ترجمة وتقديم د. محمد عبد الحليم غنيم: ميرديز سو ويلس Meredith Sue Willis كاتبة أميركية مولودة فى ولاية فيرجنياً عام 1946. وهى كاتبة ومعلمة لها العديد من الأعمال الروائية والقصصية والكتابة الإبداعية عن فن القصة القصيرة وفن الرواية. من أشهر أعمالها فى القصة القصيرة: (فى جبال أمريكا ـ 1992)، (منزل ديوات وقصص أخرى ـ 2002) (والقصة المترجمة هنا منشورة فى مجلة (the pedestal) العدد رقم 27 لسنة 2005).
فيما عدا الخصيان، رجل واحد فقط أتى بستان النساء والفتيات، كان ذلك الرجل هو كبير الوزراء. وعندما أتى غطت كل واحدة وجهها فيما عداى وأختى شهرزاد، لأنه كان أبانا، وكانت أمنا زوجته الوحيدة.
عندما نضع رؤسنا على الوسائد فى الليل اعتادت شهرزاد أن تقول أنها سئمت البستان وتتحرق لحدوث شيء ما لنا. لهجوم عدو يمنحنا الفرصة لإنقاذ المملكة حتى لو كلفنا ذلك حياتنا أو شرفنا، ومن جانبى اعتدت أن أبحث عن القصص فى الكتب وأقرأها بصوت مرتفع لشهرزاد، فتجعلنى أقرأها ثانية حتى تستطيع أن تحفظ تلك القصص، ثم تحكيها بعد ذلك إلى الأطفال الصغار والفتيات الكبيرات وبالطبع إلى النساء.
هناك الكثير من الأشياء فى القصص فى العالم الخارجى لا يفترض أن نعرفها أو نعملها، لكننا عرفنا وفعلنا، أحيانا نزحف تحت الأشجار ونتسلق تكعيبات العنب ونلقي بالأشياء من فوق الحائط على بستان الصبيان، وأحيانا أخرى تتسلل أشجعنا إلى خارج البستان وتستكشف ردهات القصر القريبة.
فتاة تدعى أمينة ذات نهدين بارزين قالت:
ـ ستتزوجين قريبا يا شهرزاد، وستكون أول مغامراتك فى سرير زوجك.
صرخت:
ـ قولى لها لن يكون ذلك يا شهرزاد، قولى لها سيكون لدينا مغامرات وسنقوم بأعمال نبيلة.
قالت شهرزاد:
ـ دعك منها.
ثم أضافت فى ثقة:
ـ فقط كونى مستعدة فى أية لحظة لإنقاذ المملكة.
فغر فم أمينة الكبير بالضحك، لكن سيأتى الوقت الذى تبكى فيه بدلامن الضحك.
ذات يوم حار وخاص سمعنا الأمهات يتهامسن عن مشكلة جديدة، يبدو أن الملكة خانت الملك العظيم (حفظه الله) فى فراشه ولذلك أصبح شديد الغضب والثورة، لذلك اقتص لشرفه وقتل الملكة السيئة وكل وصيفاتها ثم قتل بعض النساء السيئات غير المتزوجات اللائى يرقصن ويغنين للغرباء من الرجال. يتزوجهن الملك العظيم (حفظه الله ورعاه) فى الليل ثم يقتلهن فى الصباح.
قالت أمينة بفعل الملك هذا من المستحيل أن تحتفل فتاة بليلة زفافها. كيف تحتفلين بزفافك وهناك كل يوم جنازة؟
قلت:
ـ ومن يهتم؟ من يهتم بالزفاف؟
قالت شهرزاد:
ـ إذا ارتكبت زوجتى جريمة الزنا سأربطها على غصن شجرة شائك وأخرج أحشائها.
قالت أمينة:
ـ من الأفضل أن تكونى رحيمة يا شهرزاد وإلا لن تجدى من يرضى بك زوجا.
