علاقة مضطربة بين رؤساء العراق والشعراء
عدنان ابو زيد من امستردام: عد مثقفون وكتاب عرب ووسائل اعلام زيارة الشاعر ادونيس للعراق ولقائه الرئيس العراقي جلال الطالباني في منتجع دوكان بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان، السبت الماضي، مفاجأة سياسية بل ثقافية لما عرف عن ادونيس حول ابتعاده عن السياسة وانتقاداته للمسؤولين العرب، فقد وصف الشاعر العراقي سعدي يوسف الزيارة بأنها محاولة لتزكية الطالباني للاستمرار في منصبه رئيسًا للعراق بحسب تصريحه لجريدة الزمان في عددها بتاريخ 20/4/2009. وكان الطالباني قد إستقبل ادونيس بحفاوة، ونقلت مواقع كردية أن الطالباني استعرض لادونيس الانجازات التي تحققت بعد سقوط صدام.
ووفق بيان من رئاسة الجمهورية العراقية فان ادونيس عبر عن سروره واعتزازه بلقاء الطالباني، الذي أكد بأنه اول رئيس جمهورية يلتقيه ويفتخر بلقائه، مثمنًا دوره في قيادة العراق الجديد، ومشيدًا بالتطورات الايجابية الملحوظة التي يشهدها اقليم كردستان.
وبينما عدت اوساط ثقافية عراقية عبر مقالات نشرت، الزيارة غير مناسبة، وتحمل بين طياتها ألغازًا سياسيًا، لا سيماأن ادونيس دأب على مهاجمة الشعراء العرب الذين يقومون بفعاليات سياسية تتضمن لقاء زعماء ومسؤولين عرب مثل نزار قباني ومحمود درويش وأحمد عبدالمعطي حجازي بسبب مشاركتهم في مهرجان المربد الشعري إبان عقد الثمانينات من القرن الماضي والذي كانت تنظمه وزارة الثقافة العراقية ودابت على تسخيره لخدمة اهداف النظام وقتها.
لكن مثقفين كرد عدوا الزيارة حدثًا استنثنائيًا لا سيما ان ادونيس اشاد بالانجازات في كردستان، كما ابدى تعاطفه مع ضحايا مدينة حلبجة التي قصفت بالاسلحة الكيمياوية من قبل الجيش العراقي في عهد صدام..
وصرح نائب رئيس مؤسسة گلاويژ الثقافية كاوه الحاج عزيز لوسائل الاعلام ان الغرض من الزيارة هو الاطلاع على التقدم الحاصل في الشعر الكردي وتفقد التطور الحاصل في المجال الشعري. وهو تصريح ينفي الابعاد السياسية للزيارة. والقى أدونيس خلال الزيارة محاضرات في الادب والشعر والثقافة الشعرية في جامعة السليمانية واماكن اخرى كما زار منتديات ثقافية، ومدينة حلبجة. وكان ادونيس زار العراق عام 1969.
وقال أديب عراقي رفض الكشف عن اسمه لايلاف ان الزيارة نظمتها الاحزاب الكردية الحاكمة وسخرتها لاغراضها السياسية تماما كما كان يفعل وزير ثقافة صدام لطيف نصيف جاسم حين كان يوجه الدعوات لشخصيات ادبية وثقافية خدمة لاهداف النظام السياسي، حيث وجهت الدعوة لادونيس من قبل شيركو بيكس الشاعر الرسمي للاتحاد الوطني الكردستاني. ويقول شاهد عيان زار اقليم كردستان لايلاف ان صور ادونيس علقت على الجدران في السليمانية وأربيل.
