير نما عندنا في مرحلة السبعينيات والثمانينيات، وهذا ربما شيء غريب اذا ما عرفنا ان هذه المدة الزمنية صعبة ويصعب فيها الرسم، بل انها من اصعب الفترات على أي رسام كاريكاتير بسبب الايدلوجية الواحدة التي تحيطك من كل مكان بالمخاطر، فكيف يمكن للرسم ان يكون في الصحافة وسط هذه المخاطر، والسبب في هذا النمو هو ظهور مجموعة من الرسامين، ليس من اجل الظهور في الصحافة، بل من اجل الحصول على جوائز في المهرجانات ومن خلال المعارض، وظهور كاريكاتير يلامس المعنى الاخر، التأويلي، فكان الرسام قادر على ان ينشر العمل دون ان يحاسب عليه او تجري عليه تقولات لانه قابل للتأويل)، واضاف رحيم: (وقياسا للظروف التي عاشها الكاريكاتير فقد تخرج عدد لابأس من الرسامين الاكفاء والمميزين، واتذكر المعرض الذي اقيم في مصر عام 1990 وشارك فيه مجموعة من فنانينا وهناك استغرب الرسامون المصريون وسواهم من العرب وجود هذا النوع والكم من الرسامين العراقيين والذين حصلوا على معظم جوائز المعرض الذي اجتمع فيه معظم رسامي العرب وافريقيا، واذكر ان احدهم قال: كيف يتسنى لرسامين بهذا المستوى الجيد ان يظهروا في بلد لاتوجد فيه صحف كثيرة).
وحين عرفت ما يعانيه اهل الكاريكاتير من قيود قلت له: ها هو عيدكم سيمر اذن .. بلا احتفال ولا اقامة معرض كما كنتم تفعلون ذلك من قبل، اجاب رحيم وعلى وجهه لاحت تباشير ابتسامة:(كل سيحتفل على طريقته الخاصة، انا سأحتفل بعيد الفطر من خلال رسم سأنشره) وحين طلبت منه توضيحا، قال: (كما قلت لك: الان لانمتلك امكانية جمع الموجودين من الرسامين في هذا الظرف الصعب، ولا اقامة معرض، فنحن غير قادرين على ذلك، فمن سيأتي ومن يضمن امن القاعة؟، ولكن الفكرة ما زالت قائمة في اننا سنشتغل على اعادة اهل الكاريكاتير الى مهرجان مشترك، ولكن الاحتفال حاليا ان نتذكر (العيد) برسوم ما على واجهات الصحف، اقصد على الصفحات الاخيرة منها او في داخلها).
















التعليقات