بعد ذلك بيوم واحد وصلت رسالة لامرأة فى البستان فأخذت فى الصراخ وتمزيق ملابسها , لقد طلبت أختها للزواج من الملك, وفى صباح اليوم التالى غاب عن البستان ثلاث فتيات اعتقدن فى البدء أنهن قتلن أيضا , لكننا سمعنا بعد ذلك أن أهلهن أخفينهن بعيدا. بدأت النظرات الغريبة والعدائية تلاحقنى وشهرزاد لأن الوزير الأول ndash; أبانا ndash; هو المكلف بإحضار النساء للملك المعظم (حفظه الله ورعاه) فى تللك الليلة تحدثت مع شهرزاد , قلت:
-من الأفضل للمملكة التخلص من كل النسوة الشريرات.صح؟
فقالت:
-نبيل عقاب الشر ولكنه يقتل الأخيار أيضا.
-إذا قتلهم الملك العظيم ؛ فهذا ولابد لأنهم أشرار.
-نبيل وحق أن نكسر الشر والملك مريض بالشر
صرخت:
- هسسسسسسسسسس للحيطان آذان.
عند ذلك سحبت شهرزاد من تحت وسادتها سكينا ذات مقبض من نفس معدن النصل وقالت لى أنها تخفيها فى ملابسها وتنام بها ليلا، فشرعت فى البكاء، فقالت:
-لا تبكى يا صغيرتى دنيازاد هذه السكين سحرية، تستعمل فقط لقتل الشيطان.
قلت:
_ احكى لى قصة حتى أستطيع النوم.
حكت واحدة من القصص التى وجدتها أنا لها عن فتاة جريئة تذهب إلى عالم الشياطين لكى تنقذ أباها.
فى تلك الليلة جاءنى كابوس، شيطان يطاردنى وأن هذا الشيطان تحول إلى أبى، وبدلاً من المجوهرات على سيفه الأحدب رأيت وجوه فتيات أعرفها.
فى تلك الأثناء كانت الفتيات تقل وتقل فى البستان. إحدى الأمهات قالت لنا أن ابنتها ماتت متأئرة بالحمى ليلاً، ولكن لم يكن هناك بكاء ونواح، لذلك تأكدت أن الفتاة أختفت فى زلعة مثل الأربعين حرامى فى قصة على بابا.
قلت لشهرزاد:
ـ لا بد أن نفكر فى طريقة ما للاختفاء. يمكن أن نتنكر فى زى صبيين ونخرج إلى الدنيا الواسعة.
قالت شهرذاد:
ـ لا بد أن نفكر فى طريقة نقهر بها الشر.
وفى اليوم التالى لم يكن فى البستان سواى أنا وشهرذاد وأمينة.
وبعد ذلك بيوم واحد حضر أبى. ولم نكن قد رأيناه من عدة أسابيع يرتدى ملابسه الجميلة كالعادة بكل المجوهرات والحلى المنقوشة على مقبض سيفه إلا أن وجهه كان مستطيلاً وعابساً، وخطواته غير واثقة، طلبت أمنا الشراب والمراوح لصد حرارة الجوف والجو فى تلك الظهيرة المتأخرة، لكنه رفض كل شىء. جلس فى المظلة وعندما أرادت أمى أن تبدأ بالحديث أشاح بيديه لأن تسكت. وأخيراً تحدث هو فقال أنه يريد الكلام مع والدة أمينة. وعلى الجانب الآخر من البستان بدأت أمينة فى الصراخ والنواح فصرخ فيها أبى فأتت وهى تمزق ملابسها وتندب وتعدد:
ـ إنه لشرف عظيم أن تتزوج كريمتكم الملك العظيم حفظه الله ورعاه.
بكت الأم:
ـ أمينة مخطوبة.
ـ لقد طلب الملك المعظم فتاة عذراء من أسرة عظيمة عظيمة.