الرئيس والقصيدة
وللرؤساء العراقيين قصص مختلفة مع الشعراء العرب والعراقيين، وبين شاعر يهجو واخر يمدح، اعطى زعماء العراق اهتمام استثنائيًا للقصيدة، التي ارخت مراحل من تاريخ العراق السياسي. فقد قرب الرئيس العراقي السابق صدام حسين شعراء العامية والفصحى اليه واغدق عليهم بالعطايا تسخيرا للشعر في خدمة اهدافه السياسية، وامتلات ربوع العراق بشعراء كتبوا عشرات القصائد في حب الزعيم الملهم، لكن النظام فشل في استمالة شعراء كبار مثل نزار قباني الذي زار العراق عدة مرات وحاولت المؤسسة الثقافية الرسمية اقناعه بكتابة قصائد لquot;القائدquot; لكنه ابى، وظهر نزار في احدى زيارته للعراق في احدى مهرجانات المربد مع صدام الى جانب مجموعة من شعراء المربد لكنه لم يكتب مايرضي النظام العراقي وقتها، ثم انقلب نهائيا عليه ابان الغزو العراقي للكويت وكتب قصيدة اقضت مضجع النظام العراقي وقتها..
مضحكة مبكية معركة الخليج
فلا النصال انكسرت على النصال
ولا الرجال نازلوا الرجال
ولا رأينا مرة آشور بانيبال
فكل ما تبقى لمتحف التاريخ
اهرام من النعال!!
***
من الذى ينقذنا من حالة الفصام؟
من الذى يقنعنا بأننا لم نهزم؟
ونحن كل ليلة
نرى على الشاشات جيشا جائعا وعاريا...
يشحذ من خنادق العداء
(ساندويشة)
وينحنى.. كى يلثم الأقدام!!

لا حربنا حرب ولا سلامنا سلام
جميع ما يمر فى حياتنا
ليس سوى أفلام
زواجنا مرتجل
وحبنا مرتجل
كما يكون الحب فى بداية الأفلام
وموتنا مقرر
كما يكون الموت فى نهاية الأفلام!!
***
لم ننتصر يوما على ذبابة
لكنها تجارة الأوهام
فخالد وطارق وحمزة
وعقبة بن نافع
والزبير والقعقاع والصمصام
مكدسون كلهم.. فى علب الأفلام

وبين شعراء العراق، عد عراقيون لسبب او لاخر عبد الرزاق عبد الواحد على انه شاعر quot; صدام quot;. لكن الشاعر العراقي تحدث بعد سقوط بغداد عن علاقته السابقة مع صدام، وقارن تلك العلاقة بعلاقة سيف الدولة الحمداني بابي الطيب المتنبي.
وذكر الشاعر عبد الرزاق موقفين مع صدام عدت تكريما له. وقال عبد الواحد في حديث مع فضائية عراقية بأن صدام أنحنى أمام الحاضرين وهو يشعل بنفسه سيكارة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد. والموقف الثاني أن صدام طلب مرة منه أن يغير في مضمون أحدى قصائده، وعندما فعل الشاعر ما أراد منه الرئيس، فأن الأخير نهض من مكانه، مرحبا بما فعله الشاعر.
وبعد موت صدام سال عبد الرزاق: من هو سيف دولتك الآن؟ فأجاب: quot;كسر. كان لدي وكسر، لم يبق لدي سيف دولة الآن.
وكانت العلاقة بين الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري والزعيم الراحل عبد الكريم قاسم مضطربة، منذ لقائهم الاولى بلندن الى محاولة الجواهري تأسيس الحزب الجمهوري عام 1960 لكن عبد الكريم قاسم رفض الامر قائلا لوزير الداخلية quot;حزب فيه الجواهري وعبد الفتاح ابراهيم هو حزب سيشعل العراق بالحرائق.. اخي جمد الطلب..
لكن الجواهري ظل يذكر نوري السعيد بالخير على الدوام ويعتبره أحد قادة العراق التاريخيين. كما مدح الجواهري الملك فيصل الثاني ملك العراق، يوم تتويجه بقصيدة مطلعها
يا ايها الملك الاغر تحية
من شاعر باللطف منك مؤيد
انا غرسكم اعلى ابوك محلتي
نبلاً وشرف فضل جدك مقعدي!