صرخت الأم هذه المرة:
ـ لا.
فأحنى أبى رأسه وتغير لون عينيه وهو يقول:
ـ ستذهب إلى الملك العظيم الليلة.
عند ذلك بكت أمينة وولولت هى الآخرى. فقال أبى وهو يغطى وجهه بكلتا يديه:
ـ لقد أرسلت لكى أقول لك أن تجهزيها لأجل زفافها للملك المعظم حفظه لله ورعاه.
عوت أمينة وأمها، وانكبت أمى تصلى من أجل إنقاذ أمينة , ومن ناحية أخرى ولول العبيد والخدم جميعا فى البستان وأخذوا يلطمون وجوههم وصدروهم بالأيدى، وكانت ضجة عظيمة. لم يسكتها غير تقدم شهرزاد و قولها:
-أيها الوزير العظيم؟
ثم أضافت:
-أيها الوزير العظيم، زوج أمى، وأبو أختى وأبى، اسمع يا أبى
تقدمت أكثر لتقبل يده، ولكنه أبعد يده وهو يقول:
ـ ليست تلك اليد.
فقالت شهرزاد:
ـ ليس أنت من يقتل الفتيات يا أبى. إنه قلب الملك العظيم حفظه الله. إنه شخص مريض.
الكل شهق ولكننى شهقت أكثر عندما قالت:
ـ سأذهب بدلا من أمينة، سأذهب وأعالج الملك.
ـ اسكتى.
صرخ الوزير الأول، ثم أضاف:
ـ أنت فتاة صغيرة وجاهلة.
وصرخت أمى:
ـ أنت فتاة جاهلة صغيرة يا شهرزاد.
قالت شهرزاد:
ـ سأذب إلى الملك.
صاحت أمينة:
ـ دعها تذهب. إنها تريد أن تذهب.
التوى وجه الوزير بالغضب وقال بصوت أجش:
ـ اسمعى هذه القصة، أيتها الفتاة الحمقاء الجاهلة.
حكى قصة عن حيوانات تستطيع أن تتكلم وتقع فى مشكلة لكونها ماهرة جدا، ثم حكى قصة أخرى عن رجل استطاع أن يفهم الحيوانات عدا النساء، وفى النهاية ضرب الرجل زوجته واستطاع أن يتهمها أيضا.
عندما انتهى قالت شهرزاد:
ـ سأذهب إلى الملك.
قال أبى قصة أخرى مع ذلك عن العقاب والموت، وعندما توقف هذه المرة قالت شهرزاد أنها تريد أن تذهب إلى الملك فصرخ قائلا:
ـ لا لن تذهبى، أنا الذى أقول من يذهب إلى الملك.
بدأت الضجة تعلو من جديد، وشوح الوزير الأول بيده وفارق المكان، ولكنه ترك العسكر فى بستاننا، فى المكان الذى لا يتواجد فيه رجال لكى يمنعن أمينة من الهرب.
فى كل تلك الضجة لا أحد يهتم بشهرزاد أو بي، فقالت:
ـ إنها فرصتنا لإنقاذ المملكة.
قلت:
ـ لا ينبغى أن نفعل يا شهرزاد. سوف يحمينا أبونا.
لمست منطقة وسطها حيث تخبئ السكين وقالت:
ـ أريد مساعدتك.
قلت:
ـ لدى فكرة جيدة للمغامرة، يمكن أن نهرب بعيدا ونختبئ فى الأقبية.
ولأن شهرزاد لا تريد أن تسمع إلا ما تريده قالت:
ـنحن ذاهبتان لإنقاذ المملكة، وستكون هذه مغامرتنا، تلك المغامرة التى منحها الله لنا.
قلت: لا.
فقالت لابد أن نغادر على الفور وهكذا بينما كل شخص يندب ويبكى، تسللت شهرزاد من البستان إلى الردهة الطويلة فى القصر الكبير، تسللت أنا أيضا، فقط لكى أرى الاتجاه الذى تسير فيه، إنه كان الظلال داخل الممرات وليس هناك كثير من الناس، اختفت خلف بير السلم، وتبعتها من على مسافة قصيرة، ثم اختفيت وراء عمود أينما مشت، تبعتها فقط على بعد خطوات قليلة وراءها. وسرعان ما ابتعدنا عن المكان الذى جئنا منه. رأتنى وانا أتبعها، وعرفت انها رأتنى، ولكن الوقت طويل. قلت لنفسى لابد أن أرجع بعد لجظة أخافتنى الصالات الخالية، لذلك لحقت بها فحضنتنى وقالت لى أننى أكثر شجاعة منها، لأننى أكبر خوفا. وهذا هو الشىء الآخر عن شهرزاد، وهو أن تهيئك لكى تفعل ما تريد أن تفعله.
كان هناك قلة من الناس لذلك بعد لحظة توقفت واختفينا ثم مشينا بجرأة داخل الدهليز. قالت لى شهرزاد أنها ستعالج الملك من جنونه بقصصها. وأن عملى سيكون أن أثنى على قدرتها على القص حتى تلفت نظر وانتباه الملك.
كنت مثل شخص فى حلم، قلت:
ـ هل يوما سوف يحكون قصة شهرزاد ودنيا زاد؟
ـ يوما ما، سيكون كل شيء قصة وكل القصص ستصبح حقيقة. (قالت متى).
عرفنا أننا بالقرب من حجرة الملك عندما رأينا المماليك فى المدخل، وكانوا اطول رجال فى الدنيا، وقد جاءوا من أركان الدنيا الأربعة.
صحنا أنا وشهرزاد بقدر ما نستطيع:
ـ افتح طريق.. وسع طريق لابنتى الوزير الأول، نحن ذاهبتان إلى الملك الليلة.
مررنا بصالة وراء أخرى، وفى الأخير وصلنا إلى مدخل كبير مقوس محروس بأكبر مملوكين واحد فى بياض الثلج قادم من الشمال، والثانى كالعقيق الأسود قادم من الجنوب
قالت شهرزاد:
ـ نحن ذاهبتان إلى الملك الليلة. لقد استدعينا للتخفيف عن مشاكله بقراءة القصص عليه
عندئذ جاءت اللحظة التى أدركت فيها أن هذه ليست هى القصة التى عشتها فى حلم شهرزاد الذى صار كابوسا لا يمكن التراجع عنه. لكن بعد لحظة بدأ الفزع يتسرب إلى داخلى. وكانت هناك جلبة وصياح فى داخل الحجرة، وكدنا أن ندفع تقريبا ونحن نحس أن جمعا من الخدم ومعه أطباق كبيرة من الطعام المسكوب والزجاجات المكسورة.فى الداخل تحولت الصيحات إلى زئير، من فزعى تعلقت بملابس شهرزاد من الخلف.
خطت فوق الصنية الساقطة، وفوق عتبة باب حجرته، حاولت أن أظل خلفها، حيث أستطيع أن أرى. كانت الحجرة عالية ومظلمة بمنضدة واسعة واطئة، وكثير من الطعام المسكوب والزجاجات والأطباق المكسورة، ثمة رائحة سيئة هناك، إنها رائحة رجل فى سرير يحتاج إلى نظافة.
كان راقدا فى سريره وكأنه يريد أن ينام لا أن يصحو. فقط وجهه وإحدى ذراعيهالذى برز من تحت الأغطية. كل شيء حوله بدا طائرا ومنتفخا، أنفه ضخم وشفتاه غليظتان، إحدى عينيه حولاء والأخرى تحدق بنظرة ثابتة.ارتفعت رأسه الضخمة عندما لاحظ وجودنا، فتحول من جانب إلى آخر مثل دمية كبيرة. ماذا؟ ماذا؟ قال ذلك ثم نهض على مرفقه وقال:
ـ فتاة صغيرة، فتاة صغيرة وظلها. فتاتان صغيرتان.
ـ لقد حضرنا بدلا من أمينة.
قالت شهرزاد ذلك بصوت عال وحاد.
ـ من؟
ـ أمينة، الفتاة التى كان يفترض أن تأتى هنا الليلة.
قال الملك:
ـ فتاة ؛ لا فتيات. فقط نساء.
مد إلى الأمام يدا ضحمة، مغطاة كلها بخواتم من اليقوت الأحمر وازاح الكثير من الأطباق والطعام من فوق المنضدة، فاصطدمت كلها بالأرض. ثم صاح:
ـ اذهبا بعيدا. أين عشائى.
أسرع الخدم عائدية.
ـ لقد أبعد طعامك أيها الملك العظيم حفظه الله ورعاه.
ارتفع الملك عن أغطيته، صدره العارى أسود مشعر، ووجه الضخم يتلوى بالغضب، فى عينى صار أضخم وأضخم، ثم انكمش وتضخم ثانية. شعرت بالظلام يلفنى، لكن للحظة كان لدى القوة لأفعل ما طلبته منى شهرزاد.صرخت:
ـ رجاء أيها الملك، استمع إلى أختى شهرزاد. لقد حضرت أختى لتحكي لكم قصصا بديعة، رجاء استمع إلى قصتها. ستحكى أفضل القصص فى الدنيا كلها.
وعندئذ سمح لشهرزاد بالدخول، وشعرت بنفسى أنام، غارقة فى الأرض، دارت الغرفة كلها من حولى، والشيء التالى الذى عرفته، أننى كنت راقدة على الأرض ووجهى بجوار حب الرمان. غادر الخدم، وامتلأ الجو بصوت أختى. كانت القصة عن الشيطان الذى أراد قتل رجل لأنه رمى عليه نوى التمر.
لمأدرك فى البداية، لكنها كانت بالتحديد القصة ذات نوى التمر وأيضا كان النوى بجوارى على الأرض مع حب الرمان.
جلست شهرزاد بجوار الملك فى السرير ويدها مفرودة برشاقة على صدرها، من حين لآخر يزوم الملك. استمرت القصة واستمرت. أحيانا كنت أستيقظ وأحيانا كنت أنام، ولكنى لم أفقد أبدا أثر القصة، انتهى الليل وظهر الفجر من خلال الستائر حولنا. فقالت شهرزاد:
ـ ذلك كل ما أستطيع أن أحكيه الآنم.
قال الملك:
ـ أنهيت هذه.
قالت شهرزاد:
ـ يمكن أن أنتهى منها فى وقت آخر إذا أردت.
قلت أنا:
ـ سوف تنهى هذه. وتحكى واحدة أخرى أجمل منها.
زام الملك:
ـ تعودان الليلة لدى عمل، لم أشعر بتحسن مؤخرا. اذهبى الآن يا فتاة وخذى أختك الظل معك. لكن عودى الليلة وإلا سأغضب جدا. أعتقد لربما أحتاجك كل ليلة.
كان صوتا تقريبا كما لوكان يهزأ. لقد أعطانى لقبا كما اعتاد أبى أن يفعل معنا. تثاءب وأشار إلينا بالخروج وهو يقول:
ـ لا تنسا. عودا الليلة وإلا سأغضب.
بينما خطونا عبر الأبواب الضخمة والدهاليز المغطاة فى الخارج والملئية بالناس. كان أبى هناك مع ملابسه الممزقة وأمنا ذات الوجه نصف المغطى. العديد من المماليك والخصيان أكثر مما توقعت. أمينة وكل عائلتها يرتدونأفضل ثيابهم والخدم نائمون فوق الأرض. من الداخل كان الملك يصيح من أجل الطعام، ومن أجل حمامه وكاتبه. كان يريد أن يصدر مرسوما ملكيا، يريد أن يراجع كتائب الجيش. أين الوزير الأول؟
قال أبى وهو يركض نحو الباب:
ـ أنت على قيد الحياة؟ كلاطما؟
كانت شهرزاد متعبة جدا لذلك أومات فقط. أما أنا فقلت:
ـ عليها أن تعود الليلة لكى تكمل القصة.
تمهل الوزير الأول، وقال:
ـ أهى تلك عن التاجر الذي ضرب زوجته بالعصى؟
قلت:
ـ لا. إنها تلك التى عن الشيطان ونوى التمر.
عانقتنا أمى، وجعلت الخدم يحملاننا إلى المنزل، نمنا لساعات وساعات ثم استيقظنا وأكلنا زيتونا وخبزا وفاكهة ثم أخذنا حماما وتفرجنا على اللعب والملابس الجديدة التى أرسلها الملك المعظم. قالت رسالته أنه شعر بتحسن لأول مرة منذ عام. وهو يريد أن تعود شهرزاد بكثير من القصص. إنه يريد الليلة قصصا وكل ليلة. وأن الأخت الظل لابد أن تاتى أيضا.
عبست شهرزاد:
ـ لا أعتقد أننا يجب أن نذهب كل ليلة.
ـ هل تعتقدين أننا لن نعود مطلقا للعب فى البستان ثانية؟
هزت كتفيها:
ـ لا أعرف.
فى القصص تعرفين ما سوف يأتى بعد ذلك. لكن فى الحياة الواقعية فذلك سر.
هنا بقية الحكاية عن شهرزاد ودنيازاد ؛
فى البدء كانت هناك مئات الحكايات التى تليت على الملك. فى بعض الليالى كان يسقط نائما مبكرا، وفى بعض الأحيان كان سيء المزاج ولا يحب الاستماع إلى القصص ويهدد بقتلنا، لكنه أبدا لم يفعل. صارت شهرزاد امرأة , تواصل الذهاب إلى الملك كل ليل، ومر الوقت وصار لى ولها أولاد وبنات. ولكثير من السنوات ظل الملك هادئا. والوطن سعيدا. عين الابن الأكبر لشهرزاد لولاية العهد وأحب الناس الولد. وأحبوا الملك أيضا. وبعد ذلك عاد المرض للملك ثانية، فبدأ يثور ويهدد ثانية، وأحيانا يقتل الخدم والغرباء، ثم بدأ يقول أنه يريد قتل أطفاله لأنهم يخططون للاستيلاء على الحكم.
وذات ليلة وبعد أن قصت على الملك حكاية عن رجل يحلم ويحلم أثناء أحلامه، سقط نائما. كنت أنا عافية فى الأريكة، ومثل الحلم وأقل الحلم شيءما حدث فى تلك الليلة.
يبدو أن سكينة شهرزاد السحرية قد ظهرت وضربت وأنقذت المملكة.
فى الصباح صرخت شهرزاد وأنا معها على المماليك لأن الجن جاء فى الليل وقطع رقبة الملك. وافق المماليك على أنه لا يستطيع فعل ذلك سوى الجن. وافق على ذلك الوزير الأول أبونا وأعلن الحداد لمدة عام.
صار ابن شهرزاد الملك الجديد حفظه الله ورعاه.وعندما مات أبى صار ابنى الأكبر الوزير الأول، ولقد جلب هذا لمملكتنا عصرا عظيما من السلام واكتشفنا رجال أمن رحماء ليصيروا أزواجا لبناتنا، وعلمنا كل أطفالنا أن يقللوا من الغضب، وثق كل واحد بالآخر. ولأن أطفالنا مخلصون، كان ناس المملكة مخلصين وعشنا جميعا حياة سعيدة إلى أن متنا.
ترجمة
المؤلفة: